نشرت مجلة جينوم ميديسي دراسة أجرتها سدرة للطب حول الأمراض الوراثية النادرة لدى مجموعة واسعة ومتنوعة من سكان الشرق الأوسط بدولة قطر. تُقدم الدراسة، التي تحمل عنوان "عبء الأمراض المندلية في بنك حيوي شرق أوسطي"، رؤىً مهمة حول توزيع مخاطر الأمراض الوراثية في دولة قطر، الأمر الذي سيساعد في تخطيط الصحة العامة لسكان البلاد وسكان المنطقة ككل.
سدرة للطب تحلل أكثر من 6000 جينوم وبيانات صحية
حللت الدراسة، التي قادها الدكتور خالد فخرو والدكتور يونس مكراب من سدرة للطب وبالتعاون مع برنامج قطر جينوم وقطر بيوبنك ومؤسسة حمد الطبية، أكثر من 6000 جينوم كامل وبيانات صحية ذات صلة من دولة قطر، وقال الدكتور خالد فخرو، رئيس فرع الأبحاث في سدرة للطب والقائد الرئيسي للدراسة: "تؤثر الأمراض النادرة مجتمعة على ما يصل إلى 5.9 بالمائة من سكان العالم، وما يزال أغلبها في حاجة إلى الدراسة ويفتقر إلى العلاجات الفعالة. بالإضافة إلى ذلك، ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض النادرة بين سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وتساعدنا مثل هذه الدراسات على فهم البنية الجينية التي تسبب هذه الحالات، مما يسرّع مدة التشخيص، ويسمح لنا باستكشاف سبل العلاجات الشخصية في المستقبل".
أنشأت الدراسة فهرسًا شاملًا للطفرات المَرَضية المصنفة حسب السلالات الجينية السكانية، بما في ذلك المجموعات الرئيسية لعرب شبه الجزيرة، والعرب العامين، والعرب الفارسيين، والعرب الأفارقة، مما يجعلها أكبر مجموعة من الجينومات والبيانات السريرية التي ستُفحص في سكان الشرق الأوسط حتى الآن.
قال المؤلفان الأوليان مناصفة، الباحثان الدكتور وليد عامر والدكتورة الجازي المراغي من سدرة للطب: "تمثل هذه الدراسة خطوة كبيرة نحو التقدم، إذ توفر تقييمًا شاملًا للأمراض الوراثية بين سكان دولة قطر، وهذه أيضًا هي المرة الأولى التي ننظر فيها في تأثير زواج الأقارب بهذا الحجم، وهو ما أظهر اختلافات بين القطريين فيما يتعلق بمخاطر الإصابة بالأمراض الوراثية".
حدد فريق البحث العديد من الطفرات الضارة الخاصة بسلالات معينة، معروفة باسم الطفرات المؤسسية، والتي يمكن أن تكون بمثابة مورد وبائي قيِّم لصنع السياسات في نظام الرعاية الصحية. وستمكّن المعلومات أيضًا نظامَ الرعاية الصحية من تقديم الفحص والاستشارة الوراثية للعائلات التي قد تكون معرَّضة لخطر الإصابة بالأمراض الوراثية. كما حددوا الجينات/المتغيرات الجديدة المرتبطة بالأمراض والمتصلة بالأمراض الشائعة في دولة قطر مثل داء السكري.
فهم الأمراض النادرة في هذه المنطقة أمر صعب
وأضاف الدكتور يونس مكراب، مدير أبحاث الطب السكاني والجينومي وقائد الدراسة المشارك: "نظرًا لمستوى التنوع العالي في الشرق الأوسط، يعتبر فهم الأمراض النادرة في هذه المنطقة أمرًا صعبًا، لكن باستغلال أنماط التنوع الجيني في الجينوم، قمنا بتحديد التجمعات السكانية الفرعية ذات الأصل المشترك، والتي تغطي معًا منطقة واسعة من الشرق الأوسط. هذه التقنية مكَّنتنا من دراسة معمقة لمجموعة قطر بيوبنك الموصوفة بدقة، ومن ثم جعل النتائج المحصل عليها من علامات الأخطار الجينية والطفرات المؤسسية موصولة الدلالة لدى ملايين الأشخاص في المنطقة وخارجها".
علّق الدكتور حمدي مبارك، مسيّر تحالف قطر جينوم للأبحاث، قائلًا: "هذا البحث يسلط الضوء على الدور المهم للرؤى الجينية في الإبلاغ عن علاجات مخصصة وخطط صحة عامة فعّالة، لا لدولة قطر فحسب، ولكن للمنطقة ككل".
بإنشاء فهرس للمتغيرات الجينية المندلية، يمكن للدراسة أيضًا المساعدة في تحسين توضيح قواعد البيانات الوراثية العامة العالمية، مثل قاعدة بيانات كلينفار، خاصةً للمتغيرات الجينية الشائعة لدى السكان القطريين والأقل تمثيلًا في قواعد البيانات الأخرى.
واختتم الدكتور فخرو قائلًا: "يتعدى تأثير هذه الدراسة السكانَ المحليين في دولة قطر، إذ تقدّم الدراسة على الصعيد الإقليمي رؤىً حول الأمراض الوراثية المؤثرة على دول الخليج التي تتشارك في الأصل الوراثي مع سكاننا، بالإضافة إلى المرضى ذوي الأصول العربية الذين يذهبون إلى المستشفيات الموجودة في جميع أنحاء العالم. ونأمل أيضًا أن تعزز هذه الدراسة الجهود لرفع وعي المجتمع بشأن العواقب المحتمَلة لزواج الأقارب، إذ إنها أظهرَت بوضوح مدى شيوع أمراض وراثية معينة، وهي نادرة في جميع أنحاء العالم بين مجموعات تتبع نهج زواج الأقارب".
وأخيرًا
يمكن لدراسات الجينوم الأساسية، مثل تلك التي أجراها سدرة للطب، أن تساعد أنظمة الرعاية الصحية في تخصيص مصادر أكثر كفاءة من خلال استهداف تدخلات لهؤلاء المرضى الأكثر ترجيحًا للاستفادة بناءً على ملفهم الوراثي، ويمكن لهذا النهج المتخصص تحسين نتائج المرضى بينما يحسّن من استخدام مصادر الرعاية الصحية.