غسل اليدين.. منذ نعومة أظفارنا تَعلَّمنا أن نغسل أيدينا بالماء والصابون من دون أن نتلقى أي توصيات تتعلق بدرجة حرارة الماء، باردًا كان أم فاترًا أم ساخنًا. توصي منظمة الصحة العالمية بغسل اليدين بالماء والصابون، لأنه يُعَدّ من أكثر إجراءات النظافة فعالية لمنع انتقال الميكروبات، كما توصي لوائح الإدارة الأميركية مواطنيها بغسل اليدين بالماء الساخن لضمان صحتهم وسلامتهم، لأنه -حسب قولها- أكثر فعالية في إزالة الميكروبات من الماء البارد.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل من دليل علمي على أن غسل اليدين بالماء الساخن أكثر فعالية من غسل اليدين بالماء البارد؟
الماء البارد فعال كالماء الساخن فيما يخص غسل اليدين
في السابق، نُشرت دراسات عديدة، نوهت إلى أنه لا دليل علميًا يفيد بأن الماء الساخن مطلوب لقتل الميكروبات أثناء غسل اليدين. أما حديثًا، فقد ذكرت البحوث أنه يمكن للماء البارد أن يقوم بالمهمة المطلوبة في التخلص من الميكروبات، تمامًا مثل الماء الساخن.
ومن أجل البتّ في صحة توصيات هيئة الغذاء والدواء الأميركية حول الغسل بالماء الساخن أو البارد، قام باحثون من جامعة روتجرز نيو برونزويك في ولاية نيوجرسي، بدراسة شملت مجموعة من المتطوعين من الرجال والنساء تمت مراقبتهم على مدى 6 أشهر، غسَل المشاركون خلالها أيديهم بالماء والصابون على وقع درجات حرارة مختلفة 16، 26، 40 درجة مئوية، مع الأخذ بعين الاعتبار عوامل مختلفة، مثل درجة حرارة الماء، وحجم الصابون، وتركيبة الصابون، ووقت الرغوة. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة حماية الغذاء العلمية the journal of food protection، وكانت حصيلتها كما يلي:
- لاحظ المشرفون على الدراسة أنه مهما كانت درجة حرارة الماء المتدفقة من الصنبور وكمية الصابون المستعملة، فإن جحافل الميكروبات تظل كما هي. بكلام آخر، أكدت النتائج أن فعالية الماء البارد كفعالية الماء الساخن في قتل الميكروبات عند غسل اليدين.
- وجد الباحثون أن غسل اليدين بالماء والصابون لمدة 10 ثوان كان فعالًا بما فيه الكفاية للتخلص من الميكروبات.
- وجد الباحثون أن استعمال الصابون المضاد للميكروبات لم يكن أكثر نجاعة من الصابون العادي في الحماية من البكتيريا والفيروسات، ما يعني أنه لا داعي لشراء الصابون المضاد للبكتيريا الباهظ الثمن بالمقارنة من الصابون العادي.
وفي معرض تعليقه على النتائج، قال مُعِد الدراسة، دونالد شافنر، الأستاذ ومختص الإرشاد في علوم الأغذية بجامعة روتجرز: "تبيّن لنا نتائج الدراسة أن درجة حرارة الماء المستعملة غير ضرورية للتخلص من البكتيريا"، إلا أنه أضاف قائلًا بأن هناك حاجة إلى عمل المزيد من البحث لمعرفة كمية الصابون المستخدمة في غسل اليدين، وكذلك نوعية الصابون الأكثر فعالية لتدمير الميكروبات، والظروف المثالية لتحقيق هذا الهدف بشكل أفضل.
الأوقات الرئيسية لغسل اليدين
يُعَدّ الحفاظ على نظافة اليدين من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها للحفاظ على الصحة، وتجنب الإصابة بالمرض ونشر الميكروبات إلى الآخرين، وبالتالي إلى المجتمع كله، خاصة تلك التي تسبب عدوى الجهاز التنفسي وعدوى الإسهال. وبناء عليه؛ توصي مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC) بأن تغسل يديك كثيرًا، خاصة في الأوقات التي من المحتمل أن تصاب فيها بالجراثيم، أو تقوم بنشرها إلى الآخرين، مثل:
- إذا كانت يداك متسختَين.
- قبل وخلال وبعد تحضير الطعام.
- قبل وبعد تناول الطعام.
- قبل وبعد العناية بشخص مريض.
- قبل وبعد علاج الجروح.
- بعد استعمال دَورة المياه.
- بعد لمس القمامة.
- بعد ملامسة الأشياء أو الأسطح التي يلمسها الآخرون عادة.
- بعد تغيير الحفاضات أو تنظيف طفل استعمل المرحاض.
- بعد تنظيف الأنف أو السعال أو العطس.
- بعد لمس حيوان أو علف الحيوان أو مخلفات الحيوان.
- بعد التعامل مع طعام الحيوانات الأليفة أو بعد تدليلها.
- بعد التردد على الأماكن العامة.
- بعد وضع العدسات اللاصقة أو إزالتها.
