اللولب الهرموني وسرطان الثدي قد تربطهما علاقة حسبما وجدت دراسة جديدة، لكن البحث والتمحيص مهم ولا يجب إثارة القلق، لأن الدراسة التي أجريت وجدت زيادة طفيفة في حالات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللواتي يستخدمن اللولب الهرموني، وقد أجريت هذه الدراسة في الدنمارك حيث بدأ الباحثون في تتبع ما يقرب من 80 ألف سيدة ممن يستخدمنَ اللولب الهرموني على مدار عقدَين من الزمن، وقارنوا تلك السيدات بعدد مماثل من السيدات من نفس العمر ولم يستخدمنَ اللولب الهرموني.
وقد قام الباحثون بالأخذ في عين الاعتبار العديد من الاختلافات بين المجموعتين، بما في ذلك العمر وعدد الأطفال وتناول بعض الأدوية والحالات الطبية الأخرى، وأشارت الأرقام والنتائج إلى وجود ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي بين السيدات اللواتي استخدمنَ اللولب الهرموني.
ومع ذلك؛ هناك العديد من عوامل الخطر الأخرى المهمة للإصابة بسرطان الثدي، والتي يبدو أن الباحثين لم يأخذوها بعين الاعتبار، مثل وزن الجسم وتعاطي الكحوليات والتدخين والنشاط البدني. فإذا كان هناك اختلاف بين المجموعتين في هذه العوامل فإن نتائج الدراسة تكون متحيزة، مما يجعل نتائجها غير مؤكدة تماماً. وفي النهاية؛ لا يمكننا القول بشكل جازم إن اللولب الرحمي الهرموني يسبب سرطان الثدي، ولكن قد تكون هناك علاقة ارتباط طفيفة بينهما.
تفاصيل العلاقة بين اللولب الهرموني وسرطان الثدي
أظهرت الدراسة أن النساء الأصغر من 50 عاماً وقد استخدمنَ اللولب الهرموني الذي يفرز هرمون الليفونورجيستريل كان لديهن خطر أعلى للإصابة بسرطان الثدي مقارنة بالنساء اللواتي لم يستخدمنَ موانع حمل هرمونية.
خلال فترة متابعة ما يقرب من 7 سنوات، اتضح أن استخدام اللولب المفرز للهرمون أدى إلى زيادة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 40%، وأظهرت البيانات ارتباط هذه النتائج وزيادة المخاطر مع مدة الاستخدام، إذ ارتفعت إلى 80% بين النساء اللاتي استخدمنَ اللولب الهرموني لمدة 10-15 سنة.
كما توافقت نتائج هذه الدراسة الجديدة مع دراسة أخرى أظهرت زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 29% بين النساء اللواتي استخدمنَ وسائل منع الحمل الهرمونية الأخرى، وتشير هذه الدراسات إلى أننا قد نرى 14 حالة إضافية من سرطان الثدي بعد ما يصل إلى خمس سنوات من استخدام اللولب الهرموني.
وقد نسجل 29 حالة إضافية بعد 5-10 سنوات من الاستخدام، وكنسبة مئوية في المجمل؛ فإن كل هذه الزيادات في المخاطر تشكل أقل من 1%، لذا أكدت التقارير النهائية أن العلاقة بين اللولب الهرموني وسرطان الثدي ومخاطر زيادة هذه الحالات هي زيادة طفيفة لا تستدعي القلق المبالَغ فيه.
ماذا تقول الأبحاث الأخرى؟
هناك دراسة أخرى أكبر بكثير أجريت في السويد على ما يقارب أكثر من نصف مليون حالة من النساء المستخدِمات للولب الهرموني، وأشارت إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 13% فقط، وهي نسبة أقل بكثير من زيادة الخطر في الدراسة الدنماركية الجديدة.
وهذا يعني حدوث 1.46 حالة إضافية من سرطان الثدي لكل 10000 امرأة منهنّ سنوياً، كما نظرت الدراسة السويدية في أنواع أخرى من السرطانات، فقد أشارت النتائج إلى انخفاض الإصابة بسرطانات عنق الرحم والمبيض وبطانة الرحم، فتبدو هذه النتائج مختلطة لبعض مخاطر الإصابة بالسرطان والحماية من أنواع أخرى من السرطان.
كيف يجب التعاطي مع هذه الدراسة؟
يبدو أن العلاقة بين اللولب الهرموني وسرطان الثدي ضعيفة، وقد تكون وهماً إحصائياً وليست شيئاً حقيقياً، وحتى لو كان خطراً حقيقياً؛ فقد يتم موازنة هذا الخطر من خلال استخدام الهرمونات في الحماية ضد أنواع السرطانات الأخرى، وقد يتضاءل هذا السبب أمام المخاطر الأخرى لحدوث سرطان الثدي مثل زيادة الوزن والخمول البدني، وتعاطي الكحوليات والتدخين... ويجب العلم أن اللولب الهرموني ليس خيار منع الحمل المناسب لكل امرأة، ومع ذلك فهو يندرج في أعلى قائمة هذه الخيارات.