هل تعلم أن نحو 25% من الأدوية الموصوفة في جميع أنحاء العالم مشتقة من النباتات، ومن بين 252 دواءً مدرَجًا في قائمة الأدوية الأساسية لمنظمة الصحة العالمية؛ 11% منها من أصل نباتي حصراً. في الواقع، منذ نحو 200 عام، أُنتِج أول مركّب دوائي، وهو المورفين، من الأفيون المستخرَج من قرون بذور زهرة الخشخاش.
ومنذ ذلك الحين، يدرس العلماء النباتات لإنتاج المنتجات الصيدلانية التي نعرفها اليوم، ولكن بعد سنوات من الإفراط في تناول الأدوية، ومواجهة البكتيريا المقاومة في الميكروبيوم، وعلاج المرض بدلاً من معالجة جذور المشكلة، بدأ الناس في إيلاء المزيد من الاهتمام للأدوية العشبية الطبيعية.
ما هي الأدوية العشبية؟
الأدوية العشبية هي مواد طبيعية مشتقة من النباتات، تُستخدم لعلاج الأمراض ضمن ممارسات العلاج. هذه المنتَجات عبارة عن خليط من المواد الكيميائية العضوية التي قد تأتي من أي جزء خام أو معالَج من النباتات.
تحتوي الأعشاب الكاملة على العديد من المكونات التي تُستخدم لعلاج الأمراض وتخفيف الأعراض. تُستخدم الأدوية العشبية، فيما يسمى الطب النباتي، سواء بذور النبات أو التوت أو الجذور أو الأوراق أو اللحاء أو الزهور، للأغراض الطبية.
الخصائص البيولوجية لهذه النباتات لها آثار مفيدة، وهناك عوامل أخرى مسؤولة عن فوائدها أيضًا، مثل نوع البيئة التي نما فيها النبات وطريقة حصاده وكيفية معالجته.
فوائد الأدوية العشبية
فيما يلي أهم فوائد الأدوية العشبية:
1. أقل تكلفة من الأدوية الكيميائية الحديثة
من المؤكد أن العلوم الطبية الحديثة لها ثمن باهظ، والمستحضرات الصيدلانية ليست استثناءً. أحد أسباب زيادة شعبية الأدوية العشبية في الآونة الأخيرة هو أن الناس ببساطة لا يستطيعون دفع ثمن أدويتهم الكيميائية شهرًا بعد شهر.
2. الحصول عليها أسهل من الأدوية الموصوفة
تتوفر المنتجات العشبية، مثل المستخلصات العشبية والزيوت الأساسية وشاي الأعشاب، في معظم الأطعمة الصحية وحتى في متاجر البقالة، لذلك لا يتعين عليك زيارة الطبيب للحصول على الوصفات الطبية قبل شرائها، وهذا بالتأكيد يسهل الحصول على المنتجات العشبية، ويتجنب تكاليف الرعاية الصحية الإضافية.
3. تَحمِل خصائص علاجية مفيدة
تُستخدم الأعشاب لعلاج الحالات المزمنة والحادة والأمراض المختلفة، بما في ذلك المخاوف الصحية الرئيسية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ومشكلات البروستات، والاكتئاب، والالتهابات وضَعف جهاز المناعة.
أفضل الأعشاب التي تستخدم في الأدوية العشبية
فيما يلي أفضل الأعشاب التي تُستخدم في الأدوية العشبية:
-
الثوم الخام
يحتوي الثوم على عناصر غذائية حيوية، بما في ذلك مركّبات الفلافونويد والسكريات القليلة التعدد والسيلينيوم والأليسين ومستويات عالية من الكبريت. يمكن أن يساعد تناول الثوم المطبوخ أو غير المطبوخ، عن طريق إضافته إلى الطعام أو تناول مستخلصاته بشكل كبسولات، في علاج مرض السكري، ومكافحة الالتهابات، وتعزيز جهاز المناعة، وتنظيم ضغط الدم، ومكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية، وتخفيف الحساسية، ومكافحة الالتهابات الفطرية والفيروسية، وتحسين تساقط الشَّعر.
-
الزنجبيل
الزنجبيل هو من البهارات الغذائية الأكثر استخدامًا في العالم اليوم. تأتي الفوائد العلاجية للزنجبيل من الراتنج الزيتي الموجود في الجذر الذي يعمل كعامل مضاد للأكسدة قوي للغاية، وعامل مضاد للالتهابات.
الزنجبيل، من بين العوامل النشطة بيولوجيًا الأخرى الموجودة في الزنجبيل، قادر على تخفيف عسر الهضم والغثيان، وتعزيز وظائف المناعة والجهاز التنفسي، ومكافحة الالتهابات البكتيرية والفطرية، وعلاج قرحة المعدة، وتقليل الألم، وتحسين مرض السكري، ومنع سوء الامتصاص، وربما يمنع نمو البكتيريا والخلايا السرطانية.
-
الكُركُم
هناك مجموعة من فوائد الكُركُم، بما في ذلك قدرته على إبطاء ومنع تخثر الدم، ومحاربة الاكتئاب، وتقليل الالتهاب، وتخفيف آلام التهاب المفاصل، وإدارة مرض السكري، وعلاج مشكلات الجهاز الهضمي، وتنظيم الكولسترول، ومكافحة السرطان.
4. الجينسِنغ
يعد الجينسِنغ أحد أشهر الأدوية العشبية في العالم، وقد استُخدم في آسيا وأمريكا الشمالية لعدة قرون. استخدَم الأمريكيون الأصليون الجذر كمنشِّط وعلاج للصداع، بالإضافة إلى علاج للعقم والحمى وعسر الهضم، على سبيل المثال.
تم إجراء دراسة في مركز أبحاث أداء الدماغ والتغذية في المملكة المتحدة لجمع بيانات حول فوائد الجينسنغ وقدرته على تحسين المزاج والوظيفة العقلية.
يُستخدم الجينسنغ أيضًا لتقليل التوتر، والمساعدة في فقدان الوزن، وعلاج العجز الجنسي، وتحسين وظائف الرئة، وخفض مستويات السكر في الدم، وتعزيز جهاز المناعة وتقليل الالتهابات. الجينسنغ متوفر في أشكال مجففة ومسحوقة والشاي والكبسولات والأقراص.
-
شوك الحليب
يحتوي نبات شوك الحليب على مستويات عالية من المستخلصات المحبّة للدهون من بذور النبات، والتي تعمل بمثابة فلافونويدات حيوية تزيد من المناعة وتبطئ الإجهاد التأكسدي.
وتُستخدم العشبة أيضًا لخصائصها المضادة للالتهابات، ويمكن أن تساعد في تحسين وظائف الجهاز الهضمي، وتزيد إنتاج الصفراء، وتعزز صحة الجلد، وتحارب ظهور الشيخوخة، وتخفض مستويات الكوليسترول، وتساعد في إزالة السموم من الجسم.
-
حشيشة القلب
استُخدمت نبتة حشيشة القلب كعشبة طبية لخصائصها المضادة للاكتئاب والمضادة للالتهابات لأكثر من 2000 عام، وتُنتج العشرات من المواد النشطة بيولوجيًا، ولكن مواد الهيبريسين والهايبرفورين لهما أكبر نشاط طبي. تكمن أهمية حشيشة القلب من نشاطها المضاد للاكتئاب، وقدرتها على تخفيف أعراض الدورة الشهرية، وتحسين المزاج أثناء انقطاع الطمث، ومكافحة الالتهابات، وتخفيف تهيج الجلد، وتحسين أعراض الوسواس القهري.
شملت دراسة أجريت في معهد العلوم النفسية في المملكة المتحدة 36 امرأة تتراوح أعمارهنَّ بين 18 و45 عامًا، ولديهن دورات شهرية منتظمة وتم تشخيص إصابتهن بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية الخفيفة.
تم اختيار النساء بشكل عشوائي لتلقي إما أقراص نبتة حشيشة القلب بجرعة 900 ملليغرام يوميًا، أو أقراص دواء وهمي مماثلة في دورتَين شهريتَين؛ ثم للمقارنة، قامت المجموعات بتبديل الجرعات للدورتَين التاليتَين.
تم تقييم الأعراض يوميًا طوال فترة الدراسة، وأفادت النساء عن مشاعر الاكتئاب والعدوان والتوازن الهرموني والتحفيز الهرموني. أظهرت التجارب أن نبتة حشيشة القلب كانت متفوقة على العلاج الوهمي في تحسين الأعراض الجسدية والسلوكية لمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية.
-
كزبرة البئر (الجنكة بيلوبا)
كزبرة البئر، هي مستخلص نباتي قديم تم استخدامه في الطب الصيني التقليدي لعلاج الأمراض الصحية المختلفة لآلاف السنين. تُظهر الأبحاث الحالية أنها مرتبطة بالتحسينات في الوظيفة الإدراكية. عندما قام باحثون من جامعة بكين للطب الصيني بمراجعة الأدلة من 14 تجربة عشوائية محكَّمة شملت مرضى إصابات الدماغ، أفادوا أن مستخلص كزبرة البئر كان له آثار إيجابية على الضَّعف العصبي للمرضى ونوعية الحياة في تسع من التجارب.
تشمل فوائد كزبرة البئر الأخرى قدرتها على تحسين التركيز والذاكرة، وتقليل خطر الإصابة بالخرف ومرض ألزهايمر، ومحاربة القلق والاكتئاب، والمساعدة في الحفاظ على صحة الرؤية والعين، وتخفيف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وتحسين الرغبة الجنسية، ومحاربة الألم العضلي الليفي.
كزبرة البئر متوفرة في شكل كبسولات، وأقراص، ومستخلص سائل، وشكل أوراق مجفّفة. يحتوي شكل المستخلص الموحَّد على 24% إلى 32% فلافونيدات و6% إلى 12% تيربينويدات.
-
البلميط المنشاري
تعتبر مكملات البلميط المنشاري من أكثر المكملات الغذائية التي يستهلكها الرجال المصابون بسرطان البروستات وتضخم البروستات الحميد. ثبت أن البلميط المنشاري يبطئ إنتاج إنزيم 5-ألفا ريدوكتيز، الذي يحوّل هرمون التستوستيرون الذكري إلى ثنائي هيدروتستوستيرون (DHT)، وهو الستيرويد الجنسي وهرمون الأندروجين.
في حين أن DHT مهم لأنه يلعب دورًا في نمو الذكور، فإنه يساهم أيضًا في العديد من المشكلات الصحية الشائعة لدى الرجال، مثل فقدان الرغبة الجنسية وتضخم البروستات وتساقط الشَّعر.
أظهرت دراسة نشرت عام 2003 في مجلة طبيب الأسرة الأمريكية فعالية البلميط المنشاري في تقليل الأعراض المرتبطة بتضخم البروستات الحميد. يبدو أن فعالية البلميط المنشاري تشبه فعالية أدوية مثل فيناسترايد، لكنه كان أقل تكلفة.
وبصرف النظر عن قدرته على تخفيف الحالات الناجمة عن DHT، فمن المعروف أيضًا أن البلميط المنشاري يحارب الالتهابات ويعزز وظيفة المناعة، ويعالج أمراض الجهاز التنفسي، ويعزز الاسترخاء.
-
الصبار (الألوة فيرا)
في الطب الهندي التقليدي، يُستخدم الصبار لعلاج الإمساك والأمراض الجلدية والإصابة بالديدان والالتهابات وكعلاج طبيعي للمغص. في الطب الصيني، غالبًا ما يوصى به في علاج الأمراض الفطرية، وفي العالم الغربي، وجَد استخدامًا واسع النطاق في صناعات مستحضرات التجميل والأدوية والمواد الغذائية.
يعتبر صبار (الألوة فيرا) الأكثر نشاطًا بيولوجيًا بين أنواع الصبار، ومن المثير للدهشة أنه تم تحديد أكثر من 75 مكونًا نشطًا محتملًا في النبات، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن والسكريات والأحماض الأمينية والأنثراكينونات والإنزيمات واللجنين والصابونين وأحماض الساليسيليك. فهو يوفر 20 من أصل 22 من الأحماض الأمينية التي يحتاجها الإنسان وجميع الأحماض الأمينية الأساسية.
-
القنفذية
القنفذية (أو الردبكية)، هو نبات مزهِر وعلاج عشبي شعبي، أصله من أمريكا الشمالية، وقد استُخدم منذ فترة طويلة في ممارسات الأمريكيين الأصليين لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك الجروح والحروق وآلام الأسنان والتهاب الحلق واضطراب المعدة.
طبيًا، يمكن استخدام معظم أجزاء النبات، بما في ذلك الأوراق والبتلات والجذور، على الرغم من أن كثيرًا من الناس يعتقدون أن الجذور لها التأثير الأقوى.
يتم تناول القنفذية كشاي أو مكمل غذائي، ولكن يمكن أيضًا تطبيقها موضعيًا. اليوم، يتم استخدامها في المقام الأول لعلاج نزلات البرد أو الوقاية منها، على الرغم من أن الأدلة العلمية التي تدعم ذلك ليست قويًة.
-
البلسان
البلسان هو دواء عشبي قديم مصنوع من الفاكهة المطبوخة لنبات الخَمَان الأسود (Sambucus nigra)، وقد استُخدم منذ فترة طويلة لتخفيف الصداع وآلام الأعصاب وآلام الأسنان، ونزلات البرد والالتهابات الفيروسية والإمساك.
