ويتسبب هذا الثقب في دوران الدم في القلب والرئتين بشكل غير طبيعي، إذ تذهب كمية كبيرة من الدم إلى الرئتين بدلاً من الذهاب إلى بقية الجسم، وعلى مر سنين طويلة، تصبح الأوعية الدموية في شرايين الرئة ضيقة ومتصلبة، ما يؤدي إلى زيادة الضغط في شرايين الرئة، ويؤدي هذا إلى تضرر الأوعية الدموية في الرئتين بشكل دائم.
وتحدث متلازمة إيزنمنجر عندما يزيد ضغط الدم المتدفق في الرئة لدرجة تؤدي لانعكاس اتجاه تدفق الدم عبر الفتحة بين البطينين، فيتدفق الدم المفتقر إلى الأكسجين (الأزرق) من الجهة اليمنى للقلب إلى البطين الأيسر ويتم ضخه إلى الجسم، ما يؤدي إلى عدم تلقي الأكسجين الكافي لجميع الأعضاء والأنسجة.
وتعد متلازمة إيزنمنجر من الحالات المرضية الخطيرة التي تتطلب متابعة طبية دقيقة، ويمكن للأدوية أن تحسن قليلاً من الأعراض وتوقعات سير المرض.
* أعراض متلازمة إيزنمنجر
تتضمن علامات وأعراض متلازمة إيزنمنجر ما يلي:- لون الجلد الأزرق أو الرمادي (الزرقة).
- كِبر واستدارة أظافر اليدين أو القدمين (تصبح كل إصبع بشكل عصا الطبل).
- التعب بسهولة وضيق التنفس عند ممارسة الأنشطة البدنية.
- ضيق التنفس حتى أثناء الراحة.
- ألم أو ضيق في الصدر.
- اضطراب نظم نبضات القلب أو تسارعها (خفقان القلب).
- الإغماء.
- الدوار.
- تنميل أو وخز في أصابع اليدين أو القدمين.
- الصداع.
* أسباب متلازمة إيزنمنجر
تحدث متلازمة إيزنمنجر نتيجة وجود ثقب بين حجرات القلب، خاصة بين البطينين، ولفهم كيفية تأثير متلازمة إيزنمنجر على القلب والرئتين من المفيد معرفة كيفية عمل القلب.* كيفية عمل القلب
ينقسم القلب إلى أربع حجرات، حجرتان على اليمين وحجرتان على اليسار. يقوم البطين الأيمن بضخ الدم إلى الرئتين، وفي الرئتين يُشبَع الدم بالأكسجين، الذي ينتقل عبر الرئتين حتى يصل إلى الجانب الأيسر للقلب. بعد ذلك، يضخ البطين الأيسر الدم في وعاء كبير، يسمى الشريان الأورطي، الذي ينقل الدم إلى باقي أنحاء الجسم، ثم يرجع الدم إلى البطين الأيمن في دورة كاملة مستمرة.تتحكم صمامات في تدفق الدم داخل وخارج أجواف القلب، تفتح هذه الصمامات بحيث تسمح للدم بالتحرك إلى الحجرة المجاورة أو إلى أحد الشرايين، ثم تغلق لمنع الدم من التدفق بالطريق المعاكس.
* كيف تحدث متلازمة إيزنمنجر؟
بالنسبة لمعظم المرضى المصابين يكون سبب الإصابة وجود ثقب أو فتحة بين أوعية الدم الرئيسية أو تجاويف القلب. وهذه الفتحة هي عيب بالقلب يُولد الطفل به، ومن عيوب القلب التي يمكن أن تسبب متلازمة إيزنمنجر ما يلي:- ثقب الحاجز بين البطينين
تعد هذه الفتحة في الحاجز العضلي الذي يفصل بين البطينين الأيمن والأيسر في القلب السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بمتلازمة إيزنمنجر.- ثقب الحاجز بين الأذينين
ثقب الحاجز بين الأذينين هو فتحة في الحاجز العضلي الذي يفصل بين الأذينين الأيمن والأيسر في القلب.- القناة الشريانية السالكة
هذا العيب في القلب هو عبارة عن قناة مفتوحة بين الشريان الرئوي (الذي يحمل الدم المفتقر إلى الأكسجين إلى الرئتين) والشريان الأبهر (الذي يحمل الدم الغني بالأكسجين إلى بقية الجسم).- القناة الأذينية البطينية
في هذا العيب بالقلب يحدث ثقب كبير وسط القلب يصل بين الغرفتين العلويتين (الأذينين) والغرفتين السفليتين (البطينين)، كما قد لا تعمل بعض الصمامات في القلب في هذه الحالة بشكل صحيح.يؤدي كل واحد من هذه العيوب إلى زيادة كمية الدم المتدفق عبر الفتحة، وإلى زيادة الضغط داخل الشريان الرئوي بمضي الوقت، وتؤدي زيادة الضغط هذه إلى تضرر الأوعية الدموية الموجودة في الرئتين. وتحدث متلازمة إيزنمنجر عندما يتدفق الدم بشكل معكوس عبر الفتحة، ما يتسبب في خلط الدم الغني بالأكسجين بالدم المفتقر إلى الأكسجين. ويؤدي هذا إلى انخفاض مستوى الأكسجين في الدم كله (الزرقة)، وإلى زيادة عدد خلايا الدم الحمراء لمحاولة تعويض نقص الأكسجين.
* من الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة إيزنمنجر؟
تحدث متلازمة إيزنمنغر عندما لا يتم اكتشاف العيوب الخلقية بالقلب في وقت مبكر بما يكفي لعلاجها قبل حدوث ضرر دائم بالشرايين الرئوية، وإذا تم تشخيصك أنت أو طفلك بوجود عيب في القلب، فمن المهم البدء في علاجه بشكل مبكر، ويشمل ذلك الخضوع لعمليات جراحية أو اتخاذ إجراءات تُساهم في تصحيح هذا العيب لتفادي أضراره.يزيد وجود سوابق إصابة أفراد آخرين من العائلة بعيوب خلقية في القلب من خطر إصابة الرضيع بعيب خلقي في القلب أيضاً، بما في ذلك احتمال الإصابة بمتلازمة إيزنمنجر على المدى البعيد، ويمكن التحدث إلى الطبيب بشأن خضوع بقية أفراد العائلة للفحص، بحثًا عن وجود عيوب بالقلب.
* مضاعفات متلازمة إيزنمنجر
بدون العلاج والمتابعة المناسبين، يمكن أن يصاب المريض بمضاعفات متلازمة إيزنمنجر التي تشمل ما يلي:- انخفاض الأكسجين في الدم (الزرقة).
- ارتفاع عدد خلايا الدم الحمراء (كثرة الكريات الحمر) التي تزيد من خطر الإصابة بالجلطات الدموية.
- اضطراب نبض القلب.
- توقف القلب المفاجئ.
- فشل القلب.
- خروج الدم مع السعال (نفث الدم).
- السكتة الدماغية.
- مشكلات الكلى.
- مخاطر الحمل.
نتيجة المتطلبات التي يفرضها الحمل على قلب الأم ورئتيها، فلا يجب أن تحمل النساء المصابات بمتلازمة إيزنمنجر، لأن الحمل ربما يؤدي إلى وفاة الأم والجنين. وتعتبر متلازمة إيزنمنجر من الحالات المرضية التي تهدد الحياة، كما يعتمد سير المرض على نوع عيب القلب الخلقي وغيره من الحالات المرضية للمصابين بها، ويمكن للأشخاص الذين يتم تشخيصهم بالمتلازمة العيش حتى سن الخمسين إلى الستين وأحيانًا أكثر من ذلك.
* تشخيص متلازمة إيزنمنجر
لتشخيص متلازمة إيزنمنجر، سيسألك الطبيب عن تاريخك الطبي، كما سيجري لك فحصًا سريرياً، وسيطلب إجراء الاختبارات التشخيصية المناسبة. وقد تتضمن هذه الاختبارات ما يلي:- مخطط كهربائية القلب (ECG).
