الصداع النصفي لدى النساء.. ما علاقته بارتفاع ضغط الدم؟

يعد الصداع النصفي أحد أكثر أنواع الصداع شيوعًا وتأثيرًا على حياة الملايين حول العالم، إلا أن علاقته بعوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية ما تزال موضع بحث ودراسة. وعلى الرغم من أن دراسات سابقة أشارت إلى وجود علاقة بين الصداع النصفي وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، فإن كيفية ارتباطه بعوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية لم تكن واضحة تمامًا. وفي دراسة حديثة، اكتشف الباحثون أن الصداع النصفي لدى النساء مرتبط بارتفاع ضغط الدم، وأن النساء الاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي أيضًا. نُشرت هذه الدراسة في العدد الإلكتروني لمجلة Neurology، المجلة الطبية الرسمية للأكاديمية الأمريكية لأمراض الدماغ والأعصاب، في 31 تموز/يوليو 2024.

هل توجد علاقة بين الصداع النصفي لدى النساء وارتفاع ضغط الدم؟

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز جامعة إيراسموس الطبي في هولندا أن ارتفاع ضغط الدم، وتحديدًا ارتفاع ضغط الدم الانبساطي، مرتبط بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بالصداع النصفي لدى النساء المشاركات في الدراسة. يحدث ضغط الدم الانبساطي عندما يكون القلب في حالة راحة بين النبضات، ومع ذلك، لم تجد الدراسة علاقة بين عوامل الخطر الأخرى المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، الدكتورة أنطوانيت ماسين فان دن برينك من مركز جامعة إراسموس الطبي في روتردام: "أشارت الدراسات السابقة إلى أن الصداع النصفي مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكتة الدماغية وأمراض القلب والنوبات القلبية، ولكن يُعرف القليل عن كيفية ارتباط عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية بالإصابة بالصداع النصفي".

وأضافت: "تطرقت دراستنا إلى عوامل الخطر المعروفة لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكري والتدخين والسمنة وارتفاع الكوليسترول، ووجدنا زيادة في احتمالية الإصابة بالصداع النصفي فقط لدى المشاركات الإناث اللاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم الانبساطي".

دراسة تكشف عن علاقة محددة بين الصداع النصفي لدى النساء وارتفاع ضغط الدم الانبساطي

شملت الدراسة 7266 شخصًا من الذكور والإناث بمتوسط عمر 67 عامًا، وكان 15% منهم قد عانوا من الصداع النصفي في السابق أو كانوا يعانون منه في ذلك الوقت. وتم إجراء فحوصات جسدية لجميع المشاركين، وأخذ عينات من دمهم، كما تم طرح أسئلة عليهم حول الصداع النصفي، بما في ذلك ما إذا كانوا قد عانوا من صداع مصحوب بألم شديد قد أثَّر على أنشطتهم اليومية.

وبعد مراعاة بعض عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النشاط البدني والمستوى التعليمي، وجد الباحثون أن المشاركات الإناث اللاتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم الانبساطي أكثر عرضة بنسبة 16% للإصابة بالصداع النصفي، ولم يجدوا أي علاقة بين الصداع النصفي وضغط الدم الانقباضي.

اقرأ أيضاً

أساطير شائعة عن الصداع النصفي

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تدعم النظرية التي تشير إلى أن الصداع النصفي قد يكون مرتبطًا بانخفاض طفيف في وظيفة الأوعية الدموية الصغيرة بدلاً من انخفاض وظيفة الأوعية الدموية الكبيرة. ولم تكن هناك علاقة واضحة بين الصداع النصفي لدى النساء المشاركات وارتفاع الكوليسترول أو السمنة. ومن المثير للاهتمام، أن التدخين كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالصداع النصفي بنسبة 28%، والسكري بانخفاض الخطر بنسبة 26%.

وفي هذا السياق أوضحت الدكتورة ماسين فان دن برينك أن هذه النتائج يجب أن تُفسَّر بحذر، فهي لا تثبت أن التدخين يقلل من خطر الإصابة بالصداع النصفي. على العكس، فقد يؤدي التدخين إلى حدوث نوبات الصداع النصفي، وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يدخنون قد يكونون أقل عرضة للإصابة بالصداع النصفي. وأما بالنسبة للمشاركين الذكور، فلم يجد الباحثون أي علاقة بين عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي.

الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات حول الصداع النصفي لدى الفئات العمرية المختلفة

أضافت الدكتورة ماسين فان دن برينك قائلة: "تُشير نتائج دراستنا إلى أن الصداع النصفي بشكل عام ليس مرتبطًا بشكل مباشر بعوامل الخطر التقليدية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ولأننا قمنا بدراسة الأشخاص الذين كانوا في منتصف العمر وكبار السن، فإن هناك حاجة إلى إجراء دراسات مستقبلية تشمل فئات عمرية أصغر سنًا ومتابعتها لفترات زمنية أطول".

وكان أحد قيود الدراسة هو العدد القليل من المشاركين الذكور الذين يعانون من الصداع النصفي، ما قد يفسر سبب عدم العثور على أي علاقة بين عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية والصداع النصفي لدى المشاركين الذكور.