كثيراً ما يُنصَح الأشخاص الذين يعانون من النسيان أو فقدان التركيز بتناول الفيتامينات التي تقوي الذاكرة وتحسّن الإدراك. لكن، لم تكن توجد أي أدلة على دور الفيتامينات المتعددة لتحسين الصحة المعرفية، وخاصة عند كبار السن.
وعلى الرغم من أن نتائج الدراسات السابقة كانت واعدة، إلا أنها لم تثبت الفوائد الصحية لتناول هذه المكملات. وكانت الطريقة الوحيدة لتحديد ما إذا كانت الفيتامينات المتعددة ومستخلص الكاكاو تساعد في الحفاظ على الصحة أو لا، من خلال إجراء تجربة واسعة النطاق، مثل التجربة التي سنتحدث عنها، المعروفة باسم COSMOS TRIAL، وهي اختصار لـ The Cocoa Supplement and Multivitamin Outcomes Study.
تجربة COSMOS TRIAL
أُجريت دراسة تأثير تناول الفيتامينات المتعددة ومستخلص الكاكاو في مستشفى Brigham and Women's، التابعة لكلية الطب في جامعة هارفارد ومركز فريد هتشنسون لأبحاث السرطان، وهي تجربة سريرية اختيرَت عشوائياً لـ 21442 رجلاً وامرأة عبر الولايات المتحدة.وكان هدف الدراسة مقسوماً إلى شقين:
- حققت الدراسة في ما إذا كان تناول مكملات مستخلص الكاكاو يومياً أو الفيتامينات المتعددة الشائعة يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان.
- تأثير تناول الفيتامينات المتعددة ومستخلص الكاكاو بتحسين الحالة الإدراكية، وعُرف هذا الشق من الدراسة باسم cosmos- mind.
ومستخلص الكاكاو مكمِّل غذائي مشتق من حبوب الكاكاو، يحتوي على مركبات الفلافونويد، القابلة للذوبان في الماء بسهولة، والمصنفة بأنها فلافان-3 أولس، وهي فئة فرعية من مركبات الفلافونويد مع فوائد صحية للأوعية الدموية. ويحتوي أيضاً على مستويات عالية من الكاتيكين والإبيكاتيكين.
وعند تناوله من طريق الفم، تمنع المكونات النشطة بيولوجياً في مستخلص الكاكاو عمل الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE)، وتزيد من إنتاج أكسيد النيتريك (NO)، وهذا يسبب توسع الأوعية، ويحسن تدفق الدم، ويقلل من ضغط الدم.
ويحسّن مستخلص الكاكاو من حساسية الأنسولين، ويعزز الإدراك، ويقلل من إنتاج الجزيئات المسببة للالتهابات. بالإضافة إلى ذلك، يمارس هذا المستخلص تأثيرات مضادة للأكسدة، نتيجة لذلك، تُحمى الخلايا السليمة من الإجهاد التأكسدي وتلف الحمض النووي.
ودُعم الشق الثاني من التجربة المتعلق بالصحة الإدراكية من المعهد الوطني للشيخوخة بقيادة أساتذة في كلية ويك فورست للطب. ولا يزال تأثير مستخلص الكاكاو بالصحة الإدراكية قيد الدراسة، وستُنشَر النتائج أوائل عام 2022.
هل أُثبِت التأثير الإيجابي للفيتامينات المتعددة بالصحة المعرفية؟
تنبع الفرضية الأساسية لكون الفيتامينات المتعددة مفيدة لتقليل الشيخوخة المعرفية من الأدلة على أن نقص المغذيات الأساسية مثل فيتامين B12، وحمض الفوليك، وفيتامين د، والعناصر الأخرى قد ارتبطت بالتدهور المعرفي المتسارع والخرف في الدراسات القائمة على الملاحظة.
لكن، كان هناك عدد قليل من التجارب العشوائية على هذه العناصر، وكانت الدراسات تركز على عنصر واحد على حدة، وليس مكملاً متعدد الفيتامينات.
أما في تجربة cosmos-mind التي شملت 2262 رجلاً وامرأة على مستوى البلاد، وجميعهم أكبر من 65 عاماً، ومتوسط عمر الشخص 73، فقد خضع جميع المشاركين لتقييم معرفي متكرر قبل توزيعهم على مجموعتين، مجموعة تلقت العلاج بالفيتامينات المتعددة، وأخرى تلقت علاجاً وهمياً.
وخلال ثلاث سنوات، زُوِّد المشاركون ببطارية للتقييم المعرفي، وجرى التحقق من صحتها جيداً، وهي تُدار عبر الهاتف، وقد تضمنت درجة عالمية للمعرفة الإدراكية، بالإضافة إلى تقييم الذاكرة والقدرة على تنفيذ المهام والمجالات الأخرى.
ووجدوا أنه على مدار 3 سنوات من العلاج، كان أداء المشاركين الذين اختيروا عشوائياً لتناول الفيتامينات المتعددة أفضل بكثير من أولئك الذين اختيروا عشوائياً للعلاج الوهمي.
وقدّر الباحثون أن تناول الفيتامينات المتعددة يبطئ الشيخوخة المعرفية بنسبة 60٪ على مدى 3 سنوات، ويقلل من الشيخوخة المعرفية بمقدار 1.8 سنة. ووجدوا أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية تمتعوا بفائدة قوية بشكل خاص من تناول الفيتامينات المتعددة.
وهذه هي أول تجربة واسعة النطاق تشير إلى فعالية الفيتامينات المتعددة في إبطاء الشيخوخة المعرفية. كذلك إن الفيتامينات المتعددة تُعَدّ وسيلة علاجية متاحة وآمنة، ويمكن تناولها من دون وصفة طبية. لكن، من المهم معرفة أن هذه النتائج تحتاج إلى مراجعة بعد، وإذا أُكِّدَت، فقد تصبح مكملات الفيتامينات وسيلة مهمة لحماية صحة الدماغ لدى كبار السن.