كَثر استِخدام المحليات الصناعية أو بدائل السُّكر، مثل السُّكرين والأسبارتام وسبلِندا وستيفيا، في العقود الأخيرة بقصد تقليل تناول السكريات والسعرات الحرارية في الطعام، خاصة عند اتباع أنظمة غذائية خاصة لتخفيف الوزن، أو عند المصابين بمرض السكري. وقد نشرت سابقاً دراسات عديد عن احتمال وجود بعض المخاطر في الإفراط باستخدام هذه المحليات الصناعية، خاصة احتمال زيادة الإصابة بأمراض السرطان، وحدوث زيادة الوزن، والسكري من النوع الثاني، وغيرها من الأمراض. كما أشارت دراسة حديثة إلى زيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين وزيادة احتمال حدوث الجلطات القلبية والسكتات الدماغية مع زيادة تناول أحد المحليات الصناعية، وهو الإرِيثريتول.
ما هو الإرِيثريتول؟
تنتمي مادة الإرِيثريتول إلى مجموعة من الكحوليات السكرية، مثل السوربيتول والكسيليتول والمانيتول، وهي مواد لها طعم حلو المذاق، ولكنها تختلف عن السكر بأن خلايا الجسم لا تستخدمها للحصول على الطاقة، ولا يتم تخزينها بشكل دهون في الجسم. يوجد الإرِيثريتول بشكل طبيعي في بعض أنواع الفاكهة، مثل العنب والخوخ والأجاص والبطيخ والفطور ... كما يتكوّن بشكل طبيعي في النبيذ والبيرة وبعض الأجبان. تم استخدامه في صنع بعض المشروبات والعصائر والمعجنات والأطعمة الجاهزة.
يتميز الإرِيثريتول بطعمه الحلو المعتدل الذي يشبه السكر، ولا يسبب تناوله ارتفاعاً في سكر الدم، ولا زيادة في إفراز الإنسولين، كما أن أكثر من 90 بالمئة من الإرِيثريتول يتم طرحه في البول دون تغيير، بحيث يمكن اعتباره مادة لا تحتوي على أية سعرات حرارية ولا قيمة غذائية، مما دفع الهيئات الطبية في أمريكا وأوروبا للموافقة على استخدامه كبديل للسكر، خاصة عند المصابين بمرض السكري.
هل يعتبر الإرِيثريتول مادة آمنة؟
اعتبر الإرِيثريتول وكثير من المحليات الصناعية أنها مواد آمنة لا تسبب أضراراً على صحة الإنسان. وعلى الرغم من وجود دراسات سابقة ربطت بين استخدام المحليات الصناعية وزيادة حدوث بعض أمراض السرطان، إلا أنها اعتبرت مواد آمنة بشكل عام عند استخدامها باعتدال عند الإنسان. كما لوحظ أن الإرِيثريتول والكحوليات السكرية لا تؤدي لحدوث تنخر الأسنان، وهي مفيدة لصحة الفم والأسنان بشكل عام لأنها تقلل نمو وتكاثر الجراثيم في اللثة والأسنان، وتقلل إفرازاتها الحمضية الضارة، ولذلك تم استخدامها بكثرة في اللبان (العلكة).
دراسة قلبية جديدة
نشرت مجلة Nature في يناير 2023 دراسة مستفيضة نبهت إلى احتمال حدوث مضاعفة حدوث أمراض القلب والشرايين والأزمات القلبية والدماغية مع استخدام مشروبات أو أطعمة تحتوي على مادة الإرِيثريتول. أجري تحليل إحصائي لنحو 1157 شخصاً مسجلاً في مجموعة بيانات أمريكية، ولوحظ أن وجود الكحوليات السكرية، خاصة الإرِيثريتول، في الدم قد ارتبط بوجود زيادة بلغت الضعف على مدى ثلاث سنوات في حدوث أمراض القلب والشرايين والأزمات القلبية والدماغية. وتأكدت هذه الملاحظة في تحليل إحصائي لنحو 2149 شخصاً مسجلاً في قاعدة بيانات أوروبية لمتابعة مصابين بأمراض القلب.
في دراسة مخبرية، تبين أن مادة الإرِيثريتول تزيد نشاط الصفيحات الدموية المسؤولة عن تخثر الدم، كما لوحظ أن هذه المادة تزيد من حدوث تخثر الدم في حيوانات التجربة، وعند الإنسان. وأخيراً، أجريت دراسة على عدد صغير من المتطوعين (ثمانية أشخاص)، سجل فيها أن تناول مشروب يحتوي على الإرِيثريتول قد أدى إلى ارتفاع تركيزه في الدم إلى مستويات يمكن أن تؤدي إلى تنشيط الصفيحات وزيادة في قابلية الدم للتخثر لفترة استمرت نحو يومين.
جرس إنذار..
يمكن اعتبار هذه الدراسة بمثابة جرس إنذار يجب الانتباه إليه، وذلك لضرورة القيام بدراسات تفصيلية أكثر تركيزاً على الإرِيثريتول، وعلى المحليات الصناعية الأخرى، لتوضيح علاقتها بأمراض القلب والشرايين، وغيرها من الأمراض التي تشكل خطورة على حياة الإنسان.
المصادر:
The artificial sweetener erythritol and cardiovascular event risk | Nature Medicine
Zero-Cal Sweetener Erythritol Disappoints on Cardiovascular Safety | MedPage Today