الهندباء أو ما يعرف بالشيكوريا Chicorium intybus، هي نبات عشبي ذات جذر مخروطي طويل، وساق متفرّعة، وأوراق قليلة تكسوها شُعيرات خشنة، وأزهار مستديرة زرقاء زاهية، قد تكون في بعض الأحيان بيضاء أو وردية أو صفراء، وتمتاز هذه الأزهار بأنها تتفتّح صباحًا وتنغلق في المساء.
الهندباء نوعان: برّيّة وبستانية، ويقال إنّ الأولى أكثر فائدة من زميلتها البستانية. تُعرَف الهندباء في بلادنا العربية تحت مسميات عديدة، منها: الطرخشون، والهندب، والشيكوريا، والسريس، واللعاعة، والعلت. أما في البلاد الغربية فيُطلق على الهندباء أسماء عديدة، من بينها: الدودة الأكّالة، الكرة المنفوخة، زهرة الربيع الإيرلندية، أسنان الأسد، الساعة المجنونة، تاج الراهب، الكرة الصفراء.
عُرِفت الهندباء منذ القدم، واستخدمها قدماء المصريين والرومان والإغريق كمنشط للكبد ومنبّه للشهية ومسكّن، وكان المعالِجون في الصين ينصحون باستهلاك الهندباء البرية للشفاء من حالات مَرَضية كثيرة، ويقال إن العلماء العرب كانوا أول من اكتشف خاصية الهندباء المدرّة للبول.
القيمة الغذائية للهندباء
تحتوي معظم أجزاء نبات الهندباء على مجموعة واسعة من العناصر الغذائية التي تضم الكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات والمعادن والألياف، إلى جانب مركّبات كيميائية نباتية رئيسية، أبرزها التاتينات، والكومارين، والفلافونيد، ولاكتونات سيسيكيتيربين وغيرها.
خصائص الهندباء
أظهرت الدراسات العلمية أن الهندباء تمتلك باقة من الخصائص التي أثبتتها التحرّيات البحثية، وهي:
- قد يكون لها خصائص مضادّة للالتهاب.
- قد يكون لديها القدرة على تقليل الالتهاب.
- قد يكون لها خصائص مضادة للأكسدة.
- قد يكون لديها القدرة على تنظيم مستوى السكّر في الدم.
- قد يكون لها خصائص خافضة لمستوى الدهون.
- قد يكون لها خصائص مضادة للسرطان.
- قد يكون لها القدرة على خفض حمض البول في الدم.
الاستخدامات المُحتَملة للهندباء في مجال الصحة العامة
المساهمة في علاج مرض النقرس
كشفت نتائج دراسة أجريت عام 2017 أن الهندباء قد يكون لديها القدرة على تقليل مستويات حمض البول في الدم، الذي يُسبِّب ارتفاعه داء النقرس، أما عن الآلية فيقول العلماء إنها تتم من خلال تثبيط إنزيم كزانتين أوكسيداز، الأمر الذي يساعد على طرح حمض البول، من هنا فإن استهلاك الهندباء قد يساعد في علاج مرض النقرس. ومع هذا، فإن إجراء مزيد من البحث ضروري لتوثيق تلك النتائج.
المساعدة في علاج مرض السكري النوع الثاني
تفيد بعض الدراسات أن الهندباء تحتوي على ألياف الإنولين، وهي سكّريات معقّدة لا يستطيع الجسم هضمها، والمعروف عنها أنها تساعد في التحكم بمستويات السكر في الدم. أجرى الباحث نينغ وآخرون دراسة على الفئران أفادت أن الهندباء قد يكون لها تأثير مضاد لمرض السكري، وهذا ما يؤدي إلى خفض مستوى السكر في الدم، ما يعني أن تناول الهندباء قد يساعد في علاج مرض السكري النوع الثاني. لكن هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات على البشر للتأكّد من ذلك.