اليوم، يتم تسويقه في المقام الأول كعلاج للأعراض المرتبطة بالإنفلونزا ونزلات البرد
-
الناردين المخزني
يشار إليه أحيانًا باسم (فاليوم الطبيعة)، الناردين المخزني هو نبات مزهِر يُعتقد أن جذوره تحفز الهدوء والشعور بالهدوء.
يمكن تجفيف جذر الناردين المخزني واستهلاكه في شكل كبسولة، أو نقعه لصنع الشاي.
يمكن إرجاع استخدامه إلى اليونان القديمة وروما، حيث تم استخدامه لتخفيف الأرَق والرعشة والصداع وخفقان القلب. اليوم، يتم استخدامه في أغلب الأحيان لعلاج الأرق والقلق.
-
البابونج
البابونج هو نبات مزهِر، وهو أحد أشهر الأدوية العشبية في العالم. غالبًا ما تُستخدم الزهور لصنع الشاي، ولكن يمكن أيضًا تجفيف الأوراق واستخدامها لصنع الشاي أو المستخلصات الطبية أو الكمادات الموضعية.
-
العبعب المنوِّم (اشواغاندا)
تم استخدام عشبة العبعب المنوِّم منذ آلاف السنين لخصائصها الطبية. هذه العشبة المتعددة الاستخدامات شائعة في الطب الهندي القديم لتعزيز مستويات الطاقة، وتقليل القلق والتوتر، وتقليل الألم والالتهابات.
تُظهر الأبحاث أن هذه العشبة القوية تقلل بشكل كبير من مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر الأساسي)، مما يساعد على تقليل التوتر والقلق، ومن المعروف أنها مادة تكيفية، وهي مادة تساعد على الحماية من الإجهاد.
تُستخدم عشبة العبعب المنوم أيضًا لتحسين الصحة الجنسية للذكور، إذ يمكن لهذه العشبة أن تعزز مستويات هرمون التستوستيرون لدى الذكور.
احتياطات استخدام الأدوية العشبية
صُنِّفت المكملات العشبية على أنها مكملات غذائية بموجب قانون الصحة والتعليم للمكملات الغذائية الأمريكي، مما يعني أنها لم تُختبَر في دراسات علمية لإثبات أنها آمنة وفعالة، على عكس الأدوية الموصوفة التي يجب أن تخضع لدراسات علمية موثوقة قبل أن يتم اعتمادها.
ولهذا السبب يمكن لبعض الشركات المصنِّعة أن تفلت من بيع المنتجات العشبية التي ليست نقية تمامًا. عند شراء الأعشاب لاستخدامها في الطب، تأكَّد من شراء منتج نقي من شركة ذات سمعة طيبة، وهذا يضمن حصولك على منتَج عالي الجودة لا يتم إضعافه بإضافات أقل تكلفة، ولا تتم زراعته باستخدام المبيدات الحشرية، أو يكون ملوثًّا بالمعادن الثقيلة والأسمدة الكيميائية.
قد يسبب الطب النباتي أيضًا تفاعلات حساسية، أو يتفاعل مع بعض الأدوية التقليدية، ولهذا السبب يجب عليك استشارة مقدم الرعاية الصحية قبل البدء في تناول أي علاجات عشبية.
يمكن لمختصِّي الأعشاب وأطباء العلاج الطبيعي والصيادلة والأطباء وممارسي الطب الصيني التقليدي تقديم معلومات حول الأدوية العشبية، ومساعدتك في اختيار الأعشاب الأفضل لمعالجة مخاوفك الصحية. تأكّد من إجراء بحثك الخاص على العشبة التي تَستخدمها، والتحقق من الآثار الجانبية المحتملة والجرعة المناسبة.
الخلاصة
يعتمد كثير من الناس حول العالم على الأدوية العشبية لعلاج الحالات الصحية، وتوجد أصناف لا تُعدّ ولا تحصى، ولكن تشمل بعض الأنواع الأكثر شعبية كُزْبرةَ البئر، والجينسنغ، والزنجبيل، والكُركُم، والبابونج وغيرها.
على الرغم من أن تطبيقاتها تميل إلى أن تكون واسعة جدًا، فإن العديد من فوائدها المفترَضَة تفتقر إلى أدلة علمية قوية.
ضع في اعتبارك أن العلاجات العشبية، مثل الأدوية التقليدية، قد تتفاعل سلبًا مع أدوية أخرى، وبالتالي، يوصى باستشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك قبل إضافة عشب جديد أو مكمل غذائي إلى روتينك العلاجي.
المصادر
