عرف التجفيف منذ القدم كإحدى وسائل تخزين الطعام، وهو يقوم على فكرة استخلاص الماء من الطعام بصفته أكثر العوامل المسببة لتلفه، وذلك للحفاظ عليه فترة طويلة والإبقاء عليه صالحا ومحفوظا من الجراثيم أطول مدة ممكنة.
* ما هي الفواكه المجففة؟
الفواكه المجففة هي الفواكه التي تفقد كمية كبيرة من مخزونها المائي باستخدام طرق التجفيف المختلفة، عن طريق الطاقة الشمسية أو أشعة الشمس أو أفران التجفيف، والغرض من ذلك هو نزع الرطوبة من المادة الغذائية لزيادة القدرة على الحفظ، إذ إن عملية التجفيف لا تؤثر كثيرا على مكونات المادة الغذائية الموجودة بها.وتؤدي عملية التجفيف إلى انكماش وصغر حجم ثمرة الفاكهة، وارتفاع محتواها من السعرات الحرارية، ويعتبر الزبيب أكثر الأنواع شيوعا، يليه التمر، والبرقوق والتين، والمشمش، وتوجد أنواع أخرى من الفواكه المجففة تعتبر أقل استهلاكا وانتشارا، وتكون في بعض الأحيان مغلفة بالسكر، كالمانجا، والأناناس، والموز، والتفاح، وتتميز الفواكه المجففة بإمكانية الحفاظ عليها لفترة أطول من الفواكه الطازجة، كما يمكن تناولها كوجبة خفيفة، خاصة في الرحلات الطويلة التي لا تتوفر فيها وسائل للتبريد.
* التجفيف غير الصحي
إن إنتاج الفاكهة المجففة بكميات تجارية جعل بعض الشركات تستخدم بعض الإضافات التي قد تكون لها بعض الآثار السلبية على الصحة. لذا يجب علينا التأكد من عدم وجودها عند شراء الفاكهة المجففة، فمثلا تضيف بعض أنواع المحليات، وهذا ما يجعلها أغنى بالسكر والسعرات الحرارية، وكذلك تضيف بعض الشركات مادة الكبريتيت من أجل المحافظة على شكل الفاكهة الجميل والمطابق للفاكهة الطازجة وهذه أيضا مادة غير صحية. لذلك فإن الفاكهة المجففة الذابلة والتي تغير لونها عن لون الفاكهة الطازجة هي صحية أكثر.* المؤشر السكري للفواكه المجففة
تحتوي الفواكه الجافة المختلفة على مؤشر نسبة السكر في الدم مختلف. يتم تعريف مؤشر نسبة السكر في الدم من خلال كيفية تأثر مستويات الجلوكوز في الدم بطعام معين. وهو يقيس استجابة الشخص للطعام الذي يحتوي على الكربوهيدرات مقارنة بنفس الاستجابة التي يتم الحصول عليها من الخبز الأبيض أو الجلوكوز.ويتراوح مؤشر نسبة السكر في الدم من مرتفع (> 70)، إلى معتدل (56-69) أو منخفض (<55). وتعتبر الفواكه الجافة التي تحتوي على مؤشر منخفض الخيار الأفضل لأن تأثيرها ضئيل تقريبا على سكر الدم وهي صحية نسبيا. ويشمل مؤشر نسبة السكر في الدم لبعض الفواكه المجففة الشائعة التمر - 62، التفاح - 29، المشمش - 30، الخوخ - 35، التين - 61، الزبيب - 59.
وتشمل الفواكه منخفضة نسبة السكر في الدم البرقوق والتفاح والمشمش والخوخ المجفف. يعتبر التين فاكهة ذات مؤشر متوسط نسبة السكر في الدم. بينما يجب أن تكون التمور أو الزبيب محدودة في النظام الغذائي بسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم.
