يعدّ العصفر أحد أقدم النباتات التي تم استخدامها على الإطلاق، وكان يُزرع عادة كنبات صبغ، مما يجعله مكونًا رئيسيًا في الأصباغ الحمراء والصفراء التي تم تطبيقها على المنسوجات المصرية القديمة. وبحسب ما ورد تم اكتشاف أكاليل العصفر في مقبرة الفرعون توت عنخ آمون، وغالبًا ما كانت المومياوات ملفوفة في بياضات مصبوغة بالعصفر.
كان أيضا عشبًا شائعًا بين الأمريكيين الأصليين، ومن المعروف أن قبيلة هوبي تلون خبزها بالعصفر. ويُعتقد أنه نشأ في جنوب آسيا ويزرع أيضا في الصين وبلاد فارس والهند ومصر. ويتم زراعة محصول العصفر في حوالي 60 بلداً في أرجاء العالم، إلا أنه محصول شحيح الكميات، حيث إن المحصول السنوي منه بشكل عام لا يزيد عن حوالي 600 ألف طن في السنة، تعدّ الهند من أكبر منتجي العصفر في العالم، تليها كاليفورنيا والمكسيك.
تمتلك زهرة العصفر فوائد عديدة وأسماء متنوعة، ومن أسمائها نبتة الجرجوم أو القرطم، والاسم العلمي لها Carthamus tinctorius L، كما يطلق عليها باللغة الإنجليزية Safflower.
ما نبات العصفر؟
العصفر من النباتات العشبية المعمرة التي تنتمي إلى فصيلة نباتية تُعرف باسم (النجميات) كثيرة التفريع، يتواجد نبات العصفر بأصناف متعددة تصل إلى 14 نوعًا، وبألوان مختلفة كذلك أشهرها اللون الأبيض والأحمر والبرتقالي والأصفر.
ينمو نبات العصفر إلى ارتفاع 30-150 سم، الأوراق طويلة، شوكية، متناوبة، لها شكل رمح إلى مستطيل أو بيضاوي مستطيل. لها ساق صلبة، مستديرة منتصبة لونها أخضر فاتح إلى اللون البني المصفر الفاتح. الزهور صفراء وبرتقالية وحمراء ولها رؤوس كروية، كل رأس يحتوي على 15 إلى 20 بذرة.
بذور "العصفر" ثنائية الفلقة وخفيفة الوزن، ويتراوح وزن 100 بذرة ما بين 4-8 غرامات، والبذور ناعمة الملمس كمثرية الشكل، ذات لون أبيض أو أصفر شاحب أو أسود تبعًا لنوع الصنف، وبعض الأصناف توجد على بذورها مجموعة من الأشواك.
الأهمية الاقتصادية للعصفر
العصفر نبات اقتصادي له استخدامات متعدّدة، حيث تستخدم البذور والبتلات الزهرية كما يلي:
الأزهار: استخدمت زهور نبات العصفر المجففة للحصول على الكارثامين، وهي صبغة حمراء اللون تُستخدم كمواد لصباغة الملابس، وفى صناعة مستحضرات التجميل، كما تستخدم الأزهار لعمل شاي العصفر الذي له العديد من الفوائد الصحية، وتم استخدامها أيضا بديلًا لبهار الزعفران بسبب لونها الأصفر.
البذور: تتراوح نسبة الزيت في البذور ما بين 25- 40% حسب الصنف وموعد الزراعة، وهو من الزيوت الصحية لوجود نسبة عالية من الزيوت غير المشبعة فيه، خاصة حمض اللينوليك والأوليك. كما تُستخدم المخلفات الناتجة من عصر البذور في صناعة الأعلاف، حيث يتم إدخالها في خلطات الأعلاف والمركزات الغذائية للطيور والمواشي لاحتوائِها على نسبة عالية من البروتين تصل إلى 25% تقريبًا، بالإضافة إلى الكربوهيدرات مما يجعلها ذات قيمة غذائية عالية.
