سعيد ولد عمره 14 عاماً، لديه تضخم في العقد اللمفاوية للعنق، وهو ضعيف، معلّمه يشكو من ضعف تركيزه في المدرسة، ودرجاته المدرسية بدأت بالتراجع، وكثيراً ما يجد صعوبة في الاستيقاظ، وهذا الأمر مستمر منذ ستة أشهر.
طبيبه المعالج أخبر والده بالأمس ــ بعد إجراء فحوص دموية متعددة ــ أنه مصاب بما يدعى (متلازمة التعب المزمن) Chronic Fatigue Syndrome، ووالده لم يسمع عن هذه (المتلازمة) من قبل.. فما هي؟ وهل هي خطرة؟ وما هو علاجها؟
* أعراض متلازمة التعب المزمن
إن (متلازمة التعب المزمن) هي عبارة عن اضطراب جسدي ونفسي، يعاني فيه المريض من بعض الأعراض الجسديّة كالصداع وآلام المفاصل، وفي الوقت نفسه تكون لديه أعراض نفسيّة كفقد الاهتمام بالنشاطات المفضّلة لديه كالرياضة وغيرها.
* التشخيص صعب
ومما يجعل التشخيص أكثر صعوبة أن بعض الأعراض الموجودة في هذه المتلازمة تشابه أعراضاً تُلاحظ في أمراض أخرى مثل (عدوى داء الوحيدات) و(داء لايم) و(الاكتئاب). وفوق ذلك، فإن أعراض هذه المتلازمة تتقلّب وتتغيّر عبر الوقت في المريض نفسه... وهذه الأمور كلّها تجعل من هذه المتلازمة معضلة تشخيصيّة حقيقيّة حتى بالنسبة لأكثر الأطبّاء خبرة.
* ما هي الأسباب؟
أسباب هذه المتلازمة ليست واضحة حتى الآن بالرغم من الأبحاث الكثيرة التي تم إجراؤها على المرضى المصابين بهذه المشكلة. ومع ذلك فإن الاعتقاد السائد بين العلماء هو أن هنالك عواملَ جسدية ونفسيّة تقود للإصابة بهذه المتلازمة. وعلى سبيل المثال، فلو أن مراهقاً يعاني من ضغوط نفسية نتيجة للدراسة أو الظروف العائلية أو الاجتماعية أصيب بعدوى فيروسية، فإن هذا يزيد من احتمال إصابته بهذه المتلازمة.
وهنالك عوامل كثيرة ذُكِرت كسبب محتمل لحدوث هذه المشكلة:
ــ العدوى (الإنتانات) Infections: مثل الإصابة بفيروس الحصبة وفيروس (إبشتاين بار) Epstein Barr.
ــ مشاكل الجهاز المناعي: مثل التحسس بأنواعه.
ــ الضغوط النفسية والعاطفية: لأنها تؤدّي إلى ارتفاع هرمون الكورتيزول مما يؤثّر على الجهاز المناعي.
* من هم المعرّضون للإصابة؟
تحصل هذه المتلازمة في الجنسين من جميع الأعمار، ولكنها أكثر شيوعا في الإناث منها في الذكور، وعلى الرغم من أنها أكثر شيوعا في سن الأربعينات والخمسينات، إلاّ أنها تُلاحظ أيضاً لدى المراهقين، ونادراً ما تُشخّص في الأطفال.
* الأعراض والتشخيص
لا توجد تحاليل أو فحوصات مخصوصة لتشخيص المرض، ولكنّ لدينا مِعيارين Criteria لا بدّ من وجودهما لاعتبار التشخيص متلازمة التعب المزمن، وهما:
ــ الأوّل: هو وجود تعب غير مبرّر يستمر لستّة أشهر أو أكثر.
ــ الثاني: وجود أربعة عناصر على الأقل مما يلي:
1. ضعف الذاكرة والتركيز.
2. ألم في البلعوم.
3. ألم في العقد اللمفاوية.
4. ألم عضلي.
5. ألم مفاصل دون تورّم أو احمرار.
6. صداع شديد.
7. نوم لا يؤدّي إلى الراحة.
8. تعب شديد بعد النشاطات الرياضيّة يستمر أكثر من 24 ساعة.
* ماذا عليك أن تفعل؟
إن أهم ما يمكن أن يفعله المريض هو أن يقوم بمراجعة الطبيب عند وجود الأعراض المذكورة أعلاه. وما سيقوم به الطبيب عادةً هو إجراء فحص شامل واختبارات لنفي المشاكل الأخرى التي قد تؤدّي للأعراض المذكورة مثل اختبارات الغدّة الدرقية، واختبارات (عدوى داء الوحيدات)، واستقصاءات بشأن الأدوية التي يتناولها المريض، لأن الكثير من الأدوية قد تؤدّي لهذه الأعراض، كما قد يبحث الطبيب عن المشاكل النفسية كالاكتئاب وغيره والتي تكون أعراضها مشابهة لهذه المشكلة. ولا يصل الطبيب لتشخيص (متلازمة التعب المزمن) قبل أن يستبعد من خلال فحوصه جميع هذه المشاكل الأخرى المحتملة.
* كيف تتم المعالجة؟
لا يوجد علاج يؤدّي للشفاء من متلازمة التعب المزمن، ولكن لا بد من اتباع توصيات الطبيب لأنها ستساعد المريض على التخفيف من الأعراض وعلى التعامل معها.
وتشمل هذه النصائح عادة:
ــ المواظبة على ممارسة التمارين الرياضيّة لأنّها تزيد الطاقة والحيوية.
ــ اتّباع تقنيات إنقاص الضغوط والتوتّر: وقد يكون ذلك بإشراف معالج نفسي.
ــ تناول الغذاء المتوازن (تخفيف السعرات، إنقاص الدهون والسكريات، زيادة تناول الخضار والفواكه).
ــ معالجات بديلة: كثيراً ما ينصح الطبيب باليوغا والوخز بالإبر الصينيّة وغير ذلك.
ــ الأدوية: قد ينصح الطبيب بتناول بعض الأدوية كالمسكّنات ومضادّات الاكتئاب وذلك حسب الحالة وشدّتها.
* هل من وقاية؟
لا توجد وقاية بالمعنى الحقيقي للكلمة من هذه المشكلة، ولكن لا بدّ من المحافظة على جميع قواعد الصحّة العامّة والغذاء السليم والرياضة، والابتعاد عن الشدّة المفرطة سواء في المدرسة أو العمل لتجنّب حصول هذه المشكلة.
* هل يُشفى هذا المرض؟
غالباً ما تكون المرحلة المبكّرة للمرض هي الأسوأ من حيث شدّة الأعراض التي لا تلبث أن تتراجع فيما بعد، وتذكر الإحصاءات أن أكثر من نصف المرضى يحصل لديهم شفاء كلّي أو جزئي بعد خمس سنوات من المرض، ويُذكر هنا أن نسبة الشفاء في المراهقين هي أعلى منها في البالغين، ومراجعة طبيب خبير بهذه المتلازمة هي أهم عناصر الشفاء.
* نصيحة الخبراء
إن أهم مساعدة يوجهها الخبراء للمصابين بهذه المتلازمة ــ إضافة للجلسات العلاجية والأدوية وغيرها ــ هي نصيحة يُجمع عليها كل المشتغلين في هذا الباب: لا تستسلمْ.