فقر الدم هو الاحتمال الأول الذي يضعه الطبيب للتشخيص عندما نشعر بأعراض مثل التعب والإرهاق وفقد القدرة على التركيز، ويطلب الفحوصات اللازمة لتشخيصه، فما هو فقر الدم؟ وما هي أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟
ما هو فقر الدم؟
يعرف "فقر الدم Anemia" بنقص قدرة كرات الدم الحمراء على نقل الأكسجين من الرئة إلى أنسجة الجسم المختلفة، والذي يُستخدم في حرق الغذاء لإنتاج الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية المختلفة، أي أن كرات الدم الحمراء تقوم بدور سيارات نقل الأوكسجين من الرئة إلى مختلف أجهزة الجسم، وبالتالي حين تقل كرات الدم الحمراء عدداً أو كفاءة، فإن هذا يعني قصورًا في عملية إنتاج الطاقة في الجسم، ولذلك يصاب مريض فقر الدم بالإرهاق والتعب وعدم القدرة على التركيز.
توجد عدة أنواع من فقر الدم، ولكل منها أسبابه، وقد يكون فقر الدم مؤقتًا أو طويل الأمد، كما تتراوح شدته بين الخفيفة إلى الشديدة، وتختلف طرق العلاج حسب الأسباب والأنواع وشدة المرض، كما يمكن الوقاية من بعض الأنواع من خلال اتباع نظام غذائي صحي ومتنوع. ويجب عليك زيارة الطبيب إذا كنت تشتبه في إصابتك بفقر الدم، لأنه قد يكون علامة على أمراض خطيرة.
أعراض فقر الدم
أحيانا لا يعاني المصاب بفقر الدم من أي أعراض، خاصة إذا كان النقص في قدرة كرات الدم الحمراء على نقل الأكسجين محدوداً، لكن إذا كان هناك نقص ملحوظ في هذه القدرة، فإن المريض قد يشكو من واحد أو أكثر من الأعراض الآتية:
- الإرهاق والتعب.
- الضعف العام.
- شحوب الجلد.
- تسارع ضربات القلب أو عدم انتظامها.
- ضيق التنفس.
- آلام الصدر.
- الدوار.
- المشكلات الإدراكية.
- برودة اليدين والقدمين.
- الصداع.
- عدم القدرة على تأدية العمل بكفاءة.
أسباب فقر الدم
يحدث فقر الدم عندما لا يوجد في الدم ما يكفي من خلايا الدم الحمراء القادرة على نقل الأكسجين، ويمكن أن يحدث هذا في الحالات الآتية:
- إذا أنتج الجسم كمية لا تكفي من خلايا الدم الحمراء، إما لنقص العناصر اللازمة لإنتاج خلايا الدم الحمراء، أو حدوث خلل في نقي العظام الذي ينتج خلايا الدم.
- إذا فُقدت خلايا الدم الحمراء بسرعة أكبر من إمكانية استبدالها، سواء بالنزيف أو بتكسير الخلايا الحمراء.
كيف تؤدي خلايا الدم الحمراء وظيفتها؟
تحتوي خلايا الدم الحمراء على الهيموغلوبين، والذي يمكّن خلايا الدم الحمراء من نقل الأكسجين من الرئتين لجميع أجزاء الجسم، ونقل ثاني أكسيد الكربون من أجزاء الجسم للرئتين. وتُنتَج معظم خلايا الدم بصورة منتظمة في النخاع العظمي (نقي العظام) الموجود في العظام الكبيرة (المصنع)، ويحتاج الجسم من أجل صنع هذه الخلايا إلى الحديد، والفيتامين B12، والفولات، والعناصر المغذية الأخرى من الأطعمة التي تتناولها. يُنتِج الجسم ثلاثة أنواع من خلايا الدم، وهي:
- خلايا الدم البيضاء لمكافحة العدوى.
- الصفائح الدموية للمساعدة في تجلط الدم.
- خلايا الدم الحمراء لنقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم.
عوامل الخطورة لحدوث فقر الدم
تزيد العوامل الآتية من خطورة تعرّضك للإصابة بفقر الدم:
- اتباع نظام غذائي تنخفض فيه نسب الحديد والفيتامين B12 والفولات باستمرار.
- الاضطرابات المعوية التي تؤثر على امتصاص العناصر المغذية في الأمعاء الدقيقة، مثل الداء البطني وداء كرون، والاستئصال الجراحي لأجزاء كبيرة من الأمعاء الدقيقة.
- الحيض، إذ تكون النساء في مرحلة الطمث أكثر عرضة لخطر الإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، خاصة إذا كان دم الطمث غزيرًا.
- الحمل، حيث تزداد فيه خطورة التعرّض للإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد.
- الحالات المرَضية المزمنة، كالسرطان أو الفشل الكلوي أو فشل وظائف الكبد، أو حالة مزمنة أخرى، وكذلك فقدان الدم المزمن والبطيء الناتج عن قرحة هضمية أو من مصدر آخر داخل الجسم.