القيمة الغذائية
يتميز نبات العصفر باحتوائه على العديد من العناصر الأساسية المهمة المليئة بالمكونات التي تحمل العديد من الفوائد الصحية حيث تحتوي كل 100 غرام على:
سُّعرات حرارية 310 سُعرات حرارية
بروتين 11.43 غراماً
الدهون الكلية 5.85 غرامات
كربوهيدرات 65.37 غراماً
ألياف 3.9 غرامات
كالسيوم 111 مليغراماً
حديد 11.10 مليغراماً
مغنيسيوم 264 مليغراماً
فوسفور 252 مليغراماً
بوتاسيوم 1724 مليغراماً
صوديوم 148 مليغراماً
فيتامين ج 80.8 مليغراماً
فيتامين أ 530 وحدة دولية
كما تحتوي عشبة العصفر على أحماض دهنية غير مُشبعة مهمة لجسم الإنسان، ومنها حمض اللينوليك وحمض الأوليك وبعض الأحماض الأمينية الأساسية. وتحتوي زهرة العصفر على صبغة الكرثامين المستخدمة في الصناعات المختلفة كصباغة الألبسة، وتستخدم كملونات طعام طبيعية.
الفوائد الصحية للعصفر
1. تعزيز صحة القلب
يصنع جسم الإنسان أغلب كميات الكوليسترول التي يحتاجها في غذائه، ويحصل على الكوليسترول في الطعام من صفار البيض واللحوم والجمبري والمحار، ويتم إنتاجه في الكبد والأمعاء ثم ينتقل إلى بلازما الدم بواسطة الجسميات البروتينية الدهنية، وعندما يرتفع الكوليسترول عن الحد الطبيعي، يتراكم في الأوعية الدموية والشرايين مما يمنع الدم من الانتقال إلى القلب والدماغ، مما قد يترتب عليه النوبات القلبية والسكتات الدماغية، أشارت العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن نبات العصفر يحتوي على قدر كبير من الحمض الدهني أوميجا-6 وكذلك حمض اللينوليك، وعلى نسبة عالية من الألياف الغذائية، وجميعها تساعد في المحافظة على توازن الدهون، خصوصا الكولسترول في الدم، وبالتالي فهو يساعد في الوقاية من الإصابة بالسكتات القلبية والدماغية وتصلب الشرايين.
أشارت دراسة أجريت عام 2011 إلى أن مستويات ارتفاع الكوليسترول في الدم لدى المشاركين في الدراسة قد تحسنت بعد استخدام العصفر لمدة 4 أشهر.
2. يحسن مستويات السكر في الدم
يُعدّ الحمض الدهني أوميجا-6 الموجود في نبات العصفر من الدهون غير المشبعة التي لها تأثير مفيد على مستويات السكر في الدم، وكذلك على مقاومة الأنسولين وإفراز الأنسولين. وأشارت مراجعة منهجية للدراسات من عام 2016 إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون غير المشبعة يمكن أن يحسّن التحكم في نسبة السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بداء السكرى من النوع الثاني.
وجدت دراسة أجرتها جامعة ولاية أوهايو أن استهلاك العصفر يومياً لمدة 16 أسبوعاً أدى إلى انخفاض كبير في نسبة السكر التراكمي (HbA1c)، وهو علامة تستخدم لقياس السيطرة على نسبة السكر في الدم على المدى الطويل.
3. يقلل من حالات القلق والتوتر
وجد الباحثون أن القلق والتوتر ومشاعر العصبية كانت أعلى عندما يكون عند الأشخاص مستويات منخفضة من التربتوفان، ويحتوي العصفر على مادة التبربتوفان والتي تعمل على إفراز مادة السيروتونين، المعروفة بهرمون السعادة، وبالتالي يحسن من الحالة المزاجية والتخلص من المشاعر السلبية، مثل الخوف والقلق والهلع وغيرها من الحالات النفسية التي تُصيب الشخص، بالإضافة إلى احتوائه على مادة الزنك التي تلعب دورًا فعالًا في القضاء على الخوف والهلع.
وجدت إحدى الدراسات أن تناول العصفر يساعد الأشخاص على النوم بشكل أسرع والنوم لفترة أطول.
