في أوقات نادرة، قد يؤدي الحمل إلى حالة تعرف باعتلال القلب ما بعد الولادة، أو فشل عضلة القلب المصاحب للولادة (Postpartum Cardiomyopathy). والسيدات التي يصبن بها يشعرن بالأعراض إما في الشهر الأخير للحمل أو في الخمس أشهر التالية لولادة أطفالهن.
ولأن اعتلال عضلة القلب يبدأ غالباً قبل الولادة فيلجأ عديد من أطباء القلب إلى تسميته اعتلال عضلة القلب حول الولادة (أي في الوقت ما قبل وبعد الولادة).
اقــرأ أيضاً
ولأن اعتلال عضلة القلب يبدأ غالباً قبل الولادة فيلجأ عديد من أطباء القلب إلى تسميته اعتلال عضلة القلب حول الولادة (أي في الوقت ما قبل وبعد الولادة).
والسيدات اللاتي تحدث لهن هذه الحالة عادة ما لا تكون لديهن أي بوادر مسبقة لمشكلة بالقلب، أو حتى أي سبب آخر معروف قد يسبب لهن مرض بالقلب. وفشل عضلة القلب لديهن قد يكون مؤقتاً، ينتهي من تلقاء نفسه، أو قد يتحول إلى فشل دائم في عضلة القلب، شديد، ومهدد حياة المريضة.
* ما هي أسباب اعتلال عضلة القلب ما بعد الحمل؟
الأسباب قد لا تكون معروفة بشكل كامل. وهناك دلائل على وجود التهاب بعضلة القلب قد يلعب دوراً مهماً في هذه الحالة، وقد يكون هناك نوع من أنواع البروتينات الالتهابية ذات الصلة بالأمر التي توجد في بعض الأحيان بدم السيدة الحامل.
وأيضاً هناك دليل على أن خلايا الجنين أحياناً تهرب إلى دم الأم وتُحدِث تفاعلاً مناعياً، يؤدي لالتهاب عضلة القلب، علاوة على ذلك، قد تكون هناك قابلية وراثية (جينية) لحدوث اعتلال عضلة القلب في بعض العائلات.
وفي السنوات الأخيرة، تراكمت الدلائل على أن اعتلال عضلة القلب (إضافة إلى اضطراب آخر بالحمل وهو تسمم الحمل) يكون بسبب شيء يسمى "عدم التوازن التكويني للأوعية". وعدم التوازن التكويني للأوعية يعزى إلى هروب مادة مكونة في المشيمة إلى دم الأم.
وهذه المادة تمنع جزئياً مادة تسمى "عامل نمو البطانة الغشائية للأوعية الدموية VEGF". ونقص وجود كمية كافية من مادة "VEGF" من الممكن أن يمنع الأوعية الدموية للأم من إصلاح وتجديد ذاتها خلال عملية تجديد وإحلال الخلايا المعتادة بالنسبة للأنسجة.
وإن مفهوم "عدم التوازن التكويني للأوعية" من الممكن أن يمنح فرصاً مثمرة للبحث في تطوير العلاج والوقاية من اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة وأمراض أخرى للحمل.
* من أكثر عرضة للإصابة باعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة؟
على الرغم من أن اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة لحسن الحظ أمر نادر (يحدث تقريباً 1 من كل 4000 ولادة تتم في الولايات المتحدة الأميركية)، إلا أنه يبدو أن نسبة حدوثه أعلى في بعض السيدات عن أُخرَيات.
وعوامل الخطورة له تتضمن: سناً أكبر من 30 عاماً، سبق لها أن ولدت طفلاً قبل هذه المرة، الحمل في أكثر من طفل، السيدات من أصول أفريقية، وجود تاريخ مرضي سابق لتسمم الحمل أو ارتفاع ضغط الدم ما بعد الولادة، أو ادمان الكوكايين.
* ما هي أعراض اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة؟
طالما أن اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة يؤدي إلى فشل عضلة القلب، فلذا تتشابه الأعراض بالنسبة لكل أنواع فشل عضلة القلب. أشهر هذه الأعراض: ضيق التنفس، ضيق النفس أثناء النوم، ضيق التنفس الليلي، احتباس السوائل داخل الجسم... إلخ.
* كيف يعالج اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة؟
فيما عدا بعض الاستثناءات الملحوظة، فإن علاج اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة يتشابه مع العلاج "القياسي" لعلاج أي نوع من أنواع فشل عضلة القلب.
والاستثناءات الملحوظة للعلاج يأتي دورها عندما تظهر علامات فشل عضلة القلب قبل ولادة الطفل، إذ إن بعض الأدوية المعتادة والقياسية لمرض فشل عضلة القلب يؤجل تناولها لحين إتمام الولادة.
وخاصة دواء "مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتينسين ACE inhibitors" مثل عقار الـ (إينالابريل)، وهي الأدوية التي تقوم بتوسيع الأوعية الدموية، لا ينبغي أن تؤخذ أثناء الحمل، لأنها قد تؤثر سلباً على الطفل.
ويمكن استبداله بعقار الـ (هيدرالازين) الموسع للأوعية إلى حين حدوث الولادة، ومثل ذلك، عقاقير الـ (سبيرونولاكتون) والـ (إبليرينون) التي هي مضادات الـ (ألدوستيرون)، والذي يكون مفيداً في علاج مرضى اعتلال عضلة القلب التمددي، لكن يجب تجنبها أثناء الحمل.
وفي الآونة الأخيرة، فإن الدلائل الأولية التي تم تسجيلها اقترحت أن السيدات الحوامل المصابات باعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة من الممكن أن يستفدن من عقار الـ (بروموكريبتين)، وهو العلاج المستخدم في علاج أمراض أخرى متنوعة مثل مرض الشلل الرعاشي ومرض فرط البرولاكتين بالدم.
والـ (بروموكريبتين) ليس عقاراً خالياً من الأضرار تماماً، إلا أنه (مع عوامل أخرى، يوقف عملية إدرار اللبن)، سيحتاج إلى تجارب طبية وبحثية كبيرة قبل أن يمكن تعميمه وأن يصبح علاجاً معتمداً.
وإجمالاً، فإن المآلات الطبية للسيدات المصابات باعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة يبدو أنه إلى حدٍ ما أفضل من السيدات المصابات بأنواع أخرى من أنواع اعتلال عضلة القلب. وفي بعض الدراسات، هناك ما يناهز الـ 60% من السيدات المصابات بهذه الحالة قد تعافين تماماً منه. إلا أنه ما تزال معدلات الوفيات باعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة ما يوازي 10% خلال عامين.
* الاعتبارات طويلة المدى
إنه من المهم جداً معرفة أن السيدات اللاتي يعانين من اعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة – حتى اللاتي يتماثلن للشفاء تماماً – لديهن قابلية أعلى لتكرار حدوث الحالة مرة أخرى في مرات الحمل التالية.
وإذا حدث الاعتلال مرة ثانية، فإنه نذير باحتمالية قوية أن يصبح المرض مزمناً وأن يسبب تلفاً شديداً في عضلة القلب، لهذا حالما تصاب سيدة باعتلال عضلة القلب ما بعد الولادة لمرة واحدة، فإنه من الضروري أخذ خطوات جادة تجاه منع حدوث الحمل مرة أخرى.
* المصدر:
Postpartum Cardiomyopathy