في دراسة جديدة حول تأثيرات النمط الغذائي على الصحة تبين أن الأشخاص الذين يفضلون الحلويات بشدة أو مَن لديهم مشكلة زيادة اشتهاء الحلويات قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض مثل الاكتئاب وداء السكري من النوع الثاني ومشكلات القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية، وذلك مقارنةً بالأشخاص المهتمين بصحتهم أو النهمين للطعام بشكل عام.
لا يمكن لهذه الدراسة القائمة على الملاحظة أن تثبت وجود علاقة سبب ونتيجة، لكنها تسلط الضوء على كيفية تأثير تفضيلات الطعام على مخاطر الإصابة بالأمراض، وأهمية تقليل تناول السكريات للحصول على نتائج صحية أفضل على المدى الطويل.
دراسة اشتهاء الحلويات والمخاطر الصحية
قام فريق من جامعة ساري في جيلدفورد بإنجلترا بتحليل بيانات 181,738 مشاركًا في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وكانت مجموعة الدراسة في معظمها من ذوي البشرة البيضاء، وتبلغ أعمارهم 56 عامًا في المتوسط.
وباستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، قاموا بتصنيف المشاركين إلى ثلاث مجموعات بناءً على تفضيلاتهم الغذائية:
- مَن يمتلكون الوعي الصحي: الذين يفضلون تناول الفواكه والخضراوات على الأطعمة الحيوانية والحلويات.
- آكلي اللحوم والنباتات: الذين يستمتعون بمعظم الأطعمة، بما في ذلك اللحوم والأسماك وبعض الخضراوات والحلويات.
- اشتهاء الحلويات: الذين يفضلون الأطعمة والمشروبات السكرية بشدة، مع اهتمام أقل بالفواكه والخضراوات.
كما قام الباحثون أيضًا بتقييم مجموعات فرعية أصغر من المشاركين الذين لديهم بيانات التمثيل الغذائي بالرنين المغناطيسي النووي (46,413) وبيانات أولينك بروتيومكس (19,052). وقام الباحثون بفحص بيانات عينات الدم في البنك الحيوي البريطاني لتقييم التغيرات في 2,923 بروتينًا و168 مستقلَبًا في أفراد المجموعات.
البروتينات هي جزيئات كبيرة تتكون من الأحماض الأمينية التي تؤدي وظائف أساسية في خلايانا، وهي ضرورية في الاستجابة المناعية ونشاط العضلات والعمليات الإدراكية. أما المستقلَبات فهي جزيئات صغيرة تتولد أثناء التفاعلات الكيميائية الحيوية في الجسم، مثل الأحماض الأمينية، كما أنها تؤثر على الوظائف الخلوية ويمكن أن تشير إلى صحتنا العامة.
ومن خلال دراسة هذه المؤشرات الحيوية، حدد الباحثون الفروق البيولوجية المهمة بين المجموعات الغذائية.
وقام الباحثون بحساب المخاطر النسبية للأمراض المزمنة وحالات الصحة النفسية لكل مجموعة، مع اعتبار عوامل مهمة أخرى مثل العمر والجنس والتدخين والتعليم والنشاط البدني وتناول المغذيات وتكوين الجسم والعديد من العلامات الصحية، وهدفوا إلى تقديم رؤية حول كيفية تأثير التفضيلات المتعلقة بالنظام الغذائي على المخاطر الصحية.
اشتهاء الحلويات بشدة قد يزيد من المخاطر الصحية
اتساقًا مع الدراسات التي تشير إلى أن النساء أكثر وعيًا بالصحة من الرجال بشكل عام، كانت المجموعة الواعية بالصحة في الغالب من الإناث بنسبة (71%). أظهرت هذه المجموعة أعلى نسبة تناول للألياف الغذائية، وأقل معدلات تدخين، وأعلى مستويات من النشاط البدني، مما يشير إلى أنماط حياة أكثر صحة.
وبالمقارنة، فإن مجموعتَي آكلي اللحوم والنباتات ومَن يعانون من مشكلة اشتهاء الحلويات كانتا متساويتين تقريبًا في عدد المشاركين من الذكور والإناث، واستهلكَتا حوالي 12 و14 جرامًا من السكريات يوميًا أكثر من مجموعة المهتمين بالصحة.
وكانت الفوائد الصحية واضحة في المجموعة الواعية بالصحة، مع انخفاض خطر الإصابة بقصور القلب بنسبة 14% وانخفاض خطر الإصابة بأمراض الكلى المزمنة بنسبة 31% مقارنة بالمجموعات الأخرى. كانت لدى المجموعة المهتمة بالصحة مستويات أقل من المؤشرات الحيوية الالتهابية مثل البروتين التفاعلي C الذي يكون مرتفعًا في حالات مثل أمراض القلب والأوعية الدموية. كما كانت لديهم أيضًا أفضل مستويات من سكر الدم ودهون الدم (الكوليسترول).
