تؤثر التغيرات السكانية وتتغير بعمق مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية في دول العالم، كما تعتبر توقعات الإنجاب والوفيات عوامل مهمة للغاية في تقدير التغيرات السكانية ووضع الخطط الاقتصادية والسياسية. نشرت المجلة العلمية المعتمدة لانسيت Lancet بحثاً مهماً شارك فيه عشرات العلماء من دول عديدة لدراسة التغيرات السكانية في العالم وتوقع تغيراتها في الفترة من 2017 حتى 2100.
قام الباحثون بعمل نموذج إحصائي للتغيرات السكانية آخذين بعين الاعتبار نسبة الولادات والوفيات والهجرات في 195 دولة من دول العالم، واستخدموا برنامج كومبيوتر لدراسة مسارات عديدة مختلفة في الوصول إلى توقعاتهم، ودراسة نسب الوفيات من الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية، وأنماط الهجرات في العالم. وقاموا بحساب التطورات التعليمية، وانتشار استخدام وسائل منع الحمل، ونتيجة كل ذلك على تعداد السكان في كل دولة وكل منطقة في العالم.
ما هي نتائج هذه الدراسة السكانية العالمية؟
توقعت هذه الدراسة أن معدل الولادات العام سيكون في سنة 2100 نحو 1.66، أي أقل من 2.1، وهو معدل التعويض، إذ يقدر علماء السكان أن انخفاض معدل الولادات إلى أقل من 2.1 يؤدي إلى انخفاض عدد السكان. كان معدل الولادات في الخسمينيات حوالي 4.7، وبلغ معدل الولادات سنة 2017 نحو 2.4 سنة 2017. وإن انخفاض معدل الولادات إلى 1.66 يعني أن تعداد السكان في العالم سيكون في تناقص!
توقع المسار الأساسي في هذه الدراسة أن عدد سكان العالم سيبلغ أقصاه سنة 2064 حين سيبلغ 9.73 مليار إنسان (المجال 8.84 – 10.9)، وستكون أكثر دول العالم سكاناً هي الهند، تليها نيجيريا، فالصين، فالولايات المتحدة الأمريكية، ثم باكستان. كما سيكون عدد المسنين، الذين أعمارهم أكثر من 65 سنة، حوالي 2.37 ملياراً، وسيكون هذا أكثر من عدد الشباب، الذين أعمارهم أقل من 20 سنة، الذي سيبلغ نحو 1.70 ملياراً. كما توقعت أن معدل الولادات مع حلول سنة 2050، سيكون أقل من 2 في 151 دولة. ومع حلول سنة 2100، سيكون معدل الولادات أقل من 2 في نحو 183 دولة. ستعاني 23 دولة تشمل اليابان وتايلاند واسبانيا من انخفاض عدد سكانها إلى أقل من النصف في الفترة 2017-2100. ستكون الصين صاحبة أكبر اقتصاد في العالم مع حلول سنة 2035، إنما سينخفض عدد سكانها بنسبة 48 بالمئة، وستعود الولايات المتحدة الأمريكية لتكون أكبر اقتصاد عالمي سنة 2098.
قدرت الدراسة أن ثلثي نتائج انخفاض عدد السكان العالمي ترجع إلى انخفاض نسبة الولادات إلى أقل من معدل التعويض في كثير من الدول، خاصة في الصين والهند. كما أن ثلث النتائج ترجع إلى تسارع انخفاض معدل الولادات في أفريقيا.
قدرت مسارات أخرى في هذه الدراسة أن عدد سكان العالم سيبلغ سنة 2100 نحو 6.29 مليار إنسان (المجال 4.82 – 8.73)، أو نحو 6.88 ملياراً (المجال 5.27 – 9.51). ربما سيتراوح متوسط عمر الإنسان من 69.4 إلى 88.9 سنة. ومن المتوقع أن متوسط عمر الإنسان في معظم دول جنوب الصحراء في أفريقيا سيكون حوالي 75 سنة.
استنتاجات الدراسة
- تقترح هذه الدراسة أن استمرار ميل الإناث إلى التعليم والعمل، وسهولة توفير وسائل تحديد النسل سيسرع انخفاض معدل نسبة الولادات.
- سيؤدي الاستمرار في جهود تحديد النسل إلى نقص عدد السكان، وإلى انخفاض معدل الخصوبة إلى أقل من 2 (معدل التعويض) في كثير من الدول، مثل الصين والهند.
- سيكون لانخفاض عدد السكان نتائج اقتصادية واجتماعية وبيئية وجيوسياسية مهمة.
- سيكون لتطبيق سياسات الاستمرار في تخفيض نسبة الولادات، ولمتابعة ودعم الصحة الإنجابية للإناث نتائج حاسمة في السنوات القادمة.
- سيكون لانخفاض عدد سكان العالم نتائج إيجابية على البيئة، والتغير المناخي، وانتاج الأغذية، وربما نتائج سلبية على توفر القوى العاملة، والنمو الاقتصادي، وأنظمة الرعاية الاجتماعية في الدول التي ستعاني من انخفاض أكبر في عدد سكانها.
انخفاض عدد الحيوانات المنوية عند الرجال!
أظهرت دراسات حديثة أخرى انخفاض عدد الحيوانات المنوية عالمياً بنسبة بلغت نحو 51 بالمئة، وكذلك انخفاض معدل نشاطها، خلال الخمسين سنة الماضية. كما تراجع متوسط عدد الحيوانات المنوية من نحو 100 مليون في كل ميليليتر من السائل المنوي في السبعينيات، إلى نحو 50 مليون سنة 2020. ربما ترجع أسباب هذا التراجع إلى العوامل التالية:
- السمنة.
- تعاطي مواد ضارة، مثل التدخين والمشروبات الكحولية والمخدرات والمنشطات الهرمونية.
- الأمراض الجنسية، مثل السيلان والزهري والكلاميديا والفيروسات الجنسية.
- الملوثات، مثل البلاستيك والمبيدات والإشعاعات التي تسبب الاضطرابات الهورمونية وتؤثر على انتاج الحيوانات المنوية.
هل من اقتراحات وحلول عملية؟
بدأت بعض الدول المتأثرة كثيراً بانخفاض عدد سكانها، مثل السويد وألمانيا، بتطبيق بعض الإجراءات التشجيعية على الإنجاب وعلى تشجيع الهجرة إليها، ومنح امتيازات مادية مثل إجازات الأمومة والأبوة ورعاية الأطفال، ومحاربة العنصرية ضد الأفارقة والمهاجرين ... وتعتبر مثل هذه الإجراءات أموراً وجودية حاسمة، لأن انخفاض معدل الولادات إلى أقل من معدل التعويض قد يشكل خطراً وجودياً على مستقبل الدول، وعلى مستقبل الإنسانية.
المصادر:
الخصوبة: تراجع "مذهل" في نسبة الولادات عبر العالم - BBC News عربي
الخصوبة: لماذا ينخفض معدل الحيوانات المنوية لدى الرجال عالمياً؟ - BBC News عربي