هي دودة صغيرة leech worm يبلغ طولها حوالي 12 سم، ويمكن أن يزيد طولها إلى ثلاثة أضعاف بعد أن تمص الدم، إذ تستطيع تناول ما يصل إلى تسعة أضعاف وزن جسمها من الدم ويمثل ذلك تغذية كاملة لها لمدة عام.
عادة ما تكون دودة العلقة خنثى، ولكنها تتطلب دودة علقة أخرى للتكاثر. تنتمي (Hirudo Medicinalis) إلى شعبة (Annelida) فئة (Hirudinea) وهو النوع الذي يسبب أعمق لدغة وأطول فترة تسرب للدم بعد اللدغة في فئته، وهي عبارة عن دودة حلقية متميزة من الناحيتين التشريحية والسلوكية، تتكون من 102 حلقة يتكون كل منها من خمسة أجزاء، وتكون بدون هيكل خارجي.
تم اكتشاف دودة العلقة واستخدامها في الطب لعلاج تشوهات الجهاز العصبي، ومشاكل الأسنان، والأمراض الجلدية، والالتهابات منذ عصر الفراعنة، وفي هذه الأيام يتم استخدام دودة العلقة في الجراحة التجميلية وذلك لأنها تقوم بإفراز البيبتيدات والبروتينات التي تعمل كمضادات للتخثر فتعمل على منع تجلط الدم، مما يعمل على تدفق الدم إلى الجروح، فيسرع التئامها، كما يمنع موت الأنسجة.
في الآونة الأخيرة انتشر العلاج باستخدام دودة العلقة نظراً لأنها تعد من الوسائل البسيطة والرخيصة التي تعمل على الوقاية من مضاعفات بعض الأمراض، سنجيب في هذا المقال عن الأسئلة التالية: هل دودة العلق مفيدة؟ وما الأمراض التي تعالجها دودة العلق؟ وهل دودة العلق تمتص الدم الفاسد؟ وما هي أضرار دودة العلق؟
كيف تعمل دودة العلقة؟
تستخدم دودة العلقة الطبية ممصاً خلفياً كبيراً لكي تزحف على جلد المريض، تحتوي دودة العلقة على ثلاثة فكوك في فمها، ويشتمل كل فك على صفوف من الأسنان، ويضم كل صف حوالي مئة سنة حادة، وعندما يتم وضعها على جلد الشخص تخترق جلده عن طريق هذه الأسنان وتقوم بمص الدم عن طريق ممص أمامي صغير وتدخل أحد مضادات التخثر المعروفة الأكثر فاعلية (الهيرودين)- ببتيد يحتوي على 65 نوعا من الأحماض الأمينية التي تمنع تحويل الفيبرينوجين المحفز بالثرومبين إلى الفيبرين ويمنع تجلط الدم- عن طريق اللعاب.
يحتوي لعاب دودة العلقة أيضاً على مواد مخدرة- تعمل على تخدير منطقة اللدغة فتجعل اللدغة غير مؤلمة- والهيالورونيداز، وموسعات الأوعية الدموية (مضادات الهيستامين) التي توسع الأوعية الدموية لزيادة تدفق الدم إلى موقع اللدغة.
يسمح لدودة العلقة بسحب الدم لمدة 20 إلى 45 دقيقة تقوم فيها بسحب كمية صغيرة من الدم تصل إلى 15 ملليمتراً لكل دودة. ثم تنفصل عن المريض بعد أن تشبع ولن تتغذى مرة أخرى ما لم يتم تطهيرها عن طريق إجراء شق خلفي فيها، في هذه المرحلة يجب إزالتها والتخلص منها باعتبارها خطرة بيولوجياً وذلك بعد وضعها في 70٪ كحول، وعند عدم انفصال دودة العلقة فقد يشير ذلك إلى قصور في الشرايين وحينئذ يجب إزالتها بنسبة 5٪ من الكوكايين الموضعي والذي يسبب تخدير دودة العلقة، ولكن يجب عدم فصل دودة العلقة بالقوة وعدم استخدام الكحول عندما تكون دودة العلقة ملتصقة بجلد المريض.
