مشي النورديك أو المشي الشمالي أو المشي بالعصي.. رياضة شائعة في الدول الإسكندنافية الواقعة في شمال أوروبا، لهذا يطلق عليها اسم المشي النورديك (المشي الشمالي)، نسبة إلى تلك الدول التي يشيع فيها هذا النوع من الرياضة، التي يقال إن تاريخها يعود إلى عشرينيات القرن الماضي، إذ نشأت في الأساس كتدريب رياضي خارج موسم التزلج على الثلج.
في الواقع؛ فإن الحركات التي ترافق هذا النوع من المشي تحاكي تمامًا الحركات التي يستخدمها المتزلجون على الثلج، ولكن من دون الحاجة إلى هذا الأخير.
فوائد مشي النورديك
يعتبر المشي النورديك نشاطًا رياضيًا فعالًا لأنه يوفر للجسم العديد من الفوائد الصحية، كونه يحرك عضلات الذراعين والساقين والظهر والصدر والكتفين، بشكل متوازن أثناء استخدام العصي، ما يساهم في ضخ المزيد من الدم إلى العضلات، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على القوة البدنية واللياقة العامة. نستعرض في السطور الآتية الفوائد الصحية التي يمكن جنيها من المشي النورديك:
1. مشي النورديك يقوي العضلات
إن مشي النورديك يعمل على تشغيل حوالى 90% من عضلات الجسم، خاصة العضلات الأساسية للظهر والذراعين والكتفين والصدر والأرجل، ما يساهم في تطوير القوة العضلية، وتحسين التوازن والقدرة على التحمل.
2. مشي النورديك يقوي العظام
توصي هيئة الصحة العامة في بلاد العمة تاتشر بالمشي النورديك، لأنه يقوي العضلات ويحسن من صحة العظام، وقد عزا البعض هذا الأمر إلى الاهتزازات التي تولدها حركات غرس العصي على الأرض، فهي تعزز من صلابة العظام من دون أن تضر بالمفاصل.
3. حماية مفاصل الركبة والورك
يحكى عن هواة المشي النورديك في البلدان الإسكندنافية الذين يعانون من آلام في الوركين والركبين أن معاناتهم خفت بعد ممارسة هذا النوع من الأنشطة الرياضية، وعلى أرض الواقع، فإن البحوث جاءت بما يؤكد صحة أقوالهم، ففي إحدى التجارب قام المشرفون عليها بمقارنة القوة المؤثرة على المفاصل عند المشي العادي والمشي النورديك على سطح مستو، فكانت النتيجة أنْ سجّل المشرفون عليها انخفاضًا واضحًا في القوى الضاغطة على مفاصل الورك والركبة.
4. مشي النورديك يساعد على إدارة الوزن
في المشي النورديك يتم استعمال كل عضلات الجسم تقريبًا، وذلك بخلاف المشي العادي الذي يتم التركيز فيه على عضلات الجزء السفلي من الجسم، وهذا يعني أن المشي بالعصي يحرق سعرات حرارية أكثر من المشي العادي، من هنا؛ فإن ممارسة مشي النورديك بانتظام ستؤدي حتمًا إلى فقدان الوزن.
5. مشي النورديك يحسن من نشاط القلب والأوعية الدموية
يعد المشي النورديك تمرينًا فعالًا لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، لأن استخدام العصي أثناء المشي يؤدي إلى تشغيل عضلات الجزء العلوي والسفلي من الجسم، وهذا ما يدفع القلب لضخ المزيد من الدم في اتجاه هذه العضلات. أيضًا، يحفز المشي النورديك من نشاط القلب والأوعية الدموية، ما يساهم في تعزيز قوة العضلة القلبية، وبالتالي إلى تنظيم وتحسين ضغط الدم.
بشكل عام، يمكن القول إن المشي النورديك يحسن من الأداء العام للجهاز القلبي الدوراني، ويقلل من مخاطر التعرض للأزمات القلبية الوعائية. أظهرت دراسة حديثة أن المشي الشمالي يمكن أن يعزز من وظائف القلب ونوعية الحياة عند الأشخاص المصابين بمرض الشريان التاجي.
6. مشي النورديك يعزز الدورة الدموية
إن جميع التمارين الرياضية التي تمارَس بشكل مكثف تعمل على تنشيط وتحسين الدورة الدموية، لأنها تزيد من ضخ الدم إلى كافة أنحاء الجسم، ومع ذلك؛ فإن المشي النورديك يملك ميزة إضافية، لأنه ينشط من عمل الأقدام، ويحرك الذراعين بالكامل بسبب حركات الذهاب والإياب، الأمر الذي يعزز من نشاط الدورة الدموية، ومن عودة الدم بكفاءة أكثر إلى تجاويف العضلة القلب. هناك معطيات تفيد بأن المشي النورديك يخفض من نسبة الشحوم في الدم، ويقلل من الكوليسترول الضار، ويرفع من مستوى الكوليسترول الجيد، وهذه كلها تصب في مصلحة القلب.
