تشير دراسة حديثة إلى أنّ انقطاع التنفس أثناء النوم ونقص النوم العميق يرتبطان بزيادة تضرُّر المادة البيضاء في الدماغ، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالخرَف والسكتة الدماغية.
تزداد تشوّهات المادة البيضاء مع التقدّم في العمر، وقد يساهم ذلك في التدهور المعرفي والخرَف والسكتة الدماغية. نظراً لعدم توفّر علاجٍ ناجع لها، أو علاجٍ لإبطائها، بخلاف الوقاية من عوامل الخطر، فمن المهم معرفة ما قد يساهم في تطورها.
ما هو انقطاع التنفس أثناء النوم؟
يُعَدُّ انقطاع التنفس أثناء النوم أحد اضطرابات النوم المهمة، إذ يتوقف التنفس ثم يعود مرة أخرى بشكل متكرر أثناء النوم نتيجة الانسداد الجزئي أو الكلي في مجرى التنفس، أو نتيجة وجود حالات مَرَضِيّة تؤدي إلى اضطراب النوم. من أبرز أعراض انقطاع التنفس أثناء النوم:
- الشخير بصوت مرتفع وحادّ.
- وجود فترات من انقطاع التنفس، قد يلاحِظها شخصٌ آخر غير المريض.
- الاستيقاظ المفاجئ المصاحِب لضيقٍ في التنفس.
- الشعور بجفافٍ في الفم، والتهابٍ في الحلق عند الاستيقاظ، بسبب التنفس عن طريق الفم أثناء النوم.
- الشعور بالصداع كلَّ صباح.
- عدم القدرة على الاستمرار في النوم.
- النوم وفرط النعاس خلال النهار.
- الشعور بالتعب رغم النوم لساعات طويلة.
لماذا تؤثّر المادة البيضاء على سلامة الدماغ؟
يمكن تصنيف أنسجة الدماغ إلى مادة بيضاء ومادة رمادية، تتكّون المادة الرماديّة من أجسام الخلايا العصبية، بينما تتكّون المادة البيضاء من محاورها العصبية التي تنقل المعلومات.
تكُون معظم محاور الخلايا العصبية في المادة البيضاء مُغلَّفة بطبقة عازلة، تُسمّى الغمد المياليني. يُعطي الغمد المياليني المادةَ البيضاءَ لونَها، ويسمح للمحاور العصبية بتوصيل النبضات الكهربائية بسرعة وكفاءة أكبر.
تَظهَر على الأفراد المصابين بالخَرَف والضعف الإدراكي المتوسط علاماتُ وجود أضرار في المادة البيضاء، وبعضُ التشوهات فيها، مثل تدهور سلامة المادة البيضاء، وفرط كثافتها، ووجود ترسُّبات بروتينية غير طبيعية فيها، وتلك من العلامات الدالّة على وجود أمراض مزمنة، مثل أمراض الأوعية الدموية الدماغية.
النوم وصحة الأوعية الدموية الدماغية
ترتبط اضطرابات النوم، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، بزيادة خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية الدماغية، ويمكن أن تؤدي اضطرابات النوم إلى حدوث أضرار في المادة البيضاء في الدماغ، مرتبطة بأمراض الدماغ والأوعية الدموية، وقد يزيد ذلك من خطر الإصابة بالخرف.
كيف أُجْريت الدراسة؟
أُجريت الدراسة الجديدة على مجموعة مكوّنة من 140 فرداً، شاركوا في دراسة مايو كلينيك للشيخوخة، وهي دراسة جماعية سكانية تهدف إلى تحديد عوامل الانتشار والمخاطر المرتبطة بالضعف الإدراكي والخرَف. تضمّنت الدراسةُ الأفرادَ الذين خضعوا سابقاً لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، واختبار تخطيط النوم كجزء من الدراسة.
تُقَيِّم دراسة تخطيط النوم العديدَ من العوامل المرتبطة بالنوم، بما في ذلك موجات الدماغ الكهربائية، ونمط التنفس، ومعدل ضربات القلب، ومستويات الأكسجين في الدم. كان متوسط المدة بين فحص التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ واختبار تخطيط النوم 1.74 سنة.
هدف الباحثون إلى متابعة المشاركين الذين لم يعانوا من التدهور المعرفي وقتَ إجراء كلٍّ من التصوير بالرنين المغناطيسي واختبار تخطيط النوم، كما تمَّت متابعة المشاركين الذين يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم فقط. تمَّ تصنيف هؤلاء المشاركين على أنهم يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم الخفيف أو المتوسط أو الشديد على أساس عدد نوبات انقطاع النفس، وقصور التنفس.
نتائج الدراسة
قام الباحثون أولاً بفحص العلاقة بين أنماط النوم وتشوهات المادة البيضاء في الدماغ، وتم تقسيم النوم إلى مرحلتَي حركة العين غير السريعة وحركة العين السريعة، كما تم تقسيم مرحلة حركة العين غير السريعة إلى مراحل أولى وثانية وثالثة، تكون المرحلة الأولى هي أخف طور للنوم، والثالثة تتضمن نوماً عميقاً. تُظهر هذه المراحل اختلافات في أنماط موجات الدماغ وحركات العين وقوة العضلات.
باستخدام موجات الدماغ التي تم جمعها أثناء تخطيط النوم، وجد الباحثون أن جزءاً أقل من الوقت تم قضاؤه في المرحلة الثالثة، وأن نوم الموجة البطيئة كان مرتبطاً بمستويات مرتفعة من تلف المادة البيضاء، وكان هذا الارتباط موجود بعد حساب المتغيرات مثل العمر والجنس والمخاطر الجينية لمرض الزهايمر وعوامل الخطر القلبية الوعائية.
في تحليل منفصل، نظر الباحثون في العلاقة بين شدة انقطاع التنفس أثناء النوم وعلامات تلف المادة البيضاء، وصنَّفوا المرضى على أنهم إما يعانون من انقطاع التنفس أثناء النوم الحاد أو الخفيف إلى المعتدل، وقاموا بمطابقة الأفراد من المجموعتَين بالنسبة للعمر والجنس ومستويات النوم في المرحلة الثالثة لهذا التحليل.
أظهر الأفراد الذين يعانون من انقطاع النفس التنفس أثناء النوم الشديد تشوهات في المادة البيضاء بنسبة أعلى من أولئك الذين يعانون من نفس الحالة، ولكن بشكل خفيف إلى معتدل.
المصادر: