هل هناك أمراض مُعدية قد يسببها لك الشاطئ؟ على أبواب الصيف يبحث الكل عن عطلة مثالية، بعيدًا عن متاعب وضغوطات وأحداث الحياة اليومية المشحونة بالقلق والتوتر. الغالبية العظمى من الناس، تختار الذهاب إلى شاطئ البحر كعطلة مثالية، بحثًا عن الهدوء والاسترخاء والسلام والراحة والحيوية والنشاط والفرح والمرح، لذلك لا بد من تجنب ما ينغص عليك كل هذا مثل احتمالية انتقال أي أمراض معدية تعكر صفو عطلتك.
وعلى الرغم من الواجهة المثالية لشاطئ البحر، فإن قضاء العطلة على رماله وضفافه قد تحمل معها مفاجآت غير سارة بسبب حفنة من أمراض معدية وكائنات حية دقيقة تتسكع هنا وهناك على طول الشاطئ وعرضه، لهذا يجب أخذ جانب الحذر لأن بعضها قد يسبب مضاعفات خطيرة.
أمراض معدية يمكن التقاطها من الشاطئ
نذكر لك هنا أهم وأبرز أنواع العدوى أو الأمراض المُعدية التي يمكن أن تنتقل إليك وأنت على الشاطئ مع كيفية الوقاية من كل منها:
الديدان الأسطوانية
تعيش الديدان الأسطوانية عادة في أمعاء الكلاب وبرازها، ويمكن أن يصاب الإنسان بهذه الديدان عن طريق الابتلاع العرَضي ليرقات هذه الديدان، خاصة من قبل الأطفال. ويساعد التواصل الوثيق بين الجلد العاري ورمال الشاطئ الملوثة ببراز الكلب في إثارة هذه العدوى، إذ تدخل اليرقات عبر الجلد لتسافر عبر طرق مختلفة إلى الأمعاء الدقيقة، حيث تنضج هناك وتعطي ديدانًا بالغة خلال أسبوعين تقريبًا.
معظم المرضى لا تظهر عليهم أعراض، ولكن خلال المرحلة المتأخرة من العدوى قد يعاني المصاب من أعراض غير محددة مثل الغثيان، والقيء، والسعال، والإسهال، وضيق النفَس، والحمى، وآلام البطن، وقد تشاهد الديدان في الغائط.
هناك عدة أدوية متوفرة وفعالة لعلاج الإصابة بالديدان الأسطوانية. يبقى غسل الأيدي بالماء والصابون وتعليم الأطفال فعل الشيء ذاته قبل لمس أي طعام أفضل طريقة لمنع ابتلاع الطفيليات.
الأميبا الآكلة الدماغ brain eating amoeba
يمكن التقاط الأميبا الآكلة الدماغ عند التسكع على شواطئ بحيرات المياه العذبة، وتدخل الأميبا إلى الجسم عن طريق الأنف لتشق طريقها إلى الدماغ، وعلى الرغم من أن البكتيريا هي طبقها المفضل، فإنها قد تستهلك أي شيء في طريقها عندما تكون الخيارات أمامها محدودة.
في البداية تعطي العدوى بالأميبا الآكلة الدماغ أعراضًا تحاكي مرض الإنفلونزا، مثل الحمى والصداع والقيء وقلة الشهية، ولكن مع مرور الوقت يعاني المصاب من نوبات وهلوسات، وقد يدخل في حالة غيبوبة تنتهي بالموت. لا يمكن أن تحدث العدوى بمرض الأميبا الآكلة الدماغ عن طريق الفم، لأن أحماض المعدة تتولى أمرها وتقتلها في الحال.
العدوى بالمكورات العنقودية الذهبية المقاوِمة للميثيسيلين
إن المياه الدافئة وحركة المرور العالمية الكثيفة جعلت الشواطئ أرضًا خصبة لنمو بكتيريا المكورات العنقودية المقاومة للميثيسيلين، والتي يرمز لها اختصارًا MRSA، وتؤدي العدوى بهذه المكورات إلى تشكل بثور صغيرة على الجلد تتحول إلى دمامل مؤلمة، ويمكن للبكتيريا أن تنتشر في العمق لتتسلل إلى العظام والمفاصل ومجرى الدم والقلب والرئتين. تعالَج العدوى الجلدية باستخدام مراهم المضادات الحيوية، أما الحالات الشديدة فتتطلب تدخلًا جراحيًا.
