هناك بعض الاختلافات في معدلات الإصابة بأمراض معينة بين الرجال والنساء، ومن هذه الأمراض مرض السكري من النوع الأول، إذ إن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور ، وذلك بحسب ما أشار إليه باحثون من المراكز الطبية بجامعة أمستردام في هولندا من أن التحكّم بنسبة السكر في الدم وفي بعض الأمور الأخرى المتعلقة بداء السكري من النوع الأول يكون أشد ضراوة في الإناث عنه في الذكور.
وقد حدد الباحثون -في نتائجهم التي عرضوها في اجتماع للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكري، في ستوكهولم، والتي شملت مراجعة 90 من الدراسات المنشورة مسبقاً- بعض الاختلافات التي تعتري الإناث المصابات بداء السكري من النوع الأول، والتي تختلف عن الذكور. وبوجه عام، فإن مستويات السكر في الدم تميل إلى الارتفاع أكثر عند الإناث مقارنة بالذكور، كما أنهن يعانين من زيادة الوزن، وحياة أقل جودة بشكل عام.
لماذا تعد الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور
يذكر الباحثون أن الأسباب وراء أن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور غير معروفة جيدا، لكنها قد تبدو عديدة، وتتراوح بين أسباب بيولوجية ونفسية واجتماعية، مما يجعل الإناث أسوأ حالًا من الذكور في بعض جوانب هذا المرض. ومن ثم فإن هذه النتائج تؤكد على أن الفتيات المصابات بداء السكري من النوع الأول قد يحتجن إلى رعاية واهتمام خاص مقارنة بالذكور.
ما الفرق بين السكري من النوع الأول والنوع الثاني؟
يختلف النوع الأول لداء السكري عن النوع الثاني الذي يُشخص في الغالب عند البالغين، وغالباً ما يرتبط بالسمنة وارتفاع ضغط الدم. يصيب داء السكري من النوع الأول عادة الأشخاص في مرحلة الطفولة، إذ يؤثر هذا المرض على أكثر من مليون طفل ومراهق في جميع أنحاء العالم. وينتج هذا النوع نتيجة هجوم خاطئ من الجهاز المناعي على خلايا البنكرياس التي تُنتج الإنسولين (الهرمون المسؤول عن تنظيم نسبة السكر في الدم، ومن ثم تنظيم احتياجات الخلايا من الطاقة والتي تتأتى من تكسير وحدات السكر).
وبدون الإنسولين، فإن نسبة السكر ترتفع في الدم، ولذلك يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول إلى تناول الإنسولين الدوائي من أجل المحافظة على حالة صحية جيدة. ويحصل البالغون على جرعتهم من الإنسولين عن طريق الحقن أو عن طريق "مضخات الإنسولين" التي تُوصِل جرعات الإنسولين طوال اليوم عبر إبرة صغيرة تحت الجلد مباشرة.
أما في النوع الثاني من داء السكري، يفرز البنكرياس كمية من الإنسولين أقل وربما أكثر من المعتاد، ولكن تصبح خلايا جسمك مقاوِمة للإنسولين، وهذا يعني أن جسمك لديه الإنسولين، لكنه يتوقف عن القدرة على استخدامه بكفاءة.
اختلافات وراء المرض
عدا عن كون هذا المرض يشكل عبئًا كبيرًا على الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول، يكون تأثيره على الإناث أشد، ويجعل الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور. وفي هذا الصدد يذكر سانجوي دوتا، نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة أبحاث مرض السكري للأحداث، أن أحد الاختلافات الراجعة وراء ذلك يكمن في أن "الفتيات قد يصبن بداء السكري من النوع الأول في وقت مبكر من حياتهن مقارنة بالذكور، ومن ثم فإن طول مدة الإصابة يصاحبه مزيد من المضاعفات".
كما أن التغيرات الهرمونية في كلا الجنسين في سن البلوغ تؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، مما يزيد من حاجة الجسم إلى مزيد من الإنسولين. غير أن هذه التغيرات يكون لها أثر أكبر في تحكم الجسم في نسبة السكر في الدم في الإناث مقارنة بالذكور.
وفي الصدد ذاته، تشير كيمبر سيمونز، اختصاصية الغدد الصماء للأطفال في مركز باربرا ديفيس للسكري التابع لجامعة كولورادو إلى أن "حاجة الفتيات للإنسولين تتغير أيضًا أثناء الدورة الشهرية".
