كلنا نعلم أهمية التغذية الصحية السليمة خلال رحلة الحمل، ومدى تأثيرها المباشر على صحة الأم والجنين، وحتى على صحة الطفل في سنوات ما بعد الولادة، من هنا فعلى الحامل في هذه الفترة أن تتبع نظاماً غذائياً صحياً، يلبي احتياجاتها واحتياجات جنينها الذي يسبح في بطنها، فالتغذية السيئة أو غير الكافية يمكن أن تترك مضاعفات لا تُحمد عقباها، خاصة على الجنين الذي يعتمد كلياً على أمه في الحصول على العناصر الغذائية الضرورية، من أجل نموه وتطوره وبناء خلاياه وأعضائه.
وتظل التوصيات الأساسية للنظام الغذائي الصحي هي نفسها خلال مشوار الحمل، وتشمل تناول الكثير من الفاكهة والخضراوات الغنية بالألياف والحبوب الكاملة والبروتينات، وبعض العناصر المهمة (حمض الفوليك، الكلس، الحديد، فيتامين د) والدهون الصحية غير المشبعة وخاصة زيت الزيتون.
لماذا زيت الزيتون؟
قام باحثون برتغاليون بمراجعة تحليلية لتسع دراسات أجريت في الفترة ما بين عام 2008 وعام 2020، في كل من إسبانيا والدانمارك وإيطاليا وبريطانيا والأرجنتين. ونُشرت المراجعة التحليلية على صفحات مجلة Nutrition research، وفيها عمل فريق البحث على 6 دراسات مبنية على تجارب مضبوطة، و3 دراسات أخرى مبنية على الملاحظة، شملت أكثر من35000 امرأة حاملًا.
وبشكل عام، يمكن القول إن تحليل البيانات المتعقلة بالدراسات التسع سالفة الذكر أفاد في أن تناول زيت الزيتون البكر الممتاز أسهم في خفض المضاعفات أثناء الحمل، مثل سكري الحمل والتسمم الحملي، ويعتقد الباحثون الذين أشرفوا على المراجعة، أن التأثير المضاد للسكري يعود إلى مركبات البوليفينول الموجودة في زيت الزيتون، التي تزيد من حساسية هرمون الأنسولين. أما عن تراجع مخاطر التعرض للتسمم الحملي فقد عزاه العلماء إلى غنى زيت الزيتون البكر الممتاز بمضادات الأكسدة ومركبات البوليفينول.
زيت الزيتون مفيد للطفل أيضاً:
المعروف أن قياسات الأطفال حديثي الولادة (الطول والوزن) يجب أن تكون ضمن النطاق الطبيعي، لتفادي مشكلات صحية ولادية ومستقبلية. على سبيل المثال، فالأطفال ذوو المقاسات الصغيرة بالنسبة لعمر الحمل هم أكثر عرضة للمعاناة من مشكلات صحية. أما الأطفال الذين يمتلكون قياسات أكبر من المعدل الطبيعي فهم أكثر عرضة لمضاعفات الولادة.
وإذا أخذنا بنتائج المراجعة التحليلية التي أتينا على ذكرها أعلاه، فإن زيت الزيتون البكر الممتاز يسهم في تقليل فرص خروج قياسات الجنين عن النطاق الطبيعي، الأمر الذي يجنبه التعرض إلى أخطار أثناء الولادة وما بعدها.
لمحة مختصرة عن زيت الزيتون البكر الممتاز:
زيت الزيتون البكر الممتاز هو أقل أنواع زيت الزيتون معالجة مقارنة بزيت الزيتون البكر وزيت الزيتون العادي، فهو يستخرج على البارد من أول عشرة لثمار الزيتون، ويملك طعماً ونكهة ورائحة خاصة، ويحتفظ بمضادات الأكسدة والفيتامينات الطبيعية، وهذا ما يجعله أكثر فائدة من النوعين الآخرين لزيت الزيتون، بسبب خضوعهما لعمليات التصفية والتكرير، التي تسلبهما كثيرًا من مضادات الأكسدة والفيتامينات والمكونات النباتية الطبيعية الأخرى. إن كل أنواع زيت الزيتون تحتوي على أحماض دهنية غير مشبعة، ويجمع خبراء الصحة على أنها دهون صحية، تحمي من أمراض القلب والسكتة الدماغية.
ومن باب العلم، يعتبر زيت الزيتون أحد المكونات المهمة لحمية حوض البحر الأبيض المتوسط، وفي هذا الإطار، وجدت دراسة حديثة أن الالتزام بنظام حمية البحر الأبيض المتوسط أثناء الحمل المبكر قد يقلل من أخطار نتائج الحمل السلبية، مثل تسمم الحمل وسكري الحمل والولادة المبكرة، فهل هذه النتائج ناجمة عن تناول زيت الزيتون أم عن أغذية أخرى؟ يحتاج الجواب على هذا السؤال إلى القيام بخطوات بحثية أخرى تحمل معها الخبر اليقين.
المختصر المفيد:
خلص مؤلفو الدراسة التي نشرت في مجلة Nutrition research، إلى أن استهلاك زيت الزيتون خلال رحلة الحمل يوفر تأثيرات وقائية مفيدة للحامل والجنين، فهو يحد من أخطار التعرض للسكري الحملي والتسمم الحملي وكبر حجم الجنين أو صغره.
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل تأثيرات زيت الزيتون الإيجابية ناجمة عنه فقط؟ أم أن هناك أطعمة أخرى تلعب دورها؟ في الواقع، الباحثون قالوا بضرورة إجراء مزيد من الدراسات حول تأثير استهلاك زيت الزيتون على تقليل حدوث مضاعفات وأخطار سلبية على الأم والجنين، فالمعطيات التي حصلوا عليها من الدراسات التي صالوا فيها وجالوا لم تكن متجانسة بما فيه الكفاية من أجل وضع النقاط على الحروف.
المصادر
- https://www.news-medical.net/news/20230103/Olive-oil-is-beneficial-for-maternal-fetal-health.aspx
- https://www.medicalnewstoday.com/articles/324221#summary
- https://www.healthypregnancy.com/health-benefits-olive-oil-during-pregnancy/