يعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء في العالم، وتصل نسبة الإصابة بين النساء الأصغر من 55 عامًا بهذا الورم الخبيث ما يقرب من 30٪، مما يعني أن سرطان الثدي يصيب النساء في وقت مبكر من حياتهن مقارنة بأنواع السرطان الأخرى.
ولحسن الحظ، حتى لو كان معدل الإصابة بسرطان الثدي آخذًا في الارتفاع، فإن معدل الوفيات بسبب سرطان الثدي آخذ في الانخفاض بفضل الاكتشاف المبكر وطرق العلاج المحسّنة والجديدة.
وغالبًا ما يتضمن علاج سرطان الثدي نوعًا من الإجراءات الجراحية، إما جراحة الحفاظ على الثدي، أو استئصال الثدي وحده، أو استئصال الثدي مع ترميم الثدي (فوريًا أو لاحقًا).
ونظرًا للقيمة المعنوية للثدي بالنسبة لهوية المرأة الذاتية وثقتها بنفسها، فلا مفر من إلقاء نظرة فاحصة على التأثير النفسي لمثل هذا النوع من جراحات الترميم.
التأثير النفسي لسرطان الثدي
كما ذكرنا من قبل، فعلى الرغم من أن معدلات الوفيات بسبب سرطان الثدي آخذة في الانخفاض، فإن تشخيص الورم الخبيث يثير الضيق النفسي والخوف.
تبدأ الأفكار السلبية في محاصرة المريضة، فيزداد تفكيرها في المرض والموت ونهاية الحياة، لذا ينبغي تقديم الدعم النفسي لهؤلاء المريضات لمواجهة كل هذه الضغوط الجسدية والنفسية.
تشعر معظم النساء بعد جراحات سرطان الثدي واستئصال الثدي بقدر من انعدام الثقة تجاه أجسادهن، ويفقدن ثقتهن بأنفسهن. علاوة على ذلك، غالبًا ما يكون التعرف على صورة الجسم الجديدة أمرًا صعبًا، وتحتاج المرأة إلى وقت لقبول مظهرها الجديد.
ولا يؤثر سرطان الثدي على المريضة فحسب، بل على الأسرة بأكملها، فيحاول أفراد عائلات المصابات دعم المريضة، ولكن في الوقت نفسه، يتعين عليهم التعامل مع مخاوفهن بشأن المستقبل، وكذلك التغيرات الجسدية التي تمر بها المريضة، أو المخاوف بشأن احتمال تكرار المرض.
كما يشعر أطفال مرضى السرطان بمرض أمهم باعتباره تهديدًا يأتي مصحوبًا بالعديد من التغييرات والضيق، والتي قد تؤدي على التوالي إلى تغيرات سلوكية وردود فعل عاطفية قوية.
ولا يمكننا أن نغفل أن سرطان الثدي مرض يصيب أيضا قريبات المريضة من الإناث، فيتعين على الأمهات والجَدّات والأخوات والبنات أن يواجهن خطر الاستعداد الوراثي.
وبما أن سرطان الثدي يؤثر على الأسرة بأكملها، فيجب أن يركز الدعم النفسي على هذا الأمر.
جراحات ترميم الثدي
إذا كانت المريضة بحاجة للخضوع لعملية استئصال الثدي، فمن الضروري التحدث حول خيارات الترميم الجراحية، فيقوم جراح الأورام المختص بالتعاون مع جراح التجميل بعمل خطة علاجية مناسبة من أجل إعادة ترميم الثدي بعد استئصال الورم مباشرة في نفس العملية (الترميم الفوري)، أو بعد العملية بفترة (الترميم المتأخر).
كما توجد خيارات أخرى غير جراحية، لذا من الضروري استشارة الطبيب في الأهداف المرجوة من العملية، فقد لا تأتي جميع العمليات بالنتيجة المناسبة للمريضة، كذلك فإن بعض العمليات تؤدي إلى بعض الأعراض الجانبية، فمثلاً يكون الإحساس أقل في الثدي الذي تم ترميمه جراحياً.
يعتمد اختيار إجراء ترميم الثدي على عدة عوامل، منها:
- حجم الكتلة السرطانية وموضعها في الثدي.
- نوع جراحة الاستئصال وكمية النسيج المتبقي بعد الاستئصال.
- الصحة العامة للمريضة، وإذا كانت مصابة بأي من الأمراض المزمنة مثل السكري.
بعد استئصال الورم أو استئصال الثدي، يمكن أن تجعلكِ جراحات ترميم الثدي تشعرين بتحسن بشأن مظهركِ وتجدد ثقتكِ بنفسك.
ولكن ضعي في اعتبارك أن الثدي المعاد بناؤه لن يكون مطابقًا تمامًا أو بديلاً لثديك الطبيعي.
لذلك؛ فالتواصل الجيد مع جراح التجميل أمر مهم، إذ تلعب العلاقة بين مقدم الخدمة والمريض دورًا رئيسيًا في مدى قدرة المرأة على الوصول إلى أعلى درجات الرضا والراحة النفسية عند مواجهة الجراحة الترميمية.
كما تعطي جراحات ترميم الثدي المرأة شكل ثديين متماثلين وأقرب إلى الطبيعي، فلا حاجة لحشو حمالة الصدر أو استخدام الثدي الاصطناعي، مما يعزز من الثقة بالنفس عند ارتداء أي نوع من الملابس.
وهناك العديد من الآثار الجانبية لجراحات ترميم الثدي مثل:
- النزيف.
- تورم في منطقة الترقيع أو الزرع.
- العدوى والالتهابات في منطقة الجرح.
- الندبات، والتي تتلاشى مع مرور الوقت، لكنها لا تختفي نهائياً.
فإذا كانت المريضة رافضة لوجود ندبات في مناطق أخرى من الجسم، أو إذا كانت المريضة نحيفة جداً، إذ إن النساء النحيفات قد يفتقرن للنسيج الذي يُستخدم لتكوين صدر جديد لكي يُستخدم في عملية الترميم، فستصبح جراحات ترميم الثدي خيارًا سيئًا وغير مُرْضٍ.
وهنا يأتي دَور زرع أكياس السليكون بأنواع وأشكال مختلفة، فكل منها تعطي ملمساً وهيكلاً يختلف عن الثاني، ومن الجدير بالذكر أنه في كلتا العمليتين من المرجح أن تحتاج المرأة لعملية ثانية تسمى العملية النهائية، وفيها تتموضع اللمسات النهائية كإعادة تكوين حلمة الثدي والهالة المحيطة بها، أو إعادة وضع كيس الزرع.
الآثار النفسية لجراحات ترميم الثدي
يمكن أن يكون الجدول الزمني الضيق للتشخيص وأخذ الخزعة والعلاجات الإضافية مرهقًا، وقد يمنع النساء من الاستماع إلى احتياجاتهن الخاصة، مما يجعل من الصعب التوصل إلى قرار يشعرهن بالراحة تجاهه حقًا.
لهذا السبب، من المهم دعم المريضات في العثور على العلاج المثالي لحالتهن الفردية، والذي يمكن أن يتراوح من استئصال الثدي مع إعادة البناء الفوري إلى استئصال الثدي دون (أو تأخير) جراحة الترميم.
يجب أن نضع في اعتبارنا أن جراحة ترميم الثدي لن تحل المشكلات النفسية الكبيرة، وأن الوقت اللازم للتعامل مع العواقب النفسية والاجتماعية للتشخيص والعلاج لا يمكن تقصيره بأي إجراء جراحي.
فيمكن أن يكون عدم الرضا عن القرار أو نتيجة الجراحة الترميمية في أصله راجعًا لمشكلات نفسية واجتماعية لم يتم مواجهتها وتخطيها.
وبالتالي؛ فإن تمكين المرأة من المشاركة بنشاط في عملية صنع القرار يعد خطوة أساسية في العلاج، لضمان تقبل الجراحة والوصول إلى الرضا بعد إجرائها.
يحتاج نظام العلاج الموجه للمريض لمرضى سرطان الثدي إلى النظر إلى المريضة، ككل وتقديم الدعم الكامل لها.
كما يجب تشجيع المريضات وعائلاتهن باستخدام العديد من الأساليب والعلاجات النفسية المختلفة.
وختامًا، نأمل أن تُقدَّم المزيد من الأبحاث في مجال الآثار النفسية الاجتماعية لسرطان الثدي واحتياجات المريضات، مع مراعاة الطبيعة الفردية لكل مريضة.
المصادر:
1- https://www.healthline.com/health/breast-cancer/emotions-of-breast-reconstruction#1