وافقت اللجنة الاستشارية لهيئة الغذاء والدواء الأميركية بالإجماع في يوم 10 يونيو/حزيران 2022 على استخدام دواء وراثي (جِيني) جديد اسمه (بيتي-سل Beti-cel) لعلاج حالات فقر الدم من نوع الثلاسيميا (فقر دم البحر الأبيض المتوسط) الشديدة التي يحتاج المصابون بها إلى إجراءات نقل الدم بشكل متكرر، وتشكل خطورة على حياتهم.
ما هو مرض فقر دم الثلاسيميا؟
الثلاسيميا هو فقر دم وراثي نادر يصنع فيه الجسم نوعاً غير طبيعي من خضاب الدم (الهيموغلوبين). وخضاب الدم هو البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء الذي ينقل الأكسجين من الرئتين إلى كافة خلايا الجسم. يؤدي مرض الثلاسيميا إلى زيادة تدمير خلايا الدم الحمراء مما يؤدي إلى فقر الدم، وحدوث اختلاطات وتشوهات، وإلى زيادة نسبة الوفاة.
يحدث هذا النوع من فقر الدم بنسبة أكبر في دول البحر الأبيض المتوسط.
والثلاسيميا مرض وراثي ينتقل من الوالدَين إلى الأولاد بدرجات متفاوتة في الشدة. وبشكل عام، إذا كان كلا الوالِدين يحمِلان المُورِّثة (الجِين) التي تسبب هذا المرض، وانتقلت مُورِّثَتان إلى أحد الأولاد فهذا يعني أن هذا الطفل سيتعرض للإصابة بالنوع الشديد من الثلاسيميا، أما إذا انتقلت مُورِّثة واحدة فقط إلى أحد الأطفال، فسيؤدي ذلك لإصابة هذا الطفل بالنوع الخفيف من هذا المرض.
هناك نوعان رئيسيان من مرض الثلاسيميا هما: النوع ألفا، والنوع بيتا، مع وجود أنماط مختلفة في كل منهما. النوع الذي ثبتت فائدة العلاج الوراثي الجديد فيه هو نوع الثلاسيميا بيتا الشديدة التي يحتاج فيها المريض إلى إجراءات نقل الدم بشكل متكرر يؤدي إلى حدوث أعراض واختلاطات شديدة، مثل:
- زيادة الحديد في الجسم، التي قد تؤدي إلى ترسب الحديد في عضلة القلب وفي الكبد والغدد، وبالتالي حدوث اضطرابات في عمل هذه الأعضاء.
- زيادة العدوى بالجراثيم وحدوث الأمراض الإنتانية.
- تشوهات العظام، خاصة في الوجه والجمجمة، بسبب فرط نشاط نقي العظام لتعويض فقر الدم.
- تضخم الطحال بسبب زيادة نشاطه في تعويض فقر الدم.
- تأخر النمو والبلوغ.
- الإصابة بالحصيات في المرارة بسبب زيادة انحلال كريات الدم الحمراء.
ما هي أساليب الوقاية والعلاج المتوفرة حالياً لهذا المرض؟
احتياطات الوقاية
- اتباع نظام غذائي صحي.
- عدم تناول مكملات غذائية تحتوي على مركبات الحديد. ولكن من المفيد تناول الفيتامينات من نوع حمض الفوليك، والفيتامين د، وتناول الكالسيوم.
- اتباع إجراءات الوقاية من العدوى، مثل غسل اليدين، والتباعد الاجتماعي عن المرضى الآخرين، وأخذ اللقاحات المناسبة.
العلاج
- نقل الدم المتكرر لتعويض النقص الشديد في خضاب الدم والكريات الحمراء.
- زرع نقي العظام، وهي عملية عالية التكاليف تحتاج لوجود المتبرعين المناسبين وراثياً، وتلقي علاج كيميائي وإشعاعي شديد.
- احتمال الحاجة إلى عمليات جراحية لاستئصال تضخم الطحال وحصيات المرارة.
- زرع الخلايا الجذعية، وهي أيضاً عملية عالية التكاليف ولا تتوفر إلا في مراكز متخصصة.
ما هو العلاج الوراثي الجديد؟
يتألف دواء (بيتي-سل Beti-cel) من خلايا جذعية تؤخَذ من المريض نفسه، ويتم علاجها وراثياً في المخبر بوضع مُورِّثات (جِينات) طبيعية تَصنَع خضاب الدم الطبيعي. تُدخَل الجينات الجديدة إلى الخلايا الجذعية عن طريق حامل فيروسي من نوع لنتى (LVV). وعندما تُحقن هذه الخلايا الجذعية المعالَجة في جسم المريض من جديد فإنها تتطور إلى خلايا تصنع كريات الدم الحمراء الطبيعية بحيث لا يحتاج المريض بعد ذلك إلى نقل الدم المتكرر.
ما هي نتائج الدراسات المنشورة عن هذا العلاج الجديد؟
نُشرت دراسات سابقة من المرحلتين الأولى والثانية لإثبات فعالية وسلامة هذا العلاج الوراثي الجديد عن دراستَين جديدتَين من المرحلة الثالثة في 36 مريضاً مصاباً بالثلاسيميا من نوع بيتا الشديدة احتاج فيها هؤلاء المرضى لنقل الدم المتكرر، وكانت لديهم أعراض متقدمة في هذا المرض. أظهرت هاتان الدراستان أن 32 مريضاً من 36 (88.9%) لم يضطروا لأخذ نقل الدم لمدة سنة على الأقل، وحافظوا في هذه الفترة على سوية خضاب الدم عندهم في مستوى 9 غرام/ليتر على الأقل بعد متابعتهم فترة سبع سنوات. سُجلت هذه النتائج الجيدة في جميع الأعمار والأنواع الوراثية من مرض الثلاسيميا الشديد.
ما هي اختلاطات الدواء الوراثي الجديد؟
لوحِظ انخفاض في مستوى الصفيحات الدموية وحالات من الانخفاض فيها. ولم تُسجَّل حالات من سرطانات الدم في العلاج الجديد، على الرغم من وجود قلق على المدى البعيد بسبب الاحتمال النظري من أن تسبب هذه الطريقة في العلاج أنواعاً من سرطانات الدم التي لوحِظت في علاج أمراض أخرى مثل فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia.
على الرغم من هذه الاختلاطات، فقد وافق أعضاء اللجنة الاستشارية بالإجماع على فائدة هذه الطريقة في العلاج لأن احتمال حدوث اختلاطات فيها أقل بكثير من اختلاطات المرض ومخاطره، وربما يمثل ذلك أملاً جديداً لهؤلاء المرضى.
المصدر:
Beta-Thalassemia Gene Tx Gets Ringing Endorsement From FDA Advisers | MedPage Today