هل الاكتئاب مرض وراثي؟ يُعَد الاكتئاب أحد أكثر اضطرابات الصحة العقلية شيوعًا في العالم في الآونة الأخيرة، إذ قدَّرت الدراسات أن نحو واحد من كل ستة بالغين سيعاني من الاكتئاب في وقت ما خلال حياته. وأكدت الدراسات أن الاكتئاب ليس حالة تؤثر على البالغين فقط، بل يمكن لأي شخص أن يصاب بالاكتئاب، بغض النظر عن عمره وبغض النظر عن جنسه أو عِرقه أو خلفيته. وإذا كان والدك أو أخوك يعاني من الاكتئاب، فربما تشعر بالقلق من احتمالية إصابتك به أيضًا، أو قد تشعر بالقلق من أنك ستنقله إلى طفلك بسبب إصابتك بالاكتئاب، فتُفكِّر: الاكتئاب مرض وراثي.. هل أنا السبب؟
سنحاول في مقالنا هذا بيان الحقيقة حول كون الاكتئاب مرض وراثي أم لا، وسنُلقي الضوء على المزيد من المعلومات حول أسباب الاكتئاب، وطرق الوقاية والعلاج.
الاكتئاب مرض وراثي.. كيمياء المخ وعلاقتها بحدوث الاكتئاب
- يحتوي المخ على مواد كيميائية أو نواقل عصبية تتحكم في العمليات الحيوية للجسم.
- قد يتغير مزاجك إذا كان اثنان من الناقلات العصبية (الدوبامين أو السيروتونين) مرتفعين جدًا أو منخفضين جدًا، فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2016 أن خلل الدوبامين يسبب أعراض الاكتئاب مثل فقدان الاهتمام والتحفيز، ويختلف سبب هذا الخلل من شخص لآخر. ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن التوتر والصدمات تؤدي إلى خلل في الدوبامين ومن ثم ظهور أعراض الاكتئاب.
- لا يفهم الباحثون العلاقة بين الاكتئاب والسيروتونين بشكل كامل. يساعدك السيروتونين على معالجة المشاعر التي تؤثر على المزاج. لذلك، خَلُص العلماء إلى أن زيادة مستويات السيروتونين يمكن أن تكون وسيلة فعالة لعلاج الاكتئاب.
- ونتيجة لذلك، يعالج مقدمو الرعاية الصحية عادةً الاكتئابَ بالأدوية التي تؤثر على تلك المواد الكيميائية في الدماغ، مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs)، أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
الاكتئاب مرض وراثي.. ما أسباب الاكتئاب الأخرى؟
هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى الاكتئاب، فينظر خبراء الصحة العقلية إلى التأثيرات البيولوجية والنفسية والاجتماعية في حياة المريض، وسوف يقومون أيضًا بإلقاء نظرة على الأدوية التي يتناولها المريض، لأن بعضها يمكن أن يسبب الاكتئاب أيضًا.
1. الأسباب البيولوجية
هل الاكتئاب مرض وراثي؟ للأسف، يمكن أن يكون الاكتئاب بيولوجيًا إلى حد كبير، مما يعني أن المصابين به ورثوا جينات تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.
- الجينات الوراثية: اكتَشفت دراسة أجريت عام 2021 في كلية الطب بجامعة ييل وجامعة كاليفورنيا نوعًا مختلفًا من الجينات التي قد تكون مرتبطة بالاكتئاب.
- الصحة البدنية: قد يكون الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية جسدية معيّنة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- الجنس: الإناث أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الذكور، وبينما قد تساهم العوامل الاجتماعية في ذلك، فإن العوامل البيولوجية -مثل الهرمونات- تلعب دورًا بالتأكيد.
2. الأسباب النفسية والاجتماعية
قد تساهم العوامل النفسية والاجتماعية أيضًا في خطر الإصابة بالاكتئاب. يتضمن المكون النفسي للنموذج البيولوجي النفسي الاجتماعي ما يلي:
- احترام الذات.
- مهارات التأقلم.
- العاطفية.
ويمثل المكون الاجتماعي، من بين أمور أخرى، ما يلي:
- الظروف العائلية.