الديدان الخطافية
عندما تتبرز الكلاب على الشاطئ فقد تحتوي هذه على يرقات الديدان الخطافية، فإذا صدف أن كنت حافي القدمين ومشيت على البراز من دون أن تعرف، فإن يرقات الدودة يمكنها أن تتمسك بالجلد لتتسلل في العمق إلى الدورة الدموية، لتسافر بعدها إلى الرئتين ومن ثم تصعد إلى الحنجرة ليتم بلعها لتستقر بعد ذلك في الأمعاء التي تكمل فيها دورة نموها لتعطي شكلها البالغ.
وتتظاهر العدوى بالدودة الخطافية بأعراض محتملة مثل الطفح الجلدي المثير للحكة، وألم البطن، والغثيان، وفقدان الوزن، والإسهال. يمكن الوقاية من الديدان الخطافية بسهولة بارتداء الصنادل على الشاطئ، والجلوس على المناشف أو الحصائر عند الجلوس على الأرض، وغسل اليدين جيدًا بالماء والصابون بعد لمس التربة أو الرمل.
جرثومة المعدة
يمكن أن تحتوي رمال الشاطئ على عدد كبير من جرثومة المعدة التي تسبب نوبات من الغثيان والمغص والتهاب المعدة والأمعاء. وجدت دراسة نشرت عام 2009 في مجلة علم الأوبئة الأميركية، أن الحفر في رمال الشاطئ يزيد من خطر الإصابة بالإسهال.
وتعتبر الفضلات البرازية السبب الرئيسي لهذا النوع من الأمراض على الشاطئ. تم العثور على ملوثات برازية وميكروبات في عينات الرمل المأخوذة من الشاطئ، ومن المحتمل أن تكون هذه آتية من محطات معالجة الصرف الصحي القريبة أو بواسطة العواصف الشديدة التي حملت معها النفايات البرازية البشرية والحيوانية من هذه المصادر.
داء الفيالقة legionnaire's disease
داء الفيالقة، أو الليجيونيلا، هو التهاب رئوي حاد ينتج عن العدوى ببكتيريا الفيلقية التي يتم استنشاقها من المياه أو من التربة، وقد تم العثور على تلك البكتيريا في أحواض المياه الساخنة لأنها تنمو بشكل أفضل في الماء الدافئ الذي تتراوح حرارته من 35 إلى 46 درجة مئوية، وعلى الشاطئ، فإن أفضل مكان للإصابة بداء الفيالقة هو الحمّام العام، الذي يتسبب بدوره في نقل أمراض معدية مختلفة.
وبعد يومين إلى 10 أيام من التعرض لبكتيريا الفيلقية تندلع الأعراض مثل الصداع، والحمى، وآلام العضلات، والسعال، وضيق التنفس، والغثيان، والقيء، والإسهال. إن معظم الإصابات بداء الفيالق تشفى بعد إعطاء جولة من المضادات الحيوية، إلا أن ما يقارب 15 بالمئة من الحالات تكون قاتلة.
يجدر التنويه هنا إلى أن هناك شكلًا خفيفًا من داء الفيالق يطلق عليه اسم حمى بونتياك pontiac fever تعطي أعراضًا تشبه الإنفلونزا، تختفي في غضون يومين إلى 4 أيام من دون علاج.
التهاب الكبد الفيروسي
إن رمي النفايات الطبية والصرف الصحي التي لم تتم معالجتها بشكل صحيح في البحر قد تؤدي إلى تعريض بعض السباحين وراكبي أمواج البحر إلى الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي. وجدت إحدى الدراسات في المملكة المتحدة وجود علاقة بين ركوب الأمواج وارتفاع خطر الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي.
وكشفت دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة ولاية سان دييغو الأميركية عام 2006 عن وجود الفيروس أ، المسؤول عن التهاب الكبد الوبائي، في 79 بالمئة من عينات المياه بالإضافة إلى بعض من أمراض مُعدية أخرى.
حكة السباحين
حكة السباحين هي طفح جلدي على شكل بثور صغيرة أو حبوب حمراء مثيرة للحكة، ويرجع سبب حكة السباحين إلى التعرض ليرقات الطفيليات المثقوبة عند ممارسة السباحة أو الغوص في البحر أو في البرك المائية، ويظهر الطفح الجلدي خلال 48 ساعة من العدوى. وعلى الرغم من الإزعاج الذي تسببه حكة السباحين، فإن الطفح الجلدي سرعان ما يزول من تلقاء نفسه خلال أسبوع تقريباً.