على صعيد الدهون
حظيت ألياف الإنولين القابلة للذوبان في الماء باهتمام رهط من العلماء بسبب قدرتها على إدارة ملف الدهون. أجرى الباحث كيم وآخرون دراسة على الفئران، خَلُصَت نتائجها إلى أن ألياف الإنولين يمكن أن تؤثّر إيجابيّا على الدهون في الدم، فهي تخفِّض مستوى الكوليسترول السيّء، وتزيد من مستوى الكوليسترول الجيّد. بالطبع، فإنه يلزم إجراء دراسات على البشر لدعم تلك الادّعاءات.
على صعيد كثافة العظام
أجرى مارسيل وآخرون دراسة على الفئران لتقييم مدى فائدة ألياف الإنولين في الهندباء على الكثافة العظمية، فأتت النتيجة لتقول بأن نبات الهندباء يزيد من الثروة المعدنية في العظام، من خلال زيادة امتصاص المعادن الأساسية، خاصة الكالسيوم، الأمر الذي يشير إلى أن استهلاك الهندباء يقلل من مخاطر داء الهشاشة العظمية، ويُحسِّن من صحة العظام. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى إجراء مزيد من البحث لتأكيد النتائج.
على صعيد سرطان الثدي
وفقًا لدراسة أجراها العالم Henryk وفريقه على مجموعة من الفئران المصابة بسرطان الثدي، فقد ساهم إعطاؤها مستخلص نبات الهندباء في منع نمو وانتشار خلايا سرطان الثدي، وهذا يعني أن الهندباء تملك خصائص مضادّة للسرطان. ولكن، وعلى الرغم من إيجابية هذه النتائج، فإنه لا بد من عمل مزيد من البحث لتأكيد مثل هذه النتائج عند الإنسان.
على صعيد جهاز الهضم
لدى الهندباء عديد من الفوائد لجهاز الهضم:
- فهي تقلّل من مخاطر الإصابة باضطرابات وظائف الكبد.
- وتحفز على طرح حمض المعدة، وتحسّن من حركة الأمعاء، ما يساعد على تخفيف الإصابة بالإمساك.
- كما تحسّن الهندباء من عملية الهضم.
- وتحفّز نمو بكتيريا الأمعاء المفيدة، وتقمع نمو البكتيريا الضارة.
على أصعدة أخرى:
- تُخفِّض الهندباء ضغط الدم نتيجة تأثيرها المدرّ للبول، وارتفاع محتواها من معدن البوتاسيوم.
- تساعد الهندباء على تنظيم هرمون الجوع الغريلين، ما يزيد من الشعور بالشبع ويساعد على التنحيف.
- تحتوي الهندباء على فيتامين ب6 ومعدن المنغنيز، وكلاهما ضروريان لتكوين الناقلات العصبية في الدماغ، وهذا يعني أن الهندباء ربما تساعد على تحسين صحة الدماغ.
- تساعد الهندباء على تعزيز جهاز المناعة بسبب غناها بمضادّات الأكسدة التي تعمل على طرد المشتقات الكيميائية الحرة من مجرى الدم، وتمنعها من تحقيق آثارها السيئة التي تتمثّل في إشعال فتيل عديد من الأمراض.
- تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات وفي المختبرات إلى أن الهندباء قد تحمي من تلف الجلد الناجم عن أضرار أشعة الشمس والشيخوخة وحَبّ الشباب.
- قد تمنع الهندباء تجلّط الدم بسبب غناها بمركّبات فينولية نباتية تمنع تراكم الصفيحات الدموية.
- تحافظ الهندباء على صحة العين لأنها غنية بفيتامين أ.
- تساعد جذور الهندباء الجسم على التخلص من السموم المخزّنة في الكلى والكبد، والتي يمكن أن تسبِّب مضاعفات خطيرة.
الآثار الجانبية للهندباء
تشتمل الآثار الجانبية للهندباء على الآتي:
- يمكن أن يؤدي استهلاك الكثير من الهندباء إلى تفاقم مشكلة الحصيات المرارية.
- قد يثير تناول الهندباء ردود فعل تحسسية.