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي
- العلاقات بالأقران.
- مستوى التعليم.
ويَعتقد الخبراء أن العوامل النفسية والاجتماعية من المحتمل أن تتحد مع العوامل الوراثية لتحديد خطر إصابة الشخص بالاكتئاب.
3. تأثير الأسرة
يمكن للوالدَين المصابَين بالاكتئاب أن يلعبوا دَورًا مباشرًا في تطور الاكتئاب لدى أطفالهم بما يتجاوز الجينات، فقد يلتقط الأطفال أفكارًا وسلوكيات من والديهم، مما يزيد من خطر إصابتهم بالاكتئاب.
وقد يؤثر اكتئاب الوالدَين على الأطفال عاطفيًا وسلوكيًا، فالأطفال الذين يولدون لأمهات مصابات بالاكتئاب قد يبكون أكثر، في حين أن الأطفال الصغار قد يكونون أكثر انزعاجًا أو أكثر عدوانية.
وقد يكون الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسطة والمراهقة أكثر عرضة لما يلي:
- عدم الشعور بالكفاءة الاجتماعية.
- تفسير الأحداث الغامضة بشكل سلبي.
- لوم أنفسهم على أي شيء سلبي.
- عدم الشعور بقيمة أنفسهم واحترامهم لذاتهم.
ماذا تفعل إذا كان لديك تاريخ عائلي لمرض الاكتئاب؟
- نظرًا لأن تاريخ العائلة المَرَضي يمكن أن يساهم في خطر الإصابة بالاكتئاب بأكثر من طريقة، فمن المهم أن تكون على دراية إذا كان لديك أفراد في العائلة تم تشخيص إصابتهم بهذه الحالة.
- أهم شيء يمكنك فعله حيال ذلك هو الاهتمام الوثيق بحالتك المزاجية، فيمكن أن يساعدك الاحتفاظ بمذكرات الحالة المزاجية في تتبع حالتك المزاجية بمرور الوقت، كما يوضح لك الأشياء التي تؤثر على عواطفك.
- يُعَد فهم حالتك المزاجية الطبيعية والتوافق مع أي تغييرات أمر مهم للغاية. لذلك، إذا لاحظت تغييرًا حتى لو كان بسيطًا، ففكِّر فورًا في طلب المساعدة.
- قد تفكر في التحدث مع أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء الذين تثق بهم، أو أحد الأطباء.
- كن أيضًا على دراية بكيفية علاج أفراد الأسرة المصابين بالاكتئاب وكيفية استجابتهم لهذا العلاج، فيمكن أخذ الأدوية التي كانت مفيدة لأفراد الأسرة المقرَّبين الذين يعانون من الاكتئاب سابقًا في الاعتبار لعلاجك إذا تم تشخيص إصابتك بالاكتئاب.
كيف يمكن الوقاية من الاكتئاب؟
هناك بعض النصائح التي قد تساعد في الوقاية من الاكتئاب مثل:
- تقليل التوتر والضغوط النفسية وممارسة تمارين اليقظة الذهنية واليوجا.
- ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم يوميًا.
- اتباع نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والعناصر المهمة لحيوية الجسم.
- تقليل مدة استخدام الهواتف المحمولة وتجنب الإسراف في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
- تحسين جودة النوم.
الاكتئاب مرض وراثي.. الخلاصة
- يمكن أن يكون الشخص معرَّضًا لخطر الإصابة بالاكتئاب إذا كان أفراد الأسرة المقربين -مثل الوالدين أو الأشقاء- مصابين بهذه الحالة.
- ومع ذلك، ما تزال هناك أبحاث حول الطريقة المحددة التي ينتقل بها الاكتئاب في العائلات، إذ إن تاريخ العائلة لا يعني دائمًا أن الشخص سيعاني من الاكتئاب.
- ولكن في النهاية، إذا كان لديك تاريخ عائلي من الإصابة بالاكتئاب، فهناك بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها، تشمل: إدراك حالتك المزاجية وأي تغييرات، وطلب المساعدة من مقدم الرعاية الصحية، أو أخصائي الصحة العقلية.
