من الطبيعى أن يشعر الإنسان بالطعم المالح لفترة ما بعد تناول الأطعمة المملحة، ولكن ليس طبيعياً أن يجد الإنسان هذا الطعم دائما أو لفترات طويلة، وفى معظم الأحوال لن يكون هذا الطعم خطيراً، ولكن فى أحيان أخرى قد يكون إنذارا لمشكلة أكبر.
* كيف نتذوق الأطعمة؟
يتذوق الإنسان بواسطة آلاف من براعم التذوق المنتشرة على اللسان والحلق، وعندما نشرب أو نمضغ الطعام تقوم جزيئات الطعام بتحفيز براعم التذوق فنشعر بالطعوم المختلفة، كما تتنبه الأعصاب بالفم بواسطة روائح الأطعمة المختلفة، وكذلك برودة وسخونة الطعام.
مع تقدم العمر قد تنخفض أعداد براعم التذوق محدثة تغير فى الطعوم المختلفة أو ضعف التذوق عامة.
* أهم أسباب الطعم المالح في الفم
1- الجفاف
من أهم وأشهر أسباب تغير طعم الفم هو الجفاف، وقد يحدث الجفاف بعدة أشكال وأسباب:
أولا: جفاف الجسم عامة
مع قلة شرب الماء يحدث نقص في السوائل في الجسم، فتتركز المعادن فى اللعاب محدثة الطعم المالح، وقد يغفل الإنسان عن شرب الماء أثناء الجو الحار أو عند ممارسة الرياضة فيكون أكثر عرضة للجفاف.
يمكن أن تؤدي التمارين الرياضية إلى تفاقم الجفاف – خاصةً مع التعرق الشديد والجو الحار - وقد يلجأ الرياضيون إلى تناول الكثير من الكافيين، في محاولة لتحسين أداء التمرينات، الذى بدوره يزيد من إدرار البول محدثاً بعض الجفاف في الجسم، ومن ثم المذاق المملح.
قد تصاحب الجفاف أعراض أخرى مثل:
- الشعور بالتعب والدوخة.
- الارتباك ونقص التركيز.
- البول تصبح كميته قليلة ولونه يكون داكنا.
- العطش الشديد.
ثانيا: الجفاف الخاص بالفم فقط
جفاف الفم قد يتبع جفاف الجسم، وقد يكون حالة منفصلة بسبب بعض الأدوية أو التدخين أو لانسداد الأنف الذى يجبر الإنسان على أن يتنفس من فمه محدثاً جفاف الفم ثم الطعم المالح.
ثالثا: الجفاف المرضي نتيجة لمتلازمة جوجرين sjogren
هو مرض مناعي، يحدث عندما يهاجم الجسم الغدد المنتجة للسوائل، بما في ذلك الغدد اللعابية والغدد الدمعية، ومع الجفاف كثيراً ما يحدث طعم مالح بالفم.
قد يصاحب المرض جفاف فى مختلف أعضاء الجسم مثل العين والمهبل، وقد يصاحبه ألم بالمفاصل أو طفح جلدي، ولا بد، مع العلاج الدوائي، من شرب الماء بكثرة وشطف الفم.
2- النقص الغذائي
كثيراً ما يحدث تغير بطعم الفم نتيجة النقص الغذائي فى عنصر أو أكثر؛ ويمكن أن يؤدي نقص البروتين والعديد من المعادن والفيتامينات المختلفة إلى جفاف الفم وألم في اللسان، ومن ثم تغير الطعم في الفم.
قد يلجأ البعض للحميات شديدة التقييد مما يتسبب فى فقد بعض العناصر الغذائية الهامة مثل الفولات، وب 12، وب 1، وفيتامين أ، ومعدن الزنك، وكلها تساهم فى تغيرات فى طعم الفم نتيجة لتأثر عمل الغدد اللعابية.
تختلف الأعراض المصاحبة لهذا التغير باختلاف العنصر الناقص، ولكن كثيراً ما يصاحبها واحد أو أكثر من الأعراض التالية:
- الضعف العام والشحوب.
- جفاف الجلد.
- الخدر (التنميل).
- ضعف الإبصار ليلاً.
- الارتباك وضعف التركيز.
يمكن تفادي ذلك بالاهتمام بالغذاء المتنوع المتوازن الذى يحوي جميع العناصر مع البعد عن الأطعمة شديدة الملوحة، والأطعمة المصنعة، مع الاهتمام الخاص بالعناصر السابقة.
- يوجد الفولات في البقوليات والخضروات الورقية الخضراء.
- ب 12 موجود في الأغذية الحيوانية فقط مثل الدجاج والبيض والحليب.
- الثيامين في الحبوب الكاملة.
- الزنك فى المحار ولحم البقر وسرطان البحر.
- فيتامين (أ) فى الكبد والأعضاء الداخلية للحيوان ويوجد أيضا فى البطاطا والقرع بصورة البروفيتامين الذى يتحول داخل الجسم لفيتامين أ.
3- التنقيط خلف الأنف
مع التهاب الجيوب الأنفية أو وجود مخاط في الأنف قد يحدث تنقيط للمخاط خلف الأنف؛ مما يجعل اللعاب أكثر ملوحة.
4- الارتجاع المريئي المعدي (GERD)
عندما تضعف العضلة ما بين المريء والمعدة يحدث ارتجاع للحمض المعدي داخل المريء، محدثا إحساسا حارقا في الصدر، وطعما غريبا في الفم، طعما مرا أو حامضا أو مالحا.
