08 أبريل 2017
الحرمان في الصغر.. معاناة في الكبر
من وأنا طفلة وأنا شايلة المسئولية بشكل أكبر مني، وحصلت مشأكل في البيت، واتهنت فيها بحاجات شنيعة، وكنت حتى ما أعرفش معناها، دلوقت الحمد لله اتجوزت وشفت نفسي في علاقة الحبل السري مع زوجي بحكم الغربة، بتخنق في الأجازة لأنه مش بيكون معايا لوحدي، ده مش السبب الظاهر بس مش برتاح غير وهو مركز معايا أنا، بس أنا شخصية انطوائية، ومن وقت ما كنت في المدرسة كنت بعاني من الرفض من بعض الزملاء لحد الوقت فاكرة الحاجات دي مش بحاول أعمل حاجة عشان اتغلب على الشعور ده، حاجة زائفة بس حاسة اني عندي كلاكيع كتير، ساعات بشوف إني بطلة إني استحملت اللي فات، وإن ربنا بيكافئني بزوجي كتعويض على الاذي اللي شفنه من أبي وأمي و بحس إني كويسة، بس بيتكون عندي ندوب نفسية مش بقدر أنساها أبدا من الناس اللي آذتني
أهلا وسهلا بك يا نور،
سأبدأ بتوضيح عدة نقاط أولا قبل الرد على تساؤلاتك:
- من المفيد أننا نقرأ، ونفهم عن أنفسنا، وعن حقيقة علاقاتنا بها، وبمن حولنا خصوصا الأبوين، ولكن من المهم جدا أن نفهم ذلك داخل سياق آمن، وسياق توضيحي؛ فلا يجوز أن تجزمي بأن علاقتك بزوجك علاقة حبل سري من دون توضيح منك لتفاصيل العلاقة، أو توضيح ذلك من متخصص يراك ويسمع منك تفاصيل ومشاعر، أو بدون سياق آمن يحميك من الألم المؤذي، أو التفكك النفسي حين تكتشفين شيئا وحدك هكذا بلا داعم.. هذا إن صح تفسيرك من الأساس، وهذه نقطة في غاية الأهمية، وأيضا ﻷن لكل نوع علاقة درجات مختلفة تختلف فيها طرق العلاج.
- وكذلك تصور وجود ندبات نفسية لا تعالج هو أمر غير حقيقي؛ فالتشوهات النفسية في سياق علاجي تقل، وتختفي في أحيان كثيرة، كل حسب استعداده النفسي لرحلة التغير، وحقيقة إرادته في التغيير، وصدقه الشديد مع نفسه.
والآن أقول لك: أن ما حدث لك في الصغر من تحمل مسؤوليات فوق طاقة سنك، وقدراتك النفسية غيّب حقا أصيلا من حقوقك التي تؤخذ في شكل احتياج، أحب أن أسميه "احتياج الشوفان"؛ فلقد كنت تحتاجين أن يراك والداك كما أنت كطفلة، أو مراهقة تحتاج للعب، وتحتاج للانطلاق، والفضول، والإبداع، والحرية، والتعبير عن المشاعر، وقول "لا"، ولكنهم رأوك كما يجب أن تكوني من وجهة نظرهم؛ فهدموا بداخلك عن غير عمد وبجهل نفسي وتربوي ما كان بداخلك من جمال يخص تكوينك الحقيقي؛ فصار لديك رغبة زائدة عن الطبيعي في "جذب الاهتمام"، والتركيز معك، وليس بالضرورة الرغبة في علاقة حبل سري مع زوجك، والسيئ هنا هو أنك بدون وعي منك تطلبين من علاقة زواجك أن تعوضك عما كنت تحتاجينه من رعاية، واهتمام، وشوفان، فكأنك تطلبين من زوجك أن يحاسب على فواتيرك السابقة والتي لا تخصه من دون وعي منك، ورغم ألم ما أحدثك عنه إلا أن فيه شفاءك من الغرق فيما مضى؛ فلتكتشفي ذاتك الحقيقية من خلال الانخراط في الأنشطة، والتعرض للهوايات المختلفة، والتواصل مع البشر، والقراءة، والاستمتاع بزوج يحبك، واختارك أنت لتكوني زوجته، وانتبهي لنفسك حين تحمّلينه بما يزيد عن كونه زوجك؛ فالأب هو الذي يرعى، ويتابع بالتفاصيل، ويدعمك في كل مواقفك، ولا ينتظر منك مقابلا، وأمك هي التي تحتضنك، وتدربك، وتؤنسك في تفاصيل حياتك كأنثى لكل ما تحتمله معنى كلمة أنثى، أما الزوج؛ فهو شريك، يعطي ويأخذ، يؤثر، ويتأثر، يحتاج لمساحة خصوصية لا علاقة لها بالبعد، ويحتاج لمرونة، ويحتاج ﻷصدقاء، ويحتاج ﻷهل، ويحتاج لتشجيع، وسيعطيك الثقة، والمشاركة، والدعم المقبول، وسيعطيك مساحة، ومرونة، وسيعطيك الغزل، والجنس، فهو في مساحة مختلفة تخص الزواج؛ هو ليس أبوك، ولا أمك يا صديقتي.
وكلما قمت بما حدثتك عنه بشجاعة، وإرادة حقيقية كلما عدت لذاتك الحقيقية بلا تشويه، بلا اعتمادية نفسية، بلا فواتير ماضية؛ فقبولك بأن ما حدث حدث، وأنك الآن تملكين اختياراتك الحرة المسؤولة، وأنك تفخرين بنجاتك من الأمراض النفسية ثقيلة الوطأة رغم ما تعرضت له؛ كلما تصالحت مع نفسك، وكلما تصالحت مع والديك اللذين بداخلك، لكن بعد قبول غضبك منهما، والتعبير عنه بطريقة صحية.
وقد تجدين أنك اكتسبت مهارات فقط بسبب ما تعرضت له، ولم يكن من الممكن أن تكتسبيها لولا تعرضك لتلك المهام، والضغوط؛ فلتبدئي بما قلته، وإن لم تتمكني وحدك من ذلك؛ فلا تبخلي على نفسك بالتواصل مع متخصص يقدم لك مساعدة متخصصة آمنة.
اقرأي أيضا:
احتياجاتنا البسيطة ومركب النقص
عن الاحتياج للحضن
احتياجك أن تُرى.. احتياج إنساني متبادل
نفسك الحقيقية ونفسك المزيفة
استشارات ذات صلة:
تشويه نفسي منظّم في الصغر.. وجودك مسؤوليتك
أنا ضحية.. أحب زوجي وتعيسة في زواجي
كيف تعامل الوالدين إذا كانا مخطئين بحقك
سأبدأ بتوضيح عدة نقاط أولا قبل الرد على تساؤلاتك:
- من المفيد أننا نقرأ، ونفهم عن أنفسنا، وعن حقيقة علاقاتنا بها، وبمن حولنا خصوصا الأبوين، ولكن من المهم جدا أن نفهم ذلك داخل سياق آمن، وسياق توضيحي؛ فلا يجوز أن تجزمي بأن علاقتك بزوجك علاقة حبل سري من دون توضيح منك لتفاصيل العلاقة، أو توضيح ذلك من متخصص يراك ويسمع منك تفاصيل ومشاعر، أو بدون سياق آمن يحميك من الألم المؤذي، أو التفكك النفسي حين تكتشفين شيئا وحدك هكذا بلا داعم.. هذا إن صح تفسيرك من الأساس، وهذه نقطة في غاية الأهمية، وأيضا ﻷن لكل نوع علاقة درجات مختلفة تختلف فيها طرق العلاج.
- وكذلك تصور وجود ندبات نفسية لا تعالج هو أمر غير حقيقي؛ فالتشوهات النفسية في سياق علاجي تقل، وتختفي في أحيان كثيرة، كل حسب استعداده النفسي لرحلة التغير، وحقيقة إرادته في التغيير، وصدقه الشديد مع نفسه.
والآن أقول لك: أن ما حدث لك في الصغر من تحمل مسؤوليات فوق طاقة سنك، وقدراتك النفسية غيّب حقا أصيلا من حقوقك التي تؤخذ في شكل احتياج، أحب أن أسميه "احتياج الشوفان"؛ فلقد كنت تحتاجين أن يراك والداك كما أنت كطفلة، أو مراهقة تحتاج للعب، وتحتاج للانطلاق، والفضول، والإبداع، والحرية، والتعبير عن المشاعر، وقول "لا"، ولكنهم رأوك كما يجب أن تكوني من وجهة نظرهم؛ فهدموا بداخلك عن غير عمد وبجهل نفسي وتربوي ما كان بداخلك من جمال يخص تكوينك الحقيقي؛ فصار لديك رغبة زائدة عن الطبيعي في "جذب الاهتمام"، والتركيز معك، وليس بالضرورة الرغبة في علاقة حبل سري مع زوجك، والسيئ هنا هو أنك بدون وعي منك تطلبين من علاقة زواجك أن تعوضك عما كنت تحتاجينه من رعاية، واهتمام، وشوفان، فكأنك تطلبين من زوجك أن يحاسب على فواتيرك السابقة والتي لا تخصه من دون وعي منك، ورغم ألم ما أحدثك عنه إلا أن فيه شفاءك من الغرق فيما مضى؛ فلتكتشفي ذاتك الحقيقية من خلال الانخراط في الأنشطة، والتعرض للهوايات المختلفة، والتواصل مع البشر، والقراءة، والاستمتاع بزوج يحبك، واختارك أنت لتكوني زوجته، وانتبهي لنفسك حين تحمّلينه بما يزيد عن كونه زوجك؛ فالأب هو الذي يرعى، ويتابع بالتفاصيل، ويدعمك في كل مواقفك، ولا ينتظر منك مقابلا، وأمك هي التي تحتضنك، وتدربك، وتؤنسك في تفاصيل حياتك كأنثى لكل ما تحتمله معنى كلمة أنثى، أما الزوج؛ فهو شريك، يعطي ويأخذ، يؤثر، ويتأثر، يحتاج لمساحة خصوصية لا علاقة لها بالبعد، ويحتاج لمرونة، ويحتاج ﻷصدقاء، ويحتاج ﻷهل، ويحتاج لتشجيع، وسيعطيك الثقة، والمشاركة، والدعم المقبول، وسيعطيك مساحة، ومرونة، وسيعطيك الغزل، والجنس، فهو في مساحة مختلفة تخص الزواج؛ هو ليس أبوك، ولا أمك يا صديقتي.
وكلما قمت بما حدثتك عنه بشجاعة، وإرادة حقيقية كلما عدت لذاتك الحقيقية بلا تشويه، بلا اعتمادية نفسية، بلا فواتير ماضية؛ فقبولك بأن ما حدث حدث، وأنك الآن تملكين اختياراتك الحرة المسؤولة، وأنك تفخرين بنجاتك من الأمراض النفسية ثقيلة الوطأة رغم ما تعرضت له؛ كلما تصالحت مع نفسك، وكلما تصالحت مع والديك اللذين بداخلك، لكن بعد قبول غضبك منهما، والتعبير عنه بطريقة صحية.
وقد تجدين أنك اكتسبت مهارات فقط بسبب ما تعرضت له، ولم يكن من الممكن أن تكتسبيها لولا تعرضك لتلك المهام، والضغوط؛ فلتبدئي بما قلته، وإن لم تتمكني وحدك من ذلك؛ فلا تبخلي على نفسك بالتواصل مع متخصص يقدم لك مساعدة متخصصة آمنة.
اقرأي أيضا:
احتياجاتنا البسيطة ومركب النقص
عن الاحتياج للحضن
احتياجك أن تُرى.. احتياج إنساني متبادل
نفسك الحقيقية ونفسك المزيفة
استشارات ذات صلة:
تشويه نفسي منظّم في الصغر.. وجودك مسؤوليتك
أنا ضحية.. أحب زوجي وتعيسة في زواجي
كيف تعامل الوالدين إذا كانا مخطئين بحقك