تشير الدراسات إلى أن القهوة قد تحفّز معدتك، مما يؤدي إلى تغيير الوقت الذي يستغرقه الطعام للوصول إلى جهازك الهضمي. ويمكن أن يتفاعل فنجان القهوة الصباحي أيضًا مع الأدوية التي قد تتناولها، ويغيّر مدى سرعة امتصاصها في مجرى الدم أيضًا.
وهذا يعني أن شرب القهوة في الوقت نفسه الذي تتناول فيه أدويتك قد يؤثّر على مدى فائدتها بالنسبة لك. في عام 2020، قامت مجموعة من الباحثين بمراجعة العديد من الأدوية وكيفية تأثرها بالقهوة، وأفادوا أن القهوة تؤثّر بشكل كبير على امتصاص وتوزيع واستقلاب وإفراز العديد من الأدوية.
طبعًا لا تتأثر جميع الأدوية بشرب القهوة، تابِع القراءة لمعرفة الأدوية التي لا يجب خلطها مع القهوة، وما الذي يجب القيام به.
ماذا يفعل الكافيين بالجسم؟
الكافيين هو مادة منبهة للجهاز العصبي المركزي، تَعبُر حاجز الدم في الدماغ، وتزيد من نشاط الدماغ، كما أنها تؤدي إلى زيادة طفيفة في الكورتيزول (هرمون التوتر الأساسي في الجسم) ومستويات الأدرينالين في الدم. ولهذا السبب؛ يشعر عديد من الأشخاص بمزيد من اليقظة والتركيز والانتعاش بعد تناول الكافيين.
يمكن أن يكون للكافيين آثار خطيرة على القلب والأوعية الدموية عند تناول جرعات أكبر، بما في ذلك اضطرابات ضربات القلب. مع الاستخدام المزمن وتناول كميات كبيرة من الكافيين، فإنه يحمل خطرًا طفيفًا لتقليل كثافة المعادن في العظام (هشاشة العظام).
ما هي كمية استهلاك الكافيين الغذائي الآمن؟
تَعتبر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن تناول 400 ملغ من الكافيين يوميًا آمن للبالغين الأصحاء، وهذا يعادل تقريبًا أربعة فناجين من القهوة، أو 10 علب من الصودا، أو جرعتَين من مشروبات الطاقة. من المهم قراءة ملصقات المشروبات التي تحتوي على الكافيين، لأن محتوى الكافيين بين العلامات التجارية المختلفة يمكن أن يختلف بشكل كبير.
لماذا تؤثّر المشروبات التي تحتوي على الكافيين على الأدوية؟
أظهرت الدراسات أن استهلاك الكافيين يمكن أن يؤثّر على امتصاص العديد من الأدوية، وتوزيعها واستقلابها والتخلص منها.
يمكن أن تزيد تفاعلات الكافيين مع الأدوية من الآثار الجانبية للأدوية، مما يؤدي إلى التسمم، أو تقليل فعالية العلاج الدوائي. على سبيل المثال، الأدوية المدرَّة للبول (حبوب الماء) تقلل البوتاسيوم، والكافيين يقلل البوتاسيوم أيضًا، لذا فإن تناولهما معًا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض مستويات البوتاسيوم في الدم.
ولهذا السبب؛ من المهم اتباع تعليمات طبيبك والصيدلي بشأن الاستهلاك المناسب للكافيين أثناء تناول بعض الأدوية الموصوفة.
تفاعلات الكافيين مع الأدوية
فيما يلي بعض الأمثلة على الأدوية التي لها تفاعلات معروفة مع الكافيين.
-
أدوية الغدة الدرقية
إذا كنت تعاني من قصور الغدة الدرقية، فإن الغدة الدرقية لديك -وهي غدة على شكل فراشة تقع في الجزء الأمامي من رقبتك- لا تُنتج ما يكفي من هرمونات الغدة الدرقية. يمكن أن يسبب ذلك زيادة الوزن، وجفاف الجلد، وآلام المفاصل، وتساقط الشَّعر، وعدم انتظام فترات الحيض.
