لعدة قرون، كان الناس يستخدمون حمّامات الثلج للعلاج والفوائد الصحية والتعافي الرياضي. على الرغم من النتائج المتضاربة التي تقدمها الدراسات، ومحدودية الأبحاث الجيدة في هذا المجال، فإن الأدلة السائدة تشير إلى أن حمامات الثلج ربما تساعد في تقليل الألم والالتهابات، ومكافحة إرهاق العضلات، وتحسين الحالة المزاجية.
الأبحاث الحالية حول حمامات الثلج
تعود ممارسة استخدام حمامات الثلج لتخفيف آلام العضلات إلى عقود مضت، لكن دراسة أجريت عام 2017 قد تُلقي بظلالها على هذا الاعتقاد. وتشير الدراسة الأخيرة إلى أن الأفكار السابقة حول فوائد حمام الثلج للرياضيين معيبة، وأنه لا تفيد في علاج آلام العضلات.
في حين أن الدراسة تقول إن التعافي النشط -مثل 10 دقائق من التمارين المنخفضة الشدة على دراجة ثابتة- مفيد للتعافي مثل حمام الثلج، إلا أن الخبراء في هذا المجال ما زالوا يؤمنون باستخدام حمامات الثلج.
لكن لا تزال هناك فوائد لحمامات الثلج، فالدراسة لا تُثبِت بنسبة 100% أنه لا توجد فوائد لحمامات الثلج. إنها تشير إلى أن الفوائد التي كان يُعتقد وجودها سابقًا، والمتمثلة في التعافي بشكل أسرع وتقليل تلف العضلات والأنسجة وتحسين الوظيفة، ليست صحيحة بالضرورة.
ستكون هناك دائمًا أبحاث تدعم كلا الجانبين في هذا النقاش. على الرغم من أن الكثير من الأبحاث غير حاسمة، فإن بعض الخبراء يؤيدون أنها تعتبر حاليًا أفضل تعامل مع الرياضيين المحترفين الذين يستخدمون حمامات الثلج بانتظام.
من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات الأكبر لتوضيح فوائد حمامات الثلج.
الفوائد المحتملة للحمامات الثلجية
إذا كنت تفكر في تجربة حمام ثلجي، فقد تتساءل عن الفوائد المحتملة، وما إذا كان الأمر يستحق تعريض جسمك للبرد الشديد. هناك عدة جوانب قد يكون فيها الاستحمام بالثلج مفيدًا:
1. يخفف آلام العضلات
وفقًا للخبراء، فإن الفائدة الأكبر من حمامات الثلج، على الأرجح، هي أنها تجعل الجسم يشعر بالارتياح. بعد التمرين المكثف، قد يكون في الغطس البارد راحة للعضلات المتهيجة.
2. يساعد جهازك العصبي المركزي
يمكن أن يساعد الحمام الثلجي أيضًا جهازك العصبي المركزي من خلال المساعدة في النوم، وبالتالي يجعلك تشعر بالتحسن من خلال تقليل التعب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد في تحسين وقت رد الفعل في التدريبات المستقبلية.
3. يحدّ من الاستجابة الالتهابية
النظرية، هي أن خفض درجة الحرارة بعد التمرين يساعد في الحدّ من الاستجابة الالتهابية، مما يقلل من شدة الالتهاب، ويساعدك على التعافي بشكل أسرع.
4. يقلل من تأثير الحرارة والرطوبة
إن الاستحمام بالثلج قبل السباق الطويل في الظروف التي تشهَد ارتفاعًا في درجة الحرارة أو الرطوبة يمكن أن يخفِّض درجة حرارة الجسم بضع درجات، مما قد يؤدي إلى تحسين الأداء، فقد وجدت مراجعة للدراسات أن الغَمر في الماء البارد (نحو 10 درجات مئوية) يمكن أن يبردك بسرعة مضاعفة.