- وجود تاريخ عائلي من الإصابة بفقر الدم الموروث، مثل فقر الدم المنجلي، والثلاسيميا.
- عوامل أخرى مثل وجود تاريخ من بعض الأمراض المُعدية، وأمراض الدم، واضطرابات المناعة الذاتية، وإدمان الكحول، والتعرض للمواد الكيميائية السامة، واستخدام بعض الأدوية، فإن ذلك قد يؤثر على إنتاج خلايا الدم الحمراء، ويؤدي إلى فقر الدم.
أنواع فقر الدم
هناك أنواع مختلفة لفقر الدم، منها الوراثي، ومنها أسباب تتعلق بسوء التغذية، كما أن منها ما يَنتُج عن فَقد الدم أو النزيف بأسبابه المختلفة، وتشمل الأنواع الشائعة من فقر الدم وأسبابها ما يلي:
- فقر الدم بسبب نقص الحديد (عَوَز الحديد). الحديد ضروري لإنتاج الهيموغلوبين، ويَحدث نقص الحديد إما بسبب عدم تناول ما يكفي منه مع الطعام، أو السبب الأكثر شيوعاً هو فقدان الدم المزمن بسبب النزيف الحيضي المتكرر، والنزيف من قرحات أو زوائد الجهاز الهضمي، والسرطان، والاستخدام المطوَّل للإسبرين ومضادات الالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs).
- فقر الدم بسبب نقص الفيتامينات (عَوَز الفيتامينات)، إذ يحتاج الجسم للفولات والفيتامين B12 لإنتاج كميات كافية من خلايا الدم الحمراء السليمة، ويحدث النقص إما بسبب نقص تناول هذه الفيتامينات، أو بزيادة الاحتياج لها كما في الحمل، أو بنقص الامتصاص كما يحدث في فقر الدم الخبيث.
- بعض الأمراض المزمنة، مثل السرطان، وفيروس نقص المناعة البشري، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وداء كرون، وغيرها من الأمراض الالتهابية المزمنة، والفشل الكلوي يمكن أن تؤدي للإصابة بفقر الدم.
- النوع الناتج عن خلل النخاع العظمي، ومنها فقر الدم غير التنسّجي (Aplastic anemia)، وهذا النوع خطير، وفيه تنخفض قدرة النخاع العظمي على إنتاج خلايا الدم الحمراء، وتحدث هذه الحالة بسبب الأدوية، والعدوى، وأمراض المناعة الذاتية. ويمكن أن يحدث خلل النخاع العظمي أيضاً بسبب سرطانات الدم المختلفة، والتليف النقوي (Myelofibrosis)، وكل هذه الأمراض تؤثر على إنتاج خلايا الدم، ما يؤدي لفقر الدم.
- فقر الدم الانحلالي (Hemolytic anemia)، حيث تدمَّر خلايا الدم الحمراء بسرعة أكبر من قدرة النخاع العظمي على تعويضها، ويمكن أن يحدث التكسير لأسباب وراثية أو مكتسبة، والأنواع الوراثية إما أن تكون بسبب نقص في الإنزيمات، كأنيميا الفول (G6PD deficiency)، أو خلل في تركيب الهيموغلوبين، مثل الثلاسيميا (Thalassemia)، وفقر الدم المنجلي (Sickle cell anemia).
مشكلات صحية أخرى لها أعراض فقر الدم نفسها:
قد تتشابه أعراض فقر الدم مع أعراض أمراض أو حالات طبية أخرى، مما يؤدي إلى لبس لدى المرضى في تشخيص سبب تعبهم. في حال ظهور هذه الأعراض، عليك التوجه للطبيب لإجراء الكشف السريري والفحوص اللازمة للوصول للسبب المحدد. فيما يلي بعض الأعراض التي تتقاطع مع مرض فقر الدم:
- الشعور المستمر بضربات القلب، يحدث مع التوتر المستمر وتناول المنبهات، وتناول بعض الأدوية، وزيادة إفراز الغدة الدرقية.
- الشعور بالإعياء والتعب، قد يحدث بسبب نقص إفراز الغدة الدرقية أو انخفاض سكر الدم وانخفاض ضغط الدم.
- الدوار أو الإغماء، يحدث لدى الذين يعانون من حساسية زائدة للجهاز العصبي الذاتي Autonomic nervous system، كما يحدث انخفاض ضغط الدم عند من يعانون من هبوط الدم الانتصابي orthostatic hypotension.
أخطر 3 مضاعفات لفقر الدم
تعتمد المضاعفات الناتجة عن فقر الدم (الأنيميا) على شدته، وعلى الفترة الزمنية للإصابة، وإذا لم يعالَج فقر الدم فإنه يمكن أن يتسبب في حدوث مضاعفات عديدة، مثل:
- التعب الشديد وعدم القدرة على أداء المهام.
