جهاز خارجي جديد لعلاج توقف القلب المفاجئ

قد تحدث اضطرابات شديدة مفاجئة في دقات القلب تؤدي أحيانًا إلى توقف القلب المفاجئ وتوقف الدورة الدموية وحدوث الإغماء وموت الفجاءة، ولعل أخطر هذه الاضطرابات في نَظم دقات القلب هو ما يسمى بالرجفان البطيني الذي يؤدي إلى توقف الدورة الدموية فورًا، وإلى حدوث الإغماء وموت الفجاءة إذا لم يتم إنعاش المصاب خلال الثواني أو الدقائق الثلاث الأولى من توقف الدورة الدموية.

بعض أمراض القلب معروفة بأنها قد تؤدي لإصابة المريض بمثل هذه الحوادث الخطيرة، خاصة الحالات المتقدمة من فشل القلب، وبعض اضطرابات نَظم القلب البطينية الخطيرة، أي اضطرابات نَظم القلب التي تنشأ في الجزء العضلي القوي الذي يضخ الدم (البطين) التي قد تؤدي إلى توقف القلب المفاجئ.

العلاج الحالي لحالة توقف القلب المفاجئ

يعالَج المرضى الذين لديهم اضطرابات بطينية في نَظم دقات القلب حاليًّا بإعطائهم أدوية خاصة تساعد على تنظيم دقات القلب، أو إذا كانوا مصابين أيضًا بضَعف مهم في عضلة القلب، أي عندما تكون قوة القلب أو نسبة ضخ القلب لديهم أقل من 25 بالمئة، بأن تجرى لهم عملية جراحية تحت التخدير الموضعي.
 

خلال العملية, يتم زرع جهاز صغير بشكل بطارية قوية تتصل بأسلاك خاصة تمرر إلى القلب وتقوم بتتبع تخطيط القلب بشكل مستمر، وإذا اكتشف الجهاز حدوث اضطرابات نظم بطينية خطيرة، مثل التسرع أو الرجفان البطيني، فتقوم البطارية فورًا بإصدار صدمة كهربائية داخل القلب لكي تزيل التسرع أو الرجفان البطيني. أظهرت دراسات عديدة نجاح هذه البطارية في إنقاذ كثير من هؤلاء المرضى من حدوث توقف الدورة الدموية والموت المفاجئ، مثلما حدث للاعب كرة القدم الدنماركي كريستيان إيريكسون.
 

زرع هذه البطارية يحتاج بالطبع إلى عملية جراحية، كما يضطر معظم هؤلاء المرضى إلى عملية أو عمليات جراحية تالية كل سنة أو سنتَين تقريبًا من أجل تغيير البطارية عندما يتم استهلاكها. كما قد تحدث نادرًا بعض المضاعفات في استخدام هذه الأجهزة الداخلية المزروعة تحت الجلد، مثل حدوث الالتهابات الجرثومية، أو حدوث أخطاء في عمل الجهاز قد تستدعي إعادة برمجته أو حتى تغييره في بعض الأحيان.
 

المشكلة أن بعض هؤلاء المرضى الذين يحتاجون إلى زرع الجهاز الداخلي لتقديم الصدمة الكهربائية لإزالة التسرع أو الرجفان البطيني قد لا يكونون بحالة تسمح لهم بإجراء هذه العملية، كأن تكون لديهم حالة عدوى إنتانية، أو كانوا من المصابين بحالة من التهاب عضلة القلب قد تكون عابرة وقابلة للشفاء.

في مثل هذه الحالات؛ يحتاج هؤلاء المرضى لارتداء جهاز خارجي يراقب تخطيط القلب باستمرار، ويقدم لهم الصدمة الكهربائية اللازمة لإنقاذهم من توقف القلب المفاجئ وخطر حدوث موت الفجاءة. تم تطوير عدة أجهزة خارجية يمكن ارتداؤها على الصدر بشكل لوحة أو لوحات لينة تلصق على الجلد وتوصل ببطارية قوية محمولة أيضًا، وبعض هذه الأجهزة مصنوعة بشكل صدرية أو سترة تلتف حول الصدر، ويمكن لبسها وخلعها حسب الحاجة.
 

لا يمكن ارتداء الأجهزة الخارجية الموجودة حاليًّا أثناء الاستحمام، ويميل كثير من المرضى لعدم الالتزام بارتدائها أحيانًا، خاصة أثناء الليل، بسبب ثقل وزنها أو لكونها غير مريحة، مما يعرّضهم للخطر بالطبع لاحتمال حدوث التسرع أو الرجفان البطيني في تلك الفترات التي لا يرتدون فيها هذه السترات.
 