يوصف لكثير من الأشخاص دواء الليفوثيروكسينLevothyroxine، أو أدوية الغدة الدرقية الأخرى للمساعدة في تحقيق توازن هرموناتهم. تشير الدراسات إلى أن شرب القهوة في الوقت نفسه الذي تتناول فيه دواء الغدة الدرقية يمكن أن يقلل من كمية الدواء التي يمتصها جسمك بأكثر من النصف، مما يجعل الدواء أقل فعالية.
-
أدوية البرد أو الحساسية
يَستخدم ملايين الأشخاص أدوية نزلات البرد أو الحساسية، وغالبًا ما تحتوي هذه الأدوية على منشطات الجهاز العصبي المركزي مثل السودوإيفيدرين. تُعتبر القهوة أيضًا منبهًا عصبيًّا، لذا فإن تناول دواء الحساسية الخاص بك مع القهوة قد يزيد من الأعراض مثل الأرق وعدم القدرة على النوم.
لا ينبغي تناول بعض أدوية الحساسية، مثل الفيكسوفينادين، مع القهوة، لأنها قد تزيد من تحفيز الجهاز العصبي المركزي، مما يزيد من أعراض الأرق.
-
أدوية مرض السكري
إذا قمت بخلط قهوتك مع السكر أو الحليب، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، ويؤثر على مدى فعالية دواء السكري. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أن الكافيين قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض لدى مرضى السكري.
يمكن أن يرفع شرب أي شيء يحتوي على الكافيين، مثل القهوة، مستويات الأنسولين والسكر في الدم، وفقًا لدراسة نشرتها الجمعية الأمريكية للسكري.
-
أدوية الزهايمر
مرض الزهايمر هو السبب الرئيسي السابع للوفاة في أمريكا، ويصيب في الغالب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وهو اضطراب في الدماغ يؤدي إلى ضَعف الذاكرة وفقدان الوظيفة الإدراكية، مما يجعل من الصعب التفكير أو التذكر أو القيام بأعمالك اليومية.
تتأثر أدوية الزهايمر، مثل دونيبيزيل وريفاستيجمين وجالانتامين، بتناول الكافيين. يقلل الكافيين الموجود في القهوة نفوذية الحاجز بين الدم والدماغ، ويمكن أن يقلل من كمية الدواء التي تصل إلى دماغك.
-
أدوية الربو
الربو هو مرض مزمن يؤثر على الرئتين، مما يجعل الشُّعَب الهوائية متشنجة وملتهبة ومتهيجة، ويؤدي ذلك إلى صعوبة في التنفس والسعال والصفير، والشعور بالضيق في صدرك.
يتناول العديد من الأشخاص المصابين بالربو موسِّعات القصبات الهوائية، مثل الأمينوفيلين أو الثيوفيلين. تعمل موسِّعات القصبات الهوائية عن طريق استرخاء الشُّعب الهوائية، مما يجعل التنفس أسهل، ولكنها قد تسبب آثارًا جانبية مثل الصداع، والأرق، وآلام في المعدة، والتهيج.
يمكن أن يزيد شرب القهوة أو غيرها من المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين، من خطر هذه الآثار الجانبية، ويمكن أن تقلل القهوة أيضًا من كمية الدواء التي يتم امتصاصها وتكون مفيدة لجسمك.
-
أدوية هشاشة العظام
تجعل هشاشة العظام عظامك رقيقة وهشة، مما يزيد من خطر الإصابة بكسور العظام. والأدوية مثل ريسدرونات أو إيباندرونات تمنع وتعالِج هشاشة العظام، ولا ينبغي تناولها في الوقت نفسه مع القهوة، لأنها تجعل هذه الأدوية أقل فعالية. من المستحسَن أن تتناول هذه الأدوية قبل تناول أي طعام أو شرب، وأن تبلع هذه الحبوب فقط بالماء العادي.
سيسمح ذلك لجسمك بتعظيم الكمية الكاملة للدواء. عند شرب القهوة مع هذه الأنواع من الأدوية، يمكن أن تنخفض فعاليتها إلى أقل من النصف.
-
مضادات الاكتئاب
وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يتناول واحد من كل 10 مراهقين وبالغين أدوية مضادة للاكتئاب يوميًا، وهي أكثر الأدوية الموصوفة للبالغين في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، وقد زاد استخدامها بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية. يمكن أن تساعِد في علاج الاكتئاب، وهو اضطراب مزاجي يؤثر على شعورك وأداء وظائفك.