* فوائد الفواكه المجففة
تحتوي الفواكه المجففة على العديد من المركبات والعناصر الغذائية المهمة التي تكسب الجسم الكثير من الفوائد الصحية، ومن فوائد الفواكه المجففة بمختلف أنواعها ما يأتي:- الفاكهة المجففة مغذية للغاية، حيث تحتوي قطعة واحدة من الفاكهة المجففة على نفس الكمية من العناصر الغذائية الموجودة في الفاكهة الطازجة، ولكنها مكثفة في قطعة أصغر كثيرا. فمثلا بالوزن، تحتوي الفاكهة المجففة على ما يصل إلى 3.5 أضعاف الألياف والفيتامينات والمعادن من الفاكهة الطازجة. لذلك، يمكن أن توفر حصة واحدة من هذه الفاكهه نسبة كبيرة من المدخول اليومي الموصى به للعديد من الفيتامينات والمعادن، مثل حمض الفوليك. ومع ذلك هناك بعض الاستثناءات، على سبيل المثال، يقل محتوى فيتامين سي C بشكل كبير عند تجفيف الفاكهة.
- تحتوي جميع أنواع الفواكه المجففة على نسبة منخفضة جدا من الصوديوم، ونسبة جيدة من عنصر البوتاسيوم والألياف.
- يوجد السكر في الفواكه المجففة على شكل جلوكوز وفركتوز، ولا تحتوي الفواكه المجففة على السكريات المضافة التي يمكن أن تسبب مجموعة من المشاكل الصحية.
- يعتبر المؤشر الغلايسيمي (السكري) للفواكه المجففة بشكل عام منخفضا، وبالتالي فإن تناولها بشكل معتدل لا يسبب الارتفاع السريع لمستويات السكر في الدم.
- تعتبر مصدرا غنيا بـالألياف غير القابلة للذوبان الضرورية لتحفيز الحركة الهضمية، وتنظيم وتسريع مرور الطعام خلال الأمعاء، حيث تحتوي كل 100 غرام من الزبيب على أكثر من ثلاثة غرامات من الألياف، ويشكل النوع غير القابل للذوبان منها 70%، كما تحتوي كل 100 غرام من البرقوق على أكثر من ثمانية غرامات من الألياف، وتشكل الألياف غير القابلة للذوبان 50٪ منها.
- تشير الكثير من الدراسات إلى أنَ بعض الفواكه المجففة يمكن أن تساعد على مكافحة مجموعة من المشاكل الصحية، كالسرطان، وارتفاع الكوليسترول، والأرق.
- تعمل مضادات الأكسدة من مادة البوليفينول الموجودة فيها على تحسين تدفق الدم، وتساعد على الحفاظ على الجهاز الهضمي، وتقليل الإجهاد التأكسدي، وتقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض.
* فوائد بعض أنواع الفواكه المجففة
تختلف الفواكه الطازجة في القيمة الغذائية باختلاف نوعها، وينطبق ذلك على الفواكه المجففة، وفيما يلي توضيح لفوائد بعض أنواعها:1- الزبيب
يتم الحصول على الزبيب عن طريق تجفيف العنب، ويعتبر مصدراً غنياً بالألياف، والبوتاسيوم، والعديد من المركبات النباتية التي تعزز الصحة، كما أنَه يمتلك مؤشر غلايسيمي منخفضا إلى متوسط، مما يعني أنَه لا يسبب حدوث ارتفاع كبير في مستويات السكر والأنسولين في الدم.وتشير الدراسات إلى أن تناول الزبيب قد يساعد على:
- خفض ضغط الدم.- تحسين السيطرة على مستويات سكر الدم.
- تقليل علامات الالتهاب والكوليسترول فى الدم.
- تعزيز الشعور بالشبع والامتلاء.
- تقليل خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
2- البرقوق
يعتبر مصدرا غنيا بالبوتاسيوم وفيتامين أ وفيتامين ك، ويمتلك خصائص ملينة، إذ يساعد على تحسين حركة الجهاز الهضمي والتخلص من الفضلات، بسبب محتواه المرتفع من الألياف والسوربيتول وهو من السكريات الموجودة بشكل طبيعي في بعض الفواكه، لذا يعتبر من الملينات الطبيعية.كما يمكن أن يساعد البرقوق على مكافحة بعض الأمراض باعتباره مصدرا غنيا بمضادات الأكسدة، التي قد تمنع أكسدة جزيئات الكوليسترول الضار وتساهم في الوقاية من أمراض القلب والسرطان. علاوة على ذلك، البرقوق غني أيضا بمعدن يسمى البورون، والذي يمكن أن يساعد في مكافحة هشاشة العظام.
