التسمم بالسكر.. يوجد السكر في كل مكان في نظامنا الغذائي، وغالبًا من دون أن نعرف بوجوده، خاصة في الأغذية الجاهزة الرديئة الجودة والرخيصة، ومع ذلك يجب أن نتذكر حقيقة أساسية؛ هي أن الإفراط في تناول السكر يؤثر على كل أعضاء الجسم، ويرتبط بالعديد من الأمراض والمشكلات الصحية، خاصة زيادة الوزن والسمنة والمتلازمة الاستقلابية، ومقاومة الأنسولين والأمراض القلبية الوعائية.
التسمم بالسكر
إذا كنت تعاني من إدمان السكر، أو بكل بساطة، إذا كنت تتناول الكثير من الحلويات، فإن احتمال إصابتك بالتسمم بالسكر وارد. يمكن أن يؤدي إدمان السكر إلى مشكلات صحية خطيرة، وربما إلى الوفاة في بعض الحالات.
إذا صدّقنا الكلام الصادر عن المعهد الوطني للصحة الأميركي، فإن إدمان السكر ظاهرة حقيقية، وهو يشبه إدمان المخدرات. إن التسمم بالسكر sugar poisoning، الذي يُعرف أيضًا باسم التسمم بالغلوكوز glucotoxicity، هو حالة خطيرة يمكن أن تحصل عند المواظبة على تناول الكثير من السكر.
ما هي كمية السكر الزائدة؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال، أو بكلام آخر، فإنه لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع، لأن كمية السكر التي تسبب التسمم بالغلوكوز تتباين من شخص إلى آخر، كما أنها تعتمد على نوع السكر الذي يتم تناوله. فعلى سبيل المثال، إن تناول كمية كبيرة من الفركتوز، الذي يوجَد في الفواكه، يمكن أن يكون أكثر ضررًا من كمية الغلوكوز التي توجَد في الأطعمة النشوية. كقاعدة عامة، فإنه يوصى بعدم تناول أكثر من 25 غرامًا من السكر المضاف يوميًا، وهذا ما يعادل 6 ملاعق صغيرة من السكر تقريبًا. إن تناول الكثير من السكر قد ينتهي على المدى البعيد بحدوث التسمم بالغلوكوز.
أعراض التسمم بالسكر
قد يكون من الصعب التعرف على أعراضه لأنها تحاكي أعراض أمراض أخرى. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:
- الغثيان.
- القيء.
- التعب.
- الإسهال.
- ألم البطن.
- عدم وضوح الرؤية.
- الدوخة.
- الصداع.
- الارتباك.
- فقدان الوزن.
إذا عانيت من أي من هذه الأعراض فمن المهم أن تستشير طبيبك لكي تحصل على المساعدة التي تحتاجها، فالتشخيص المبكر والعلاج المناسب يسمحان بتقليل الأضرار البعيدة المدى التي يمكن أن يسببها التسمم بالسكر.
أسباب التسمم بالسكر
كثرة استهلاك السكر ليست السبب الوحيد للتسمم بالغلوكوز، فهناك مسببات أخرى:
- الداء السكري.
- استخدام المركبات الستيروئيدية.
- تناول بعض الأدوية.
- فرط استهلاك الكحول.
- التدخين الشديد.
- الإجهاد المفرط.
مضاعفات التسمم بالسكر
تناول الكثير من السكر ليس مفيدًا، إذ إن زيادته تؤثر سلبًا على كل أعضاء الجسم، من الرأس إلى أخمص القدمين، فهو:
1. يؤثر على الحالة المزاجية
يمكن للحلوى أو البسكويت أن تمنحك دفعة سريعة من الطاقة عن طريق رفع مستوى سكر الدم، ولكن عندما تنخفض مستويات هذا الأخير، وعندما تقل كمية السكر الواصلة إلى الخلايا، فإن الشعور بالقلق والتوتر يكون على الموعد، الأمر الذي قد يدفع بالبعض إلى تناول الحلوى بكميات كبيرة اعتقادًا منه أنه الحل السحري، ولكن النتيجة ستكون هي حدوث اضطراب في الحالة المزاجية. نوَّهتْ دراسات كثيرة إلى وجود رابط ما بين تناول كميات كبيرة من السكر وزيادة مخاطر الإصابة بالاكتئاب.
2. يؤثر على الدماغ
تناول الكثير من السكر يحفز مَسارات المكافأة في الدماغ الذي يبدأ بطلب المزيد والمزيد من السكر من أجل الحصول على نفس الشعور بالمتعة، مما يسبب الإدمان الذي يشبه كثيرًا الإدمان على بعض العقاقير والمخدرات. أكثر من هذا، تتضرر الأوعية الدموية في الدماغ مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى وصول القليل من الدم المحمَّل بالأكسجين والمغذيات، ما يتسبب في موت خلايا الدماغ ويعرِّضه إلى الإصابة بالضمور الذي تَنتُج عنه مشكلات كثيرة، خاصة على صعيد التفكير والذاكرة والقدرات الإدراكية.
3. يؤثر على الأسنان
يمكن للحلوى أن تسبب تسوس الأسنان، لأن البكتيريا المسببة للتسوس تَستخدم السكر العالق على أسطح الأسنان لإطلاق مشتقات حمضية تعمل هدمًا وتخريبًا في مينا الأسنان، فتتعرض هذه للتسوس.
4. يؤثّر على الجلد
يرتبط السكر الزائد في الجسم بالبروتينات الموجودة في مجرى الدم، فتتشكل جزيئات ضارة قادرة على تدمير الكولاجين والإيلاستين في البشرة، وهما مادتان مهمتان لمرونة وشباب البشرة، ما يجعل الأخيرة عرضة للتجاعيد والترهل.
5. يؤثّر على الكبد
يؤدي تناول الكثير من السكر إلى تكدّس الشحوم في الكبد فتكون النتيجة الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي، الذي يمكن أن يتطور إلى تليف الكبد في حال لم يتم تدبيره وعلاجه في الوقت المناسب.
6. يؤثّر على القلب
عند تناول الكثير من السكر فإن الجسم يضخ الكثير من الأنسولين في الدم، ما يؤثر على الشرايين التي تتعرض للالتهاب، فتصبح أكثر سمكًا وتصلبًا وتضيقًا، فيقل تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ، الأمر الذي يعرِّض إلى الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والسكتات الدماغية.
7. يؤثّر على البنكرياس
عندما تأكل، فإن البانكرياس يقوم بضخ الأنسولين، ولكن عندما تأكل الكثير من السكر فإن جسمك يتوقف عن الاستجابة بشكل صحيح على الأنسولين، فيبدأ البانكرياس بطرح المزيد من الأنسولين ليصاب في النهاية بالانهيار والعجز، فتكون النتيجة حدوث ارتفاع مستمر في سكر الدم تكون نهايته الإصابة بالداء السكري النوع الثاني.
8. يؤثّر على الكلى
إذا كنت مصابًا بالداء السكري، فإن وحدات الترشيح في الكلية التي تسمى بالنفرونات، يمكن أن تتعرض للضرر، ما يمنع الكلى من القيام بوظيفتها في تصفية الدم، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي.
9. يزيد الوزن
كلما تناولت المزيد من السكر، فإن وزنك سيزداد. يرتبط استهلاك المشروبات السكرية ارتباطًا وثيقًا بالسُّمنة، فقد أظهرت البحوث أن الأشخاص الذين يتناولون المشروبات المحلاة بالسكر يميلون أكثر من غيرهم إلى اكتساب الوزن، وإلى الإصابة بالداء السكري النوع الثاني.
10. يؤثّر على الصحة الجنسية
إذا كنت رجلًا، فاعلم بأن السكر يؤثر على سلسلة الأحداث اللازمة لحدوث الانتصاب، لأنه يؤثر على الدورة الدموية التي تتحكم في تدفق الدم إلى جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك القضيب. ارتفاع السكر في الدم يمكن أن يلحِق الضرر بالأوعية الدموية في الجسم، بما فيها تلك التي تغذي القضيب، فلا يحصل الأخير على كمية الدم اللازمة لتأمين الانتصاب والحفاظ عليه، فتكون النتيجة الإصابة بالضعف الجنسي.
علاج التسمم بالسكر
يعتمد علاج التسمم بالسكر على شدة الأعراض، فإذا كانت هذه الأخيرة خفيفة، فإنه يمكن التعامل معها في المنزل باتباع الوصايا الآتية:
- الراحة.
- شرب الكثير من السوائل.
- تناول وجبات صغيرة ومتكررة.
- تفادي الأطعمة والمشروبات السكرية.
في المقابل، إذا كانت أعراض التسمم بالسكر شديدة فإن الدخول إلى المستشفى ضروري لتلقي العلاج المناسب، الذي يشمل:
- إعطاء السوائل عن طريق الوريد للمساعدة على منع الجفاف.
- قد يلزم إعطاء الأنسولين عبر الوريد من أجل خفض مستوى السكر في الدم.
- إجراء تغييرات في نمط الحياة واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وممارسة التمارين الرياضة.
- يمكن اللجوء إلى الجراحة للتخلص من الأنسجة التالفة.
هل يمكن الوقاية من التسمم بالسكر؟
ليس هناك طريقة مؤكَّدة لمنع التسمم بالغلوكوز، ولكن يمكن التقليل من مخاطر حدوثه عن طريق:
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- القيام بنشاط رياضي منتظم.
- عدم الإفراط في تناول السكر.
- ضبط مرض السكري بعناية، ومراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام، وتناول الأدوية الموصوفة بحسب تعليمات الطبيب.
الخلاصة
نحن على موعد دائم مع السكر، فهو موجود في كل مكان في نظامنا الغذائي، خاصة في الأشياء التي نحبّ تناولها. يوجَد السكر بأشكال مختلفة، مثل الفركتوز والغلوكوز في الفواكه، واللاكتوز في الحليب، والسكروز في القهوة، والسكريات المضافة في الأطعمة والمشروبات المصنَّعة. لا شك في أن السكر ضروري لكي تقوم أعضاء الجسم المختلفة بعملها على الوجه الأمثل، ولكن المشكلة الحقيقية في السكر، بجميع أشكاله وألوانه، أنه يجب استهلاكه باعتدال، لأن تناوله بكميات زائدة يمكن أن يؤدي إلى التسمم بالسكر، وهي حالة خطيرة للغاية تتطلب التدبير العاجل، وإلا فقد تكون نهايتها التعرض إلى مشكلات صحية تعد ولا تحصى، وربما الذهاب إلى العالم الآخر.
المصادر:
How Does Too Much Sugar Affect Your Body?