صحــــتك

هل لقاح السل يحمي من فيروس كورونا؟

هل لقاح السل يحمي من فيروس الكورونا؟
ينتشر فيروس كورونا تقريباً في جميع أنحاء العالم، وتتسارع جهود الباحثين للوصول لحل سريع ينهي هذه المأساة العالمية، غير أن إنتاج أدوية ولقاحات جديدة قد يستغرق شهورا يخسر فيها العالم على كل الأصعدة، لذا حاول الباحثون أن يفتشوا في دفاترهم القديمة علّهم يجدون لقاحاً آمناً يمكن تجربته فورأ على البشر للتأكد من فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا.

ومن بين اللقاحات المتاحة التقط العلماء لقاح الدرن (BCG)، لأن آلية عمله تعتمد على تحفيز الخلايا الليمفاوية T، وهي الخلية المنوط بها مقاومة الفيروسات والأورام، والدراسات السابقة وجدته فعالاً في مقاومة بعض الفيروسات التنفسية، وساهم في الحد من وفيات الأطفال.

ولكن حتى الآن لا يوجد أي دليل على أن لقاح الدرن يمكن أن يحمي من فيروس كورونا الجديد، وإن كانت المؤسسات البحثية في عدة دول قد أعلنت عن بدء تجارب بحثية لاختبار فعالية هذا اللقاح في الوقاية من كورونا الجديد.

تساؤلات تبحث عن أجوبة

وفور نشر أخبار هذه الأبحاث تفاءل سكان بعض الدول التي تطبق التطعيم الإجباري للرضع، لتوقعهم أن تطعيمهم في الصغر قد حماهم من انتشار الوباء، وخصوصاً مع انخفاض معدلات الإصابة في بعض هذه البلدان، مثل بلد بحجم مصر التي ما زال معدل الإصابات فيها أقل بكثير من المعدلات الكارثية التي كانت متوقعة. 
فهل فعلاً  لقاح الدرن هو الذي حمى المصريين من مصير أوربا وأميركا؟
وهل لو ثبتت فعاليته سيكون هؤلاء الذين تم تلقيحهم به في الصغر محميين؟ أم يحتاجون لجرعات تنشيطية من اللقاح؟
ولو كان اللقاح بالفعل يوفر حماية فلماذا لم يحم الصين وإيران (رغم أن اللقاح فيهما إجباري أيضاً)؟ وكذلك لم يحم الألمان، رغم أن اللقاح كان إجباريا لديهم خلال الفترة بين ستينات وثمانينات القرن الماضي؟






* ما هو لقاح الدرن

لقاح الدرن (أو السل) من ضمن الحلول المقترحة القديمة المتجددة، وهذا اللقاح معروف باسم (Bacillus Calmette–Guérin (BCG، هو لقاح يشيع استخدامه للرضع في البلدان النامية حيث ينتشر الدرن، وفي الماضي كانت تعطى جرعة منشطة للأطفال في المرحلة الابتدائية، ولكن التوصيات الحالية بالاكتفاء بجرعة واحدة.

ولا يستخدم اللقاح في البلدان المتقدمة بشكل روتيني، ولكن يعطى للأطفال والبالغين حين الحاجة فقط، واللقاح آمن لحد كبير، ومجرب لسنوات طويلة وعلى أجيال متعاقبة.

ورغم أن اللقاح استخدم في البداية كلقاح يقي من الدرن، إلا أن آلية عمله جعلت الباحثين يجربون استخدامه للوقاية من أمراض أخرى، حيث أن اللقاح يعمل على تحفيز الخلايا الليمفاوية T، وهذه الخلايا مسؤولة عن التعرف ومهاجمة الأجسام الغريبة والغازية الموجودة بداخل الخلية (ومنها خلايا الأورام والفيروسات)، وأثبتت الأبحاث فعاليته في علاج سرطان المثانة من الدرجة الأولى إذا تم حقنه بداخل المثانة، ومن ثم أصبح علاجا معتمدا لهذه الحالات، كما أن العديد من الدراسات أثبتت فعاليته في علاج الالتهابات الرئوية الفيروسية، وتحديداً الفيروس المخلوي التنفسي Respiratory syncytial virus.

* ماذا تقول الدراسات؟

تظهر العديد من الدراسات في سياقات مختلفة أن BCG يحفز الجهاز المناعي للاستجابة بشكل أفضل للعدوى من أنواع مختلفة، وليس فقط السل. أظهرت دراستان على البالغين (واحدة على المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 60 إلى 75 عامًا) أن BCG يقلل من التهابات الجهاز التنفسي بنسبة 70 - 80%. كما أظهرت دراستان انخفاض خطر الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي لدى الأطفال المُلقحين بنسبة تتراوح بين 15-40%. وأظهرت دراسة أخرى أن اللقاح عندما يُعطى للرضع في البلدان ذات التحديات الصحية الشديدة، فإنه يخفض الوفيات من جميع الأسباب بنسبة تقل قليلاً عن الثلث. كما خلصت مراجعة منهجية بتكليف من منظمة الصحة العالمية، ونشرت في عام 2016، إلى أن لقاح BCG له آثار مفيدة مع التوصية بمزيد من البحث.


* وما زلنا في انتظار تجارب جديدة مخصصة لفعالية اللقاح في الحماية من كورونا

رغم أهمية التساؤلات التي أشرنا إليها في مقدمة هذا المقال واعتبار كثيرين لها بمثابة بارقة أمل ومعجزة في ظل حالة الهلع التي تضرب العالم.
إلا أن أقصى ما يمكن قوله إن الدراسات والنتائج التي أشرنا إليها قبل قليل شجعت على بدء مجموعة من التجارب عن تأثير اللقاح في الحماية من كورونا الجديد، وإحدى هذه التجارب ستبدأ في هولندا، ومن المقرر أن تبدأ تجربة أكبر على 4000 شخص من الطواقم الصحية الأسبوع المقبل في أستراليا، وتجرى تجارب أخرى مشابهة في اليونان وبريطانيا وألمانيا والدنمارك والولايات المتحدة، وكل هذه الدراسات ستتم بطريقة التجارب العشوائية المحكمة (Randomized control trial)، وفيها يقسم المشاركون في التجربة لمجموعتين، مجموعة ستعطى اللقاح، والمجموعة الأخرى ستعطى دواء وهميا Placebo، وبعض التجارب ستطبق على الطواقم الصحية، والبعض الآخر سيطبق على الفئات الأكثر عرضة لمخاطر كورونا الجديد.

وما زلنا ننتظر بقلوب وجلة نتائج الدراسات والأبحاث المختلفة، ونأمل أن يحقق اللقاح نجاحاً ولو جزئياً في مقاومة فيروس كورونا الجديد.
وما زلنا نتساءل إن كان اللقاح يمكن أن يوفر بعض الحماية -ولو جزئية- من كورونا الجديد لمن خضعوا للتطعيم أو التلقيح الإجباري في طفولتهم، وهم كثر في بلداننا العربية، أم لا.

ها نحن ننتظر، ويبدو أن الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت، والتي ندعو أن تكون مفاجآت سارة تخلص الناس من كابوس هذا الوباء العالمي.


المصادر:
This Vaccine Could Save Health Care Workers’ Lives Now
A single, low dose of a cGMP recombinant BCG vaccine elicits protective T cell immunity against the human respiratory syncytial virus infection and prevents lung pathology in mice.
Association of BCG, DTP, and measles containing vaccines with childhood mortality: systematic review.
Can a century-old TB vaccine steel the immune system against the new coronavirus?

THE BCG WORLD ATLAS 
آخر تعديل بتاريخ
28 مارس 2020
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.