5. ضبط الوزن
تؤدي درجات الحرارة الباردة في البداية إلى انخفاض عملية التمثيل الغذائي، ولكن بعد ذلك، يتطلب الأمر سعرات حرارية إضافية للتدفئة مرة أخرى. قد يساعد البرد أيضًا في تحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا دهنية بنية تنتج الحرارة، وتساعد في التحكم بمستويات السكر في الدم ومستويات الأنسولين، مما قد يساعد في ضبط الوزن.
6. يحسّن المزاج
تشير بعض الأبحاث إلى أن الغَمر في الماء البارد يمكن أن يحسّن الحالة المزاجية. وجَدت إحدى الدراسات أن الانغماس لمدة 20 دقيقة في مياه البحر الباردة (13 درجة مئوية) أدت إلى تغير جيد في المزاج.
حتى جلسة واحدة مدتها 18 دقيقة جلبت تحسّنًا كبيرًا. تحمَّل جميع المشاركين الغَمر في الماء البارد جيدًا، ولكن تجدر الإشارة إلى أنهم جميعًا كانوا شبابًا لائقين وبصحة جيدة.
وتُظهر دراسات أخرى تغيرًا في الإيجابية يرتبط بزيادة اليقظة وتقليل العصبية والضيق.
7. ربما يهدئ الجلد
يتسبب البرد في انقباض الشرايين والأوردة الصغيرة في الجلد. على الوجه، قد يساعد ذلك في شدّ وتقليل ظهور المسام والانتفاخ، لكن وجهك لا يكون عادة في الماء أثناء حمام ثلجي. ومع ذلك، قد يساعد الحمام البارد في تخفيف التهاب الجلد أو الحكة. لكن ننصحك بتجنب أخْذ حمام ثلجي إذا كان لديك جروح مفتوحة.
8. قد يعزز صحة المناعة
تشير الأدلة المتناقلة إلى أن الغَمر في الماء البارد قد يساعد في تحسين الاستجابة للتوتر وتقليل خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي. وجَدت إحدى الدراسات أنه عندما ينتقل الأشخاص من الاستحمام بالماء الساخن إلى الاستحمام البارد لمدة 30 يومًا على الأقل، فإنهم يأخذون إجازات مَرَضية أقل من العمل، لكنها لم تقلل من عدد أيام المرض لدى البالغين الذين لا يعانون من ظروف صحية خطيرة.
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لإثبات السبب والنتيجة. ليس من الواضح ما إذا كانت حمامات الثلج تعزز صحة المناعة فعلًا.
9. ربما يحسّن الصحة العقلية
قد تكون حمامات الثلج مفيدة لصحتك العقلية أيضًا. وجَدت دراسة صغيرة أن أخْذ حمام ثلجي لمدة 20 دقيقة 4 أيام في الأسبوع يحسّن نوعية الحياة لدى الأشخاص المصابين بالنقرس.
أصبحت حركة المفاصل لديهم أفضل، وتوتر وقلق واكتئاب أقل. يعتقد العلماء أن تعرّض جسمك للماء البارد يؤدي إلى الاستجابة للتوتر، وينشط الجهاز العصبي. يمكن لهذه التغييرات أن تحسّن حالتك المزاجية، وتساعدك على التكيف مع التوتر مع مرور الوقت.
بشكل عام لا يوجد إجماع علمي حول فوائد أخْذ حمامات الثلج. يشير بعض الباحثين إلى وجود خطر كبير أو غير واضح للتحيُّز في العديد من الدراسات.
قد تشمل قيود الدراسة ما يلي:
- صعوبة إجراء البحوث العمياء على حمامات الثلج.
- حجم العينة صغير.
- تطبيق أساليب غير متماثلة في الاستحمام أو التبريد.
- التركيز على الرياضيين الشباب الأصحاء أو على جنس واحد فقط.
- الاعتماد في كثير من الأحيان على النتائج المبلغ عنها ذاتيًا.
هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات العالية الجودة لتأكيد فوائد الاستحمام بالثلج.