يمكن أن تؤثر القهوة على كيفية استخدام جسمك للأدوية المضادة للاكتئاب. يمكن استقلاب بعض الأدوية، مثل فلوفوكسامين، وأميتريبتيلين، وإسيتالوبرام، وإيميبرامين بشكل مختلف إذا كنت تَشرب القهوة في نفس الوقت، وخاصة كميات كبيرة من القهوة. قد تقلل القهوة كمية الدواء الذي يمتصه جسمك.
تشير الدراسات إلى أن الفلوفوكسامين على وجه الخصوص يعزّز الآثار الجانبية المعتادة للكافيين، وهذا يمكن أن يسبب أعراضًا مثل الأرق وخفقان القلب. من الأفضل أن تتناول أدويتك وتتوقف عن تناول القهوة لفترة من الوقت بعد ذلك.
-
الأدوية المضادة للذِّهان
الأدوية المضادة للذِّهان مفيدة للأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض النفسية، مثل الفصام والهوس واضطراب الاكتئاب الشديد ومشكلات الصحة العقلية الأخرى. تعمل الأدوية المضادة للذِّهان عن طريق تثبيط بعض الناقلات العصبية، أو منع المستقبلات في الدماغ.
تشمل الأدوية التي تعالج الذِّهان: الفينوثيازين، والكلوزابين، والهالوبيريدول، والأولانزابين. وقد يقلل تناول الكافيين معها من تأثيرها.
-
أدوية ضغط الدم
يزيد ارتفاع ضغط الدم من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. إنه مرض شائع ولكنه صامت، لأنه نادرًا ما تظهر معه أعراض.
يتناول العديد من الأشخاص أدوية ضغط الدم، مثل فيراباميل أو بروبرانولول، والتي تعمل عن طريق إبطاء معدّل ضربات القلب، وهذا يعني أن قلبك لا يحتاج إلى العمل بجهد كبير لضخ الدم إلى جميع خلايا الجسم.
ومع ذلك، فإن شرب القهوة في الوقت نفسه الذي تتناول فيه أدوية ضغط الدم، مثل الفلوديبين، يمكن أن يتسبب في امتصاص الجسم لكمية أقل من الدواء.
-
الميلاتونين
الميلاتونين هو هرمون طبيعي يصنعه جسمك ليساعدك على الشعور بالنعاس أثناء الليل. يتم تحفيز إفراز هذا الهرمون بعد غروب الشمس، مما يشير إلى دماغك بأنه قد حان وقت الراحة. يُباع الميلاتونين أيضًا بدون وصفة طبية (OTC) في شكل مكمّل غذائي، ويستخدم كمساعِد على النوم.
على النقيض من ذلك، تعمل القهوة كمنشّط، مما يجعلك تشعر بمزيد من اليقظة. يقوم الكافيين الموجود في القهوة بالمهمة المعاكسة تمامًا للتي يقوم بها الميلاتونين، مما قد يجعلك أكثر يقظة، ويمكن أن يجعل من الصعب عليك النوم.
يمكن أن يمنع شرب القهوة إنتاجَ الميلاتونين في الجسم، ويجعل هذا الهرمون أقل فعالية. إذا تناولت الميلاتونين في الوقت نفسه الذي تتناول فيه القهوة، فقد يلغي كل منهما أثر الآخر.
-
الإيفيدرين
الإيفيدرين هو منشِّط يسرِّع الجهاز العصبي، يتم استخدامه في مزيلات الاحتقان، وكموسّع قصبي لعلاج مشكلات التنفس، كما أنه يُستخدَم لعلاج انخفاض ضغط الدم، ومشكلات الدورة الشهرية، وغير ذلك.
نظرًا لأن الكافيين الموجود في القهوة منبّه أيضًا، فإن الجَمع بين الإيفيدرين والقهوة يمكن أن يكون محفوفًا بالمخاطر. يَنصح خبراء الصحة بعدم الخَلط بين الاثنين، لأن استهلاك كليهما يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم أو النوبات القلبية أو السكتة الدماغية أو النوبات.