ما هو الجهاز الخارجي الجديد لعلاج توقف القلب المفاجئ ؟

طوّرت إحدى الشركات الأمريكية جهازًا خارجيًّا جديدًا لعلاج توقف القلب المفاجئ يتألف من لوحة لينة مقاومة للماء تُلصق إلى جانب الصدر، ولوحة لينة ثانية تُلصق على الجانب الآخر من الصدر ويمكن تثبيت البطارية عليها مع جهاز مراقبة تخطيط القلب. يستطيع هذا الجهاز الخارجي اكتشاف حدوث التسرع أو الرجفان الأذيني بدقة عن طريق برنامج ذكاء اصطناعي خاص، ويقدّم الجهاز للمريض الصدمة الكهربائية المناسبة لإزالة التسرع أو الرجفان البطيني حال حدوثه.

لا يحتاج استخدام هذا الجهاز إلى أن يخضع المريض لعملية جراحية لأنه جهاز خارجي يمكن ارتداؤه ورفعه حسب اللزوم، ويمكن شحن أو تغيير البطارية في أي وقت أيضًا. وقد صُنعت لوحات الجهاز خفيفة ولينة وجيدة الالتصاق بحيث لا ضرورة لرفعها عند الاستحمام أو أثناء النوم. يقدر أن حوالي 435,000 مريض كل سنة بحاجة لاستخدام جهاز الصدمة الكهربائية الخارجي في الولايات المتحدة.
 

هل نجح الجهاز الخارجي الجديد لعلاج توقف القلب المفاجئ ؟

أُجريت دراسة اشترك فيها 30 مركزًا طبيًا في الولايات المتحدة الأمريكية، نُشرت نتائجها في المجلة الأمريكية العلمية المعتمدة Circulation في أغسطس 2024. اشترك في الدراسة 305 مرضى معرّضون لحدوث التسرع أو الرجفان البطيني المفاجئ، ومن غير المؤهلين لزرع جهاز داخلي لإزالة التسرع أو الرجفان البطيني. كان متوسط أعمار المرضى المشاركين في الدراسة 58 سنة، وكان 70% منهم رجالًا.
 

استمر المرضى المشاركون في ارتداء الجهاز وسطيًّا لفترة 23.7 ساعة من اليوم، واستمرت فترة الدراسة 180 يومًا من يناير 2022 حتى مايو 2023. كان 64% من المرضى قد أصيبوا من قبل بأزمة قلبية حادة واحدة على الأقل.

نتائج استخدام الجهاز الخارجي الجديد في الدراسة:

• بعد نهاية الدراسة، تم وقف استخدام هذا الجهاز الخارجي للحماية من توقف القلب المفاجئ لدى نصف المرضى لأنهم لم يعودوا بحاجة إليه.
• توقّف 2.3% من المرضى عن متابعة استخدام الجهاز أثناء الدراسة بسبب ضيقهم منه.
• حدثت المضاعفات الآتية لدى بعض المرضى:   
  • تهيج الجلد في مكان لصق لوحات الجهاز في 12% من المرضى.
  • القلق والتوتر النفسي لدى 7.5% منهم.                                               
• حدثت مضاعفات جلدية مهمة طبيًّا لدى 2.3% من المرضى فقط، أكثرها هو حدوث نوع من الطفح الجلدي.
• أعطت الأجهزة 11 صدمة كهربائية لدى المرضى المشاركين أثناء فترة المراقبة، اعتُبرت منها 9 صدمات (80%) بأنها صدمات صحيحة طبيًّا، وواحدة فقط (أقل من 1%) بأنها غير صحيحة تمامًا.

النصائح بشأن استخدام الجهاز الخارجي الجديد لعلاج توقف القلب المفاجئ

أظهرتْ هذه الدراسة العلمية الجيدة سلامة وكفاءة استخدام الجهاز الخارجي الجديد لعلاج توقف القلب المفاجئ، وأنه سهل الاستعمال، بدليل أن أكثر المشاركين (أكثر من 97.7%) التزموا بذلك. وظهرتْ كفاءته بعدم حدوث أي وفاة بسبب حدوث تسرع أو رجفان بطيني أثناء الدراسة.

نصيحة من موقع صحتك

عندما يتوفر هذا الجهاز وتتم موافقة الهيئات الصحية المعتمدة في أوروبا وأمريكا على استخدامه، ننصح المرضى المعرّضين للتسرع أو الرجفان البطيني واحتمال حدوث توقف القلب المفاجئ أن يستخدموا هذا الجهاز العملي، وإذا ثبتت ضرورة استخدام مثل هذا الجهاز أثناء استعماله وأن المريض قد احتاج بالفعل إلى صدمات كهربائية قلبية، ننصحه بزرع جهاز داخلي للصدمة الكهربائية القلبية بشكل دائم، وذلك لحماية المريض من حدوث هذه الاضطرابات في نَظم القلب التي قد تكون خطيرة على الحياة في أي وقت.