- مشكلات في القلب مثل تسارع ضربات القلب أو عدم انتظامها، حيث يضطر القلب لضخ المزيد من الدم لتعويض نقص الأكسجين في الدم، وهو ما يمكن أن يؤدي في النهاية إلى فشل القلب الاحتقاني.
- الوفاة، فبعض أنواع فقر الدم الوراثية، مثل فقر الدم المنجلي، قد تهدد الحياة.
كيف يشخَّص فقر الدم؟
لتشخيص الإصابة بمرض فقر الدم، يقوم الطبيب بما يلي:
- الفحص السريري: سيستمع الطبيب للقلب والتنفس، ويفحص حجم الكبد والطحال.
- تحليل تعداد خلايا الدم (CBC): من أجل قياس عدد خلايا الدم المختلفة في دم المريض، ومستويات خلايا الدم الحمراء الموجودة في الدم (الهيماتوكريت)، والهيموغلوبين في الدم.
- اختبار تحديد حجم وشكل خلايا الدم الحمراء، لمعرفة شدة المرض وتشخيص سببه.
- اختبارات إضافية لتحديد السبب الكامن وراء ذلك، كالبحث عن تقرحات أو زوائد حميدة في القولون، أو سرطان القولون، أو أورام أو مشكلات في الكلى في حال نقص الحديد، وأحيانًا نحتاج لفحص عينة من النخاع العظمي.
علاجات فقر الدم
يعتمد علاج فقر الدم على السبب المؤدي لحدوثه. فيما يلي بعض مسببات فقر الدم مع علاجها المناسب:
- نقص الحديد: تعديل النظام الغذائي وتناول مكملات الحديد، وتحديد مصدر النزيف ووقفه، وقد يقتضي الأمر إجراء جراحة.
- نقص الفيتامينات: يتم العلاج بتناول العناصر الناقصة، مثل حمض الفوليك والفيتامينات في الغذاء، وعن طريق تناول المكملات، أو تناول الفيتامين B12 عن طريق الحقن إذا كانت هناك صعوبة في امتصاصه.
- بسبب أمراض مزمنة: فالعلاج يركز هنا على علاج المرض الرئيسي، وقد نضطر لنقل الدم إذا تفاقمت حدة الأعراض.
- الناتج عن أمراض النخاع العظمي: يعالَج بالأدوية، والعلاج الكيميائي، وزرع النخاع العظمي، وفي فقر الدم غير التنسّجي قد يحتاج المريض لنقل الدم، وقد يحتاج لزرع النخاع العظمي.
- فقر الدم الانحلالي: في حال فقر الدم الانحلالي المكتسَب فيجب معرفة السبب وتجنبه (تجنب الأدوية المشتبه بها، أو علاج العدوى المسببة)، وتناول الأدوية التي تثبط جهاز المناعة الذي يهاجم خلايا الدم الحمراء، وقد يتم نقل الدم، وقد يساعد استئصال الطحال، أما في حالات فقر الدم المنجلي؛ فيمكن السيطرة على المرض باستخدام الأكسجين، ومسكنات الألم، والسوائل عن طريق الفم والوريد، وأحياناً نقل الدم، ومكملات حمض الفوليك، والمضادات الحيوية. وقد تكون عملية زرع النخاع العظمي علاجًا فعالًا في بعض الظروف.
- الثلاسيميا: يمكن علاج هذا النوع بنقل الدم، أو تناول مكملات حمض الفوليك، أو إزالة الطحال (استئصال الطحال)، أو زرع النخاع العظمي.
- الاستشارة الوراثية إذا كان لديك تاريخ عائلي من فقر الدم لتجنب تعرّضك وتعرّض أسرتك للخطر.
الأسئلة الأكثر شيوعًا
هل فقر الدم يؤدي إلى التعرق؟
نعم, يعاني المرضى بالعادة من التعرق.
هل نقص الحديد يؤدي إلى الاكتئاب؟
نعم, قد يؤدي نقص الحديد لأعراض نفسية مثل التوتر والاكتئاب.
هل فقر الدم يؤثر على الدراسة؟
يؤثر فقر الدم على العديد من الوظائف في جسم الإنسان, منها الوظائف العقلية بالخصوص التفكير والتركيز.
في النهاية، يُعد فقر الدم حالة شائعة قد تؤثر سلبًا على صحة الفرد وجودته للحياة. من المهم فهم أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية منه وعلاجه. يجب على الأفراد تناول غذاء متوازن غني بالحديد والفيتامينات، والتحقق من مستويات الهيموغلوبين بانتظام. كما ينبغي استشارة الطبيب في حالة اشتباه بوجود فقر دم للحصول على التشخيص والعلاج المناسب. بالتوعية والرعاية الصحية المناسبة، يمكن التغلب على فقر الدم وتحسين جودة حياة المصابين بهذه الحالة.