5- وجود دم في الفم
وجود الدم في الفم قد يعطي مذاقا معدنيا أو مالحا، وقد يحدث النزف في الفم نتيجة تناول طعام صلب، أو التنظيف العنيف للفم، وقد يكون التهاب اللثة سببا فى ذلك.
6- العدوى في الفم
عندما يترك التهاب اللثة بدون علاج، قد يترتب عليه عدوى بكتيرية، فتزيد الأمر سوءا، وقد يكون لها تأثيرات دائمة على الأسنان والعظام، والعدوى باللثة قد تؤدي إلى طعم مالح أو معدني في الفم، كما قد تتسبب فى:
- تخلخل الأسنان.
- وجود قيح أو قروح بالفم.
- ألم اللثة.
- رائحة كريهة في الفم.
7- التغيرات الهرمونية
الاختلالات الهرمونية، كتلك التي تحدث بعد إنقطاع الدورة الشهرية أو الحمل قد يصاحبها طعم مالح في الفم نتيجة لتغيرات في براعم التذوق.
8- الآثار الجانبية للدواء
كثير جداً من الأدوية يمكن أن تحدث جفافا بالفم، أو تختلط باللعاب مسببة ملوحة، أو طعما غريبا بالفم.
9- الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي
يمكن أن يتسبب العلاج الكيميائي لعلاج السرطان بتغيرات فى التذوق بسبب الأضرار التي تلحق ببراعم الذوق والغدد اللعابية وكذلك لجفاف الفم.
10- حالات طبية مختلفة
بعض الحالات التي تؤثر على الدماغ أو الأعصاب يمكن أن تؤثر أيضًا على اللسان، مما يؤدي إلى طعم غريب أو مالح، ومثل ما يحدث مع التصلب المتعدد أو التهاب العصب السابع وبعض أورام الرأس والرقبة مع ما يصاحبها من أعراض تلف الأعصاب.
* هل يسبب السكري الطعم المالح في الفم؟
إن الإصابة بمرض السكري قد تزيد من خطر الإصابة باضطرابات التذوق المختلفة، ومنها ملوحة الفم، ولكن لا يمثل ذلك ارتباطا مباشرا بمرض السكري، وقد يشعر المريض بضعف عام فى التذوق، أو صعوبة فى تذوق الأطعمة الحلوة والمالحة، وكذلك تغير فى طعم الفم، كما أن أدوية السكري قد تغير من طعم الفم خاصة التى تحتوي على الميتفورمين.
* علاجات منزلية لملوحة الفم
نستطيع أن نقوم ببعض التغييرات فى عاداتنا وغذائنا، ويكون ذلك كافياً للتخلص من ملوحة الفم، ومنها:
1- اشرب الكثير من الماء من 2-3 لترات يوميا، ويمكن أن تزيد الكمية مع المجهود البدنى، وحرارة الجو.
2- اشرب الماء موزعاً على مدار اليوم وليس مرة واحدة.
3- جرب تغيير طعم الماء.. مثلاً
- ضع بعض قطرات ماء الورد أو قطرات مستخلصات الفاكهة لتساعدك على شرب الماء.
- ضع شرائح الخيار أو أوراق النعناع أو القرنفل على الماء واشربه وتمضمض به.
4- تأكد من عدم وجود تسوس أو تخلخل بالأسنان، وكذلك تأكد من سلامة اللثة والتركيبات الصناعية.
5- نَوِع من الأطعمة من مختلف المجموعات، خاصة تلك التى تحتوي على فيتامين ب والزنك.
6- إذا تصادف حدوث الطعم المالح في الفم مع تناول دواء جديد.. يمكن للطبيب أن يكتب لك البديل إن وجد.
7- توقف عن التدخين
* علاقة ملوحة الفم بالوزن
مع تغير الطعم في الفم ينقسم الناس قسمين
- الأول: يرفض تناول الطعام لعدم استمتاعه بالأطعمة، وذلك سيؤدي إلى فقد الوزن.
- الثاني: يعمد إلى تناول الكثير من الأطعمة، وخاصة السكرية، محاولة منه للتغلب على طعم الفم، وفى هذه الحالة سيعرض نفسه لزيادة الوزن.
لابد من التوازن فى هذا الأمر لعدم إلحاق المزيد من الأذى، وطلب المساعدة بدلاً من الإضرار بالوزن.
* متى نزور الطبيب
لابد من استشارة الطبيب إذا حدث أحد تلك الأعراض:
- إذا توافق تغير الطعم مع تغير حاسة الشم.
- أو حدث تغير فى رائحة الفم أو حدث نزيف باللثة.
- أو لاحظت زيادة العطش او كثرة التبول.
- أو حدث تنقيط خلف الفم أو حرقة بالمعدة.
- كذلك إذا صاحبت الطعم المالح أعراض لم تكن موجودة من قبل.
- أو أن الملوحة استمرت لمدة طويلة حتى لو لم يصاحبها تغير بالأعراض.
من الهام أن يستطيع الإنسان التفرقة بين التغير الموجود.. ما بين الطعم المالح والمعدني ونقص الإحساس بالطعم عامة - وهو ما يصعب فى بعض الأحيان - لأن ذلك سيساعد الطبيب فى تحديد السبب، ومن ثم العلاج.