كيف تغسل يديك بطريقة صحيحة؟
يجب اتباع الخطوات الآتية في كل مرة تغسل فيها يديك:
- بلِّل يديك بالماء الجاري النظيف، سواء كان باردًا أو ساخنًا، وأغلق الصنبور، ثم قم باستخدام الصابون.
- افرك الصابون بيديك لصنع الرغوة، ومن ثم قم بتوزيعها على كل مناطق اليدين، بما فيها ظهر اليدين وبين الأصابع ومناطق تحت الأظافر.
- افرك يديك لمدة لا تقل عن 10 ثوانٍ.
- اشطف يديك جيدًا بالماء الجاري والنظيف.
- جفِّف يديك باستعمال منشفة ورقية أو قماشية نظيفة أو استخدِم مجفف هواء.
جدول مقارنة بين غسل اليدين بالماء الساخن أو البارد
فيما يلي؛ يقارن هذا الجدول بين غسل اليدين بالماء الساخن أو البارد:
| الغسل بالماء الساخن والصابون | الغسل بالماء البارد والصابون |
| يساعد على تكوين الرغوة | لا يساعد على تكوين الرغوة |
| فعال في القضاء على الميكروبات | فعال في القضاء على الميكروبات |
| يبعث على الراحة | يثير شعورًا أقل بالراحة |
|
أكثر عدوانية لبشرة اليدين، وقد يشعل فيها أمراضًا التهابية سابقة |
أقل عدوانية للبشرة |
|
قد تتكاثر الميكروبات في الماء الساخن بسبب تخزينه |
لا تتكاثر الميكروبات في الماء الجاري البارد |
|
يسهل من إزالة المواد الدهنية والكيميائية العالقة باليدين |
هناك صعوبة في إزالة المواد الدهنية والكيميائية العالقة باليدين |
سؤال وجواب
. هل يجب استخدام منشفة ورقية لإغلاق الصنبور؟
إذا كنت قلقًا بشأن وصول الميكروبات إلى يديك بعد غسلها، فإنه بإمكانك استعمال منشفة ورقية أو مرفقك أو أي شيء آخر تراه مناسبًا لإغلاق الصنبور.
. هل قالب الصابون أفضل من الصابون السائل؟
لا فرق، فكلاهما يعملان بشكل جيد في القضاء على الميكروبات.
. ماذا لو لم يتوفّر الصابون لغسل اليدين؟
يمكنك استعمال معقم اليدين، وإذا لم يكن هذا متاحًا، فبإمكانك غسل يديك بالماء فقط، إلا أنه لن يكون بنفس فعالية الغسل بالصابون.
. ماذا لو لم أتمكن من غسل اليدين بمياه جارية نظيفة؟
إن غسل اليدين بمياه راكدة أو قذرة سوف ينقل الجراثيم إلى اليدين. إذا لم تتوفر المياه النظيفة، ولا معقم اليدين، فإنه يجب العمل على جعل المياه نظيفة عن طريق غليها، أو إضافة كمية مناسبة من المطهر، مثل محلول مبيض خفيف.
. هل يمكن إعادة استخدام المنشفة لتجفيف اليدين في المنزل؟
يوصي المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض باستعمال منشفة نظيفة لتجفيف اليدين، وتُعتَبر المناشف القابلة للاستعمال خيارًا عمليًا في المنزل، ولكن يجب العمل على تغييرها إذا كانت متسخة بشكل واضح، وقبل أن يتشكل العفن الفطري عليها بسبب بقائها رطبة لفترة طويلة.
. هل لمس مقابض أبواب الحمام سيجعل يدي متسخة مرة أخرى بعد غسلها؟
في الواقع، لا يَعرف العلماء ما إذا كنت ستلتقط عددًا كبيرًا من الميكروبات على يديك بعد لمس مقبض باب الحمام، وذلك لعدم توفر دراسات حول هذا الأمر. في كل الأحوال، إذا كنت قلقًا من وصول الجراثيم إلى يديك بعد غسلها، فإنه يمكنك استعمال منشفة ورقية، أو الاستعانة بطرف قميصك أو أي وسيلة أخرى لفتح الباب.
خلاصة القول
إذا كنت واحدًا من أولئك الذين ترسخت في أذهانهم منذ الصغر ضرورة غسل اليدين بالماء الساخن والصابون للتخلص من الميكروبات، فقد آن الأوان أن تعرف بأن الغسل بالماء البارد والصابون فعال تمامًا كالماء الساخن والصابون، ولعل الشيء الأهم في الأمر ألا تقل مدة الغسل عن 10 ثوانٍ للتخلص من الميكروبات، وإذا كانت يداك متسختين جدًا، فيتوجب عليك أن تطيل مدة الغسل بما فيه الكفاية لطرد الأوساخ والميكروبات العالقة بهما. وتذكَّر دومًا أن لغسل الأيدي فائدة عظيمة في الوقاية من المرض. إذا كان لديك أطفال، فلا تنس أن تُعلِّمهم، ومنذ نعومة أظفارهم، على غسل أيديهم بشكل جيد ومتكرر، للحفاظ على صحتهم، وابذل قصارى جهدك لتحويل عادة غسل اليدين إلى نشاط أُسَري ممتع، لأنه كما يقول المثل: العلم في الصغر كالنقش على الحجر.
