إذا ظلت هذه القناة مفتوحة، فحينئذ يُطلق عليها حالة القناة الشريانية السالكة (المفتوحة). وغالبًا لا تسبب القناة الشريانية السالكة الصغيرة مشكلات صحية مهمة، وقد لا تتطلب أي علاج على الإطلاق، إلا أن ترك القناة المفتوحة الكبيرة دون علاج سيسمح للدم بالتدفق في الاتجاه الخاطئ، ما يؤدي لزيادة تدفق الدم إلى الرئتين وحدوث ضعف وإرهاق في عضلة القلب، قد يتطور إلى فشل القلب ومضاعفات أخرى.
* أعراض القناة الشريانية السالكة
تتفاوت أعراض القناة الشريانية السالكة حسب كبرها، وما إذا كان الرضيع مولودًا بعد فترة حمل كاملة أو قبل أوانه. قد لا تسبب القناة الشريانية السالكة الصغيرة أي علامات أو أعراض، وتظل غير مكتشفة حتى بلوغ مرحلة الشباب. في حين يمكن أن تسبب القناة الكبيرة علامات فشل القلب بعد وقت قصير من الولادة. وقد يشك طبيب الطفل في البداية بوجود عيب قلبي أثناء الفحص الدوري إذا سمع نفخة قلبية أثناء الإنصات لضربات قلب الطفل باستخدام السماعة.قد تسبب القناة الشريانية السالكة الكبيرة أثناء سن الرضاعة أو الطفولة ما يلي:
- ضعف التغذية، الذي يؤدي بدوره إلى تأخر النمو.- التعرق الزائد أثناء البكاء أو الإرضاع.
- سرعة التنفس أو صعوبته بشكل مستمر.
- تسارع ضربات القلب.
* ما هي علاقة القناة الشريانية السالكة بالحمل؟
يمكن لمعظم النساء اللائي يعانين من قناة شريانية سالكة صغيرة خوض فترة الحمل دون مشكلات. ومع ذلك، يكون خطر حدوث مضاعفات خلال فترة الحمل أكبر في حال معاناة الحامل من وجود قناة مفتوحة أكبر حجمًا أو مع وجود مضاعفات، مثل فشل القلب أو اضطراب نبض القلب أو ارتفاع ضغط الدم الرئوي. وفي الحلات المتقدمة قد تؤدي القناة الشريانية السالكة الكبيرة غير المعالجة لحدوث حالة صحية صعبة جداً تسمى متلازمة إيزمنجر، وفي هذه الحالة يشكل الحمل خطورة حقيقية على حياتك وحياة الجنين، فلا ينصح بالحمل.وفي حال كان لديكِ عيب قلبي، سواء تم علاجه أم لا، فيجب عليكِ مناقشة رغبتك بالحمل مع الطبيب. وفي بعض الحالات، تكون هناك ضرورة للحصول على استشارات قبل الحمل مع أطباء اختصاصيين في طب القلب وعلم الوراثة ورعاية حالات الولادة عالية المخاطر، كما يمكن أن تسبب بعض أدوية القلب مشكلات خطيرة للجنين، وقد يكون من الضروري الامتناع عن هذه الأدوية أو تعديلها قبل اتخاذ قرار الحمل.
اتصلي بالطبيب إذا كان رضيعك أو طفلك:
- يتعب سريعًا عند الأكل أو اللعب.- لا يكسب أي زيادة في الوزن.
- يتقطع نفسه عند الأكل أو البكاء.
- يتنفس بسرعة أو يعاني من ضيق تنفس بشكل دائم.
* أسباب القناة الشريانية السالكة
تنجم العيوب القلبية الخلقية من المشاكل التي تحدث في القلب في المراحل المبكرة من التطور الجنيني، ولكن غالبًا لا يُعرف لها سبب واضح، وربما تلعب العوامل الوراثية والبيئية دورًا في ذلك.قبل الولادة، هناك ضرورة لوجود قناة وعائية (القناة الشريانية) تصل بين اثنين من الأوعية الدموية الرئيسية الخارجة من القلب - الشريان الأورطي والشريان الرئوي - لإتمام الدورة الدموية في الجنين. وتنغلق هذه القناة الشريانية بشكل طبيعي بعد الولادة بيومين أو ثلاثة، أما في حالة الأطفال المبتسرين (الولادة قبل تمام فترة الحمل)، فيستغرق انغلاق هذه القناة فترة أطول غالبًا، وإذا ظلت القناة مفتوحة، تصبح حالة غير طبيعية يُشار إليها باسم القناة الشريانية السالكة.