- قد يؤدي تناول كميات كبيرة من ألياف الإنولين إلى المعاناة من مشكلات هضمية، مثل ألم المعدة، والنفخة البطنية، والإسهال.
المحاذير
تشتمل محاذير تناول الهندباء على الآتي:
- قد تتفاعل الهندباء مع بعض الأدوية التي توصف لعلاج بعض أمراض القلب، لذا يجب التحدث مع مقدم الرعاية قبل تناول الهندباء بكثرة.
- على الحوامل والمرضعات الحذر من استهلاك الهندباء بكميات كبيرة، لعدم وجود أدلة كافية حول أمانها في هاتَين الفترتَين.
- يجب تفادي الهندباء في حال وجود سوابق إصابة بالحساسية لها.
- على مرضى السكري الحذر من أي علامات تشير إلى هبوط السكّر الحاد في الدم بعد تناول الهندباء.
كيفية استعمال الهندباء
اتّبِع الخطوات الآتية لاستعمال الهندباء والاستفادة من فوائدها المُحتَملة:
- الأجزاء المستعملة من الهندباء هي الأوراق والزهور والجذور التي غالبًا ما تُستهلك في حالتها الطبيعية، فهي صالحة للأكل، ويمكن أن تؤكل نيئة أو مطبوخة.
- تستخدَم أوراق وجذور نبات الهندباء في إعداد مجموعة متنوّعة من الأطباق، بما في ذلك السَّلَطة والشوربة واليخنة.
- يمكن تقديم الهندباء المسلوقة إما باردة أو ساخنة.
- توجد الهندباء على هيئة مكمّلات غذائية بأشكال وجرعات مختلفة، ولكن يفضّل استشارة الطبيب قبل أخذها.
- يمكن صنع قهوة الهندباء من جذور نبات الهندباء المحمَّصة.
لمحة عن قهوة الهندباء
على الرغم من أن تاريخ قهوة الهندباء غير معروف بدقّة، لكن يقال إنها عرفت لأول مرة في القرن 19 في فرنسا، جرّاء أزمة نقص القهوة بحثًا عن بديل لحبوب البن. حتّى أيامنا هذه، يمكن العثور على قهوة الهندباء في أماكن كثيرة من العالم، وهي غالبًا ما تُستخدم كبديل صحي للقهوة العادية، لكونها خالية من مادة الكافيين.
تصنع قهوة الهندباء عن طريق تحميص وطحن وتخمير جذور نبات الهندباء، وهي تملك طعمًا شبيهًا بالقهوة العادية، ولكنها ذات نكهة ترابية وجوزية.
ترتبط قهوة الهندباء بالعديد من الفوائد الصحية، فهي تحسّن عمل جهاز الهضم، وتخفّض نسبة السكر في الدم، وقد تقلّل من الالتهاب. تعتبر قهوة الهندباء بديلًا ممتازًا لتقليل استهلاك الكافيين الذي ترتبط كثرة استهلاكه بآثار جانبية مُزعجة، مثل الغثيان وخفقان القلب والأرق والقلق. كما الحال مع نبات الهندباء، فإن قهوة الهندباء قد لا تكون مناسبة للجميع.
خلاصة القول
تفيد الأبحاث التي أُجريت في أنابيب الاختبار وعلى الحيوانات إلى أن الهندباء ترتبط بفوائد صحية مُحتملة، أتينا على ذكرها أعلاه، ولكن ما زالت هناك حاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات من أجل توثيق تلك الفوائد عند معشر البشر، ويمكن الاستفادة من الهندباء بزهورها وأوراقها وجذورها شرط الاعتدال، ومن دون إفراط ولا تفريط.
المصادر:
Chicory: Uses, Benefits, Side effects and More By Dr. Smita Barode
Are There Health Benefits of Chicory? - WebMD
9 Surprising Benefits of Chicory - Organic Facts
13 Powerful Health Benefits of Chicory You Should Know
Chicory, Health Benefits and Nutritional Value
Chicory Coffee: A Healthy Alternative to Coffee? - Healthline
