هذه بعض القصص التي نعايشها إما في أنفسنا أو فيمن حولنا، حيث تبدو هناك لحظة توقفت فيها الحياة.. وكأننا أصبحنا محبوسين في هذه النقطة الزمنية لا نستطيع منها فكاكاً.. تعالوا نتعرف على بعض القصص أولا:
- هذه هدى التي أخبرها زوجها فجأة أنه يريد الطلاق، لقد أخذها الأمر تماما على حين غرة. إن تفسيره الغامض لـ "عدم السعادة"، وشعوره بالاستياء من انشغالها بعملها، أذهلها وصدمها. ووجدت نفسها مستلقية مستيقظة طوال الليل، وهي تتخيل عقليًا مسيرة حياتهما سويا عبر السنين. كانت لها تحفظاتها الخاصة حول ما إذا كان هو ذلك الشخص المناسب لها قبيل زواجهما، لكن أختها أقنعتها بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد توتر أعصاب ما قبل الزواج. كونه كان بعيدا في رحلات العمل الطويلة والتي نادرا ما كان يتصل بها خلالها بدعوى أنه كان مقيدا بالعمل. فضلا عن عطلات نهاية الأسبوع والتي كانت معبأة بـ "الوقت العائلي" وليس فيها إلا القليل جدا من الوقت لهما معا.. سنوات ذهبت سدى وقرار فردي غير مبرر بإنهاء العلاقة.
- هذه هدى التي أخبرها زوجها فجأة أنه يريد الطلاق، لقد أخذها الأمر تماما على حين غرة. إن تفسيره الغامض لـ "عدم السعادة"، وشعوره بالاستياء من انشغالها بعملها، أذهلها وصدمها. ووجدت نفسها مستلقية مستيقظة طوال الليل، وهي تتخيل عقليًا مسيرة حياتهما سويا عبر السنين. كانت لها تحفظاتها الخاصة حول ما إذا كان هو ذلك الشخص المناسب لها قبيل زواجهما، لكن أختها أقنعتها بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد توتر أعصاب ما قبل الزواج. كونه كان بعيدا في رحلات العمل الطويلة والتي نادرا ما كان يتصل بها خلالها بدعوى أنه كان مقيدا بالعمل. فضلا عن عطلات نهاية الأسبوع والتي كانت معبأة بـ "الوقت العائلي" وليس فيها إلا القليل جدا من الوقت لهما معا.. سنوات ذهبت سدى وقرار فردي غير مبرر بإنهاء العلاقة.
- سلوى قصتها مختلفة.. هي ما زالت هناك.. قبل عشر سنوات.. حينما دخلت على أعز صديقاتها لتجدها تناولت جرعة زائدة من الأدوية.. هي التي اتصلت بالإسعاف.. هي ما زالت هناك محاطة برجال الإسعاف وهم يحاولون بكل الطرق إنقاذ صديقتها.. لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.. عقلها مسكون بالأسابيع والأيام التي سبقت هذه الحادثة البشعة، متسائلة عن العلامات التي فاتتها، وفي النهاية تؤنب نفسها لأنها لم تتمكن من الرد على صديقتها وفاتتها مكالمتها قبل الحادثة لأنها كانت متعبة جدا.
- على مدى أشهر حتى الآن، لا يجد خالد في نفسه القدرة التي تكفي لسحب عقله، بعيدا عن التفكير في إخفاقات ماضيه – ذلك الوقت الذي طرد فيه من وظيفته الأولى، سنوات النضال التي لا نهاية لها في زواجه والتي انتهت بالطلاق، ينظر إلى الخلف ويرى فقط مسار حياة مليئا بالأخطاء والشعور بالذنب والأسف.
- كان لزوج لبنى علاقة غرامية - قبل 20 سنة - ولكن مع تقديم المشورة والالتزام تمكنا من تجاوز تلك الأزمة، وكانت الأمور تسير على ما يرام منذ ذلك الحين، ولكن الآن، تجد عقلها ينجرف مرة أخرى إلى تذكر الأمر، وتراجع الدفاتر القديمة التي اعتقدت أنها تركتها وراءها.
* لماذا يغرق البعض في ماضيهم؟
هذه بعض الأمثلة التي نراها إما في أنفسنا أو فيمن حولنا أو في العيادة النفسية.. والسؤال الآن لماذا يحدث هذا؟ ما هي الأسباب التي تسحب البعض وتعيدهم إلى الماضي؟
1. الصدمة والحزن
تكافح هدى لفهم ما حدث.. إن ما يفعله عقلها المصدوم والمنكوب هو محاولة ربط النقاط وإدراك ما عانته للتو.. تدور حول علاقتها مع زوجها بشكل غريزي، وتبحث عن القرائن والأمور التي تربط بين الماضي والحاضر معًا بطريقة عقلانية، مما يساعدها على إنشاء سرد منطقي.. هذه هي طبيعة الحزن، إعادة مشاهدة تلقائية لحياتك من خلال عدسة جديدة، وهي هنا في حالة هدى، حالة الطلاق المعلقة التي صدمتها للتو، وبمجرد أن تستقر على قصة لها معنى، عندما تجد عقليًا علامات يمكنها ربطها بالحاضر، ستبدأ هواجسها في الاستقرار.