تتسبب هذه الفتحة غير الطبيعية في جريان كمية كبيرة من الدم إلى رئتي الطفل وقلبه. وفي حال عدم علاجها، فقد يزداد ضغط الدم في الرئتين عند الطفل (ارتفاع ضغط الدم الرئوي)، وربما يتضخم قلب الطفل ويضعف.
* الأطفال الأكثر عرضة لحدوث القناة الشريانية السالكة
- الولادة المبكرة.
- التاريخ المرضي العائلي والحالات الوراثية الأخرى مثل متلازمة داون.
- العدوى بفيروس الحصبة الألمانية أثناء الحمل.
* مضاعفات القناة الشريانية السالكة
قد لا تسبب القناة الشريانية السالكة الصغيرة أي مضاعفات، أما إذا كانت كبيرة وتم تركها دون علاج، فقد تسبب:
1- ارتفاع ضغط الدم في الرئتين (ارتفاع ضغط الدم الرئوي)
يمكن أن تؤدي كمية الدم الكبيرة السارية عبر القناة الشريانية السالكة إلى ارتفاع ضغط الدم الرئوي، وهو ما قد يتسبب مع الوقت بحدوث تلف دائم في الرئة، كما يمكن أن تؤدي القناة الكبيرة غير المعالجة لسنوات إلى حدوث متلازمة إيزمنجر، وهي من أنواع ارتفاع ضغط الدم الرئوي الخطير.
2- فشل القلب
قد تسبب القناة الشريانية السالكة غير المعالجة حدوث تضخم القلب وإضعافه على نحو يؤدي إلى فشل القلب، وهو حالة مزمنة لا يتمكن فيها القلب من ضخ الدم بشكل فعال.
3- عدوى القلب (التهاب شغاف القلب)
يكون الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في بنية القلب، مثل القناة الشريانية السالكة، أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البطانة الداخلية للقلب (التهاب شغاف القلب) مقارنة بالأشخاص الذين يتمتعون بقلب سليم.
* تشخيص القناة الشريانية السالكة
قد يشتبه طبيب الطفل بوجود قناة شريانية مفتوحة لدى الطفل عندما يسمع نفخة قلبية باستخدام السماعة. وإذا شك الطبيب بأن لدى الطفل عيبًا قلبيًا، فقد يطلب إجراء واحد أو أكثر من الاختبارات التالية:
- فحص القلب بالموجات فوق الصوتية.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية.
- مخطط كهربائية القلب (ECG).
- قسطرة القلب. لا يكون هذا الاختبار ضروريًا عادةً لتشخيص القناة الشريانية السالكة، ولكن قد يتم إجراؤه لفحص وجود عيوب قلبية خلقية أخرى تم الكشف عنها أثناء رسم القلب بالموجات فوق الصوتية، أو إذا كان يتم النظر في إجراء قسطرة قلبية لعلاج القناة الشريانية السالكة.
وفي قسطرة القلب، يتم إدخال أنبوب رفيع مرن (قسطرة) إلى وعاء دموي في سرة الوليد، أو في المنطقة الأربية (فخذ) للطفل، أو في ذراعه وصولاً إلى القلب، ثم يتم تصوير أجواف القلب وقياس الضغط وإشباع الأوكسجين فيها، ومن خلال إجراء القسطرة، يمكن للطبيب إغلاق القناة الشريانية المفتوحة إذا كانت مناسبة لذلك الإجراء.
* علاج القناة الشريانية السالكة
تعتمد طرق علاج القناة الشريانية السالكة على حجم القناة السالكة والأعراض التي تسببها وعلى عمر الشخص الخاضع للعلاج. وقد تتضمن الخيارات ما يلي:
- الانتظار الحذر
في حالة الأطفال المبتسرين المولودين قبل تمام فترة الحمل، تنغلق القناة الشريانية السالكة غالبًا من تلقاء نفسها، وسيراقب الطبيب حالة الرضيع العامة وحالة قلبه للتأكد من تمام انغلاق هذا الوعاء الدموي، وقد تكون المراقبة هي كل ما يحتاج إليه الرضع المولودون بعد فترة حمل كاملة وكذلك الحال بالنسبة للأطفال والبالغين ممن لديهم قناة شريانية سالكة صغيرة لا تسبب مشكلات صحية أخرى.