-
الأدوية المضادة للتخثّر
تُستخدم هذه الأدوية لإبطاء تخثّر الدم، وتشمل الأسبرين، وكلوبيدوجريل (بلافيكس)، وإيبوبروفين (أدفيل، وموترين، وغيرهما)، ونابروكسين (أنابروكس، ونابروسين، وغيرهما)، وإينوكسابارين (لوفينوكس)، وغيرها.
ويَنصح خبراء الصحة بالحذر عند دَمجها مع القهوة، والتي يمكن أن تؤدي أيضًا إلى إبطاء تخثر الدم. إن خَلط هذه الأدوية مع الكافيين يمكن أن يزيد من احتمال حدوث النزيف والكدمات.
-
أدوية منع الحمل
تشمل أمثلة أدوية تحديد النسل: إيثينيل استراديول وليفونورجيستريل ونوريثيندرون وغيرها. يمكن لحبوب منع الحمل أن تمنع الجسم من التخلص من الكافيين بالسرعة التي يفعلها عادة، ونتيجة لذلك، فإن تناول حبوب منع الحمل مع القهوة يمكن أن يؤدي إلى العصبية والصداع، وتسرع ضربات القلب، وغيرها من الآثار الجانبية.
-
أدوية القلب
الأدينوزين (أدينوكارد) والديبيريدامول (بيرسينتين) من الأدوية الموصوفة المستخدَمة أثناء اختبار الإجهاد القلبي. يُستخدم الأدينوزين أيضًا لعلاج أنواع معيّنة من عدم انتظام ضربات القلب. ويُستخدم البيرسنتين، جنبًا إلى جنب مع أدوية سيولة الدم، لمنع تكوّن جلطات الدم لدى المرضى الذين خضعوا لاستبدال صمام القلب.
يمكن للكافيين أن يمنع عمل الأدينوزين والديبيريدامول ويجعلهما أقل فعالية، وبسبب هذه التفاعلات الدوائية؛ قد يَطلب منك طبيبك التوقف عن استهلاك القهوة وغيرها من المنتجات التي تحتوي على الكافيين قبل 24 ساعة من اختبار إجهاد القلب.
-
الأدوية المضادة للنوبات الصرعية
يمكن أن يقلل الكافيين من تأثير بعض الأدوية المستخدمة لعلاج النوبات الصرعية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في هذه النوبات لدى بعض الناس. من أمثلة أدوية النوبات التي قد تكون أقل فعالية مع الكافيين ما يلي:
- كاربامازيبين (تيجريتول).
- إيثوسكسيميد (زارونتين).
- فلباميت (فلباتول).
- الفينوباربيتال (اللومينال).
- الفينيتوين (ديلانتين).
- فالبروات.
متى ترى مقدِّم الرعاية الصحية؟
إذا كنت تتناول أيًا من الأدوية الواردة أعلاه، وكان من المستحسَن أن تتناولها أول شيء في الصباح، فحاوِل تأخير تناول فنجان القهوة الأول.
إذا كنت تتناول أكثر من دواء واحد، فتحدَّث إلى مقدم الرعاية الصحية حول كيفية تحقيق التوازن بين تناول الأدوية والقهوة. إذا كنت تعاني من أي آثار جانبية غير سارة، مثل الأرق أو العصبية أو الأرق، فيمكن لمقدم الرعاية الصحية مساعدتك في إيجاد حل.
الخلاصة:
القهوة مشروب منبّه بسبب محتواه العالي من الكافيين. بين تأثيرها المنشط وتأثيراتها على الجهاز الهضمي، يمكن للقهوة أن تغيّر كيفية تحلل جسمك وامتصاص أدويتك. قد تحتاج فقط إلى تغيير توقيت تناول القهوة، ولكن إذا كنت تعاني من أي أعراض، فمن الجيد دائمًا التواصل مع مقدم الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن تتفاعل القهوة أيضًا مع مكمّلات الفيتامينات.
طالما أنها لا تتفاعل مع أدوية أخرى، أو تسبّب لك مخاوف صحية أخرى، فإن تناول القهوة باعتدال له فوائده أيضًا، تربطه بعض الدراسات بتحسين الأداء المَعرفي، وخصائص حَرق الدهون، والتعافي بعد التمرين، وحتى انخفاض خطر الإصابة بأمراض باركنسون والزهايمر. وتشير دراسة حديثة إلى أن القهوة قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض الكبد المزمنة.
المصادر