وعلى العكس من ذلك، أظهرت مجموعة الذين لديهم مشكلة زيادة اشتهاء الحلويات زيادة في خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 27%، وارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 15%، وارتفاع خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 22% مقارنة بالمجموعتين الأخريين.
كما أظهروا أيضًا علامات أسوأ للالتهاب وسكر الدم ومستويات الدهون في الدم. وكان خطر الإصابة بالسرطان متشابهًا بين المجموعات، مع ملاحظة اختلافات ضئيلة بين المجموعات التي تهتم بالصحة والمجموعات التي تحب الحلويات.
قد يحصل من يمتلكون وعياً صحياً على مزايا التمثيل الغذائي
أظهرت المجموعة المهتمة بالصحة ومَن يمتلكون وعياً صحياً انخفاضًا في خطر الإصابة بأمراض التمثيل الغذائي، وحدثت لديهم تغيرات في المؤشرات الحيوية مماثلة لتلك التي لوحظت مع الصيام، بما في ذلك انخفاض هرمون اللبتين وارتفاع هرمون النمو وزيادة مستويات الكيتونات.
تشير هذه التغييرات إلى فوائد تتجاوز مجرد التحكم في الشهية، مثل تحسين التمثيل الغذائي للطاقة والتكيف مع الإجهاد. وهذا يعني أن اتباع عادات غذائية صحية أكثر قد يوفر بعض المزايا الصحية التي تشبه تلك التي يوفرها الصيام أو جراحة إنقاص الوزن، دون الحاجة إلى اتخاذ تدابير صارمة.
لماذا قد يؤدي اشتهاء الحلويات إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض
يمكن للسكريات الحرة، مثل تلك الموجودة في المشروبات السكرية والأطعمة المكررة، أن تزيد من خطر الإصابة بحالات صحية مزمنة من خلال عدة مسارات مترابطة، إذ يؤدي تناول كميات كبيرة من السكر إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم ومقاومة الإنسولين في الخلايا، مما قد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وتعزيز تخزين الدهون، مما يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة.
كما يؤدي الإفراط في تناول السكر أيضاً إلى ارتفاع الدهون الثلاثية والالتهابات، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ويساهم في إجهاد الكلى.
وعلاوة على ذلك، ارتبط الاستهلاك المتكرر للسكر بالتقلبات في المزاج ومستويات الطاقة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب أو المساهمة فيه. وتُظهر الأدلة الحديثة أن الإفراط في تناول السكريات يزيد أيضًا من ضغط الدم ويخفض مستويات الكوليسترول الجيد، مما يشير بالمثل إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب مع زيادة الاستهلاك.
كيف تتخلص من اشتهاء الحلويات ؟
لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، توصي الأبحاث الحديثة بتقليل تناول السكر إلى أقل من 6 ملاعق صغيرة (25 جرامًا) يوميًا، والحد من المشروبات المحلاة بالسكر إلى أقل من حصة واحدة في الأسبوع (حوالي 200-355 ملليلترا).
ولكن إذا كنت تعتبر نفسك شخصًا يعاني من مشكلة اشتهاء الحلويات فقد تتساءل عن المدة التي قد تستغرقها للتخلص من هذه المشكلة، ومن أين يجب أن تبدأ. وفي حين أن النتائج قد تختلف، يمكن أن يستغرق التخلص من اشتهاء الحلويات حوالي أسبوعين إلى أربعة أسابيع، فقد أظهرت الأبحاث أن تقليل تناول السكر يساعد على إعادة تشكيل تفضيلات التذوق والحد من الرغبة الشديدة في تناول الحلوى خلال هذه الفترة.
وتبدأ تفضيلات التذوق في التكيف مع التغيرات المستمرة في النظام الغذائي، إذ يمكن أن يؤدي التقليل التدريجي من السكريات المضافة واستبدالها ببدائل طبيعية مثل الفاكهة وزيادة تناول البروتينات والألياف إلى استقرار نسبة السكر في الدم وتسهيل عملية الانتقال إلى النظام الغذائي الصحي.
وننصحك باتباع النصائح الآتية:
- قلل تدريجيًا من كمية وتكرار تناول المشروبات والحلويات السكرية كل أسبوع.
- قلل السكر في الوصفات والقهوة والشاي، أو استخدم المحليات الطبيعية غير السكرية مثل الستيفيا أو سكر اللوز.
- تحقق من الملصقات الغذائية للسكريات المضافة قبل الشراء.
- استبدل المشروبات السكرية بالمياه الفوارة وعصير الفاكهة بنسبة 100% أو المشروبات المحلاة بالستيفيا.