تعتبر متلازمة رينود حالة شائعة تصيب عددًا كبيرًا من الناس، ومع ذلك لم يتم التوصل لعلاج دقيق متخصص لهذه الحالة. بعد اكتشاف العلماء أسبابًا وراثية جينية لمتلازمة رينود فُتح المجال أمام اكتشاف أدوية جديدة، أو إعادة توظيف أدوية موجودة بالفعل لتعمل بشكل انتقائي على هذه الأسباب الوراثية، وبالتالي تعمل بفاعلية أكبر على علاج هذه الحالة.
تم إجراء دراسة على مرضى مصابين بداء رينود لمقارنة معلوماتهم الوراثية وبياناتهم الصحية بآخرين غير مصابين بهذه المتلازمة، ومن خلال هذه الدراسة اكتشف العلماء جينتَين نشيطتَين بشكل أكبر لدى المصابين بالمتلازمة مقارنة بالآخرين غير المصابين بها.
سنتعرف في هذا المقال على هذه الدراسة وتفاصيلها، لكن بعد التعرف على مرض رينود وأعراضه وأساليب علاجه المختلفة. يمكن تلخيص عناوين المقال فيما يلي:
- نبذة عن متلازمة رينود: تعريف المتلازمة، شيوع المتلازمة، أعراض متلازمة رينود، العلاج، سواء العلاج السلوكي، أو العلاج الدوائي.
- الدراسة التي توضح الأسباب الوراثية لمتلازمة رينود: تفاصيل الدراسة، النتائج، الجينات المسؤولة (الجين الأول: مستقبلات ألفا A2، الجين الثاني: عامل النسخ IRX1).
- مميزات وعيوب الدراسة.
ما هي متلازمة رينود؟
هي حالة تتسبب في تشنج وانقباض الأوعية الدموية الصغيرة تحت الجلد في اليدين والقدمين، مما يسبب إحساسًا بالخدر والتنميل والألم في الأصابع، وتحوّل الجلد إلى اللون الأبيض ثم إلى اللون الأزرق. تنجم هذه الحالة عن التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة، أو التعرض للتوتر أو لضغط نفسي.
شيوع متلازمة رينود
لمعرفة أكثر عن شيوع متلازمة رينود اقرأ ما يلي:
- تعتبر متلازمة رينود حالة شائعة نسبيًا، إذ تؤثر على 2-5% من عامة السكان.
- تصيب المتلازمة الإناث بنسبة أكبر من الذكور، بما يعادل 4 إناث لكل ذكر واحد مصاب.
- غالبًا ما يتم تشخيص متلازمة رينود لدى الفتيات خلال فترة المراهقة، ولدى النساء في فترة العشرينيات من عمرهنّ.
أعراض متلازمة رينود
من أهم الأعراض لمتلازمة رينود الآتي:
- ألم وتنميل في أصابع اليدين والقدمين.
- صعوبة تحريك اليدين أو القدمين أثناء نوبة رينود.
- تحوّل لون الجلد للون الأبيض.
علاج متلازمة رينود
من العلاجات المهمة لمتلازمة رينود الآتي:
1.خَطّ العلاج الأول
يُعتبر خَط العلاج الأول لمتلازمة رينود هو التدخل السلوكي، مثل الحفاظ على دفء الجسم والأطراف، وتجنب تناول الأدوية التي تسبب انقباض الأوعية الدموية. تشمل هذه الأدوية مزيلات الاحتقان، وبعض أدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط المتاحة دون وصفة طبية.
التدخل الدوائي
إذا لم تكن التغيرات السلوكية كافية، يصف الأطباء عادة أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم. على الرغم من كون هذه الأدوية تعمل على توسيع الأوعية الدموية، لكنها يمكن أن تكون مصدرًا لأعراض جانبية غير مرغوب فيها عند أصحاب ضغط الدم الطبيعي أو المنخفض. يمكن أن تسبب أيضًا أعراضًا مثل الصداع وتورم الساق والإمساك وأعراض الجهاز الهضمي الأخرى.
متلازمة رينود الثانوية
متلازمة رينود الثانوية هي حالة نادرة تحدث لدى الأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك مرض الذئبة الحمامية وتصلب الجلد، يمكن أن تتسبب هذه الحالة بحدوث أعراض خطيرة مثل القرحة والغرغرينا على الأصابع، والتي قد تصل إلى موت الأطراف.
