مسالمة وحساسة ولا يمكنني قول لا لأحد
أنا شخصية مسالمة وحساسة، وعندي مشكلة من صغري كنت أفكرها ميزة، وهي أني بحب أرضي الناس وما أزعل أحد حتى لو على حسابي، وبتأثر بآراء الناس جدا، المشكلة حاليا متزوجة من 4 سنين وزوجي غير قادر على إقامة علاقة كاملة وكنت أفكر أني السبب لكن طلع من عنده، وأنا غير قادرة نفسيا على تركه وكسر قلبه، ولا مصارحته بالمشكلة، فما الحل؟
عزيزتي:
تأتي الحياة باختباراتها الجادة ليحدث التغيير فيما تأخر كثيراً، ولقد استبشرت كثيراً حين قرأت رسالتك، فهي تدل على أنك واعية وتنتبهي لنفسك، حتى وإن تصورت العكس تماماً، وهذه هي أول خطوة لعلاج ما لاحظتيه على مدار حياتك كلها، فرغم كِبر تلك المشكلة؛إلا أنها تعود في أصلها لتركك نفسك منذ سنوات الطفولة، وستبدأ قصة التغيير أولاً بأن تتعرفي على أمورة مهمة جدا “بوضوح” يغيب عنك:
- أولها:
أن هذا الدور اضطررت لأخذه لأسباب قديمة كنت فيها صغيرة ولا تتمكني من مواجهة عكسه؛ لأن الخطر كان بالنسبة لك ضخم، حتى لو كان الخطر هو “زعل” شخص مهم لك كأبوكِ أو أمك، فلقد كانا هما كل العالم لكِ؛ فلا تتمكني من رفض شيء أو عمل عكس إرادتهما أو أحدهما، ويزداد ذلك حين تجدي من حاول فعل ذلك وكان رد فعلهما أو أحدهما لا يبشر بخير.
- وكذلك:
هذا الدور أعطى لكِ مكانة وقيمة ومدح ورطك في المزيد من الإرضاء تعمم مع غالب الناس، وكذلك التفرقة الدقيقة بين العطاء والإنقاذ، والتفرقة بين مساعدة الآخرين وبين استغلالهم لكِ، وبين حدودك وحدود غيرك النفسية بالذات، وبين الحقوق التي لكِ والواجبات التي عليكِ أنت تحديداً، وبين الحب المتفهم والخوف من مواجهة التحديات بمسؤولية وشجاعة.
وابدئي بأمور بسيطة ومتوسطة مع من حولك من أهل وأصدقاء وأحباء، فتتدربي على قول “لا” الصادقة المسؤولة بطرقها الكثيرة، لا أستطيع اليوم ولا غدًا، جرب أنتَ فمزاجي غير جيد اليوم، سأرى مواعيدي وأرد عليك، غدا ربما أجد موعدًا ... إلخ، ونفذي للنهاية، فالناس التي تعودت على الطاعة ستشعر ترددك أنك كنتِ مترددة، وستنقلب الأمور تماما، لذا لا تقولي لا إلا إذا كانت مستقرة وحقيقية بداخلك.
أما زوجك فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل “حوار الصمت” المشكلة، بل سيزيدها وسيزيد معها حزنك وغضبك من نفسك ومنه، وهذه هي الخميرة الأصلية للمرض النفسي والصراعات النفسية في العلاقات، وآثارها سيئة جدا، فلا بد من الحديث في الأمر بأدب وتعاطف، ولكن بحسم لحل المشكلة في نفس الوقت، فمثلا: أعرف أن هذا الموضوع حساس ولكنه أمر يخصنا وحدنا وعلينا أن نتحدث فيه بحب ومسؤولية، فكنت أتصور أن المشكلة تحتاج مني لجهد حتى أجعل علاقتنا الجنسية أفضل، ولكن الآن عليك أن تجتهد معي في جعلها أفضل عن طريق مساعدة المتخصصين، لأني أخاف بسببها أن يتأثر ما بيننا من حب، وأنا حريصة أن يزداد قربنا وتفاهمنا وحبنا لبعضنا البعض، لذا نحتاج لاجتهاد سوياً ، إلخ.
وأعود فأقول: سيساعدك على القيام بتلك الأمور رؤية حقيقة ما حدث معك منذ الطفولة بصدق وحيادية؛ لتتعرفي على حقيقة مخاوفك لتبدئي في مواجهتها بتدرج وتراكم واستمرار، وكذلك يساعدك أن تستكشفي بنفسك الفرق بين ما يحثنا الله سبحانه وتعالى من عطاء ومساعدة الغير والصبر وبين اعتمادية الآخرين على غيرهم، وعدم تحمل مسؤولياتهم الشخصية، وأثر ذلك على النفس والعلاقات، فما يحثنا الله تعالى عليه يجلب الراحة والسكينة، ويجعل العلاقات متساوية العطاء والأخذ، والفرح بالمسؤوليات حين يقوم بها أصحابها، فهذه هي الفطرة مع حُسْن التعاون المبصر، أما غير ذلك فهي أدوار سيئة تأخذ أسماء طيبة، هيا أبدعي، ودمت طيبة بصدق.