الحمل والجلطة الوريدية
كثيرًا ما يُطرح السؤال حول احتمال تعرّض المرأة الحامل لحدوث الجلطة الوريدية أثناء السفر الطويل، مثل السفر لمسافات بعيدة في الطائرة الذي يقتضي الجلوس فترة طويلة. فما هو احتمال حدوث الجلطة الوريدية عند الحامل في مثل هذه الأحوال؟ وما مخاطر ذلك؟
ما هو احتمال حدوث الجلطة الوريدية عند سفر الحامل؟
بداية يمكن القول إن احتمال حدوثها عند سفر المرأة الحامل السليمة صحيًّا هو احتمال ضئيل يبلغ أقل من 1 بالمئة من الحالات، ولكن خطورة حدوث الجلطة الوريدية ترتفع كثيرًا مع زيادة مدة السفر، وعند وجود حالات صحية معينة لدى المرأة الحامل.
ما هي الجلطة الوريدية؟
الجلطة التي نتحدث عنها هنا هي ما يسمى في الطب: التهاب الوريد الخثري العميق، أي حدوث التهاب وتشكّل خثرات داخل الأوردة العميقة في الطرفَين السفليَين. وخطورتها أن هذه الجلطات قد تتحرك مع مَسير الدم في الأوردة حتى تصل إلى الشريان الرئوي لتسبب انسدادًا مفاجئًا فيه (صمامة رئوية) قد تكون قاتلة إذا كانت الجلطة كبيرة ومفاجئة.
تتشكّل الجلطة الوريدية في الأوردة العميقة في الطرفَين السفليَين عند النساء بشكل عام أكثر من الرجال، وفي حالات خاصة تشمل:
- السفر والجلوس الطويل.
- الحمل، ولفترة حوالي شهر بعد الولادة.
- وجود مرض يزيد قابلية الدم للتخثر، مثل بعض الأمراض الوراثية التي تصيب عوامل تخثر الدم.
- وجود قصة مَرضية سابقة لحدوث جلطة وريدية من قَبل.
- وجود قصة عائلية لحدوث الجلطات الوريدية.
- الأمراض التي تؤدي إلى بطء الدورة الدموية، مثل فشل القلب.
- وجود دوالي شديدة في الطرفَين السفليَين.
- التدخين.
- السمنة.
- انتفاخ الرئة ومرض الرئة الانسدادي المزمن.
- السرطان.
- بعد العمليات الجراحية الكبيرة أو الرضوض المهمة.
تمتد الجلطات الوريدية في الطرفَين السفليَين على طول هذه الأوردة، وتصبح كبيرة، ويكون التصاقها بجدران الأوردة ضعيفًا، ولذلك قد تتحرك هذه الجلطات مع مَسير الدم في الأوردة، وتصل إلى الأذين الأيمن، فالبطين الأيمن، ثم إلى الشريان الرئوي حيث يمكن أن تسبب تضيقًا مهمًّا أو حتى انسدادًا تامًّا في واحد أو أكثر من شرايين الرئة، مما يسبب نقصًا حادًّا في وصول الدم إلى الرئتين وصعوبة في اكتساب الأوكسجين، ويؤدي هذا إلى نقص حاد في أوكسجين الدم، وفي وصول الأوكسجين الضروري للحياة إلى كافة خلايا الجسم، وهذه بالطبع تُعتبر حالة إسعافية قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم علاجها بشكل فعال وسريع.
ما هو احتمال حدوث الجلطة الوريدية في سفر الحامل؟
يزداد احتمال تشكل الجلطة الوريدية في الطرفَين السفليَين أثناء الحمل ولفترة حوالي شهر بعد الولادة بسبب الهرمونات الأنثوية التي تزيد من توسّع الأوردة، وكذلك بسبب انضغاط الأوردة في منطقة الحوض تحت ثقل الرحم الحامل مما يؤدي إلى تباطؤ عودة الدم من الطرفَين السفليَين في الدورة الدموية، وبالتالي حدوث نوع من ركودة الدم فيهما، مما يَخلق الظروف المواتية لتشكّلها في الطرفَين السفليَين أثناء الحمل. وقد أجري تقييم مفصّل لنحو 14 دراسة شملت 4055 حالة من الجلطات الوريدية، وأظهر هذا التقييم أن احتمال حدوث الجلطة الوريدية يزداد ثلاثة أضعاف مع السفر بالطائرة، وبشكل يزداد طردًا مع زيادة فترة السفر بنسبة 26% لكل ساعتَين من السفر في الطائرة. وظهَر أن احتمال حدوث أعراض الجلطة الوريدية خلال فترة 8 أسابيع بعد رحلة طويلة في الطائرة (أكثر من 4 ساعات) كان حالة واحدة من 4659 شخصًا تمت متابعتهم (أي 0.02 بالمئة).
أما بالنسبة لارتباط الجلطة الوريدية بالحمل أثناء وبعد السفر في الطائرة فقد بلغت نسبة حدوث الجلطة الوريدية 1.2 حالة من كل 1000، وارتفع احتمال حدوث الجلطة الوريدية في هذه الظروف خمسة أضعاف مع وجود الحمل، خاصة أثناء الأسابيع الستة الأولى بعد الولادة. كما يرتفع احتمال تشكل الجلطة الوريدية إذا كانت الحامل مصابة بعوامل خطورة تزيد احتمال تخثر الدم لديها مثل السمنة والتدخين والاستعداد الوراثي ...
كيف يمكن الوقاية من الجلطة الوريدية أثناء سفر الحامل؟
بشكل عام، تُنصح الحامل باتباع النصائح العامة لمنع تشكل الجلطة الوريدية أثناء السفر، مثل:
- القيام من مقعد الطائرة والمشي قليلا كل ساعتَين.
- الوقوف وتحريك القدمين والساقَين.
- شرب كمية جيدة من الماء.
- ارتداء الجوارب الضاغطة ما أمكن.
- عدم وضع حقائب أو أغراض يمكن أن تعوق حركة الطرفَين السفليَين أثناء السفر.
أما بالنسبة للحوامل المصابات بعوامل خطورة زائدة لحدوث الجلطة الوريدية، فيجب استشارة الطبيب قبل السفر، وربما تحتاج إلى أخذ إبر الهيبارين أو مميعات الدم المناسبة قَبل وبَعد السفر الطويل لمدة 8 أسابيع، مع تذكّر أن القابلية لحدوث الجلطة الوريدية تظل مرتفعة لفترة شهر بعد الولادة.
المصدر:
Flying while pregnant: what is the thrombosis risk? - PMC (nih.gov)