4. تقوية جهاز المناعة ومحاربة الأمراض
من فوائد العصفر أنه يُساعد على تعزيز صحة جميع أجهزة الجسم بما فيها الجهاز المناعي، والذي يعدّ خط الدفاع الأساسي للجسم ضد غزو الميكروبات الدقيقة. كما يعتبر شاي العصفر مصدرًا غنياً بمضادات الأكسدة التي يستخدمها الجسم لإصلاح الخلايا التالفة، ولمقاومة الشوارد الحرة التي ينتج عن تراكمها داخل الجسم معظم الأمراض الخطيرة.
5. يحافظ على صحة الشعر
أشارت بعض الدراسات إلى أن نبات العصفر يحتوي على حمض الأوليك المعروف بمدى فوائده وتأثيره الإيجابي على صحة فروة الرأس والشعر من خلال تقوية بصيلات الشعر وتقوية جذوره، ولذلك فهو من النباتات المستخدمة في الكثير من المنتجات التجميلية، كما أن تناوله مع الطعام يُساعد في الحصول على كل هذه الفوائد.
6. يحافظ على صحة الجلد
تستخدم أوراق العصفر العضوي موضعياً في الطب الهندي القديم والطب الصيني التقليدي، حيث أنها تساعد الجلد في التئام الجروح وتهدئة الكدمات. يمكن أن تساعد أيضا في تقليل الطفح الجلدي وتهيج الجلد.
كما أن حمض اللينوليك الموجود في نبات العصفر يحسن من مظهر الجلد، وينشط مسام الجلد، ويقلل من ظهور حب الشاب والرؤوس السوداء، ويقضي على الندبات الجلدية، ويعالج الشوائب والكلَف.
7. فوائد العصفر للنساء
للعصفر فوائد كثيرة خاصة عند النساء، حيث تستخدم النساء على نطاق واسع شاي العصفر، وذلك عند تأخر الدورة الشهرية ولفترات الحيض الغائبة أو المؤلمة، وقد يقلل استخدام العصفر من أعراض الدورة الشهرية، كما قد يعمل على تنظيم الدورة الشهرية تماماً مثل المكملات الهرمونية.
ربما يلعب نبات العصفر دورا مهمًا في تنظيف الرحم من الفطريات والبكتيريا، والوقاية من الإصابة بسرطان الرحم. لكن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لتقييم فعالية العصفر لهذه الفوائد.
8. فوائد العصفر للتنحيف
يُساعد تناول نبات العصفر على رفع معدل استقلاب الدهون داخل الجسم، وذلك لاحتوائه على حمض اللينوليك، وهو نوع من الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة التي تستخدم غالباً كمكمل غذائي يفيد في إنقاص الوزن. وجدت دراسة نشرت عام 2007 في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية أن مكملات حمض اللينوليك يمكن أن تزيد من أكسدة الدهون وحرق الطاقة أثناء النوم. وجدت دراسة أخرى في عام 2007 في المجلة الدولية للسمنة أن فوائد العصفر يمكن أن تساعد في تقليل الدهون في الجسم وتجنب زيادة الوزن.
كيفية تناول العصفر
- تستخدم البذور لاستخراج الزيت.
- يستخدم الزيت لتتبيل السلطة والسمن وزيوت الطهي.
- يتم طهي البذور أو قليها أو تحميصها وتضاف إلى الصلصات.
- تستهلك البراعم والأوراق الصغيرة لعمل شاي العصفر، كما يمكن تناولها نيئة أو مطبوخة.
- يستخدم العصفر لتعزيز نكهة الأغذية والمشروبات.
- يتم استهلاك الأوراق الصغيرة كخضراوات.
شاي العصفر
يمكن عمل شاي العصفر بإضافة قدر مناسب من نبات العصفر إلى كوب من الماء المغلي وتركه من 10 إلى 15 دقيقة، ثم البدء في تصفية المشروب وتحليته بالعسل (حسب الرغبة) ثم تناوله يوميًا.
