التهاب المثانة الخلالي (Interstitial cystitis) أو متلازمة المثانة المؤلمة يعاني فيها المرضى من ضغط وألم في المثانة وألم الحوض في بعض الأحيان، ويمكن أن يكون الألم خفيفًا أو شديدًا، فالمثانة هي عضو عضلي مجوف وظيفته تخزين البول، وتتمدد المثانة حتى تمتلئ ثم ترسل إشارات إلى المخ بحلول وقت التبول، ويكون التواصل عبر الأعصاب الموجودة في الحوض، وتسبب هذه العملية إثارة الشعور بالحاجة إلى التبول لدى معظم الأشخاص، وعند الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي تختلط هذه الإشارات بحيث يشعر الشخص بحاجته إلى التبول أكثر وبكميات بول أقل من معظم الأشخاص العاديين.
أعراض التهاب المثانة الخلالي
تختلف الأعراض من شخص لآخر من المصابين بمتلازمة المثانة المؤلمة، ويمكن أن تتغير الأعراض كل يوم أو أسبوع، ويمكن أن تستمر الأعراض لأشهر أو سنوات، وقد تختفي الأعراض من تلقاء نفسها دون علاج، ويمكن أن تتضمن علامات وأعراض التهاب المثانة الخلالي ما يلي:
- ألم مزمن في الحوض.
- شعور بالحاجة المستمرة والملحة للتبول.
- الإحساس بالألم أثناء الجماع.
- وجود ألم في الحوض أو بين المهبل وفتحة الشرج بالنسبة للنساء، أو بين كيس الصفن وفتحة الشرج بالنسبة للرجال (منطقة العِجان).
- تكرار التبول بكميات قليلة خلال فترات النهار والليل، حيث يمكن أن يتبول المصابون بالتهاب المثانة الخلالي الحاد حوالي 60 مرة في اليوم.
- الإحساس بالألم أو عدم الراحة عندما تمتلئ المثانة أو تفرغ بعد التبول.
وغالبًا ما تتفاوت حدة أعراض التهاب المثانة الخلالي، وقد يمر بعض المصابين بفترات لا تظهر فيها الأعراض، وعلى الرغم من تشابه العلامات والأعراض في كل من التهاب المثانة الخلالي وعدوى المسالك البولية المزمنة، فإن زرع البول عادة ما يخلو من وجود البكتيريا. ومع ذلك، يمكن أن تتفاقم الأعراض إذا أصيب من يعاني من التهاب المثانة الخلالي بعدوى المسالك البولية.
أسباب التهاب المثانة الخلالي
لم يتم التوصل إلى السبب الدقيق للإصابة بالتهاب المثانة الخلالي، ولكن يحتمل أن تؤدي العديد من العوامل إلى هذا المرض، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يعاني المصابون بالتهاب المثانة الخلالي أيضًا من وجود عيب في البطانة الداخلية للمثانة، فحدوث تسريب من بطانة المثانة قد يجعل المواد السُّمية في البول تهيج جدار المثانة بالتماس المباشر، وتشمل العوامل المقترحة الأخرى التي لم يثبت تأثيرها والتي يمكن أن تتسبب في التهاب المثانة الخلالي: التفاعل المناعي الذاتي، أو الوراثة، أو العدوى، أو الحساسية.
وتكون النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المثانة الخلالي من الرجال، ويصاب أغلب مرضى التهاب المثانة الخلالي بهذا المرض في الثلاثينيات من عمرهم فما فوق، ويمكن أن ترتبط الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي باضطراب مؤلم مزمن آخر، مثل متلازمة الأمعاء المتهيجة أو الألم العضلي الليفي.
مضاعفات التهاب المثانة الخلالي
بعض الحالات لا تظهر عليها أي أعراض، والبعض الآخر قد تستمر لديهم الأعراض من شهور إلى سنوات، وقد تختفي الأعراض من تلقاء نفسها، لكن إذا استمرت الأعراض دون تشخيص أو علاج قد تتطور وتسبب بعض المضاعفات، والتي تشمل ما يلي:
- تقليل سعة المثانة.
- مشكلات الحميمية أثناء الجماع.
- الاضطرابات العاطفية، إذ من الممكن أن يؤدي الألم المزمن والنوم المتقطع المصاحبان لالتهاب المثانة الخلالي إلى الإجهاد العاطفي، ويمكن أن يؤديا إلى الاكتئاب.
تشخيص التهاب المثانة الخلالي
لا توجد اختبارات محددة لتشخص التهاب المثانة الخلالي (IC) أو متلازمة المثانة المؤلمة (BPS)، ومع ذلك سيطلب منك الطبيب إجراء اختبارات لاستبعاد حالات العدوى أو الحالات الأخرى، وقد تشمل طرق التشخيص ما يلي:
- التاريخ المرَضي والفحص الطبي: سيطلب منك الطبيب وصف الأعراض التي تعاني منها، ويمكن أن يطلب منك أيضًا الاحتفاظ بدفتر يوميات يتضمن معلومات حول عمل المثانة، بحيث تسجل كمية السوائل التي تشربها وكمية البول التي تخرجها، وأثناء فحص الحوض يفحص الطبيب الأعضاء التناسلية الخارجية والمهبل والرحم، ويحسس على البطن لتقييم أعضاء الحوض الداخلية، وقد يفحص الطبيب أيضًا فتحة الشرج والمستقيم.
- تحليل البول: تحليل عينة من البول للتأكد من عدم وجود عدوى المسالك البولية.
- اختبار حساسية البوتاسيوم: وفي هذا الاختبار، يضع الطبيب محلولين، وهما المياه وكلوريد البوتاسيوم، في المثانة، حيث يضع أحد المحلولين في كل مرة. ويطلب منك تقييم حدة الألم على أساس مقياس من 0 إلى 5، وكذلك مدى الإلحاح الذي تشعر به عند حقن كل محلول. وإذا شعرت بألم كبير بشكل ملحوظ أو بالحاجة الملحة إلى التبول مع محلول البوتاسيوم أكثر من الماء، فقد يشخص الطبيب الحالة بالتهاب المثانة الخلالي، إذ يتعذر على الأشخاص الذين يتمتعون بمثانة طبيعية أن يفرّقوا بين المحلولين.
- تنظير المثانة: خلال تنظير المثانة تحت التخدير قد يأخذ الطبيب عينة (خزعة) من المثانة ليفحصها تحت المجهر، ويقوم الطبيب بهذا الإجراء للتأكد من عدم إصابة المثانة بالسرطان أو الأسباب النادرة الأخرى لآلام المثانة.
طرق علاج التهاب المثانة الخلالي
يصعب علاج التهاب المثانة الخلالي بشكل تام، مع ذلك هناك طرق عديدة لتحسين هذه الحالة، والهدف من العلاج هو تخفيف الأعراض، وسيعمل الطبيب معك لتحديد العلاج الأنسب للحالة، وقد يجمع بعض العلاجات مع بعض، ولا يستطيع الطبيب التنبؤ بكيفية استجابة جسمك لكل علاج، فيجب أن تخضع لتجارب علاج مختلفة، وقد تختفي الأعراض أو تصبح أكثر خطورة، وحتى إذا اختفت الأعراض فإنها قد تعود لاحقاً، وقد تشمل العلاجات ما يلي:
-
العلاج الطبيعي
تعمل عضلات الحوض على تثبيت المثانة في مكانها، وتساعد على التحكم في وقت التبول، وقد تساعد ممارسة التمارين وتمديد وإرخاء عضلات الحوض بشكل خاص في تخفيف أعراض التهاب المثانة الخلالي، لذا يقوم أخصائي العلاج الطبيعي بمساعدة المريض بالتخفيف من آلام الحوض المصاحبة لألم العضلات أو الأنسجة الضامة المقيدة، والعمل على إراحة عضلات قاع الحوض بشكل كافٍ.
-
العلاج الدوائي
هناك العديد من الأدوية التي قد تساعد في تخفيف أعراض المرض، ومنها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ومضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات: مثل أميتريبتيلين (Amitriptyline) أو إيميبرامين (Imipramine)، ومضادات الهيستامين: مثل لوراتادين (Loratadine).
-
تحفيز العصب
وتشمل تقنيات تحفيز العصب ما يأتي: تنبيه العصب كهربائيًا عبر الجلد، حيث يقوم الطبيب بإرسال نبضات كهربائية خفيفة عبر الجلد لتخفيف آلام الحوض وتقليل تكرار التبول، أو عن طريق تحفيز العصب العجزي (Sacral nerve)، حيث يساعد تحفيز العصب العجزي على التقليل من إلحاح البول المرتبط بالتهاب المثانة الخلالي.
-
معالجة المثانة بالتقطير
يقوم الطبيب باستخدام محلول ثنائي مثيل سلفوكسيد (Dimethyl sulfoxide) وحقنه في المثانة عن طريق أنبوب القسطرة من خلال الإحليل، ويبقى المحلول في المثانة 15 دقيقة، ثم يتبول المريض ويخرج المحلول. وقد يستمر العلاج بهذه الطريقة أسبوعيًا لمدة 6 - 8 أسابيع.
-
الجراحة
تعدّ الجراحة الخيار الأخير في علاج التهاب المثانة الخلاليّ، تُستخدم العمليات الجراحية للمرضى الذين يعانون ألمًا شديدًا لا يمكن تحمله، ومن العمليات الجراحية ما يأتي:
- الصعق الكهربائي (Fulguration): يُستخدم هذا الإجراء الطفيف التوغل للتخلص من التقرحات الموجودة في بطانة المثانة.
- القطع (Resection): يعدّ هذا الخيار إجراءً طفيف التوغل، حيث يقوم الطبيب بإدخال أدوات عبر مجرى البول (الإحليل) لقطع مناطق محيطة بالتقرحات.
- تضخيم المثانة (Bladder augmentation): يقوم الطبيب بزيادة حجم المثانة عن طريق وضع رقعة من الأمعاء على المثانة، لا تُستخدم هذه العملية إلا في حالات محددة قليلة.
توصيات لمرضى التهاب المثانة الخلالي
تخف الأعراض لدى بعض المصابين بالتهاب المثانة الخلالي من خلال اتباع بعض الاستراتيجيات، فقد تساعد النصائح الآتية في تقليل مدة وشدة نوبات التهاب المثانة الخلالي (متلازمة المثانة المؤلمة):
-
تغيير النظام الغذائي: يمكن أن يفيد عدم تناول الأطعمة التي من المحتمل أن تتسبب في تهييج المثانة أو التقليل منها في النظام الغذائي في التخلص من الآلام المصاحبة لالتهاب المثانة الخلالي، وتشمل المهيجات الشائعة للمثانة: المشروبات الغازية، والكافيين بجميع أشكاله، بما في ذلك الشوكولاتة، والمنتجات الحمضية والتوابل الحارة، والأطعمة التي تحتوي على تركيزات عالية من الفيتامين ج مثل الفليفلة الخضراء والبندورة.
ويجب أيضًا الابتعاد عن الأطعمة المشابهة مثل الطماطم والأطعمة المخلَّلة والكحول والتوابل. يمكن أن تتسبب المُحلِّيات الصناعية في تفاقم الأعراض لدى بعض المرضى، وإذا كنت تعتقد أن أطعمة معينة تتسبب في تهيج المثانة لديك، فحاول استبعادها من نظامك الغذائي. أعد تضمين تلك الأطعمة في النظام الغذائي كل منها على حدة في المرة الواحدة، وانتبه أيها -إن وجِد- يؤثر في العلامات والأعراض التي تنتابك.
- تمرين المثانة: يتضمن تمرين المثانة التبول الموقوت، بأن يذهب المريض إلى الحمام وفقًا لمدة زمنية معينة بدلاً من الانتظار إلى أن يشعر بالحاجة إلى الذهاب للتبول، ومن هنا يبدأ المريض التبول في فترات زمنية محددة، كأن تكون كل نصف ساعة، سواء أكان يريد التبول أم لا، وبعد ذلك، ينتظر فترات أطول بشكل تدريجي للذهاب إلى الحمام وأثناء تمرين المثانة، يمكن أن يتعلم المريض التحكم في حاجته للتبول عن طريق استخدام أساليب الاسترخاء، مثل التنفس ببطء وبعمق أو يلهي نفسه في نشاط آخر.
- ارتداء ملابس فضفاضة وتجنب ارتداء الأحزمة أو الملابس التي تضغط على البطن.
- التخلص من التوتر وتجربة طرق مثل التخيل أو الارتجاع البيولوجي.
- إن كان المريض من المدخنين، فليتوقف عن ذلك، إذ يمكن أن يعمل التدخين على تفاقم أي مرض مؤلم، كما أن التدخين يسبب سرطان المثانة.
- ممارسة الرياضة، فقد تفيد تمارين الشد البسيطة في التقليل من أعراض التهاب المثانة الخلالي.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
هل يمكن الشفاء من التهاب المثانة الخلالي ؟
لا يمكن الشفاء بشكل نهائي من هذا الالتهاب، وهو لا يعتبر نوعًا من العدوى، ولكن الأعراض يمكن أن تختفي وتظهر مرة أخرى، ويمكن ألا تظهر أعراض أيضاً، وقد تختفي الأعراض وتظهر بشكل أشد، أو قد تستمر شهور أو سنوات، لكن هناك بعض التوصيات والنصائح التي يمكن أن تقلل من حدة نوبات التهاب المثانة الخلالي، كما ذكرنا سابقاً خلال المقال.
ما هي أعراض التهاب المثانة الخلالي؟
يشعر المريض بحالة ملحة ومستمرة للتبول، وتكون كمية البول صغيرة، فقد يصل عدد مرات التبول إلى 60 مرة يومياً، ويشعر المريض بالألم وعدم الارتياح عند امتلاء المثانة ولا يشعر بالراحة بعد التبول.
هل يظهر التهاب المثانة الخلالي في السونار؟
يمكن أن يستخدم جهاز السونار أو التصوير بالموجات فوق الصوتية في تشخيص التهاب المثانة الخلالي ويظهر ذلك بكفاءة عالية.
ختاماً، التهاب المثانة الخلالي أو متلازمة آلام المثانة هي حالة شائعة تسبب عدم الراحة في منطقة المثانة، وتؤثر على تكرار وإلحاح استخدام الحمام، فإذا لاحظت أيًا من أعراض التهاب المثانة الخلالي تحدث إلى الطبيب المختص لإجراء الاختبارات المطلوبة لتشخيص الحالة واستبعاد الحالات الأخرى، والعمل لتطوير خطة العلاج الأكثر فعالية.