يحذرنا المختصون هذه الأيام وبكثرة من السكر والملح، وينصحون أن لا تتجاوز حصة السكر من مجموع الحريرات الغذائية (السعرات الحرارية)، التي نستهلكها يوميا (10-15%)، ومع ذلك ينصح خبراء التغذية بالإكثار من تناول الفواكه والخضر، وكلنا يعلم أن معظم الفواكه غنية بالسكر، فهل هناك تعارض في نصائحهم؟
إن ما يضر في تناول السكر (وخاصة في مرضى داء السكري)، هو ليس السكر نفسه (فكل الأغذية تنتهي بعد استقلابها إلى السكر البسيط، الغلوغوز)، حتى يتمكن الجسم من الاستفادة منها).
ولكن ما يضر هو سرعة وصول السكر إلى مجرى الدم، لأن وصوله السريع يحث على إفراز هرمون الإنسولين من غدة البنكرياس (الذي تعتبر وظيفته الأساسية إدخال غلوكوز الدم إلى الخلايا)، مما يجهد غدة البانكرياس (مع مرور الزمن) من جهة، ويعرض الإنسان للجوع بسرعة من جديد من جهة أخرى، ويساهم في تخزين السكر الفائض بشكل دهون (مسببا البدانة).
لهذا أدخل علماء التغذية مفهوم المؤشر السكري (glycemic index)، الذي يصنفون به مختلف الأطعمة، والذي يدل على سرعة انطلاق السكر من الطعام إلى مجرى الدم (كلما انخفض المؤشر، دل هذا على بطء تحرر السكر من الطعام المعني، والعكس صحيح).
بصورة عامة، تتميز الفاكهة بمؤشر سكري منخفض، ما يعني أن السكر الذي نحصل عليه منها لا يصل لمجرى الدم إلا ببطء، لانه مخزن داخل خلايا الفاكهة التي يجب أن تهضم أولا لتحريره، مثلاً، إذا أكلت موزة ستشعر بالاكتفاء لفترة من الزمن، الأمر الذي لا يحصل بعد أكل قطعة من الحلوى، إذ سترغب بالمزيد بمجرد تناولها.
أضف إلى ذلك أن الفاكهة تزخر بالفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة، والألياف، وكلها من العناصر الضرورية للصحة، مما يفسر التأكيد على اختيارها كغذاء مميز (مع الخضروات) من قبل علماء التغذية، الأمر الذي لا ينطبق على الحلويات والتي يعتبرونها مصدرا (للحريرات الفارغة).
لذلك كله لا بأس من (بل يحبذ) تناول الكثير من الفاكهة، مع ملاحظة أن الأفضل الا تكون بشكل عصير، لأن ذلك يجعل وصول السكر منها إلى خلايا الجسم أسرع، ويفقدها ميزة ثمرة الفاكهة الكاملة التي تحدثنا عنها.