7. مشي النورديك يحسن من التصريف اللمفاوي
الجهاز اللمفاوي هو حجر الأساس للجهاز المناعي في الجسم، من هنا أهميته البالغة، لأنه يحمينا من العدوى والأمراض التي تتربص بنا شرًا. إن المشي النورديك الذي يركز على الوضعية الجيدة للجسم والتنفس بشكل صحي، وعلى أرجحة الذراعين، يعزز من عمل الجهاز اللمفاوي، ويحسن من تصريف السائل الذي يجري في أوعيته في اتجاه مصباته في الأوردة.
8. مشي النورديك يفيد المصابين بالربو
تعد رياضة المشي النورديك من أكثر الرياضات ملائمة للتنفس، لأنها تدفع الجسم نحو الأمام، وتساهم في بناء عضلات الجهاز التنفسي، وتضمن زيادة تدفق الأكسجين إلى الرئتين، مما يقلل من ضيق التنفس ويحسن من الشعور العام واللياقة البدنية.
9. مشي النورديك يقلل من التوتر
يساعد المشي النورديك على التقليل من مستويات التوتر، خاصة عند ممارسة هذا النشاط في أحضان الطبيعة وفي الهواء الطلق، فهذا من شأنه أن يقلل من التوتر والقلق، ويثير الشعور بالسعادة والطمأنينة والراحة النفسية.
10. مشي النورديك يحسن المزاج
يعتبر المشي النورديك طريقة جيدة لتحسين المزاج، لأنه يحرّض على إفراز هرمونات السعادة مثل الأندورفين والسيروتونيين، التي تعمل على تحسين المزاج، مما يعزز من الإحساس بالنشاط والسعادة والحيوية.
11. مشي النورديك يؤمن توازنًا واستقرارًا أفضل للجسم
إن المشي النورديك يقوي العضلات ويؤمن للجسم نقاط اتصال أكثر مع الأرض، ما يسمح للشخص أن يكون في وضعية متوازنة ومستقرة أثناء الوقوف والمشي، وهذا أمر مهم للغاية، خاصة بالنسبة لكبار السن الذين هم أكثر عرضة لحوادث السقوط.
كيف تبدأ رياضة مشي النورديك؟
لتحقيق الاستفادة القصوى من المشي النورديك، لا بد من ممارسته بطريقة صحيحة لجني الفوائد الصحية المنتظرة منه، لهذا فمن الضروري التقيد ببعض النصائح:
- اشتر زوجًا من العصي القابلة للتعديل أو ذات الطول المناسب، والتي يمكن استخدامها على جميع الأسطح والتضاريس، سواء على أرصفة المدينة أو في المناطق الريفية.
- قم بتمارين إحماء بسيطة من أجل تجهيز نفسك لبدء المشي النورديك.
- قف منتصبًا وانظر إلى الأمام مع مراعاة استرخاء الكتفين، وأن تكون العصا بجانب الجسم تلامس الأرض ومائلة بزاوية معينة لكي تسمح بدفع الجسم إلى الأمام.
- قم بخطوة بقدمك اليسرى إلى الأمام مع تحريك الذراع اليمنى في آن واحد.
- قم بتحريك الذراع اليسرى إلى الخلف مع مراعاة فردها إلى أقصى حد ممكن.
- أمسِك العصا بيدك اليمنى وثبِّتها على الأرض أمام القدم اليمنى.
- ادفع بالعصا نحو الخلف مع فرد الذراع.
- ابدأ بالمشي بخطوات أطول قليلًا بالمقارنة مع المشي العادي.
احتياطات ومحاذير مشي النورديك
ينبغي على ممارسي المشي النورديك أن يتمتعوا باللياقة البدنية والقوة الجسدية والقدرة على التحمل، التي تمكّنهم من ممارسة هذا النوع من الرياضة، ومن الأفضل التشاور مع الطبيب قبل البدء بهذا النوع النشاط، خاصة من قبل أولئك الذين يعانون من مشكلات صحية مسبقة.
يجب على ممارسي رياضة المشي النورديك، ارتداء ملابس مناسبة مريحة وفضفاضة تسمح لهم بحرية الحركة خاصة في الذراعين. كما يجب عليهم توخي الحذر في الظروف الجوية الصعبة، مثل الطقس البارد أو الحار جدًا، لتفادي حوادث السقوط والانزلاق والإصابات البدنية.
مشي النورديك.. الخلاصة
إذا كنت تستمتع بالمشي العادي وتريد تحديًا أكبر، فبإمكانك أن تجرب المشي النورديك الذي يقدم لك العديد من الفوائد الصحية، فهو ينشط العضلات، ويقوي العظام، ويحمي المفاصل، ويعزز من نشاط القلب والأوعية الدموية، ويخفف من التوتر والقلق، ويحسن من الحالة المزاجية، ويدعم جهاز المناعة، ويساعد على حرق المزيد من السعرات الحرارية، ويخفض الوزن، ويزيد من اللياقة البدنية، وبالإضافة إلى كل هذه الفوائد، فإن المشي النورديك هو رياض ممتعة ورائعة وتناسب كل الأعمار، بمن فيهم كبار السن.
