حاز مشروع تطوير كلية صناعية قابلة للزرع في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو جائزة مالية بلغت 650 ألف دولار، لمتابعة أبحاثها في تطوير هذا الجهاز. نجاح هذا المشروع قد يخلص عدداً كبيراً من المصابين بالفشل الكلوي من حاجتهم إلى جلسات غسل الكلية، وقد يحل محل عمليات زرع الكلية، ويخلّص المرضى من انتظار دورهم في لائحة عمليات زرع الكلية الذي قد يستغرق أشهراً، كذلك يخلصهم من الحاجة لتناول أدوية تثبيط المناعة مدى الحياة.
ممّ تتألف الكلية الصناعية؟
صُمِّمَت هذه الكلية الصناعية بالتعاون بين جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وجامعة فاندربيلت بمدينة ناشفيل بولاية تنيسي. تتألف هذه الكلية الصناعية من جزءين: الأول جهاز الفلترة الدموية Hemofilter الذي ينقي الدم من الماء الزائد والفضلات البولية الزائدة والسموم. وجهاز المفاعل الحيوي Bioreactor الذي يقوم بباقي الوظائف الحيوية للكلية الطبيعية مثل توازن الشوارد (البوتاسيوم والصويوم) في الدم. حجم الكلية الصناعية حالياً أكبر بقليل من ثلاثة أجهزة هاتف محمول.
النموذج الأولي لجهاز الكلية الصناعية مع وصلاته إلى الشريان والوريد والمثانة
كيف تزرع الكلية الصناعية؟
عملية زرع الكلية الصناعية تشبه عملية زرع الكلية الطبيعية. تُوصَل الكلية الصناعية بالدورة الدموية من طريق خياطة وصلاتها الصناعية بشريان ووريد في الجسم (في منطقة الحوض عادة)، كذلك توصل الكلية الصناعية بالمثانة لطرح البول من خلالها. تعمل الكلية الصناعية بطاقة ضخ الدم عبرها في الدورة الدموية (أي من طاقة دوران الدم الذي يضخه القلب)، ولا تحتاج إلى مضخة ولا بطارية. كذلك لا يحتاج عملها إلى تناول أدوية سيولة الدم القوية (مثل الهيبارين)، بل قد يكفيها أدوية تمييع الدم العادية التي يتناولها كثير من المرضى الذين لديهم صمامات قلب صناعية مثلاً. وقد زُرعَت في حيوانات التجربة، وقامت الكلية الصناعية بعملها بنجاح. والخطوة التالية تجربة زرعها عند الإنسان.
زرع الكلية الصناعية في منطقة الحوض
ما مستقبل زرع الكلية الصناعية؟
إذا نجحت التجارب السريرية لزرع الكلية الصناعية عند الإنسان، يمكن أن يستفيد منها ملايين المصابين بفشل الكلية الدائم في العالم، ويتخلصوا من حاجتهم إلى غسل الكلية عدة مرات أسبوعياً، ومن الحاجة إلى زرع الكلية وأدوية المناعة التي قد تسبب أضراراً صحية على المدى البعيد.
يمكن نظرياً أن تعمل الكلية الصناعية لسنوات عديدة إذا لم تتعرض لاختلاطات، مثل الالتهابات الجرثومية، أو تخثر الدم فيها، أو تخرب خلايا جهاز المفاعل الحيوي فيها. وعلى كل حال، يمكن تغييرها أو تغيير الجزء المتعطل فيها بعملية غير معقدة. ولا يحتاج المريض الذي لديه كلية صناعية مزروعة لأخذ أدوية تثبيط المناعة، لأنها لا تسبب رفضاً أو تفاعلاً مناعياً ضدها مثلما يحدث في عملية زرع الكلية الطبيعية.
في عمليات زرع الكلية الصناعية القليلة التي أجريت حتى الآن، لم تلاحظ حاجة لاستخدام أدوية سيولة الدم. إلا أن هذه الكلية الصناعية لا تفرز مادة الإريثروبويتين التي تفرزها الكلية الطبيعية، والتي تلعب دوراً مهماً في صنع الكريات الحمر، ولذا من المتوقع أن مريض الكلية الصناعية سيحتاج لأخذ دواء الإريثروبويتين بشكل حقن حسب الحاجة، وهو دواء متوافر ويستخدمه مرضى فشل الكلية المزمن الذين يعالجون بطريقة غسل الكلية.
هناك نوع تجريبي آخر من الكلية الصناعية (iHemo) يتألف من جزء واحد فقط هو الفيلتر الدموي الذي يمكن حالياً وصله بجسم المريض بشكل دائم من طريق عملية جراحية تصل الجهاز بالشريان الفخذي والوريد الفخذي ليقوم بتصفية الدم دون الحاجة إلى وصل المريض من طريق الإبر التي تستخدم حالياً في جلسات غسل الكلية، ويطرح البول الناتج إلى خارج الجسم. يعتبر هذا الجهاز مؤقتاً، ويمكن تطبيقه في بعض حالات المرضى في العناية المشددة، أو لإجراء غسل الكلية في المنزل. يعتبر جهاز iHemo مرحلة مؤقتة على الطريق نحو زرع الكلية الصناعية الكاملة.
ما الجدول الزمني المتوقع لزرع الكلية الصناعية عند الإنسان؟
التجارب التي أجريت على حيوانات التجربة مشجعة جداً، وقد قدم طلب رسمي إلى هيئة الغذاء والدواء الأميركية للسماح بإجراء زرع الكلية الصناعية عند البشر لدراسة سلامتها وفعاليتها.
ستحتاج الدراسات السريرية عند الإنسان إلى مراحل عديدة. يجري في المرحلة الأولى التأكد من سلامة وأمان المواد المستخدمة في الكلية الصناعية عند الإنسان. بعد نجاح ذلك، تُختبَر في المرحلة الثانية كفاءة الكلية الصناعية وفعاليتها في أداء وظائفها. ثم يُجرى عدد من الدراسات السريرية على أعداد أكبر من المتطوعين قبل أن يُوافَق على استخدامها بشكل معتمد طبياً. إذا سارت الأمور بخير، من المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى في دراسة زرع الكلية الصناعية خلال عام 2022، وقد تكون جاهزة للاستخدام الطبي خلال 3 إلى 5 سنوات.
أدت جائحة كوفيد 19 إلى حدوث بعض التأخير في الإجراءات الإدارية والتحضيرات العلمية. والعمل مستمر الآن لإطالة عمر خلايا المفاعل الحيوي فيها، وتصغير حجم الكلية الصناعية الكلي، وتقليل احتمال تشكل الخثرات الدموية فيها.
قد تكون كلفة الكلية الصناعية عالية في السنوات الأولى، ولكن من غير المتوقع أن تكون كلفتها أعلى من كلفة عملية زرع الكلية الطبيعية.
المصادر
The Kidney Project successfully tests a prototype bioartificial kidney · School of Pharmacy · UCSF
Progress on an Implantable Bioartificial Kidney - Renal and Urology News