في هذا التقرير؛ نُلقي الضوء على أبرز الأسباب المؤدّية إلى الشعور بالوحدة لدى البالغين، وأهم الوسائل التي خلُص إليها الخبراء لمواجهة وعلاج ذلك، من خلال تسليط الضوء على مجموعة من النقاط أبرزها:
- ما سبب الشعور بالوحدة رغم وجود الناس حولك؟
- ما هي أبرز الطرق لمواجهة شعور الوحدة لدى البالغين لهدف تعزيز صحتنا النفسية.
- كيف تتعامل مع شخص يشعر بالوحدة؟
- ماذا تفعل العزلة؟
ما سبب الشعور بالوحدة رغم وجود الناس؟
الإنسان كائن اجتماعي، وبطبيعته يميل إلى التواصل مع الآخرين، يرجع هذا الشعور للعصور القديمة عندما كان خوف الرفض من المجتمع، والقلق بشأن الاختلاف عن الآخرين، أو عدم قبولهم في المجموعة، وما يتْبعه من رهبة الاستبعاد وعدم الانسجام، يمكن أن يشكّل حرفياً تهديداً على حياة الإنسان، الشعور نفسه نعيشه اليوم على شكل الشعور بالوحدة.
الوحدة هي تجربة شخصية عميقة، كحاجة الإنسان الطبيعية للماء، فعند شعوره بالعطش يقوم بديهياً بالبحث عن الماء، بينما عند شعوره بالوحدة يبحث عن وسائل للتواصل مع الآخرين، كون الشخص وحيداً وشعوره بالوحدة يمثّلان مفاهيم مختلفة تماماً. يمكن للفرد أن يجد الرضا والسعادة التامة في وحدته رغم أنه قد يشعر بالعزلة والوحدة عندما يكون محاطاً بمجموعة من الناس، حتى وإن كانوا من بين أحبته.
الاختصاصية النفسية زها زبير، وهي مختصة نفسية مُرخّصة من هيئة الصحة بدبي CDA (هيئة تنمية المجتمع) وحائزة على شهادة الماجستير في علم النفس السريري والاضطرابات النفسية غير الطبيعية من جامعة سوانسي في المملكة المتحدة، وتعمل في مركز ثرايف للصحة النفسية، قالت: "في الواقع وجدنا أنّ كلًّا من الرجال والنساء يعانون بنفس القدر من الشعور بالوحدة، ومع ذلك نجد أن النساء من الأسهل لهنّ إلى حدٍ ما أن يُظهِرن الضَّعف أو الصعوبة في بناء علاقات اجتماعية جديدة أو إعادة بناء علاقات اجتماعية قديمة مقارنةً بالرجال. عندما نتحدث عن الرجال والوحدة، فإن الصورة النمطية المرتبطة بالوعي العاطفي والحاجة السائدة لكونهم "أقوياء ومستقلين" غالباً ما تكون عائقاً أمام اتخاذهم خطوات فعالة لمكافحة الوحدة".
واحدة من أصعب تجارب الوحدة تأتي غالباً عقب انتهاء علاقة عاطفية. الألم والحزن والعزلة واليأس يتجمّعون جميعاً ليشكّلوا حالة عميقة من الضيق العاطفي. تُشكّل التوقعات التقليدية بخصوص دَور الرجل والمرأة في العلاقة بشكل كبير على كيفية تعاطي الرجال مع الوحدة بعد انتهاء العلاقة، وهناك افتراض شائع بأن الرجال يتعافون بسرعة بعد انتهاء العلاقة ويرونها كالحرية، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. تقول المختصة النفسية زها زبير: "بينما نجتاز هذه الفترة الصعبة من المؤكد أن تظهر علينا مشاعر الوحدة، لذا يجب على كل منا أن يدرك هذه المشاعر ويتقبلها، وعندما نشعر بأننا مستعدون لأخد خطوات جديدة، يمكننا البدء بأنشطة فعالة للتغلب على هذه المشاعر".