الآثار الجانبية ومخاطر الحمامات الثلجية
التأثير الجانبي الأكثر وضوحًا للحمام الثلجي هو الشعور بالبرد الشديد عند غَمر جسمك في الماء البارد، ولكن بخلاف هذا التأثير الجانبي السَّطحي، هناك بعض المخاطر الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار.
ينطبق الخطر الأساسي للحمام الثلجي على الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أو ارتفاع ضغط الدم الموجود مسبقًا.
يؤدي الانخفاض في درجة الحرارة الأساسية والغمر في الثلج إلى تشنّج الأوعية الدموية، ويبطئ تدفّق الدم في الجسم. قد يكون هذا خطيرًا عليك إذا كان لديك انخفاض في تدفّق الدم، وهو يعرِّضك لخطر الإصابة بالسكتة القلبية أو السكتة الدماغية.
هناك خطر آخر قد يحدث وهو انخفاض حرارة الجسم، خاصة إذا كنت مغمورًا في حمام ثلجي لفترة طويلة جدًا.
يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول والنوع الثاني أيضًا إلى توخّي الحذر عند استخدام حمامات الثلج، نظرًا لأن كليهما يرتبط بانخفاض القدرة في الحفاظ على درجة حرارة الجسم أثناء التغيرات الشديدة في درجات الحرارة.
وقد تشمل الآثار الجانبية المحتملة الأخرى لحمامات الثلج ما يلي:
- ضرر الأعصاب.
- حرق الثلج لبشرتك.
- رد الفعل على صدمة البرد، مما يؤدي إلى زيادة معدل التنفس ومعدل ضربات القلب وضغط الدم.
وقد يعتمد حدوث هذه المخاطر على العمر والصحة ودرجة حرارة الماء وطول المدة التي تقضيها في الحمام. قد تكون معرَّضًا لخطر حدوث مضاعفات إذا كان لديك:
- ضَعف في الدورة الدموية.
- جرح مفتوح.
- الاعتلالات العصبية (مرض الأعصاب).
- متلازمة رينود (عندما تتحول أصابع يديك وقدميك إلى اللون الأزرق و/أو الأبيض عند التعرض للبرد).
- حساسية البرد (حالة تصاب فيها بالشّرى استجابة للبرد).
إذا كانت لديك حالة صحية كامنة، تحدَّث مع مقدم الرعاية الصحية حول ما إذا كانت حمامات الثلج آمنة بالنسبة لك.
نصائح لأخذ حمام ثلجي
إذا كنت مستعدًا للغطس البارد، فهناك بعض الأشياء التي يجب أن تعرفها قبل غَمر جسمك في الثلج.
-
درجة حرارة حمام الثلج
يجب أن تكون درجة حرارة الحمام الثلجي نحو 10-15 درجة مئوية.
-
وقت حمام الثلج
قضاء الكثير من الوقت في حمام ثلجي يمكن أن يكون له عواقب سلبية، لهذا السبب يجب أن تحدّد وقتك بما لا يزيد عن 10 إلى 15 دقيقة.
-
تعرّض الجسم
يوصى عمومًا بغَمر الجسم بالكامل في حمام ثلجي للحصول على أفضل تأثير لانقباض الأوعية الدموية، ومع ذلك في البداية، قد ترغب أولاً في غَمر قدميك وأسفل ساقيك. عندما تشعر بالراحة، يمكنك التحرك نحو صدرك.
-
الاستخدام في المنزل
إذا قررت أخْذ حمام ثلجي في المنزل، استخدِم مقياس الحرارة لمساعدتك في تحقيق درجة الحرارة المثالية عند موازنة خليط الثلج مع الماء.
إذا كانت درجة الحرارة مرتفعة جدًا (أعلى من 15 درجة مئوية)، أضف الثلج تدريجيًا، وإذا كانت منخفضة جدًا، أضف الماء الدافئ تدريجيًا حتى تصل إلى درجة الحرارة المطلوبة.
-
توقيت الحمام
كلما أسرعت في الاستحمام بالثلج بعد التمرين أو المنافسَة، كانت التأثيرات أفضل. فإذا انتظرتَ ساعة بعد التمرين، فإن بعض عمليات الشفاء والالتهابات تكون قد بدأت بالفعل أو انتهت بالفعل.
-
تنسيق 10-10-10 (ردّ فعل هنتر / ردّ فعل لويس)
هناك طريقة أخرى للحصول على فوائد الثلج على العضلات المؤلمة، وهي استخدام طريقة باتباع تنسيق 10-10-10 أو (ردّ فعل هنتر / ردّ فعل لويس).
يوصي الخبراء بوضع الثلج لمدة 10 دقائق (ليس مباشرة على الجلد العاري)، يليه إزالة الثلج لمدة 10 دقائق، ثم يتبعه أخيرًا 10 دقائق أخرى من الثلج، وهذا يسمح بإجراء 20 دقيقة من إجراء الثلج الفسيولوجي الفعال.
-
العلاج بالتبريد
يختار بعض الأشخاص غرف العلاج بالتبريد لكامل الجسم، وهو في الأساس علاج بارد في العيادة.
كيفية تطبيق حمام ثلجي
إليك كيفية القيام بحمامٍ ثلجي:
- احتفظ بمقياس حرارة في متناول يدك لاختبار الماء والتأكد من أنه ليس باردًا جدًا.
- تهدف لدرجة حرارة الماء بين 50 و59 درجة فهرنهايت. يمكنك استخدام ماء الصنبور البارد وإضافة الثلج.
- احتفظ بمنشفة كبيرة بالقرب منك حتى تتمكن من لفها بسرعة عند الخروج.
- ارتدِ ملابس خفيفة لحماية بشرتك ومناطقك الحساسة.
- اضبط ساعة توقيت لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 دقيقة حتى لا تبقى لفترة طويلة.
- إذا كانت هذه هي المرة الأولى لك، اغمر نفسك إلى خصرك أولًا. إذا لم يكن رد فعلك سيئًا، اغمر نفسك حتى تصل إلى رقبتك.
- حاول الاسترخاء وانتظر توقيت الساعة. لكن اخرج مبكرًا إذا لم يكن الأمر على ما يرام.
- عندما يرن منبه الساعة، اخرج واخلع ملابسك المبللة، وجفف نفسك بالمنشفة على الفور.
ضع في اعتبارك ضرورة وجود شخص يساعدك حتى تخرج بأمان من حوض الاستحمام وتقوم بالإحماء.
إذا كان بإمكانك غَمر نفسك حتى رقبتك، فيجب أن يكون حوض الاستحمام العادي الخاص بك جيدًا. ربما تكون هذه فكرة جيدة إذا لم تكن متأكدًا من أنك ستلتزم بالاستحمام بالثلج. إذا كنت تخطط لجعلها عادة، فإن أحواض العلاج بالمياه تتراوح من المحمولة والقابلة للنفخ، إلى النماذج المتميزة التي تقوم بتبريد المياه وتنظيفها تلقائيًا.
كم من الوقت، وكم مرة يجب عليك القيام بحمامات الثلج؟
لا توجد توصيات رسمية بشأن أخْذ حمام ثلجي، حاوِل أن تغمر نفسك لمدة 10 إلى 15 دقيقة، وربما أقل، في محاولتك الأولى.
يمكنك القيام بذلك عدة مرات في الأسبوع أو كل يوم. إذا كنت تفعل ذلك من أجل عضلاتك، فحاوِل الاستحمام خلال ساعة من التمرين.
الخلاصة:
إن البحث العلمي الذي يتساءل عن فوائد حمامات الثلج محدود، ولا يزال العديد من الخبراء يرون فائدة في استخدام حمامات الثلج بعد التمرين مع المتمرنين والرياضيين المتحمسين.
إذا اخترت استخدام حمامات الثلج كشكل من أشكال التعافي بعد ممارسة الرياضة، أو بعد جلسة تدريب مكثفة، فتأكد من اتباع الإرشادات الموصى بها، وخاصة الوقت ودرجة الحرارة.
المصادر