لطالما كان هناك تباين في وجهات النظر حول تأثير صدمات الرأس أثناء ممارسة الرياضات المختلفة وخاصة الرياضات الاحتكاكية مثل كرة القدم والركبي وكرة القدم الأميركية على الإصابة بالاعتلال الدماغي، حيث لم تقر الاتحادات الدولية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واتحاد الركبي واللجنة الأولمبية الدولية حتى الآن بهذا الارتباط، خلافاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها!
إذًا.. ما الجديد؟
أصبح الموضوع الآن أكثر حسما بعد صدور نتائج دراستين أجراهما فريق من الخبراء الدوليين، والتي بينت أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضات الاحتكاكية، مثل كرة القدم الأميركية والركبي وكرة القدم، معرضون بشكل كبير لخطر الإصابة بالاعتلال الدماغي المزمن. وأفادت مؤسسة "Connection Legacy Foundation" بأن دراسة أجراها خبراء من جامعات في الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل وبريطانيا وجدت أدلة "قاطعة" على أن صدمات الرأس المتكررة تتسببت في اعتلال دماغي مزمن.
كيف تمت الدراسات؟
قال الباحثون إن الدراسات التي أجرتها وزارة الدفاع الأميركية، جامعة بوسطن بالتعاون مع وزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية ومجموعة "مايو كلينيك" الطبية والبحثية غير الربحية، على عينات الأدمغة المحفوظة لديها تظهر أن الرياضيين الذين يمارسون الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي كانوا أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالاعتلال الدماغي المزمن بنسبة 68 مرة.
وأفاد الكاتب الرئيسي للدراسة كريس نوفينسكي بأن "هذا التحليل الرائد يمنحنا أكبر قدر من الثقة العلمية بأن الصدمات الرأسية المتكررة تسبب الاعتلال الدماغي المزمن، ونرغب أن تتعرف المزيد من الهيئات الرياضية العالمية على العلاقة السببية بين الصدمات الرأسية والاعتلال الدماغي المزمن".
ماذا يترتب على نتائج هذه الدراسات؟
قال أستاذ علوم الصحة البيئية في جامعة ميشيغن الأميركية آدم فينكل: "إنه يجب وضع مخاطر صدمات الرأس المتكررة في نفس فئة مخاطر الصحة العامة الشائعة الأخرى وأنه حان الوقت لتضمين صدمات الرأس المتكررة والاعتلال الدماغي المزمن ضمن جهود حماية الطفل مثل التعرض لـ(مادتي) الرصاص والزئبق والتدخين وحروق الشمس، وإن صدمات الرأس المتكررة والاعتلال الدماغي المزمن يستحقان الاعتراف بهما في نقاش الصحة العامة العالمي حول الاضطرابات التي يمكن الوقاية منها".
وصدور نتائج هذه الدراسة يتزامن مع قيام المزيد من الرياضات بخطوات للحد من صدمات الرأس. وحصل الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم الأسبوع الماضي على إذن لاختبار منع الضربات الرأسية في المسابقات والدوريات الخاصة بالصغار، فيما طبقت قواعد مماثلة في الولايات المتحدة منذ عام 2015 في كرة القدم على صعيد فئات الشباب.
ووجدت لعبة الركبي نفسها في مأزق نتيجة إصابات الرأس والارتجاج بعد اكتشاف تلف في الدماغ لدى لاعبين بارزين. واتخذ لإنكليزي ستيف تومسون، الفائز مع بلاده بلقب بطل العالم، والدولي الويلزي السابق أليكس بوبهام إجراءات قانونية ضد الاتحاد الدولي للركبي واتحادي بلديهما للعبة لفشلها في حمايتهما من خطر الإصابة بارتجاج دماغي.