الإناث يتعرضن إلى ضغوط أكبر
بعيداً عن بيولوجية المرض، فإن الأطفال المصابين بداء السكري من النوع الأول معرَّضون للقلق والتوتر والضغوط الاجتماعية أثناء مرحلة النمو، مما يجعل تنظيم الوجبات وتعديل الإنسولين وتنظيم الجوانب الأخرى الخاصة بالسيطرة على المرض ومتابعته أكثر صعوبة.
وتشير سيمونز إلى أن الأبحاث تُظهر أن الفتيات يتعرضن لضغوط أكبر، وبالتالي فإن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور إذ إنهن يواجهن الكثير من المشكلات المتعلقة بشكل أجسامهن، و"اضطرابات الأكل" والاكتئاب. وهناك ما يقدر بنحو 30% من الفتيات المصابات بداء السكري من النوع الأول يعانين من الاكتئاب، ومن ثم فإن مستويات السكر لديهن تميل إلى الارتفاع، ويواجهن خطراً أكبر للإصابة بالحماض الكيتوني السكري.
ويعتبر الحماض الكيتوني السكري من أخطر مضاعفات مرض السكري؛ إذ تحدث هذه الحالة المرضية عندما لا يستطيع الجسم إنتاج كمية كافية من الإنسولين، أو عندما لا تتوفَّر جرعة الإنسولين الكافية للجسم، ومن ثم يفرز الجسم مستويات عالية من أحماض الدم التي تُسَمَّى كيتونات.
وقد وجد الباحثون أن الفتيات المريضات هنّ:
- أكثر عرضة للإصابة بالحماض الكيتوني السكري من الذكور.
- كما أن الإناث قد أظهرن عمومًا مستويات أعلى من السكر التراكمي بشكل الهيموغلوبين الغليكوزيلاتي (وهو مقياس لنسبة السكر في الدم خلال الأشهر الثلاث السابقة لإجراء هذا الفحص)، وذلك مقارنة بالذكور.
- كما أن مستويات السمنة وارتفاع نسبة الكوليسترول كانت أعلى في الإناث.
ويؤكد دوتا وسيمونز أن دراستهم اختبرت المتوسطات الخاصة بهذه المؤشرات، ولكن هذا لا يعني أن أي فتاة مصابة بداء السكري من النوع الأول قد تعاني من ضراوة المرض ذاتها، وتشير النتائج بشكل عام إلى أن الفتيات قد يحتجن إلى رعاية أكبر نظرًا لأن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور
الأسئلة الأكثر شيوعاً
هل يمكن الزواج من شخص مصاب بالسكري من النوع الأول؟
يُفترض بشكل خاطئ أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول مرضى معاقين ومعتمدين على الآخرين وغير مناسبين للزواج، ومن المحتمل أن يكون حملهم معقدًا مع إمكانية إنجاب أطفال مصابين بالسكري أيضًا، لكن على الرغم من أن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور يمكن أن تساعد استشارة الأخصائيين على مستوى الفرد والزوج والأسرة والمجتمع في تفادي مثل هذه المشكلات.
هل يمكن للمصابة بمرض السكري من النوع الأول الإنجاب؟
على الرغم من أن الإناث أكثر معاناة من السكري من النوع الأول مقارنة بالذكور يمكن للنساء المصابات بداء السكري من النوع الأول أن يتمتعن بحمل صحي. اتبعي خطة متابعة مرض السكري، من الناحية المثالية قبل الحمل وأثناء الحمل وبعده، للحفاظ على صحتك وصحة طفلك.
كم من الوقت يمكن للشخص المصاب بالسكري من النوع الأول أن يعيش؟
قبل تسعين عامًا مضت، كانت الإصابة بداء السكري من النوع الأول بمثابة حكم بالإعدام، فقد كان نصف الأشخاص الذين أصيبوا به يموتون في غضون عامين، وأكثر من 90% منهم يموتون في غضون خمس سنوات. وبفضل إدخال العلاج بالإنسولين في عام 1922، والتطورات العديدة التي حدثت منذ ذلك الحين، يعيش العديد من المصابين بداء السكري من النوع الأول الآن إلى الخمسينات من العمر وما بعدها.