2. ضغوط ما بعد الصدمة
ومثل هدى، فإن سلوى أيضًا تحرث من خلال ماضيها في محاولة لفهم سبب حدوث ما حدث. لكن "سلوى" تعاني أيضاً من الصدمة، وهي صدمة لم تستطع معالجتها. بقيت مع الصور العقلية، التي حتى بعد كل هذه السنوات، لا تزال حية وتثير أحزانها بسهولة، فضلا عن الشعور بالذنب الذي يعلق بذهنها ويواصل مطاردتها.
3. الاكتئاب نظارة سوداء
يميل القلق إلى دفع الناس إلى المستقبل - "ماذا لو"، أما الاكتئاب فهو عمل قوي، يسحب ضحاياه إلى الماضي.. العملية العقلية هي نفسها - محاولة ربط الماضي والحاضر - كيف أشعر الآن بماضٍ منطقي.. حيث تقوم هدى بقص خيوط زواجها، سلوى وعلاقتها مع صديقتها، أما اكتئاب خالد فإنه يجعله يتعقب كل شيء سلبي حدث له من قبل؛ فعقله الاكتئابي يقول، "أنت خاسر، أنت ثمل".
4. المشاكل الحالية تنبش الماضي
إذن لماذا تفكر لبنى فجأة في هذا الحدث الذي بدا ميتا منذ زمن بعيد؟ من المحتمل أن هناك ما أثاره في الوقت الحاضر.. ربما هناك بعض الخسارة الجديدة التي تسبب الحزن على الماضي أو الاكتئاب العام المنخفض، أو ربما يكون ذلك بسبب تفاقم أزمة التواصل بينها وبين زوجها على نحو متزايد خلال الأسابيع الماضية، وكلاهما مشغول بالعمل، أو لأن محادثاتهما متوترة أو روتينية، بينما تنحسر حياتهما الجنسية. ومثل حلم قديم متكرر، فإن عقلها يستدعي الماضي لربطه بالحاضر العاطفي المأزوم.
في حين أن نظرة خاطفة إلى الخلف تجعلنا نرى الماضي يبدو وكأنه كتلة كبيرة من التاريخ، فإن علاقتنا مع ماضينا هي في الواقع أكثر مرونة ونشاطًا. ليس فقط دائمًا ما يتغير شكله نظرًا لأننا ننظر إليه من خلال عدسة حاضرنا، ولكنه في حركة دائمة، وفي بعض الأحيان ينحسر عندما نركز بشكل مكثف على الحاضر أو المستقبل، وفي أحيان أخرى يسير بشكل غير متوقع إلى الأمام أو يتطفل على حاضرنا، أو يطاردنا عندما نتوقع ذلك. إن ماضينا وحاضرنا مثل التوائم الملتصقة، كل منهما مختلفان ومع ذلك يرتبطان ببعضهما البعض. أينما ذهب أحدهما، يذهب الآخر.
* كيف نصنع السلام مع ماضينا؟
بالنسبة لهدى، فإن الأمر يتعلق بالانتقال إلى ما وراء شعورها المفهوم بالصدمة والضياع. قد تجد عقلها يعود للخسائر السابقة - العلاقات الماضية غير المكتملة، موت الأحبة؛ حيث ترتبط جميع الخسائر، فتبدو متشابكة مثل جذور الأشجار في الغابة، ولكن مع مرور الوقت، سوف تحزن، ولكنها ستواصل، على أمل الحصول على درس مستفاد.
بالنسبة إلى سلوى، فقد تم تجميد ماضيها في صورة ثابتة لا يبدو أنها تتغير أبدًا.. إنها تحتاج إلى المساعدة في تغيير الصورة، ونظرتها للأحداث، مستعينة بالعلاج، عن طريق التحدث، بدلاً من الصمت وعدم الحديث عن الماضي وعن شعورها بالذنب. هذا سيساعد على كسر المأزق العقلي ومساعدتها على المضي قدما.
بالنسبة لخالد، فالأمر عنده يتعلق بتحويل مزاجه - مع العلاج النفسي والدوائي - إنه يحتاج إلى مساعدة في إدراك أن ماضيه ملون بحالته الذهنية، بدلاً من الاعتقاد كذبًا بأن جميع ألوان قصته الحالية عن حياته صحيحة.
أما بالنسبة للبنى فإن الأمر يتعلق بالسؤال الفضولي: لماذا الآن، بعد كل هذه السنوات، هل ثمة ما أثار هذه الجروح القديمة، مما جعل هذه الأحلام القديمة المتكررة تعود مرة أخرى؟ يجب عليها أن تنظر إلى حاضرها، أن ترى المشكلة في الحاضر والتي يشير ماضيها إليها.
هذه بعض القصص الشائعة لعلاقاتنا بالماضي.. والآن فلتنظر ما هي علاقتك الحالية أنت بماضيك؟ ما الذي يخبرك ماضيك عن حاضرك؟ ما الذي عليك أن تتغافل عنه من ذلك الماضي أخيرا؟