ونظراً لوجود الهيرودين في لعاب دودة العلقة، فإن استمرار خروج الدم من المريض بعد فترة من فصل دودة العلقة عنه يسمح بتباعد جلسات العلاج بما يصل إلى 6 - 8 ساعات، ويذكر أن مضادات التخثر التي تخرج من دودة علقة واحدة تمنع تخثر 50 - 100 مل من دم الإنسان.
جدير بالذكر أن الدم قد يستمر في الخروج من المريض لمدة تصل إلى 24 - 48 ساعة، وفي حالات علاج الورم الدموي يشير الخروج المستمر للدم الداكن غير المتخثر من المريض إلى أن علاج الورم الدموي قد يستمر لبعض الوقت بعد انفصال دودة العلقة عنه. وتترك دودة العلقة وراءها جروحاً صغيرة على شكل حرف Y وعادة ما تلتئم دون ترك ندبات على سطح الجلد.
التطبيقات الطبية لدودة العلقة
هناك العديد من التطبيقات الطبية التي يمكن فيها استخدام دودة العلقة في العلاج، حيث إن من فوائد دودة العلقة أنها تساعد في:
- علاج المرضى المعرضين لخطر بتر الأطراف الناتج عن الآثار الجانبية لمرض السكري.
- علاج المرضى المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- علاج المرضى الذين يخضعون لجراحة تجميلية يخاطرون فيها بفقدان بعض أنسجتهم الرخوة.
- علاج جلطات الدم والدوالي.
- علاج اضطرابات الدورة الدموية.
- علاج الصداع، والنقرس، والسعال الديكي، وعلاج بعض الأمراض الجلدية.
- المساعدة في علاج ضخامة اللسان (تورم شديد في اللسان).
- المساعدة في عمليات إعادة زراعة القضيب.
ونظراً لأن لعاب دودة العلقة به مواد تعمل كمضادات للالتهاب ومسكنة للألم فإن التجارب السريرية تؤكد فاعليتها في علاج مرض التهاب المفاصل والعظام حيث أنها تقلل الألم في المفصل المصاب.
كما وجد أن دودة العلقة لها فاعلية في المساعدة في علاج بعض أنواع السرطانات فلعابها يحتوي على مثبطات الصفائح الدموية وإنزيمات معينة تساعد في وقف نمو بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الرئة، إلا أنها لا تفيد في بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الدم.
التطبيقات الدوائية لدودة العلقة
تم التمكن من تحويل المواد الكيميائية المشتقة من لعاب دودة العلقة إلى عقاقير طبية مثل مرهم دودة العلقة، والتي يمكنها علاج:
- توسع الأوردة.
- البواسير.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مشاكل البشرة.
- التهاب المفاصل.
هل تساعد دودة العلقة في علاج السكري؟
مع تطور مرض السكري لدى المرضى تحدث العديد من المشاكل التي تؤدي إلى أمراض الأوعية الدموية فتمنع الدم من الوصول إلى أصابع القدمين واليدين، وإذا لم يتم معالجتها وتركت يصبح تدفق الدم صعباً فيسبب موت الأنسجة المصابة، وفي هذه المرحلة يضطر الطبيب إلى بتر هذه الأنسجة.
يعد فقدان إصبع أو طرف بسبب مضاعفات مرض السكري مصدر قلق كبير لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وتعد الطريقة الأكثر فعالية لوقف عملية البتر هي زيادة الدورة الدموية للأنسجة المصابة دون التعرض لخطر الإصابة بجلطات الدم، وهذا الذي يمكن أن تلعب دودة العلقة دوراً أساسياً فيه.
تعمل مادة الهيرودين الموجودة في لعاب دودة العلقة على ترقيق الدم ومنع تجلطه وبالتالي تخفيف الضغط على القلب والأوعية الدموية، وذلك لأنه في الغالب يكون مرضى السكري لديهم دم أكثر كثافة من الأشخاص العاديين. وبالفعل لاحظ الباحثون نتائج إيجابية في الحالات التي تم فيها استخدام مادة الهيرودين المستخرجة من لعاب دودة العلقة الطبية لعلاج مرض السكري.
أظهرت دراسة حديثة أن العلاج بدودة العلقة ساعد في إنقاذ قدم امرأة تبلغ من العمر 60 عاماً كانت مصابة بداء السكري.
اتجه الباحثون في الآونة الأخيرة إلى تصنيع مواد كيميائية مشابهة لمادة الهيرودين الموجودة في لعاب دودة العلقة، بالإضافة إلى أنهم اكتشفوا أن استخدام أربع علقات في جلسة واحدة يساعد في تقليل خطر البتر بنسبة كبيرة.
استخدام دودة العلقة في التجميل
- ثبت في العديد من الدراسات أن استخدام دودة العلقة الطبية ساعد في الحفاظ على الأنسجة الرخوة وتعزيز الشفاء بعد الجراحة الترميمية للوجه، وبالتالي تزيد من فرص النتائج الإيجابية لعمليات ترميم الأنف أو الجبين أو الخد أو الصدر أو الأصابع، وذلك لأن من فوائد دودة العلقة للوجه أنها تساعد في تخثر الدم أثناء عمليات الترميم وبعدها فتساعد على الشفاء بشكل سريع.
- يستخدم بعض الأشخاص دودة العلقة لعلاج الصلع وتساقط الشعر في فروة الرأس، نظراً لفاعليتها في تحسين الدورة الدموية.
الآثار الجانبية لاستخدام دودة العلقة
يعد العلاج باستخدام دودة العلقة سهلًا وله آثار جانبية أقل من الآثار الجانبية للعلاجات الأخرى، ولكن يُنصح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً والنساء الحوامل بتجنبها.
جدير بالذكر أن بعض أنواع البكتيريا التكافلية المقاومة للأدوية تعيش داخل دودة العلقة، وتساعدها في هضم الدم داخل الجهاز الهضمي، ولكن هذا يمكن أن يسبب العدوى البكتيرية الموضعية مثل التهاب النسيج الخلوي أو الخراج، أو الالتهابات الجهازية مثل التهاب المعدة والأمعاء، أو تعفن الدم للمريض في بعض الأحيان لذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من مشكلة في المناعة بسبب أمراض المناعة الذاتية والعوامل البيئية لا ينصح لهم باستخدام دودة العلقة في العلاج، ومن أضرار دودة العلقة الأخرى:
- خروج الدم من المنطقة التي تم علاجها بصورة مستمرة وعدم انغلاق موضع لدغة دودة العلقة، لذا فإن الأشخاص المصابين بفقر الدم لا ينصحون باستخدام دودة العلقة في العلاج.
- محاولة دودة العلقة أحياناً الانتقال إلى منطقة أخرى من الجسم لا تحتاج إلى علاج، مما يتسبب في فقد الدم بشكل غير ضروري.
- اكتشاف بعض الأشخاص أثناء أو بعد العلاج بدودة العلقة أنه يعاني من حساسية من لعاب دودة العلقة، ولكن إذا حدثت مثل هذه المضاعفات يجب التوقف عن استخدام دودة العلقة على الفور وعدم استخدامها لهذا الشخص مرة أخرى.
تمثل دودة العلقة ناقلًا محتملاً للأمراض التي تنتقل عن طريق الدم مثل فيروس الإيدز (HIV) وفيروسات التهاب الكبد، حيث تؤدي لدغة دودة العلقة إلى الاتصال المباشر بين الجهاز الهضمي لها ودم المريض.
يمكن التقليل من المضاعفات المعدية لدودة العلقة عن طريق الحصول عليها من المصادر التجارية الجيدة التي يراعى فيها التعقيم، واستخدام المضادات الحيوية الوقائية الفعالة مثل الجيل الثاني والثالث من السيفالوسبورينات، والأمينوجليكوزيدات، والكلورأمفينيكول، والفلوروكينولونات، والتريميثوبريم.
المصادر:
