إذا كنت ترغب في تناول طعام ساخن، وممتع، ولذيذ، ومريح، وسريع، وسهل التحضير، فقد تجد ضالتك في الشوربة، فهي الطبق المناسب، إن لم نقل الأنسب، الذي تبحث عنه. مهلًا، نحن نشاطرك الرأي في الاختيار، شرط أن تكون الشوربة محضرة منزليًا، ومؤلفة من عناصر ومكونات تفيد صحة الجسم وعافيته.
أما إذا وقع اختيارك على الشوربة المُعلّبة، والتي يميل معظم الناس إلى شرائها، والتي لا تتطلب منك سوى فتح العلبة وتسخين محتواها وشربها، فبئس الاختيار. لماذا؟ تعال نستكشف معًا الأسباب التي يجب أن تجعلك تتجنب الشوربة المعلبة:
1. قد تزيد الوزن، الذي هو من عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب
من المعروف أن المكونات الأكثر استخدامًا من أجل تكثيف وتسميك الشوربة التجارية المعلبة هي الحليب كامل الدسم، والقشدة الثقيلة، وكريم جوز الهند، ونشا الذرة، والخبز، والجبن، والزبدة، والدقيق، وتعتبر كلها مصادر مليئة بالسعرات الحرارية، والكربوهيدرات المكررة، والدهون المشبعة، الأمر الذي قد يساهم في زيادة الوزن، وفي زيادة عوامل خطر التعرض للأمراض القلبية الوعائية.
2. قد ترفع ضغط الدم
إن الشوربة المعلبة، وخاصة الفورية منها، غالبًا ما تكون محمَّلة بالصوديوم، الذي يرتبط استهلاكه بكثرةٍ برفع معدلات ضغط الدم إلى مستويات تشكل خطرًا على أصحابها، خاصة على أولئك الذين يعانون من المرض.
إن اعتماد الشوربة المعلبة بشكل روتيني في النظام الغذائي يمكن أن يؤدي -مع مرور الوقت- إلى حدوث ارتفاع مستمر في ضغط الدم، قد يترتب عنه مخاطر لا يحمد عقباها، مثل: النوبات القلبية، وفشل القلب، والسكتة الدماغية، وأمراض الكلى، وفقدان البصر، والضعف الجنسي.
3. قد تسبب البدانة
تشير الأبحاث إلى أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم، كما الحال في الشوربة المعلبة، ترتبط بزيادة الكتلة الدهنية في الجسم، وهذا ما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة، إما من خلال زيادة استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر الغنية بالطاقة، أو بمعزل عنها.
4. قد تسبب خللًا في نظام عمل الغدد الصماء
إذا ألقينا نظرة متفحصة على ملصقات الشوربة المعلبة فإنها غالبًا ما تحتوي على مادة مضافة، اسمها فوسفات الصوديوم، التي تستخدم كمادة حافظة ومحسنة للنكهة. على الرغم من أن مادة الفوسفات ضرورية للجسم، فإن تلك التي تضاف إلى الشوربة المعلبة هي مادة غير عضوية، كشفت التحريات البحثية أنها تُعطِّل نظام عمل الغدد الصماء، ما قد يؤدي في النهاية إلى إحداث تلف في الأنسجة، وإلى تطور أمراض قلبية وعائية وكلوية وعظمية.
5. قد تحمل الشوربة المعلبة إلى جسمك مادة البيسيفينول السامة
البيسيفينول مادة كيميائية تستخدم في تغليف المواد الغذائية، بما في ذلك العلب. وقد تبين للعلماء أنه يمكن لمادة البيسيفينول أن تتسلل بسهولة من بطانة العلبة إلى الطعام، ومنه إلى جسم الإنسان.
أفادت دراسة سابقة قام بها باحثون من جامعة هارفارد، ونشرت نتائجها في مجلة الجمعية الطبية الأميركية، أنه كان لدى المشاركين الذين تناولوا الشوربة المعلبة يوميًا ولمدة 5 أيام فقط، مستوياتٍ أعلى بكثير من مادة البيسيفينول في البول، مقارنة مع أقرانهم الذين أخذوا الشوربة الطازجة.
يجدر التنويه هنا إلى أن دراسات أجريت هنا وهناك، أشارت بأصابع الاتهام إلى خطورة مادة البيسيفينول، وأنها قد تكون وراء إشعال اضطرابات هرمونية، ومشكلات صحية مثيرة للقلق، مثل أمراض القلب، والداء السكري، والضعف الجنسي عند الذكور، والسمنة، والبلوغ المبكر، وتضخم الثدي بشكل مبكر، وسرطان الثدي عند معشر الإناث، وإلى اختلال في أنزيمات الكبد.
6. النفخة البطنية
على الرغم من أن النفخة البطنية بحد ذاتها ليست خطيرة، فإنها قد تكون مصدرًا لكثير من الانزعاج وعدم الراحة. تعد الشوربة المعلبة من أشيع مسببات النفخة في البطن، ولا غرابة في هذا، فهي تحتوي على الكثير من الملح الذي يضم معدن الصوديوم، والذي يعتقد الباحثون أنه السبب المحتمل المثير للنفخة البطنية، لأنه يعمل على احتباس الماء في الجسم. وفي هذا الإطار، نوهت دراسة نشرتها المجلة الأميركية لأمراض جهاز الهضم، إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالملح تزيد من خطر الإصابة بالنفخة البطنية بنسبة 27%، مقارنة بالأنظمة الغذائية الفقيرة بالملح.
7. قد تحتوي على بكتيريا قاتلة
قد تحتوي الشوربة المعلبة التي تتم معالجها على بكتيريا خطيرة، هي Clostridium botulinum ،يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي، الذي يعد مرضًا خطيرًا، قد يعرض المصاب به إلى الشلل والوفاة في حال تركه دون علاج. إذا كانت علبة الشوربة متشققة أو مبعوجة أو متسربة أو منتفخة فإنه يجب التخلص منها، ورميها في سلة المهملات.
اصنع شوربتك بنفسك
لا شيء يتفوق على الشوربة الدافئة التي تصنع في المنزل، فهي مثيرة للشهية، ورائحتها ذكية، وطعمها رائع لا يعلى عليه، وهي أقل تكلفة، وأكثر صحة. نستعرض هنا 6 نصائح مهمة لتحضير شوربة صحية:
- استخدم الخضار والحبوب واللحوم في صنع الشوربة، على أن تكون الغَلَبة لصالح الخضار بشكل واضح لا لبس فيه، لأنها تجعل الشوربة أكبر حجمًا، وأغنى بالألياف.
- استخدِمْ الأعشاب الطازجة، واعمل على إضافتها في نهاية الطهي.
- أضف الحليب إذا رغبت في صنع شوربة كريمية.
- زَيِّن الشوربة بشرائح الأفوكادو والأعشاب الطازجة وصلصة البيستو أو الخبز المحمص بالثوم.
- استخدم البصل والثوم والبهارات والصلصات المنخفضة الملح، للحد من كمية الصوديوم المتناولة.
- خفِّض كمية الدهون والأجبان عند تحضير الشوربة، والْجأ إلى استعمال الدهون الصحية، كزيت الزيتون، بكمية قليلة.
ربَّ سائل قد يسأل، أنه قد يضطر أحيانًا إلى استعمال الشوربة المعلبة، فكيف يعرف أنها صحية؟ لكي يكون اختيار الشوربة جيدًا، فإنه يجب أخذ ثلاثة شروط أساسية بعين الاعتبار عند شرائها:
الشرط الأول، أن تحتوي الشوربة على 50% أو أكثر من الخضار التي تزود الجسم بالألياف الضرورية لصحة الأمعاء. إذا كانت الشوربة فقيرة بالخضار، فإنه ينصح بإضافة البقوليات، مثل الحمص والفول والعدس، أو الحبوب الكاملة، فهي مصادر جيدة للألياف.
الشرط الثاني، أن تضم الشوربة كمية مناسبة من البروتينات الصحية الضرورية لبناء الخلايا، وإصلاحها وترميمها. إذا كانت الشوربة فقيرة بالبروتينات، فإنه يمكن اختيار اللحم البقري، أو الدجاج، أو السمك، أو أي نوع من البقوليات، التي يمكن تقديمها إلى جانب الشوربة.
الشرط الثالث، أن تكون الشوربة المعلبة فقيرة بالملح. إن بعض الأنواع التجارية للشوربة المعلبة مليئة بكميات من الملح، تفوق الحاجة اليومية الموصى بها، والتي تدور في فلك 2300 ملغرام لمعظم البالغين. إن الإفراط في استهلاك الملح قد يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم، الذي قد تترتب عليه عواقب صحية وخيمة. يجب قراءة الملصق الموجود على علب الشوربة جيدًا، واختيار النوع الذي يحتوي على أقل كمية ممكنة من ملح الصوديوم.
في المختصر المفيد
إن الشوربة هي طبق سهل التحضير، ويمكن أن يساعد في الحصول على الكثير من العناصر الغذائية في النظام الغذائي، شرط أن تحضر الشوربة منزليًا، وأن تضم مكونات أبرزها: الخضراوات، والبروتينات الخالية من الدهون، التي تقدم للجسم العديد من الفوائد الصحية.
أما الشوربة المعلبة، فحذارِ ثم حذارِ منها، صحيح أنها طريقة رائعة لتوفير الوقت والجهد والمال، لكنْ، لا يجب أن يُغَشّ البعض بها، حتى ولو كانت تحتوي على الجزر والكرفس والعدس، وما شابه ذلك، فهي كثيرًا ما تكون حبلى بالسعرات الحرارية، وتضم مكونات غير مرحب بها، مثل الدهون المشبعة، والسكريات، والصوديوم، والمواد الكيميائية، والمواد الحافظة، وأشياء أخرى، قد تفسد على آكليها صحتَهم وعافيتَهم.
المصادر:
Canned Food: Good or Bad? - Healthline
Dangerous Side Effects of Eating Canned Soup, According to Science