الدراسة الجديدة التي توضح الأسباب الوراثية الجينية لمتلازمة رينود
كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن للوراثة دورًا في الإصابة بمتلازمة رينود، فقد وجِد أن نصف المرضى الذين يعانون من هذه الحالة لديهم فرد آخر يعاني من نفس الحالة في العائلة.
تفاصيل الدراسة
أجرت مجموعة من العلماء دراسة للمعلومات الوراثية لدى نحو 500 ألف مشارك في البنك الحيوي البريطاني الذي يحتوي على سجلاتهم الصحية وبنْيتهم الوراثية، والذي مكَّنهم من تحديد أكثر من 5000 مصاب بمتلازمة رينود.
باستخدام هذه السجلّات، تمكّن العلماء من الوصول لمعلومات توضح علاقة الاختلاف في البنية الوراثية بين المصابين بمتلازمة رينود والآخرين غير المصابين بها، بالإضافة إلى حصولهم على معلومات عن تاريخ الإصابة بالمتلازمة، ومتى ظهرت أول مرة، وما هي الأمراض المصاحِبة لها.
النتائج
اكتشف العلماء اختلافاً بوجود جينتَين محددتَين لدى المصابين بمتلازمة رينود:
- الجين الأولى
الجين المسؤولة عن مستقبلات ألفا-2A، وهو مستقبِل أدرينالي يتسبب في انقباض الأوعية الدموية الصغيرة في الأطراف عند التعرض للتوتر أو لضغط خارجي مثل الجو البارد، وبالتالي يحتاج الجسم أن يزود أعضاء الجسم الداخلية بالدم. يكون هذا المستقبِل نشِطاً بشكل أكبر لدى مرضى رينود.
- الجين الثانية
الجين المسؤولة عن عامل النسخ IRX1 والذي يعمل على تنظيم قدرة الأوعية الدموية على التوسّع. في حالة زيادة إنتاج هذا العامل، لا تتمكّن الأوعية الدموية المنقبِضة من الاسترخاء كما يَحدث في الوضع الطبيعي، وهو ما يسبب التشنج والانقباض في الأوعية الدموية لدى مرضى رينود.
نتيجة لهذَين التأثرَين، يتم إمداد الأوعية الدموية بكمية غير كافية من الدم لفترة أطول من الوقت، مما يؤدي إلى تحوّل أصابع اليدين والقدمين إلى اللون الأبيض.
مميزات الدراسة
من مميزات هذه الدراسة الآتي:
- توصلت الدراسة لتحديد السبب وراء كل من الانقباض السريع للأوعية الدموية الصغيرة، وبطء توسعها مرة أخرى.
- تحديد السبب الجيني الصحيح، فقد كان التركيز دائمًا على مستقبِلات ألفا 2C، وليس مستقبِلات ألفا A2، وربما يكون هذا هو السبب وراء عدم فعالية العلاجات السابقة التي كانت تستهدف مستقبلات ألفا 2C.
- فتحت هذه الدراسة الباب أمام اكتشاف أدوية فعالة متخصصة تستهدف هذه العوامل الجينية تحديدًا.
- كما فتحت الباب أمام إعادة توظيف أدوية أخرى معروفة بقصد علاج متلازمة رينود نتيجة لقدرتها على التأثير على هذه المستقبِلات، مثل دواء مرتازابين، وهو دواء مضاد للاكتئاب يعمل كمثبط انتقائي لمستقبِلات ألفا A2، والذي يمكن أن يكون مرشَّحًا واعِدًا لإعادة توظيفه لعلاج متلازمة رينود.
عيوب الدراسة
من عيوب هذه الدراسة الآتي:
- مرضى رينود أصحاب الحالات الخفيفة والذين لم يحتاجوا رعاية طبية لم يتم تمثيلهم في الدراسة.
- ربما تكون الدراسة قد شملت مرضى تم تشخيص إصابتهم بمتلازمة رينود بشكل خاطئ في حين أنهم ربما كانوا يعانون من حالة أخرى.
- يضم البنك الحيوي البريطاني بيانات لأفراد ينحدر معظمهم من أصول أوروبية، لذا يجب إجراء دراسة أخرى تؤكد هذه النتائج على مجموعة سكانية أكثر تنوعًا.
المصادر: