يعتبر الكبد أكبر أعضاء الجسم، وله وظائف عديدة ومهمة لاكتمال العمليات الحيوية في أجسامنا، ومن بين الأدوار العديدة التي يؤديها الكبد: تصفية الدم في الجسم، ومعالجة العناصر الغذائية، وتخزين الطاقة.
ولذلك، يكون الكبد عرضة للهجوم من جبهات متعددة، إذ يمكن أن يحدث تندّب (تليف الكبد) يسبب تلف الكبد، مما قد يؤدي في النهاية إلى الفشل الكبدي.
وبينما يربط معظم الناس فشل الكبد بتناول المشروبات الكحولية، إلا أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تلعب دورًا أيضًا وتؤدي إلى تلف الكبد.
سنعرض لك في هذا المقال بعض الحالات الصحية والأدوية والعادات التي قد تتسبب في تلف الكبد، وما يمكنك فعله للحفاظ على صحة هذا العضو الحيوي.
ماذا يحدث عندما يتلف الكبد؟
يرتبط تلف الكبد بالعديد من الحالات الطبية، فيمكن أن تؤدي أنواع الالتهابات الكبدية المختلفة إلى تلف الكبد، وتشمل الحالات الأخرى: سرطان الكبد، ومرض ويلسون، والأضرار الناجمة عن الإسراف في تناول الكحوليات.
وكما ذكرنا؛ فنظرًا لأن الكبد يشارك في العديد من وظائف الجسم، فإن أعراض تلف الكبد متنوعة.
يمكن أن تشمل -على سبيل المثال لا الحصر- آلام أو تورم البطن، وظهور العيون أو الجلد باللون الأصفر بسبب حالة تعرف باسم اليرَقان، وتكون نتائج اختبارات وظائف الكبد غير طبيعية في معظم الحالات.
عندما يُذكر تلف الكبد، فإن معظم الناس يفكرون في تليّف الكبد تندّب الكبد، وهذه الحالة تقلل بالفعل من وظائف الكبد. ومع ذلك، فإن تليّف الكبد هو المرحلة الأخيرة عندما يصاب الشخص بمرض الكبد المزمن.
الحالات الصحية التي تسبب تلف الكبد
يمكن للعديد من الحالات الصحية أن تسبب أو تزيد من خطر تلف الكبد بشكل مباشر، وتشمل بعض هذه الحالات الصحية: السُّمنة والتهاب الكبد والأمراض الوراثية وأمراض المناعة الذاتية المختلفة.
يعتقد أن السُّمنة تلعب دورًا في حدوث مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) الذي يصيب نحو 100 مليون شخص في الولايات المتحدة، وسيكون قريبًا السبب الأول لزراعة الكبد في الولايات المتحدة.
يَحدث مرض الكبد الدهني غير الكحولي عندما يتم تخزين الكثير من الدهون في خلايا الكبد. في حين أن الخبراء لا يعرفون بالضبط أسباب هذه الحالة، إلا أنها ترتبط أيضًا بمتلازمة التمثيل الغذائي وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية والسُّمنة.
عندما تحتوي خلايا الكبد على الكثير من الدهون، يمكن أن يحدث تليّف الكبد وفشل الكبد. على الرغم من أن الأشخاص في الأربعينيات والخمسينيات من العمر لديهم خطر أكبر للإصابة بهذا المرض، فإنه يمكن أن يحدث أيضًا عند المراهقين الذين يعانون من السُّمنة.
يعد التهاب الكبد المزمن من النوعين B وC مسؤولاً عن معظم حالات سرطان الكبد في جميع أنحاء العالم.
ينتشر التهاب الكبد C، وهو السبب الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة، من خلال ملامسة دم المصاب، مما يعني أنه يمكنك الإصابة به من خلال مشاركة الإبر والوشم، وممارسة الجنس دون وقاية (على الرغم من أن هذا أقل شيوعًا)، أو من خلال نقل الدم.
عادة ما يمكن علاج عدوى التهاب الكبد C المزمن بالأدوية، ولكن الحصول على تشخيص سريع هو أمر ضروري.
يشار إلى هذا المرض في كثير من الأحيان باسم "القاتل الصامت"، لأن الكثير من الناس لا يعرفون أنهم مصابون به، ويمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد وسرطان الكبد وفشل الكبد والوفاة إذا تُرك دون علاج، فمفتاح العلاج دائمًا في الاكتشاف المبكر.
ينتشر التهاب الكبد B أيضًا عن طريق الدم الملوّث، وهو أقل شيوعًا لدى البالغين، نظرًا لتوفر لقاح، وموصى به لمعظم الأطفال.
يمكن أن تلعب الوراثة أيضًا دورًا في صحة الكبد، فيمكن أن تؤدي العديد من الحالات الوراثية إلى أمراض الكبد. فعلى سبيل المثال، يسبب مرض ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي إلى تراكم الحديد في الجسم، مما قد يسبب تليف الكبد وفشله في نهاية المطاف.