3- التمر
يعتبر التمر مصدرا غنيا بالألياف، والبوتاسيوم، والحديد، والعديد من المركبات النباتية، ويعتبر من أغنى الفواكه المجففة بمضادات الأكسدة، مما يساهم في تقليل الأضرار التأكسدية في الجسم، ويمكن أن يساعد تناوله بانتظام خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل على تسهيل تمدد عنق الرحم والولادة الطبيعية.وقد أشارت إحدى الدراسات إلى أن 4% من النساء اللواتي تناولن التمر بانتظام خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل لم يحتجن إلى ولادة قيصرية، مقارنة بـ 21٪ ممن لم يستهلكن التمور.
4- التين المجفف
يحتوي كل 28 غراما من التين المجفف على ثلاثة غرامات من الألياف التي يمكن أن تساعد على تخفيف الإمساك، وزيادة الشعور بالشبع لفترة أطول، وخفض نسبة الكوليسترول والسكر في الدم، كما يعتبر أفضل مصدر نباتي للكالسيوم الذي يمكن أن يساعد على الوقاية من هشاشة العظام، بالإضافة إلى احتوائه على فيتامين ك K الضروري لعملية تخثر الدم الطبيعية، ومضادات الأكسدة عالية الجودة التي تقلل أضرار الجذور الحرة على خلايا الجسم.* التأثيرات غير الصحية للفاكهة الجافة
هناك فوائد لا حصر لها لتناول الفواكه الجافة. ولكن يجب تقييد تناول الفواكه الجافة، لأن الكثير من أي شيء يمكن أن يكون ضارًا ويمكن أن يؤدي إلى تأثيرات غير مرغوب فيها، على سبيل المثال:- تضاف المواد الحافظة التي تسمى الكبريتيدات إلى الفواكه الجافة التي تمنع تغير لونها. يمكن أن تسبب هذه المواد رد فعل تحسسياً يسبب أعراضا مشابهة لأعراض الربو عند بعض الأشخاص، وفي هذه الحالة يجب الابتعاد عن هذه الأنواع واختيار الفواكه المجففة بشكل عضوي، والتي يكون لونها أكثر قتامة، كما أنَ نكهتها مختلفة قليلاً.
- الإفراط في تناول الفاكهة الجافة مسؤول أيضا عن زيادة الوزن بسبب السعرات الحرارية الزائدة الموجودة فيه. كما تحتوي بعض الفواكه الجافة على سكر فواكه طبيعي على شكل فركتوز، والبعض الآخر يضاف إليه السكر الصناعي قبل التجفيف، يمكن أن يؤدي كلاهما إذا تم تناولهما بكثرة إلى تسوس الأسنان.
- يمكن أن يؤدي التعامل والتخزين غير السليمين إلى التلوث بالفطريات والأفلاتوكسين (نوع من الفطريات) والسموم الأخرى التي يمكن أن تسبب آثارا جانبية شديدة.
- يمكن أن تتسبب الألياف الموجودة في الفواكه المجففة بالمعاناة من الانتفاخ، والتقلّصات المعوية، خاصةً لدى الأشخاص الذين لم يعتادوا على تناولها كثيرا.
* الخلاصة
تحتوي الفواكه الجافة، مثل أي طعام آخر، على تأثيرات صحية وضارة. على الرغم من أنها ضارة في بعض الجوانب، لكن تفوق فوائدها مخاطرها. ويمكن للفواكه المجففة أن تعزز تناول الألياف والمغذيات وتزويد الجسم بكميات كبيرة من مضادات الأكسدة. ومع ذلك، فهي أيضا غنية بالسكر والسعرات الحرارية، ويمكن أن تسبب مشاكل عند تناولها بكميات زائدة.لهذا السبب، يجب أن تؤكل الفاكهة المجففة بكميات معتدلة، ويفضل التي مرت بعملية تجفيف من دون إضافة مواد حافظة وغير المحلاة.