مارسنا الجنس أمام طفلنا الصغير وأخشى أن يتذكر ذلك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد سبق لي أن استشرتكم وقمتم بإجابتي على أسئلتي، بارك الله فيكم، وجزاكم الله خير الجزاء على مجهوداتكم معنا، مشكلتي هي كالتالي: لقد تزوجت صغيرة السن، ولم نكن نعرف أنا وزوجي مخاطر ممارسة الجنس أمام طفلي ذي العامين والنصف، وبعد معرفتي فظاعة وقذارة ما فعلناه احتقرت نفسي وكرهتها. كرهت زوجي كذلك، أريد أن أعرف سيدي هل سينسى طفلي ما رآه؟ علما أنه كان في العامين والنصف عندما كنا نمارس الجنس، وبعدها لم نعد نفعل ذلك أبدا. ساعدوني...
عزيزتي؛
هوني على نفسكِ، فرغم أن عمره لم يكن للدرجة التي قد لا يتذكرها، ولكن هناك أكثر من مبشر، أولها أن غالب الأطفال ذاكرتهم في هذا العمر يتعدل مستوى تأثرها بما هو قادم معهم من تعامل وعلاقة صحية وجيدة وتوفير عوامل أخرى محيطة بهم جيدة وثرية، وكونكما كزوجين صرتما على درجة من المسؤولية الناضجة الآن، ففرصة تعرفكما على احتياجات هذه السن وكيفية تقديمها بجرعات متزنة دون إفراط أو تفريط، سيكون أمرا مبشرا وطيبا جدا تقدموناه له ولكما بالتالي.
لكن قلقي الأكبر هو وجود إحساس كبير بالذنب لدرجة تغرقك فيه، وتؤثر على شعورك تجاه نفسك، وتجاه زوجك، وهذا الأمر هو الأخطر على الإطلاق! فمرحلة الطفولة في عمرنا هي أكثر مرحلة فيها تواصل بدرجة شفافية عالية، تجعل الطفل يستشعر ما يحدث بداخل أمه حتى وإن أخرجت تصرفات تبدو عادية من الخارج، فإحساس الذنب سيصل إليه وسيؤثر عليه وسيؤثر على علاقتكما بأشكال تتنوع حسب تركيبة كل منكم النفسية.
بمعنى، قد تكونين متحسسة جدا تجاه أي شيءٍ له إيحاء جنسي فتتوترين من أجله، فيشعر بتوترك هذا فيركز أكثر في هذا الممنوع، أو تجعلين المناخ من حوله مغلقا من أي شيء فيما بعد وله علاقة مثلا بالحب أو التلامس، أو حتى في المرحلة القريبة القادمة بشكل طبيعي والتي يكون فيها في عمر الاستكشاف الطبيعي للجسم، وهي تبدأ في عمر الثالثة وبعدها بفترة ما قد تصل إلى عام أو أكثر قليلا ، فقد يصل إليه أنك وكأنك تكفرين عن ذنب ما فلا تمارسين التربية المتزنة التي فيها تُرسّخ القيم وتُثبّت سلوكيات مقبولة وأخرى غير مقبولة "باعتدال" صحي، فيشعر بالتحكم او التسيب، لذا أريد أن اوضح لك تلك النقاط لتعيها وتهضميها بهدوء:
- ما حدث كان خطأً ولكنك لم تكوني على دراية به، فلا تضخمي حجمه حتى لا تقعي ضحية له دون أي جدوى تعود عليك أو على طفلك، والفائده ستحدث حين تسامحين نفسك عن خطأ لم يكن متعمداً، وتبدئين في الوعي بمسؤولية الأمومة التي تحمل الكثير من الحب والعطاء والاحتواء والقليل من الخوف والتحكم.
- متابعة طفلك بعين "متزنة" لا تهول الأمور ولا تسفهها في ما يخص تصرفاته هو شخصياً، أو في ما يخص متابعة مشاهداته بعد ذلك، حين يدرك أكثر ما تحتويه الميديا عموماً، وألا تخلطي بين النمو الطبيعي له كطفل وبعدها كمراهق وبين وجود آثار لما تعرض له، فيكون لك مثلاً واجب منتظم دعينا نسميه" واجب أمومة" فيه تقرئين أو تلتحقين بتدريب حقيقي ومحترم من متخصصين حقيقين يتحدثون عن التربية، والاحتياجات، والمشكلات، وهناك تدريبات متخصصة في التربية الجنسية... إلخ، مما يساعدك في أن تقفي عند مسافة طبيعية بين ما يجب وما لا يجب فعله، أو ما يمكن اعتباره صحيا أو غير صحي له، فتعرفين مثلاً أن من أنام الصحة النفسية للطفل أن يرى والديه يحبان بعضهما بعضا، فتفرقين بين تلامسات الحب والود بينكما كالقبلات اللطيفه والاحتضان في وجوده، وربما مشاركته القبلات والاحتضان فتكونون ثلاثتكم ، وبين علاقة جنسية أمامه، وهكذا.
- كل منا له حياته التي ستحمل في أوقات كثيرة ما لا نحبه، وقد يكون ما لا نحبه بسببنا أو بسبب آخرين ، وفي كل الأحوال، لكل منا تجربته وحياته التي سيخوضها، فلا نملك التحكم في ذلك أبدا، ولكن ما نملكه فعلا ويحقق الفارق للأفضل هو "كيف" سنتعامل مع ما يحدث في حياتنا بطريقة متزنة فيها مسؤولية ناضجة لا تفريط فيها ولا إفراط.
- زوجك مثلك لم يكن على وعي باحتمالية أثر ذلك على طفله، فهو يحبه مثلك، ويحبك ايضاً، فلا تعاقبيه على خطأ لم يكن على علم يقيني به، بل بالعكس وعيكما الآن معاً هو ما تحتاجان له؛ لتتمكنا بالتعاون والحب بينكما ولولدكما أن تكونا والدين جيدين له دون فوبيا مضرة أو استهتار مؤذ.
- القراءة فى كتب التربية ومتابعة المتخصصين أمثال د. مصطفى أسعد حتى تكونوا على بينة من أمركم وتربوا طفلكم تربية سليمة.
نسأل الله لكما الصلاح وأن يعينكما على حسن التربية ودمتما بخير..