وفي بعض الأحيان تتحدد بعض المشاكل التغذوية على أساس السن، فما يعتبر مشكلة في سن معين قد لا يكون كذلك في سن آخر. وإن كان هذا واضحا في عموم المجتمع فهو في حالة مريض الداون أوضح.
وعلى الأهل متابعة أبنائهم صحيا وبدنيا لنتمكن من سرعة اكتشاف المشكلة، ومن ثم حلها قبل حدوث مضاعفات، ومن أبرز هذه المشاكل السمنة المفرطة.
* زيادة الوزن: الأسباب متعددة
الزيادة المفرطة في الوزن تمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للعديد من الأطفال الأكبر سنا والمراهقين والبالغين الذين يعانون من متلازمة داون، فرفض الطعام الذي كان يسبب النحافة في العامين الأولين تحول إلى النهم الذي لا بد معه من السيطرة على المتناول كما وكيفا.
وتكثر السمنة مع مرض داون وذلك لعدة أسباب:
- المراهقين الذين يعانون من متلازمة داون ليس لديهم طفرة (زيادة سريعة) في الطول بنفس وتيرة أقرانهم في المجتمع؛ فهم أقصر من أقرانهم، وذلك يؤدي إلى تكدس الدهون في مساحة أقل، وبالتالي سرعة ظهور الوزن الزائد عندهم.
- تعاني أغلبية المراهقين المصابين بداون من قصور الغدة الدرقية hypothyroidism، والذي يؤدي بدوره إلى إنخفاض معدل الأيض بنسبة 10-15% عن غيرهم، وبالتالي يقل معدل حرق الطعام فتتكدس الدهون ويزيد الوزن.
- يؤدي ضعف عضلات الفكين وبطء نمو الأسنان إلى تفضيل الأطعمة الطرية الغنية بالسعرات عن الخضروات والفاكهة القليلة السعرات.
- للأسف فإن الأهل يساهمون من حيث لا يشعرون في زيادة وزن أبنائهم، فهم قد تعودوا في العامين الأولين أن مشكلة أبنائهم تكمن في "ضعف الوزن ورفض الطعام" فنراهم قد تعودوا على ملاحقتهم بالغذاء كلما استطاعوا، بالإضافة إلى مدحهم المستمر لأبنائهم عند تناول الطعام فيكبر الطفل وقد طبع في ذهنه أن "الطفل الأكول طفل محبوب".
- ولكن.. المشكلة الأكبر للمراهقين ليست "ضعف الوزن ورفض الطعام" بل ما يعرف باسم الأكل العاطفي (emotional eating)، وهو ما يدفع الطفل إلى تناول الطعام للإشباع النفسي وليس فقط لسد الجوع، هذا بالإضافة إلى ميل المصابين بالداون لتفضيل الطعام السريع عن طعام المنزل.
* الحل التغذوي للوزن الزائد
لا بد أولا من استبعاد الأسباب العضوية لزيادة الوزن حتى يكلل العمل بالنجاح، ومن أهمها إجراء تحاليل الغدة الدرقية لاستبعاد القصور أو علاجه إن وجد، خاصة مع ظهور أعراض مثل زيادة النعاس، أو الارتباك وتشوش الذهن، أو تغيرات في المزاج إلى جانب زيادة الوزن غير المبررة. فإذا تبين وجود قصور بالغدة يجب عدم التواني في البدء بالعلاج قبل تفاقم المشكلة وخروجها عن السيطرة.
الكثير من الدراسات تشير إلى أن أجسامهم تستهلك سعرات حرارية أقل، وبالتالي يكون هناك دائما فائض من السعرات الذي يخزن على هيئة دهون، ومن هنا لا بد لمختص التغذية أن يقوم بحساب الاحتياجات من السعرات بكم أقل من المطلوب عادة في نفس السن.
وبالرغم من وجود أسباب عضوية للسمنة، فإن السبب قد يكون في كثير من الأحيان هو السبب الذي يؤثر على بقية المجتمع - هو قلة الحركة مع زيادة السعرات - ومن ثم يجب التعامل معها مثل الجميع.
* استراتيجيات منع وعلاج البدانة تشمل:
1. استخدام الهرم الغذائي كدليل لاختيار الغذاء الصحي، مع خفض أحجام الحصص الغذائية وتجنب زيادة كميات الدهون، والأطعمة عالية الكربوهيدرات البسيطة والسكريات، ومع التأكيد على المكونات الصحية القليلة السعرات مثل الخضر والفاكهة والتي تزيد حركة الأمعاء
2. تجنب الوجبات السريعة وأطعمة السوق الغنية بالدهون المشبعة.
3. اختيار المشروبات الخالية من السكر المضاف، واستبدالها بالمشروبات العشبية والعصائر المنزلية مع تجنب المحليات الصناعية لأثرها الضارعلى الصحة، فالغرض تعويد براعم اللسان على عدم استساغة الطعم شديد الحلاوة وذلك منذ الصغر.
4. دع الأطفال والمراهقين يذهبون معك إلى السوق أو السوبرماركت لاختيار الأصناف المغذية الطبيعية، وتجنب الأصناف الصناعية عالية السعرات.
5. شارك الأطفال الأكبر سنا والمراهقين في إعداد الأطعمة معك في المطبخ، فإن ذلك يساعدهم على تعلم ماهية البدائل، وكيفية اختيار الصحيح منها، فإن ذلك يساعدهم في الحفاظ على صحتهم، بالإضافة إلى أنه يساعد في بناء شخصيتهم على أساس "اختيار الأصح".
6. لا تستخدم الطعام كمكافأة.
7. أشرك المدربين والمدرسين معك في الأهداف من التغذية وكيفية تحقيقها حتى لا يفقد ما يتعلم في البيت إذا ذهب إلى خارجه.
8. حدد له مهام يومية بالمنزل بما يتناسب مع قدراته ومهاراته، فإن ذلك يساعد الجسم على الحركة وفقد الدهون، ويعلم الالتزام والمسؤولية.
9. عود ابنك على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، إلا فى حالة إصابة القلب فيجب استشارة الطبيب أولا.
10. مراقبة دائمة للوزن، والتدخل في الوقت المناسب بحمية غذائية إن تطلب الأمر، ويكون تحت إشراف الطبيب المختص.
11. إذا لم تكن هناك حالة طبية تتطلب توجيهات معينة، فإن استراتيجيات المحافظة على الوزن لا تختلف كثيرا عن بقية المجتمع، وهي نمط الحياة السليم، وحسن اختيار الأطعمة، وممارسة الرياضة بانتظام.