- تصوير الصدر بالأشعة السينية.
- مخطط صدى القلب.
- اختبارات الدم، للتحقق من عدد خلايا الدم الحمراء التي غالبًا ما تكون مرتفعة في حال الإصابة بمتلازمة إيزنمنجر، وقد يتم أيضًا قياس وظائف الكلى والكبد ومستوى الحديد في اختبارات الدم.
- الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب (CT) والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
- قسطرة القلب، يقوم الطبيب بإدخال أنبوب مرن ورفيع (قسطرة) في الشريان الموجود في منطقة المغبن وتوجيهه للوصول إلى القلب باستخدام التصوير بالأشعة السينية. ويستخدم الأطباء قسطرة القلب لقياس ضغط الدم وإشباع الأكسجين في الأوعية الدموية وأجواف القلب، وتحديد حجم أي فتحة، وكمية الدم المتدفق في القلب والرئتين. وإذا كنت بحاجة لإجراء قسطرة القلب، فتأكد من اختيار اختصاصي في أمراض القلب لديه خبرة في تشخيص وعلاج متلازمة إيزنمنجر.
- اختبار المشي، وقد يطلب منك الطبيب إجراء اختبار المشي لمدة ست دقائق للتحقق من مدى تحملك للمستويات المعتدلة من ممارسة الرياضة.
* علاج متلازمة إيزنمنجر
يهدف علاج متلازمة إيزنمنجر (Eisenmenger syndrome)، إلى السيطرة على ما تعاني منه أنت أو طفلك من أعراض، وتسهيل التعامل مع هذه الحالة المرضية، فعلى الرغم من عدم وجود علاج تام لها، إلا أنّ الأدوية قد تساعدك على الشعور بالتحسن وتُحسين نوعية الحياة، وتقي من المضاعفات الخطيرة.ولا يوصي الأطباء بإجراء عملية جراحية لإغلاق ثقب القلب مع وجود الإصابة بمتلازمة إيزنمنجر، لأن أي عملية جراحية قد تشكل خطرًا يهدد الحياة، ومن المهم أن يتم العلاج بواسطة طبيب لديه خبرة في التعامل مع متلازمة إيزنمنجر.
1- المراقبة
ستتم متابعتك من خلال زيارات منتظمة تقوم بها إلى اختصاصي أمراض القلب الخلقية، ويجب أن تحدد موعدًا لزيارة اختصاصي أمراض القلب مرة كل سنة على الأقل، ويتضمّن التقييم عادة مراجعة شاملة لما تشتكي منه وما تعانيه من أعراض، كما يتضمّن إجراء فحص جسدي، واختبارات الدم.2- الأدوية
تعد الأدوية الخيار الأول للعلاج، وستكون بحاجة للمتابعة عن قرب بواسطة الطبيب عند تناول الأدوية لاكتشاف أي تغيرات في ضغط الدم، أو حجم السوائل، أو معدل نبضات القلب.وتتضمّن الأدوية ما يلي:
- أدوية للتحكم في اضطراب نبض القلب، عند وجود اضطراب في نبض القلب.
- مكملات الحديد، إذا اكتشف انخفاض مستوى الحديد.
- الأسبرين أو غيره من أدوية منع تجلط الدم، إذا سبق التعرض لسكتة دماغية، أو جلطة دموية، أو حدثت أنواع معينة من عدم انتظام ضربات القلب، فقد يوصي الطبيب بتناول الأسبرين أو غيره من أدوية ترقيق الدم مثل وارفارين (كومادين، وجانتوفين).
ولكن، يكون الأشخاص المصابون بمتلازمة إيزنمنجر أيضًا أكثر عرضة لخطر الإصابة بالنزيف عند تناول هذه الأدوية، لذا لا تتناول أنت أو طفلك أي أدوية لترقيق الدم ما لم يطلب الطبيب القيام بذلك. ولا يجب تناول أي مسكنات للألم متاحة دون وصفة طبية، مثل إيبوبروفين (أدفيل وموترين آي بي وغير ذلك) أو نابروكسين (أليف)، بدون استشارة الطبيب أولاً.