ما أبرز وسائل مواجهة الشعور بالوحدة لدى البالغين؟
- استمتِع بالوقت بمفردك: أهم خطوة هي أن تستمتع بالوقت بمفردك، فليس هناك مئة صديق يمكنه أن يقدم لك ما يمكنك أن تقدمه لنفسك، امنح نفسك الوقت والاهتمام الذاتي إذا كنت سعيداً وراضياً بقضاء الوقت بمفردك. اقضِ وقتاً في القيام بالأشياء التي أردت دائماً القيام بها، مثل القراءة والاستكشاف، أو انضم إلى مجموعة تشاركك نفس الاهتمامات وأردت دائماً الانضمام إليها، مارِس الرياضة التي تحبها، اخرج مع نفسك لتناول القهوة، وتذكر أنه ليس هناك أي عائق يمنعك من إعادة الطاقة الإيجابية لحياتك اليومية.
- تواصَل مع ثلاثة أشخاص جدد: النصيحة التالية قد تكون أكثر تحدياً. تواصَل مع ثلاثة أشخاص جدد على سبيل المثال، صديق قديم، زميل في العمل وشخص التقيت به في مناسبة ما. تذكّر أن الهدف هو فقط أن تخطو خطوة أولى دون أي توقعات.
- الشعور بالانتماء للمجتمع: إن كونك جزءاً من مجموعة معيّنة له تأثير إيجابي وأهمية كبيرة تماماً مثل بناء العلاقات الفردية مع الأشخاص. لا تخف من تجربة الرياضات أو الهوايات الجديدة مع مجموعة حتى لو لم تنجح في التحدث مع معظم الأشخاص هناك، فإن الشعور بالانتماء والتواصل هو شيء ما تتطلع إليه كل أسبوع يمكن أن يكون مفيداً للغاية. هنالك العديد من الطرق للانخراط في المجتمع يمكن أن تكون من خلال المجموعات التطوعية أو المجموعات الثقافية أو المجموعات المهتمة بالفنون.
كيف تتعامل مع شخص يشعر بالوحدة؟
الشعور بالوحدة هو إحساس يتملك الإنسان ويستهلك طاقته، ولا أحد يحب أن يواجهه. رغم ذلك؛ فإن إحصائيات تبيّن أنه واحد من أكثر التجارب الإنسانية شيوعاً وحزنّاً، وقد يكون هذا أحد أبرز الأسباب الذي دفع الحكومة البريطانية إلى تعيين تريسي كراوتش قبل سنوات، لتصبح أول وزيرة مكلّفة بمعالجة مشكلة الوحدة. إن الحزن الذي يرافق انتهاء العلاقة يكون بالفعل صعباً ومؤلماً بما فيه الكفاية، والوحدة التي تصاحبه تزيد من صعوبة الموقف. لذا كن لطيفاً صبوراً مع نفسك، وكن حنوناً مع ذاتك أو مع أي شخص يعاني من شعور الوحدة، وخذ خطوات تتناسب مع هذا الشعور وتُشعِرك بالارتياح.
إليك مجموعة نصائح للتغلب على الشعور الوحدة:
- تخلَّص من السلبية وشعور الإنكار.
- ثق بنفسك أولاً، ولا بأس من منح الثقة لمن يستحق من الأهل والأصدقاء.
- توقف عن لوم نفسك باستمرار.
- الشعور بالوحدة لا يعني أبداً أنك وحيد.
- كن واقعياً وتقبل نفسك ومشاعرك.
ماذا تفعل العزلة؟
يؤكد بعض علماء النفس وجود أوجه تشابه مذهلة بين العزلة الاجتماعية والحرمان من الطعام، لكون كل من الحالتَين تتسبب في انخفاض الطاقة وزيادة التعب، وهو أمر مثير للدهشة بالنظر إلى أن الحرمان من الطعام يجعلنا حرفيًا نفقد الطاقة، في حين أن العزلة الاجتماعية لن تفعل ذلك.
يحتاج البشر عادة إلى الرفقة بقدر ما يحتاجون إلى الماء والهواء والتغذية، وقد توصلت دراسة أجراها باحثون من "جامعة فيينا" في النمسا و"جامعة كامبريدج" في المملكة المتحدة إلى أن 8 ساعات من الشعور بالوحدة يمكن أن تستنزف الطاقة وتزيد من التعب بقدر 8 ساعات دون طعام لدى بعض الأشخاص. لذلك فإنه مع مرور الوقت واستمرار العزلة، من المرجح أن يزداد الضرر سوءًا، فقد قارنت الدراسات السابقة الشعور بالوحدة بمشكلات الصحة العامة مثل السُّمنة، مما يشير إلى وجود خطر كبير للوفاة المبكرة بسبب العزلة الاجتماعية.
المصدر: www.thrive.ae
المصدر: https://www.psychologicalscience.org/