كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة شيفيلد وكلية لندن الجامعية في المملكة المتحدة عن إمكانيات واعدة للعلاج النفسي في تحسين جودة حياة المرضى الذين يعانون من داء العصبون الحركي (MND). وتُعتبر هذه الدراسة الأكبر من نوعها على الإطلاق لدراسة تأثير التدخلات النفسية على مرضى داء العصبون الحركي، وقد أظهرت النتائج أن العلاج بالقبول والالتزام (ACT) يساهم في تحسين جودة حياة المرضى بشكل عام عند دمجه مع الرعاية الصحية المعتادة. ونُشرت الدراسة في مجلة The Lancet الطبية في 9 مايو 2024.
داء العصبون الحركي .. شلل تدريجي يصيب العضلات
داء العصبون الحركي (MND) هو مجموعة من الأمراض التنكُّسية العصبية التي تصيب الخلايا العصبية الحركية الموجودة في الدماغ والحبل الشوكي المسؤولة عن انتقال الإشارات العصبية إلى عضلات الجسم المختلفة من أجل تحفيزها على الحركة. تظهر أعراض داء العصبون الحركي بشكل تدريجي، ولا يوجد له علاج، وهو يتسبب في توقف وصول الإشارات العصبية إلى العضلات، مما يؤدي إلى إضعافها وتصلبها وشللها تدريجيًا. يؤثر داء العصبون الحركي على قدرة الشخص على المشي والكلام وتناول الطعام والتنفس، دون أن يؤثر على قدراته العقلية، مما يزيد من معاناته النفسية. يتسبب هذا المرض بوفاة ثلث المصابين خلال عام من التشخيص، ووفاة أكثر من نصف المصابين خلال عامين. أصيب به عدد من المشاهير مثل الشاعر بدر شاكر السياب، والعالم البريطاني ستيفن هوكينز.
العلاج النفسي يخفف من معاناة مرضى داء العصبون الحركي
يواصل العلماء حول العالم جهودهم لفهم داء العصبون الحركي وأسبابه وعلاجاته المحتملة بشكل أفضل بهدف إيجاد طرق لمنع تطور المرض وعلاجه أو الوقاية منه. ومع ذلك، فإن هذه هي الدراسة هي الأكبر من نوعها التي تبحث في تأثير التدخل النفسي على جودة حياة مرضى داء العصبون الحركي.
شملت الدراسة 191 مشاركًا يعاني من داء العصبون الحركي في 16 مركزًا لرعاية مرضى الأمراض العصبية الحركية في المملكة المتحدة، وتم تقسيم المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى: شملت 97 مشاركًا لتلقي العلاج بالقبول والالتزام بالإضافة إلى الرعاية الطبية المعتادة.
- المجموعة الثانية: شملت 80 مشاركًا لتلقي إلى الرعاية الطبية المعتادة وحدها.
وقام الباحثون بقياس جودة حياة المرضى باستخدام استبيان موحَّد، بالإضافة إلى تقييم الاكتئاب والقلق وعوامل أخرى مهمة.
وكانت النتائج إيجابية، فبعد ستة أشهر من بدء العلاج أظهرت المجموعة الأولى تحسنًا ملحوظًا في جودة حياتهم مقارنة بالمجموعة الثانية. والأهم من ذلك، أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أحداث سلبية مرتبطة بتدخل العلاج النفسي بالقبول والالتزام.
العلاج بالقبول والالتزام .. رحلة لتقبُّل المشاعر والأفكار الصعبة
العلاج بالقبول والالتزام (ACT) هو نوع من العلاج النفسي الذي يجمع بين جوانب العلاج السلوكي المَعرفي (CBT) واستراتيجيات قائمة على القبول والعقلانية. ويركّز هذا العلاج على تقبل المشاعر والأفكار الصعبة بدلاً من محاولة السيطرة عليها أو تجنبها، فقد يؤدي تجنبها في بعض الأحيان إلى المزيد من المعاناة والضيق.
خطوة مهمة نحو تحسين حياة مرضى داء العصبون الحركي
أكد البروفيسور كريس ماكديرموت، وهو أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة من جامعة شيفيلد، على الحاجة الماسة إلى إيجاد علاجات فعالة لإبطاء داء العصبون الحركي وإيقافه، خاصة في ظل نقص العلاجات الفعالة للمرض.
وأضاف: "بينما نسعى جاهدين لإيجاد العلاج، من الضروري أن نقدم الدعم النفسي للأشخاص الذين يعانون من داء العصبون الحركي في الوقت الحالي. وقد أظهرت هذه الدراسة أن الدعم النفسي المخصص يمكن أن يكون له تأثير كبير على جودة حياة الأشخاص المصابين بهذا المرض".
ومن جانبها قالت البروفيسورة ريبيكا جولد، أستاذة العلاج النفسي في كلية لندن الجامعية وأخصائية علم النفس السريري، وهي أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة: "في ظل عدم وجود علاج لهذا المرض الفتاك، فإن التدخلات التي تهدف إلى تحسين الصحة النفسية وجودة حياة الأشخاص المصابين بداء العصبون الحركي ضرورية للغاية".
كما أشارت إلى أن نوعية الحياة السيئة والمعاناة النفسية التي يعاني منها مرضى داء العصبون الحركي ترتبط بتداعيات سلبية خطيرة، بما في ذلك قصر فترة البقاء على قيد الحياة وزيادة خطر الانتحار، ما يؤكد على أهمية تقديم تدخلات قائمة على الأدلة للمساعدة في إدارة ذلك. وتؤكد هذه الدراسة على أن العلاج بالقبول والالتزام يمكن أن يكون أداة قيمة لتحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون حالياً من داء العصبون الحركي.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