- مضادات مستقبلات الإندوثيلين، قد يُحسِّن أحد هذه الأدوية، وهو بوسينتان (تراكلير)، من مستوى طاقتك وما لديك من أعراض عن طريق خفض مقاومة تدفق الدم في الشرايين الرئوية، وإذا تناولت أو طفلك بوسينتان، فستحتاج لمراقبة الكبد بشكل شهري نظرًا لأن الدواء قد يضر الكبد.
- سيلدينافيل وتادالافيل، تستخدم أدوية سيلدينافيل (ريفاتيو، وفياجرا) وتادالافيل (سياليس، وأدسيركا) في بعض الأحيان لعلاج ارتفاع ضغط الدم في الشرايين الرئوية الناجم عن متلازمة إيزنمنجر، وتعمل هذه الأدوية عن طريق فتح الأوعية الدموية في الرئتين للسماح بتدفق الدم بشكل أكثر سهولة. وتتضمن الآثار الجانبية الصداع واضطراب المعدة، والدوخة، ومشكلات في الرؤية.
- المضادات الحيوية، قبل الخضوع لبعض جراحات الأسنان أو الإجراءات الطبية الأخرى، فقد تتسبب هذه الإجراءات في دخول البكتيريا إلى مجرى الدم. وقد تفيد المضادات الحيوية التي تؤخذ قبل هذه الإجراءات في تدمير أو منع هذه البكتيريا الضارة التي قد تؤدي إلى التهاب أنسجة القلب (التهاب شغاف القلب).
ولا يوصى بتناول المضادات الحيوية سوى قبل جراحات معينة بالأسنان (تلك التي يتم فيها شق أنسجة اللثة أو جزء من الأسنان)، أو الإجراءات الجراحية التي تشمل الجهاز التنفسي، أو عدوى الجلد، أو الأنسجة التي تربط العظام بالعضلات.
3- سحب الدم
إذا ارتفع عدد خلايا الدم الحمراء بشكل كبير، فقد يوصي الطبيب بسحب الدم للمساعدة في إعادة عدد خلايا الدم إلى مستواه الطبيعي، كما يجب عليك أيضًا تلقي السوائل الوريدية أثناء سحب الدم للمساعدة في تعويض السوائل المفقودة.
4- زراعة القلب والرئة
قد يحتاج بعض المرضى المصابين بمتلازمة إيزنمنجر في نهاية الأمر إلى عملية زرع القلب والرئة، أو زرع الرئة مع إغلاق ثقب القلب إذا لم تثبت فعالية أي من العلاجات الأخرى.
* أخيرا..
إذا تم تشخيصك بمتلازمة إيزنمنجر، فلا يزال بإمكانك عيش حياة مفعمة بالنشاط شرط تناول العلاجات واتخاذ الاحتياطات المناسبة. واستشر طبيبك بشأن ممارسة الرياضة، وتجنّب الارتفاعات العالية. كذلك ناقش إمكانية السفر بالطائرة أو الصعود لارتفاعات عالية مع اختصاصي أمراض القلب للاطلاع على أي توصيات محددة في هذا الشأن، وتوخ الحذر عند تناول أي أدوية أو مكملات غذائية، وتجنب التدخين السلبي وأقلع عن استخدام منتجات التبغ.
والحمل يعرض الأم والجنين لمخاطر صحية خطيرة، ويمكن أن يكون مميتًا، لذا من المهم بالنسبة للنساء المصابات بمتلازمة إيزنمنجر تجنب الحمل. وقد يوصي الطبيب بتحديد النسل بشكل دائم. كما لا يوصى بحبوب منع الحمل التي تحتوي على الإستروجين للنساء المصابات بمتلازمة إيزنمنجر، إذ يزيد الإستروجين من خطر تكون الجلطات الدموية التي قد تتسبب في سد أحد شرايين القلب، أو المخ، أو الرئتين.