- الأدوية
بالنسبة للرضع المبتسرين، قد تُستخدم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAID)، مثل إيبوبروفين (أدفيل، وموترين للرضع، وغيرهما) أو إندوميثاسين (إندوسين)، للمساعدة على إغلاق القناة الشريانية السالكة.
وتعمل هذه الفئة من الأدوية على معارضة عمل المواد الكيميائية التي تعمل على إبقاء القناة الشريانية مفتوحة، ولا تتمكن هذه الأدوية من إغلاق القناة الشريانية السالكة لدى الرضع المولودين بعد فترة حمل كاملة أو لدى الأطفال أو البالغين.
- جراحة القلب
قد يُوصى بإجراء عملية جراحة قلب إذا لم تنجح الأدوية بإغلاق القناة السالكة وظلت حالة طفلك حادة أو إذا حدثت مضاعفات، وفي هذه العملية، يصنع الجراح شقًا جراحيًا صغيرًا بين أضلاع الطفل للوصول إلى القلب وإغلاق القناة الشريانية المفتوحة باستخدام خيوط جراحية أو مشابك معدنية.
بعد إجراء الجراحة، سيظل الطفل في المستشفى عدة أيام للملاحظة، وعادةً يستغرق الأمر بضعة أسابيع لتعافي الطفل بشكل كامل من العملية. ويمكن أن تكون هذه العملية خيارًا يُنصح به في حالة البالغين ممن لديهم قناة شريانية سالكة تسبب مشكلات صحية. تشمل المخاطر المحتملة للعملية حدوث بحة الصوت والنزيف والعدوى وشلل عضلة الحجاب الحاجز.
- إجراءات القسطرة
تكون أوزان الأطفال الرضع المبتسرين أقل بكثير من أوزان الأطفال العاديين، وقد تتعذر لديهم إجراءات القسطرة، ومع ذلك، إذا لم تكن لدى طفلك مشكلات صحية مرتبطة بالقناة الشريانية السالكة، فربما يوصي الطبيب بالانتظار حتى يكبر الطفل قبل القيام بإجراء القسطرة من أجل إغلاق هذه القناة الشريانية السالكة. ويمكن استخدام القسطرة أيضًا لعلاج الرضع المولودين بعد فترة حمل كاملة، وكذلك عند الأطفال والبالغين.
وفي إجراء القسطرة، يتم إدخال أنبوب رفيع (قسطرة) في أحد الأوعية الدموية من المنطقة الأربية وتمرر إلى القلب. ومن خلال القسطرة، يتم إدخال سدادة أو لفافة خاصة لإغلاق القناة الشريانية السالكة.
وإذا تم القيام بهذا الإجراء في عيادة خارجية، فمن المحتمل أن يعود الطفل للمنزل في اليوم نفسه. تشمل مضاعفات إجراءات القسطرة: النزيف أو العدوى أو تحرك السدادة أو اللفافة من المكان الذي تم وضعها فيه داخل القناة السالكة.
- المضادات الحيوية الوقائية
في الماضي، كان المصابون ينصحون بتناول مضادات حيوية قبل الخضوع لعلاج الأسنان أو لعمليات جراحية معينة للوقاية من عدوى القلب (التهاب شغاف القلب). أما في الوقت الحالي، فلا يُنصح باستخدام المضادات الحيوية الوقائية لمعظم الأشخاص الذين يعانون من قناة شريانية سالكة.
وقد يحتاج الطفل لتناول مضادات حيوية وقائية في الأشهر الستة الأولى بعد إجراء الإصلاح بالقسطرة. تحدث إلى الطبيب لتحديد ما إذا كان طفلك يحتاج إلى تناول مضادات حيوية قبل القيام بأي إجراءات.
* أخيرا..
غالبًا ما يقلق الآباء الذين لديهم أطفال مصابون بعيوب قلبية خَلقية بشأن مخاطر اللعب والأنشطة البدنية العنيفة، حتى بعد نجاح العلاج. وعلى الرغم أن بعض الأطفال قد يكونون بحاجة إلى الحد من كم أو نوع الرياضة التي يمارسونها، فإن معظم الأشخاص الذين لديهم قناة شريانية سالكة يعيشون حياة طبيعية. ويمكن للطبيب أن يسدي إليك بعض النصائح بشأن نوعية الأنشطة الآمنة لطفلك. ويعد تنظيف الأسنان المنتظم بالفرشاة والخيط وفحوصات الأسنان المنتظمة من أفضل الطرق التي تساعد في الوقاية من العدوى بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يعانون من القناة الشريانية السالكة.