وهناك أيضًا مرض ويلسون، ولكنه أقل شيوعًا، والذي ينشأ عن تراكم النحاس في الجسم، مما لا يؤدي إلى إتلاف الكبد فحسب، بل أيضا تلف الدماغ والأعضاء الأخرى.
ولحسن الحظ، فإن كلا الحالتين قابلتان للعلاج.
فبالنسبة لداء ترسب الأصبغة الدموية، تنخفض مستويات الحديد في الجسم عن طريق إزالة الدم بانتظام (الفَصد). أما مرض ويلسون، فيمكن لبعض الأدوية التي تسمى العوامل المخلبية إزالة النحاس من الجسم.
يمكن أن تؤثر بعض أمراض المناعة الذاتية أيضًا على وظائف الكبد، فعندما يهاجم الجهاز المناعي في الجسم الكبد عن طريق الخطأ، يُطلق عليه التهاب الكبد المناعي الذاتي.
لا أحد يعرف بالضبط ما الذي يجعل الجسم ينقلب على نفسه، لكن العوامل الوراثية قد تلعب دورًا. وعادةً ما يصيب هذا المرض الإناث أكثر من الذكور، كما أنه أكثر شيوعًا عند الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية الأخرى.
ويعتبر تليف الكبد الصفراوي الأولي (PBC) أحد أمراض المناعة الذاتية التي عادة ما تصيب الإناث، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى تليف الكبد وفشل الكبد إذا لم يتم علاجه.
يمكن أن تؤثر بعض الأدوية على صحة الكبد، فيُعرف عقار الأسيتامينوفين، أو تايلينول أو الباراسيتامول بكونه ضارًا عندما يتم تناوله بجرعات عالية.
إذا تم علاج الجرعة الزائدة على الفور، فإن فرص النجاة منها تكون جيدة، ولكن العلاج الأفضل هو الوقاية.
لذلك، لا تتناول أبدًا أكثر من الجرعة الموصى بها من عقار الأسيتامينوفين (أو أي دواء آخر)، وتأكد من أنك لا تتناول أكثر من دواء واحد يحتوي على نفس المكوّن.
فنظرًا لوجود الأسيتامينوفين غالبًا في أدوية البرد والإنفلونزا التي لا تستلزم وصفة طبية، فمن المهم التحقق من النشرة الطبية لأي أدوية تتناولها.
كما ربطَت بعض الدراسات الطبية الاستخدامَ الطويل الأمد لمشتقات الستيرويدات (الهرمونات الذكرية التي يستخدمها بعض الرياضيين لتحسين أدائهم) بزيادة خطر الإصابة بسرطان الكبد قليلاً.
يمكن أن يزيد التدخين من خطر الإصابة بسرطان الكبد وتليف الكبد. وجَدت دراسة أجريت عام 2013 في المجلة الاسكندنافية لأمراض الجهاز الهضمي أن التدخين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بتليف الكبد.
كما يعزّز التدخين أيضًا إنتاج السيتوكينات، وهي مواد كيميائية تسبب المزيد من الالتهابات وتدمّر خلايا الكبد، كما أنه وُجد أن الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد B أو C يمكن أن يزيد التدخين لديهم من خطر الإصابة بسرطان الكبد.
على الرغم من أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في تلف الكبد، فإن الإسراف في تناول الكحول يظل سببًا رئيسيًا لتليف الكبد وأمراض الكبد اللاحقة، فقد أثبتت الدراسات أن ما يقدر بنحو 10 إلى 15٪ من الذين يشربون الخمر بكثرة يصابون بتليف الكبد.
تعتبر المشروبات الغازية الغنية بالسكر سببًا لزيادة الوزن، لذلك ليس من المستغرب أن يتم ربطها أيضًا بتلف الكبد.
وجَدت إحدى الدراسات التي نُشرت عام 2015 في مجلة أمراض الكبد، أن الأشخاص الذين شربوا واحدًا أو أكثر من المشروبات المحلّاة بالسكر يوميًا لديهم علامات أعلى للإصابة بأمراض الكبد الدهنية من أولئك الذين لم يَشربوا أي مشروبات سكرية، أو الذين اختاروا اتباع أحد الأنظمة الصحية.
وجَدت الأبحاث المنشورة في مجلة Pediatric Obesity عام 2013 أن الأشخاص الذين تناولوا مشروبَين سكريين يوميًا لمدة ستة أشهر ظهرت عليهم علامات مرض الكبد الدهني.
كما ثبت أن التقليل من تناول الصودا يساعد في إنقاص الوزن، وقد يساعد القيام بذلك في الحفاظ على صحة الكبد أيضًا.
الخلاصة
يرتبط تلف الكبد بالعديد من الحالات الطبية والأدوية، ومع تقدّم حالات تلف الكبد، يمكن أن يتحول في النهاية إلى فشل الكبد، كما قد تساعد عوامل نمط الحياة، مثل الإقلاع عن التدخين أو الحد من تناول الكحول، في إبطاء تطور المرض.
المصادر:
- https://www.health.com/condition/hepatitis-c/what-causes-cirrhosis-liver
- https://www.health.com/hepatitis-c-overview-6951471