وكلما طالت الإقامة في المياه الملوثة زادت مخاطر التعرض للإصابة بحكة السباحين، ويعتبر الأطفال من أكثر الفئات تعرضًا للخطر، لأنهم يميلون إلى اللعب في المياه الضحلة وإلى قلة احتمال قيامهم بتجفيف أجسادهم بالمنشفة. يمكن علاج حكة السباحين باستخدام مضادات الهيستامين أو كريم الكورتيكوستيرويد، فهي توفر الراحة المنشودة. وتعد المياه الملوثة من أكثر مسببات الأمراض المُعدية المختلفة.
البكتيريا الآكلة اللحوم flesh eating bacteria
تدخل البكتيريا الآكلة اللحوم جسم السباح من خلال جروح الجلد المفتوحة، فتؤدي إلى أمراض مُعدية وتسبب تموت الجلد، وإلى تشكل التقرحات فيه. أيضًا، يمكن العدوى بالبكتيريا الآكلة اللحوم عن طريق أكل المحار النيئ الملوث بها، فيعاني آكلوها من زوبعة من الأعراض التي تضم الغثيان والقيء والإسهال وآلام البطن. وقد يسبب هذا المرض تموت مناطق واسعة من الجسم، إلى درجة يضطر فيها الأطباء اللجوء إلى عملية بتر الأجزاء المصابة للتخلص منها.
وفقًا لتقارير صادرة عن مركز السيطرة على الأمراض في بلاد العم سام، فإن أكثر من نصف الإصابات بالبكتيريا الآكلة اللحوم تحدث في منطقة خليج المكسيك. على رواد الشواطئ توخي الحذر من السباحة بجروح مفتوحة، كما يجب على آكلي المحار أن يفكروا في طهيه قبل أكله.
طحالب بلومين bloomin' algae
إن معظم الطحالب التي تعيش في البحر غير ضارة، إلا أن بعضها ينتج سمومًا خطيرة يمكن للسباحين أن يستنشقوها من خلال بخار الماء، أو ابتلاعها عن طريق الفم، أو امتصاصها عن طريق الجلد. يمكن لبعض السموم أن تهاجم الجهاز العصبي، في حين أن بعضها الآخر قد يُلحق الأذى بالكبد.
ووفقًا لمركز السيطرة على الأمراض، فإن مجرد لمس الطحالب الضارة يمكن أن يؤدي إلى ظهور طفح جلدي وتقرحات جلدية. إذا استنشق السباحون أو ابتلعوا المياه الملوثة بالسموم، فإنهم قد يعانون من التشنجات والإسهال والغثيان والسعال والتهابات في الأذن. يمكن للطحالب الضارة التي تسمى "المد الأحمر" Red tide الموجودة في المياه المالحة، أن تنتج مواد كيميائية يمكنها أن تعطل الخلايا العصبية وتسبب مشكلات في الحلق والعين.
الكريبتوسبورديوم cryptospordium
الكريبتوسبورديوم هو طفيلي وحيد الخلية يمكن أن يصاب به رواد الشاطئ عن طريق السباحة في المياه الملوثة بالطفيلي أو شربها عن طريق الخطأ، أو بتناول أطعمة ومشروبات ملوثة. ويسبب طفيلي الكريبتوسبورديوم إسهالات مائية شديدة وتشنجات في البطن وقيئًا لمدة قد تصل إلى أسبوعين. هناك عدة خيارات علاجية لا تخفى على الطبيب المعالج، ولكن تبقى الوقاية هي الأساس، ويمكن تحقيقها من خلال التقيد بأصول النظافة، والتأكد من سلامة المشروبات والأطعمة، وتنقية مياه الشرب.
ختاماً, سواء كنت تحب السباحة على أنغام أمواج البحر أو الاستلقاء على المنشفة، فإن شاطئ البحر قد يشكل خطرًا على صحتك إذا لم تكن حذرًا بسبب بكتيريا وفيروسات وفطريات وطحالب تسرح هنا وهناك، ويمكنها أن تسبب أمراضًا خطيرة. ولكن، مهلًا، لا تذعر مما أوردناه أعلاه إذا طبقت إجراءات النظافة والسلامة الجيدة على الشاطئ، وإذا كان لديك أنت أو أطفالك جروح مفتوحة أو تعانون من الإسهال، فإنه يُنصح بشدة بعدم السباحة.