شهدت العقود الأخيرة انتشارًا واسعًا للمُحلِّيات الصناعية أو بدائل السكر بهدف تقليل تناول السكر والسعرات الحرارية، لا سيما عند مرضى السُّمنة أو السكري، ومع ذلك، أشارت العديد من الدراسات إلى وجود مخاطر محتملة مرتبطة بالإفراط في تناول بعض هذه المُحليات. وفي هذا السياق، كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مستشفى كليفلاند كلينيك عن وجود علاقة بين تناول الزيليتول (Xylitol)، وهو بديل شائع للسكر ذو تركيبة كحولية، وبين حدوث ارتفاع في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتخثر الدم. نُشرت الدراسة في المجلة الأوروبية لأمراض القلب في 6 حزيران/يونيو 2024.
الزيليتول يزيد من نشاط الصفائح الدموية وتخثر الدم
أوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من الزيليتول في الدم كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تتراوح بين 57% و80%، مقارنة بالأشخاص الذين لديهم مستويات أقل. وكشفت الدراسة أيضًا أن الزيليتول يزيد من نشاط الصفائح الدموية، ومن خطر تكوُّن الجلطات الدموية في الجسم. وأشارت النتائج إلى أن تناول جرعة نموذجية من مشروب مُحلّى بمادة الزيليتول أدى إلى زيادة سريعة وملحوظة في جميع مؤشرات تنشيط الصفائح الدموية لدى المشاركين في الدراسة مقارنة بشرب مشروب مُحلّى بالسكر العادي.
وفي بيان صحافي، قال الدكتور ستانلي هازن من مركز أبحاث ليرنر التابع لكليفلاند كلينك: "تُظهر هذه الدراسة مرة أخرى الحاجة الماسة لإجراء المزيد من الدراسات حول الكحوليات السكرية والمُحلّيات الصناعية، خاصة مع استمرار التوصية بتناولها لمكافحة بعض الحالات الصحية مثل السمنة أو مرض السكري". وتابع: "وهذا لا يعني التخلص من معجون الأسنان الذي يحتوي على مادة الزيليتول، ولكن علينا أن ندرك أن استهلاك منتَج يحتوي على مستويات عالية من الزيليتول يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالجلطات الدموية".
ما هو الزيليتول ؟ وهل هو آمن؟
الزيليتول (Xylitol) هو نوع من الكحوليات السكرية، وهو موجود بشكل طبيعي في بعض الفواكه والخضراوات مثل الفراولة، والسبانخ، والقرنبيط، وغيرها، ولكنه عادة ما يتم إنتاجه تجاريًا من الذرة، أو أشجار البتولا، أو باستخدام بكتيريا معدَّلة وراثيًا، ويُستخدم في العديد من المنتجات مثل العلكة الخالية من السكر، ومُعطِّرات الفم، ومعجون الأسنان، وكذلك يُضاف إلى الأطعمة المُصنَّعة. تصنِّف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الزيليتول بأنه مادة آمنة بشكل عام، ولذلك لا تلزم المنتجات الغذائية التي تحتوي عليه بأن توضح كمية الزيليتول المضافة على ملصقاتها.
الحذر من الاستهلاك المفرط للمُحلّيات الصناعية
أشار الباحثون إلى أن المجتمع العلمي وعامة الناس كانوا يعتقدون منذ سنوات عديدة أن المحليات الصناعية مفيدة لأنها تقلل من الإفراط في تناول السكر، وبالتالي تقلل السعرات الحرارية المتناولة، وخاصة في المشروبات الغازية، ما يؤدي إلى تقليل زيادة الوزن وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
كما أشاروا إلى أن هذه الدراسة ترسل إشارة تحذيرية مهمة وخطيرة في الوقت المناسب، لأنه في الواقع كثيرًا ما يَستخدم هذه المحليات الصناعية بعضُ المرضى المعرَّضون لخطر الإصابة بالسمنة والسكري. ولم يقتصر الخطر على الزيليتول فحسب، بل شمل كحوليات سكرية أخرى تستخدم كمُحليات، مثل الإريثريتول والسوربيتول.
الإريثريتول يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب
وجدت دراسة سابقة مماثلة أجراها الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا كميات أكبر من بديل السكر الإريثريتول كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمقدار 1.8 إلى 2.2 مرة مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا كميات أقل من هذه المادة.
وأظهرت الدراسة أيضًا أن مستويات الإريثريتول المرتفعة في البلازما مرتبطة بزيادة نشاط الصفائح الدموية وحدوث تخثر الدم (تجلط الدم) لعدة أيام بعد تناول المشاركين الأصحاء جرعة نموذجية من مشروب مُحلّى بمادة الإريثريتول. كما أظهرت دراسات أخرى وجود علاقة بين استهلاك المشروبات المُحلّاة صناعيًا وزيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو أحد الأشكال الشائعة لاضطرابات نظم القلب.
