إذا كنت تعاني من آلام أسفل الظهر وتبحث عن علاج طبيعي وفعال وبسيط لتخفيف الألم دون اللجوء إلى أدوية أو علاجات باهظة الثمن، فهذه الدراسة تقدم لك الحل الأمثل، فقد أظهرت فوائد المشي لآلام أسفل الظهر ومنع أو تأخير عودتها. كشفت الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة لانسيت الطبية (The Lancet) في 19 حزيران/يونيو 2024 عن فوائد المشي لآلام أسفل الظهر وتخفيفها، ووجدت أن البالغين الذين لديهم تاريخ إصابة بآلام أسفل الظهر ويقومون بممارسة المشي بانتظام يقل لديهم معدل عودة هذا الألم المزعج.
آلام أسفل الظهر تصيب الملايين وتهدد جودة الحياة
يُعاني الملايين حول العالم من آلام أسفل الظهر، فهي من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا، وأحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالعجز وانخفاض جودة الحياة. يصيب هذا الألم ما يقارب أربعة ملايين شخص في أستراليا، بينما يعاني منه 800 مليون شخص حول العالم، وتُعد النوبات المتكررة لآلام أسفل الظهر شائعة جدًا، إذ إن سبعة من بين كل عشرة أشخاص يتعافون من هذه الآلام يعانون من عودتها مرة أخرى في غضون عام واحد.
ما هي فوائد المشي لآلام أسفل الظهر ؟
يعاني كثير من الناس من آلام أسفل الظهر ويبحثون عن حلول فعالة دون الحاجة إلى علاجات مكلفة أو معقدة، وتُعد التمارين الرياضية من أفضل الطرق للتعامل مع هذه الآلام والوقاية منها، ولكن بعضها قد يكون مكلفًا، أو معقدًا، أو يتطلب إشرافًا متخصصًا، مما يجعلها غير متاحة أو مناسبة للجميع.
لذلك، أجرى باحثون في مجال آلام العمود الفقري من جامعة ماكواري في أستراليا تجربة سريرية لتحديد فوائد المشي العادي لآلام أسفل الظهر وتقييمه كتدخُّل فعال ورخيص ومتاح لعلاج هذا الألم. شملت الدراسة 701 بالغًا تعافوا مؤخرًا من نوبة آلام أسفل الظهر، وتم تقسيمهم بشكل عشوائي إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى: شملت المشاركين الذين حصلوا على برنامج مشي مخصص وست جلسات مع أخصائي علاج طبيعي على مدار ستة أشهر.
- المجموعة الثانية: شملت المشاركين الذين لم يخضعوا لأي تدخُّل علاجي.
وقام الباحثون بمتابعة المشاركين لفترة زمنية تراوحت بين سنة وثلاث سنوات، ووجدوا أن المجموعة التي مارست المشي عانت من عدد أقل من حالات الألم الذي يحد من النشاط مقارنة بالمجموعة الثانية، كما كانت لديهم فترة أطول قبل عودة الألم مرة أخرى، فقد بلغ متوسط الفترة الزمنية الخالية من الألم 208 أيام مقابل 112 يومًا فقط في المجموعة الثانية.
فوائد المشي لآلام أسفل الظهر
أكد البروفيسور مارك هانكوك، أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة ماكواري والمؤلف الرئيسي للدراسة، على أهمية هذه النتائج وتأثيرها العميق على كيفية التعامل مع آلام أسفل الظهر، وقال: "المشي هو تمرين بسيط، ومنخفض التكلفة، ومتاح على نطاق واسع، ويمكن لأي شخص تقريبًا المشاركة فيه بغض النظر عن الموقع الجغرافي، أو العمر، أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي".
وأضاف قائلًا: "نحن لا نعلم بالضبط لماذا يعد المشي مفيدًا جدًا للوقاية من آلام الظهر، ولكن من المحتمل أن يكون ذلك بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الحركات اللطيفة، وتقوية هيكل العمود الفقري وعضلاته، والاسترخاء وتخفيف التوتر، وإطلاق هرمون الإندورفين الذي يُحسِّن المزاج. وبالطبع، نحن نعلم أيضًا أن للمشي العديد من الفوائد الصحية الأخرى، بما في ذلك تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وكثافة العظام، والحفاظ على الوزن الصحي، وتعزيز الصحة النفسية".
المشي يقلّل من تكاليف الرعاية الصحية ويحسن جودة حياة المرضى الذين يعانون من آلام أسفل الظهر
أكدت الدكتورة ناتاشا بوكوفي، المؤلفة الرئيسية للدراسة، على فوائد المشي لآلام أسفل الظهر ، وأشارت إلى أن فوائده لم تقتصر فقط على منح المشاركين فترات أطول خالية من الألم، بل أيضًا من ناحية التكلفة. كما أوضحت أن المشي لم يحسن جودة حياة الأشخاص فحسب، ولكنه قلل أيضًا من حاجتهم للحصول على الرعاية الصحية، وكذلك من مقدار الوقت الذي يضطرون فيه إلى التغيُّب عن العمل بسبب الألم بمقدار النصف تقريبًا.
وأضافت قائلة: "التدخلات التي تعتمد على التمارين الرياضية للوقاية من آلام الظهر والتي تم اكتشافها سابقًا عادةً ما تكون جماعية، وتتطلب إشرافًا سريريًا دقيقًا، ومعدّات باهظة الثمن، لذلك فهي ليست متاحة لغالبية المرضى. وقد أظهرت دراستنا أن المشي كوسيلة تمرين بسيطة، فعالة ومتاحة للجميع، ويمكن تنفيذها بنجاح على نطاق أوسع بكثير من أشكال التمارين الرياضية الأخرى". وبناءً على هذه النتائج، يأمل الباحثون الآن في استكشاف كيف يمكنهم دمج هذا النهج الوقائي في الرعاية الروتينية للمرضى الذين يعانون من آلام أسفل الظهر بشكل متكرر.