زميلي مريض نفسي.. لا تلعبي دور المعالج
أهلا وسهلا بك يا ابنتي،
المريض النفسي يحتاج لتواصل متخصص يعرف كيف يدخل للمريض، ويتمكن من فتح آلامه بحرفية، ويتمكن من تعديل تشوهات أفكاره بطرق متنوعة، وكذلك يساعده بخطط سلوكية تتناسب مع وضعه، ومدى مرضه، وطاقاته.
فالطبيب النفسي، والمعالج لا يقف فقط على ما تعلمه على مدار سنوات عمره في صفحات الكتب العلمية، ونظرياتها ومدارسها المتنوعة الكبيرة، ولكن يحتاج بجانبها لخبرة حياة، ونضوج، وتعلم ميداني، وتعلم على أيدي من سبقوه في هذا المجال من خبرة السنين التي رآها، وتعلم بها ومنها وفيها.
عالم النفس عالم عميق عجيب كلما تصورنا أننا تمكنا من سبر أغواره كلما زدنا جهلا؛ فكيف بك أنت أيتها الصغيرة طيبة القلب؟ ما أريده منك الآن أن تجعلي تلك الخبرة درسا لك لتتعلمي منه ألا تسمحي ﻷي شخص تحت أي مسمى أن يورطك في مساحة لا تريدينها؛ فلكل منا حدود نفسية عليه أن يحافظ عليها من الاختراق، أو الاستغلال، أو التطفل، أو المزاحمة، أو السيطرة، أو السرقة، وكل هذا يحدث دون وعي منا، أو ممن حولنا، ولكنه يسبب مشكلات لا حصر لها:
- بداية من مشكلات بيننا وبين أنفسنا.
- ومرورا بمشكلات بيننا وبين من يكونون معنا في علاقات.
- وانتهاء بمشكلات بيننا وبين الحياة نفسها فنجد من ينتحر، أو يقتل، أو يجن.
وهذا لا يعني ألا نساعد من حولنا، ولا أن نتقوقع داخل أنفسنا، ولا نؤذي غيرنا بأنانية، أو هجر، ولكن نساعد في حدود قدراتنا، وطاقتنا؛ ﻷننا نريد أن نساعد، وليس ﻷننا لا نتمكن من قول "لا"، ولا ﻷننا لا نشعر بقيمتنا إن لم نقم بمساعدة آخر، فكم من أشخاص عاشوا من أجل آخرين على حساب ما يريدون؛ فلا سعدوا، ولا أسعدوهم.
أنت تحتاجين للتحلي بالشجاعة؛ لتقولي له في أقرب فرصة أنك تتعاملين معه كأخ، وأنك تريدين له الشفاء، وأنك تساعدينه في حدود قدراتك التي قد لا ترقى لتطلعاته، وبمرور الوقت رويدا رويدا تنسحبي من المسافة الزائدة التي تتمدد بينكما لتقفي فعلا على مسافة تريدينها، وإن لم يقبلها؛ فلا مجال للشعور بالذنب؛ فهو يتابع مع متخصصين، ويأخذ دواءه، وطبيبه سيعالج تلك العلاقة بداخله، ولكن دعي ذلك الدرس في وعيك حتى لا تؤذي نفسك، ولا تؤذي غيرك دون داع..
اقرأي أيضا:
حدودك النفسية.. مساحتك الخاصة جداً
الحب.. صور نفسية ومعانٍ منسية