الآثار الجانبية للعصفر
تناول نبات العصفر بجميع أشكاله آمن بالنسبة لمعظم الناس، لكن هناك بعض الاحتياطات التي يجب مراعاتها، وهي:
- يجب على النساء الحوامل تجنب تناول العصفر لأن زهور العصفر غير آمنة أثناء الحمل، ويمكن أن تؤدي إلى الحيض، كما لا توجد معلومات موثوقة كافية لمعرفة ما إذا كان زيت العصفر آمن عند الرضاعة أم لا، لذلك يُفضل تجنب استخدامه.
- يجب على مرضى النزف والقرحة الهضمية عدم استخدام نبات العصفر، لأنه يمكن أن يزيد سيولة الدم ومشكلات النزيف.
- ينتج عن تناوله بكميات كبيرة ردود فعل، مثل آلام البطن والإسهال والتقلصات.
الخلاصة
العصفر أحد أقدم النباتات التي تم استخدامها على الإطلاق، هو عبارة عن نبات عشبي تم استخدامه للعلاج منذ قديم الزمان، وهو من النباتات العشبية المعمرة التي تنتمي إلى فصيلة نباتية تُعرف باسم النجميات، ويُستخدم لعدة أغراض سواء من خلال إضافته إلى الطعام أثناء الطهي أو استخدامه لصباغة الملابس، وفى صناعة مستحضرات التجميل، كما تستخدم الأزهار لعمل شاي العصفر الذى له العديد من الفوائد الصحية، إذ يساعد على تعزيز صحة القلب، وتحسين مستويات السكر، ومقاومة الأمراض، وتقوية جهاز المناعة، وعلاج السمنة، وعلاج اضطرابات ومشكلات الدورة الشهرية عند النساء.
المصادر
- Safflower Oil: Does It Offer Any Health Benefits? (Healthline).
- Safflower - Uses, Side Effects, and More (WebMD).
- Top 6 health benefits of safflower oil (Medical News Today).
- Effects of safflower oil and evening primrose oil in men with a low dihomo-gamma-linolenic level (Atherosclerosis).
- Phytochemistry, pharmacology, and medicinal properties of Carthamus tinctorius L (Chin J Integr Med.).
- Antidiabetic effect of hydroalcoholic extract of Carthamus tinctorius L. in alloxan-induced diabetic rats (J Res Med Sci.).
Time-dependent effects of safflower oil to improve glycemia, inflammation and blood lipids in obese, post-menopausal women with type 2 diabetes (Clin Nutr.).
- Conjugated linoleic acid supplementation alters the 6-mo change in fat oxidation during sleep (Am J Clin Nutr.).
Occupational asthma from dried flowers of Carthamus tinctorious (safflower) and Achillea millefolium (yarrow) (Allergy).
- Effects of dietary coconut oil, butter and safflower oil on plasma lipids, lipoproteins and lathosterol levels (Eur J Clin Nutr.).
Herbal medicinal products during pregnancy? Phytomedicine.
- Safflower oil consumption does not increase plasma conjugated linoleic acid concentrations in humans (Am J Clin Nutr.).
- Conjugated linoleic acid supplementation for 8 weeks does not affect body composition, lipid profile, or safety biomarkers in overweight, hyperlipidemic men (J Nutr.).
- Hair growth-promoting effect of Carthamus tinctorius floret extract (Phytother Res.).
Effect of safflower seeds supplementation on stimulation of the proliferation, differentiation and mineralization of osteoblastic MC3T3-E1 cells (J Ethnopharmacol).
The anti-inflammatory properties of safflower oil and coconut oil may be mediated by their respective concentrations of vitamin E (J Am Coll Cardiol).
The effects of Carthamus tinctorius L. on placental histomorphology and survival of the neonates in mice (Avicenna J Phytomed.).
Comparison of dietary conjugated linoleic acid with safflower oil on body composition in obese postmenopausal women with type 2 diabetes mellitus (Am J Clin Nutr.)
- Effect of Carthamus tinctorius (Safflower) on fasting blood glucose and insulin levels in alloxan induced diabetic rabbits (Pak J Pharm Sci.).
- The effect of diet enriched with alpha-linolenic acid on soluble cellular adhesion molecules in dyslipidaemic patients (Atherosclerosis).